فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب اتخاذ الخاتم ليختم به الشيء، أو ليكتب به إلى أهل الكتاب وغيرهم

( بابُُه اتِّخاذِ الخاتَمِ لِيُخْتَمَ الشّيءُ، أوْ لِيُكْتَبَ بِهِ إِلَى أهْلِ الكِتاب وغَيْرِهِمْ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَن الْخَاتم إِنَّمَا يتَّخذ لأجل ختم الشَّيْء بِهِ أَو لأجل ختم الْكتاب الَّذِي يُرْسل إِلَى أهل الْكتاب وَغَيرهم، وَسقط لفظ: بابُُ، فِي رِوَايَة أبي ذَر.



[ قــ :5561 ... غــ :5875 ]
- حدَّثنا آدَمُ بنُ أبي إياسٍ حَدثنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتادَةَ عَنْ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضِي الله عَنهُ، قَالَ: لَمَّا أرادَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أنْ يَكْتُبَ إِلَى الرُّومِ قيلَ لَهُ: إنَّهُمْ لَنْ يَقْرَأوا كِتابَكَ إِذا لَمْ يَكُنْ مَخْتُوماً، فاتَّخَذَ خاتَماً مِنْ فِضَّةٍ ونَقْشُهُ: مُحَمَّدٌ رسولُ الله، فَكأنَّما أنْظُرُ إِلَى بَياضهِ فِي يَدِهِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث.
والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بابُُ نقش الْخَاتم، وَرُبمَا يحْتَج بِهِ من لَا يرى اسْتِعْمَال الْخَاتم لغير الْحَاكِم، مِنْهُم أَبُو الْحصين وَأَبُو عَامر وَأحمد فِي رِوَايَة، وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث أبي رَيْحَانَة أخرجه الطَّحَاوِيّ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ، قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن لبس الْخَاتم إلاَّ لذِي سُلْطَان، وَخَالفهُم آخَرُونَ فأباحوه، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث أنس الْمُتَقَدّم: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، لما ألْقى خَاتمه ألْقى النَّاس خواتيمهم، فَهَذَا يدل على أَنه كَانَ يلبس الْخَاتم فِي الْعَهْد من لَيْسَ ذَا سُلْطَان.
قَالَ الطَّحَاوِيّ: ملخصه أَن قَائِلا إِذا قَالَ: كَيفَ يحْتَج بِهَذَا وَهُوَ مَنْسُوخ؟ يُقَال لَهُ: الْمَنْسُوخ لبس خَاتم الذَّهَب، ثمَّ رُوِيَ أَن الْحسن وَالْحُسَيْن كَانَا يتختمان فِي يسارهما، وَكَانَ فِي خواتيمهما ذكر الله سُبْحَانَهُ، وَأَن خَاتم عمرَان بن حُصَيْن رجلا مُتَقَلِّدًا بِسيف، وَأَن قيس بن أبي حَازِم وَعبد الله بن الْأسود وَقيس بن ثُمَامَة وَالشعْبِيّ تختموا فِي يسارهم، وَأَن نقش خَاتم إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ: نَحن بِاللَّه وَله قَالَ: فَهَؤُلَاءِ من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يتختمون وَلَيْسَ لَهُم سُلْطَان،.

     وَقَالَ  بَعضهم وَلم يجب الطَّحَاوِيّ عَن حَدِيث أبي رَيْحَانَة.
قلت: مَاذَا يَقُول وَهُوَ حَدِيث صَحِيح عِنْده لِأَن رُوَاته ثِقَات، وَالَّذِي يظْهر من سُكُوته أَن الْعَمَل بِهِ لَا على طَرِيق الْوُجُوب بل على الْأَوْلَوِيَّة، وَإِن تَركه أولى لغير ذِي سُلْطَان لِأَنَّهُ نوع من التزين، واللائق بِالرِّجَالِ خِلَافه وَأَبُو رَيْحَانَة اسْمه شَمْعُون بن زيد الْأَزْدِيّ حَلِيف الْأَنْصَار وَيُقَال لَهُ: مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.