فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب اللدود

( بابُُ اللدُودِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان اللدود، بِفَتْح اللَّام وبدالين مهملتين الأولى مضومة وَهُوَ الَّذِي يصب من أحد جَانِبي فَم الْمَرِيض، يُقَال: لددت الْمَرِيض لداً ألقيت الدَّوَاء فِي شقّ فِيهِ، وَهُوَ التحنيك بالإصبع كَمَا قَالَ سُفْيَان.


5709 - 5710 5711 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله حدَّثنا يَحْياى بنُ سَعيدٍ حدَّثنا سُفْيانُ قَالَ: حدّثني مُوسَى بنُ أبي عائِشةَ عَن عُبَيْدِ الله بنِ عبْدِ الله عنِ ابنِ عبَّاسٍ وعائِشَةَ أنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِي الله عَنهُ قَبَّلَ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وهْوَ مَيِّتٌ.
5709 ( انْظُر الحَدِيث: 4456) ، 571



[ قــ :546 ... غــ :5712 ]
- قَالَ: وقالَتْ عائِشَةُ: لَدَدْناهُ فِي مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشيرُ إلَيْنا أنْ لَا تَلُدُّونِي.
فَقُلْنا: كَراهِيَةُ المَرِيضِ لِلدَّواءِ فَلمَّا أفاقَ قَالَ: ألَمْ أنهَكُمْ أنْ تَلُدُّونِي؟ قلْنا: كَراهِيَةُ المَرِيضِ لِلدَّواءِ.
فَقَالَ: لاَ يَبْقاى فِي البَيْتِ أحَدٌ إلاَّ لُدَّ وَأَنا أنْظُرُ إلاَّ العَبَّاسَ فإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، ويحيىِ بن سعيد الْقطَّان، وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ، ومُوسَى بن أبي عَائِشَة الْكُوفِي، وَعبيد الله بن عبد الله بن عتبَة.

والْحَدِيث قد مضى فِي: بابُُ مرض النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ووفاته، عَن عَليّ عَن يحيى، وَمر الْكَلَام فِيهِ.
قَوْله: ( لَا تلدوني) بِضَم اللَّام وَكسرهَا.
قَوْله: ( كَرَاهِيَة الْمَرِيض) بِالنّصب وبالرفع.
قَوْله: ( وَأَنا أنظر) جملَة حَالية أَي: لَا يبْقى أحد فِي الْبَيْت إلاَّ يلد فِي حضوري، وَحَال نَظَرِي إِلَيْهِم مُكَافَأَة لفعلهم، أَو عُقُوبَة لَهُم حَيْثُ خالفوا إِشَارَته فِي اللد بِنَحْوِ مَا فَعَلُوهُ بِهِ.
قَوْله: ( لم يشهدكم) أَي: لم يحضركم حَالَة الْأَمر.





[ قــ :5407 ... غــ :5713 ]
- حدّثنا عَلِيُّ بنُ عبْدِ الله حَدثنَا سُفْيانُ عنِ الزُّهْرِيِّ أخْبرِني عَبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله عنْ أُُمِّ قَيْسٍ، قالَتْ: دَخَلْتُ بابُْنٍ لِي عَلَى رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَدْ أعْلقْتُ عَليهِ مِنَ العُذْرَةِ، فقالَ: عَلَى مَا تدْغَرْنَ أوْلادَكُنَّ بِهاذا العلاَقِ؟ عَليْكُنَّ بِهاذَا العُودِ الهِندِيِّ فإِنَّ فِيهِ سبْعَةَ أشْفِيَةٍ مِنْها ذاتُ الجَنْبِ يُسْعَطُ مِنَ العُذْرَةِ وَيُلَدُّ مِنْ ذاتِ الجَنْبِ، فَسَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: بَيَّنَ لَنا اثْنَيْنِ ولَمْ يُبَيِّنْ لَنا خَمْسَةً.
.

قُلْتُ لِسُفْيانَ: فإِنَّ مَعْمَراً يَقُولُ: أعْلَقْتُ عَلَيْهِ.
قَالَ: لَمْ يَحْفَظْ، إِنَّمَا قَالَ: أعْلَقْتُ عَنْهُ حَفِظتُهُ مِنْ فِي الزُّهْرِيِّ، وَوَصَفَ سُفْيانُ الغُلامَ يُحَنَّكُ بالإِصْبَعِ.
وأدْخَلَ سُفْيانُ فِي حَنَكِهِ إنَّما يَعْني رَفْعَ حَنَكِهِ بإِصْبَعِهِ ولَمْ يَقُلْ: اعْلِقُوا عَنْهُ شَيْئاً.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ويلد من ذَات الْجنب) وَحَدِيث أم قيس قد مر عَن قريب فِي: بابُُ السعوط بِالْقِسْطِ الْهِنْدِيّ، وَلَكِن هُنَا أتم مِنْهُ.

قَوْله: ( أعلقت عَلَيْهِ) من الإعلاق بِالْعينِ الْمُهْملَة وَهُوَ معالجة عذرة الصَّبِي ورفعها بالإصبع، والعذرة بِضَم الْعين المهلمة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وبالراء وجع الْحلق، وَذَلِكَ الْموضع أَيْضا يُسمى عذرة، يُقَال: أعلقت عَنهُ أمه إِذا فعلت ذَلِك بِهِ وغمزت ذَلِك الْمَكَان بإصبعها.
قَوْله: ( تدغرن) بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة من الدغر بِالدَّال الْمُهْملَة والغين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء، وَهُوَ رفع لهاة الْمَعْذُور، وأصل الدغر الرّفْع.
قَوْله: ( العلاق) بِكَسْر الْعين وَفتحهَا، ويروى: بِهَذَا الإعلاق، مصدر وَمَعْنَاهُ: إِزَالَة الْعلُوق وَهِي الداهية والآفة.
قَوْله: ( ويسعط من الْعذرَة) يُقَال: سعطته وأسعطته فاستعط، وَالِاسْم: السعوط، بِالْفَتْح وَهُوَ مَا يَجْعَل من الدَّوَاء فِي الْأنف: ويسعط، على بِنَاء الْمَجْهُول، وَكَذَلِكَ قَوْله: ( ويلد) قَوْله: ( من ذَات الْجنب) قد مر تَفْسِيره.
قَوْله: ( فَسمِعت الزُّهْرِيّ) الْقَائِل سُفْيَان.
قَوْله: ( بَين لنا) أَي: بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اثْنَيْنِ وهما اللدود والسعوط، وَلم يبين الْخَمْسَة الْبَاقِيَة من السَّبْعَة،.

     وَقَالَ  التَّيْمِيّ: قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: قَالَ سُفْيَان: بيّن لنا الزُّهْرِيّ اثْنَيْنِ.
قَوْله: ( قلت لِسُفْيَان) الْقَائِل هُوَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ.
قَوْله: ( معمراً) بِفَتْح الميمين ابْن رَاشد يَقُول: أعلقت عَلَيْهِ.
قَوْله: ( قَالَ: لم يحفظ) أعلقت عَلَيْهِ أَي: قَالَ سُفْيَان: لم يحفظ أعلقت عَلَيْهِ بل أعلقت عَنهُ حفظته من فِي الزُّهْرِيّ، أَي: من فَمه،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: صَوَابه مَا حفظه سُفْيَان، وَقد يَجِيء: على، بِمَعْنى: عَن.
قَالَ تَعَالَى: { إِذا اكتالوا على النَّاس} ( المطففين: ) .
أَي: عَنْهُم،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: الصَّحِيح أعلقت عَنهُ،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: أعلقت عَنهُ وَعَلِيهِ لُغَتَانِ.
قَوْله: ( وَوصف سُفْيَان) غَرَضه من هَذَا الْكَلَام التَّنْبِيه على أَن الأعلاق هُوَ رفع الحنك لَا تَعْلِيق شَيْء مِنْهُ على مَا هُوَ الْمُتَبَادر إِلَى الذِّهْن، وَنعم التَّنْبِيه.



( بابٌُ)

أَي: هَذَا بابُُ كَذَا وَقع: بابُُ، مُجَردا عَن التَّرْجَمَة، وَلم يذكر ابْن بطال لفظ: بابُُ، وَأدْخل الحَدِيث فِي الْبابُُ الَّذِي قبله.



[ قــ :5408 ... غــ :5714 ]
- حدّثنا بشْرُ بنُ مُحَمَّدٍ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا مَعْمَرٌ ويُونُسُ قَالَ الزُّهْرِيُّ: أَخْبرنِي عُبَيْدُ الله بنُ عَبْدِ الله بنِ عُتْبَةَ أَن عائِشةَ رَضِي الله عَنْهَا زَوْجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قالَتْ: لما ثَقُلَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم واشْتَدَّ بِهِ وجَعُهُ اسْتأذَنَ أزْوَاجَهُ فِي أنْ يُمَرِّضَ فِي بَيْتِي، فأذِنَّ لَهُ فَخرَجَ بَيْنَ رجُلَيْنِ تَخُطُّ رِجْلاَهُ فِي الأرْضِ بَيْنَ عَبَّاسٍ وآخَرَ، فأخْبَرْتُ ابنَ عبَّاسٍ فَقَالَ: هَلْ تَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الآخَرُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عائِشةُ؟ قُلْتُ: لاَ.
قَالَ: هُوَ عَلِيٌّ.
قالَتْ عائشَةُ: فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَعْدَما دخَلَ بَيتُهَا واشْتَدَّ بِهِ وجَعُهُ: هَريقُوا عَليَّ مِنْ سَبْعِ قِرَب لَمْ تُحْلَلْ أوْ كيَتُهُنَّ لَعَلِّي أعْهَدُ إِلَى النَّاسِ، قالَتْ: فأجْلَسْناهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثُمَّ طفِقْنا نصُبُّ عَلَيْهِ مِنْ تِلْكَ القِرَبِ حتَّى جَعَلَ يُشِيرُ إلَيْنا أنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ.
قالتْ: وخَرَجَ إِلَى النَّاس فَصَلَّى لَهُمْ وخَطَبَهُمْ.

قيل: لَا وَجه لذكر هَذَا الحَدِيث هُنَا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذكر اللدود، وَلَا للبابُ الْمُجَرّد تَرْجَمَة حَتَّى يطْلب بَينهمَا الْمُطَابقَة.
وَأجِيب بِجَوَاب فِيهِ تعسف، وَهُوَ أَنه: يحْتَمل أَن يكون بَينه وَبَين الحَدِيث السَّابِق نوع تضَاد، لِأَن فِي الأول.
فعلوا مَا لم يَأْمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَحصل عَلَيْهِم الْإِنْكَار واللوم بذلك، وَفِي هَذَا فعلوا مَا أَمر بِهِ وَهُوَ ضد ذَاك فِي الْمَعْنى، والأشياء تتبين بضدها.

وَبشر بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة ابْن مُحَمَّد السّخْتِيَانِيّ الْمروزِي، وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي.

والْحَدِيث مضى فِي مَوَاضِع بِطُولِهِ أَولهَا فِي كتاب الطَّهَارَة فِي: بابُُ الْغسْل وَالْوُضُوء فِي المخضب، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن أبي الْيَمَان عَن شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ الخ ... وَمضى الْكَلَام فِيهِ هُنَاكَ.

قَوْله: ( أَن يمرض) على صِيغَة الْمَجْهُول من التمريض وَهُوَ الْقيام على الْمَرِيض وتعاهده.
قَوْله.
( فَأذن) بنُون الْجمع الْمُشَدّدَة.
قَوْله: ( هريقوا) ويروى: ( أريقوا وأهريقوا) ، أَي: صبوا.
قَوْله: ( أوكيتهن) جع الوكاء وَهُوَ مَا يشد بِهِ رَأس الْقرْبَة، وَإِنَّمَا اشْترط هَذَا لِأَن الْأَيْدِي لم تخالطه، وَأول المَاء أطهره وأصفاه.
قَوْله: ( لعَلي أَعهد) أَي: أوصِي.
قَوْله: ( فِي مخضب) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْمُعْجَمَة الأولى وَهِي الإجانة الَّتِي تغسل فِيهَا الثِّيَاب.
قَوْله: ( طفقنا) أَي: شرعنا نصب المَاء عَلَيْهِ.
قَوْله: ( أَن قد فعلتن) ويروى: أَن قد فَعلْتُمْ، وَكِلَاهُمَا صَحِيح بِاعْتِبَار الْأَنْفس والأشخاص، أَو بِاعْتِبَار التغليب، وَهَذَا كثير.