فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب طيب الكلام

( بابُُ طِيبِ الكَلامِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مَا يحصل من الْخَيْر بالْكلَام الطّيب.
وأصل الطّيب مَا تستلذه الْحَواس وَيخْتَلف باخْتلَاف م مُتَعَلقَة.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: طيب الْكَلَام من جليل عمل الْخَيْر لقَوْله تَعَالَى: { ( 32) ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن} ( الْمُؤْمِنُونَ: 96، وفصلت: 34) وَالدَّفْع قد يكون بالْقَوْل كَمَا يكون بِالْفِعْلِ.
وَقَالَ أبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ
هَذَا التَّعْلِيق طرف من حَدِيث أوردهُ البُخَارِيّ مَوْصُولا فِي كتاب الصُّلْح وَفِي كتاب الْجِهَاد، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: وَجه كَون الْكَلِمَة الطّيبَة صَدَقَة أَن إِعْطَاء المَال يفرح بِهِ قلب الَّذِي يعطاه وَيذْهب مَا فِي قلبه، وَكَذَلِكَ الْكَلَام الطّيب، فأشبهها من هَذِه الْحَيْثِيَّة.



[ قــ :5700 ... غــ :6023 ]
- حدَّثنا أبُو الوَلِيدِ حدّثنا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبرنِي عَمْروٌ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ عَدِيِّ بنِ حاتِمٍ قَالَ: ذَكَرَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْها وأشاحَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوذَ مِنْها وأشَاحَ بِوَجْهِهِ، قَالَ شُعْبَةُ: أمَّا مَرَّتَيْنِ فَلا أشُكُّ، ثُمَّ قَالَ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشقِّ تَمْرَة فإنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي آخر الحَدِيث.
وَأَبُو الْوَلِيد هِشَام بن عبد الْملك، وَعَمْرو هُوَ ابْن مرّة بِضَم الْمِيم وَتَشْديد الرَّاء، وخيثمة بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة ابْن عبد الرَّحْمَن الْجعْفِيّ، وعدي بن حَاتِم الطَّائِي أَبُو طريف سكن الْكُوفَة وَحَدِيثه فِي أَهلهَا.

والْحَدِيث مضى فِي صفة النَّار عَن سُلَيْمَان بن حَرْب، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( وأشاح) بالشين الْمُعْجَمَة والحاء الْمُهْملَة أَي: أعرض،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: أشاح بِوَجْهِهِ إِذا صرفه عَن الشَّيْء فعل الحذر مِنْهُ الكاره لَهُ كَأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَرَاهَا ويحذر وهج سعيرها، فنحى وَجهه مِنْهَا.
قَوْله: ( أما) هِيَ التفصيلية وقسيمها مَحْذُوف تَقْدِيره: و، أما ثَلَاث مَرَّات فأشك.
قَوْله: ( وَلَو بشق) ، بِكَسْر الشين أَي: وَلَو بِنصْف تَمْرَة.
قَوْله: ( فَإِن لم يجد) بِلَفْظ الْمُفْرد، قَالَ بعض عُلَمَاء الْمعَانِي: ذكر الْمُفْرد بعد الْجمع هُوَ من بابُُ الِالْتِفَات، وَهُوَ عكس: { ( 56) يَا أَيهَا النَّبِي إِذا طلّقْتُم النِّسَاء} ( الطَّلَاق: 1) .