فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من أثنى على أخيه بما يعلم

( بابُُ مَنْ أثْنَى عَلَى أخِيهِ بِما يَعْلَمُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز ثَنَاء من أثنى على أَخِيه أَي: صَاحبه بِمَا يعلم فِيهِ وَلَكِن بِشَرْط أَن لَا يطري وَلَا يزِيد على مَا يعلم.

وَقَالَ سَعْدٌ: مَا سَمِعْتُ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقولُ لأحَدٍ يَمْشِي عَلَى الأرْضِ: إنَّهُ مِنْ أهْلِ الجَنَّةِ إلاَّ لِعَبْدِ الله بنِ سَلاَمٍ.

أَي: قَالَ سعد بن أبي وَقاص، هَذَا التَّعْلِيق قد مضى مَوْصُولا فِي مَنَاقِب عبد الله بن سَلام، قيل: عبد الله بن سَلام من المبشرين فَلَا ينحصرون فِي الْعشْرَة.
وَأجِيب: بِأَن التَّخْصِيص بِالْعدَدِ لَا يَنْفِي الزَّائِد، أَو المُرَاد بِالْعشرَةِ الَّذين بشروا بهَا دفْعَة وَاحِدَة، وَإِلَّا فالحسن وَالْحُسَيْن وأمهما وَأَزْوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بالِاتِّفَاقِ من أهل الْجنَّة، قيل: مَفْهُوم التَّرْكِيب أَنه منحصر فِي عبد الله فَقَط.
وَأجِيب بِأَن غَايَته أَن سعد لم يسمع ذَلِك مِنْهُ، أَو لم يقل لأحد غَيره حَال الْمَشْي على الأَرْض.



[ قــ :5738 ... غــ :6062 ]
- حدَّثنا عَلِيُّ بنُ عَبْدِ الله حَدثنَا سُفْيانُ حدّثنا مُوسَى بنُ عُقْبَةَ عَنْ سالِمٍ عَنْ أبِيهِ أنَّ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِينَ ذَكَرَ فِي الإزَارِ مَا ذَكَرَ قَالَ أبُو بَكرٍ: يَا رسولَ الله! إنَّ إزَاري يَسْقُطُ مِنْ أحَدِ شقَّيْهِ.
قَالَ: إنَّكَ لَسْتَ مِنْهُمْ.
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( إِنَّك لست مِنْهُم) لِأَن فِيهِ مدح أبي بكر رَضِي الله عَنهُ، بِمَا يعلم مِنْهُ.

وَعلي بن عبد الله هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، وسُفْيَان بن عُيَيْنَة، ومُوسَى بن عقبَة بِضَم الْعين وَسُكُون الْقَاف وبالباء الْمُوَحدَة، وَسَالم هُوَ ابْن عبد الله بن عمر يروي عَن أَبِيه: أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين ذكر فِي الْإِزَار وَهُوَ قَوْله: ( من جرَّ ثَوْبه خُيَلَاء لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة) مر فِي أول كتاب اللبَاس.
قَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله! إِن إزَارِي يسْقط أحد شقيه، يَعْنِي: يسترخي، وَيُشبه جَرّه، فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: إِنَّك لست مِنْهُم، أَي: من الَّذين يجرونَ ثِيَابهمْ خُيَلَاء.
وَفِي الرِّوَايَة الْمُتَقَدّمَة فِي أول كتاب اللبَاس: إِنَّك لست مِمَّن يصنعه خُيَلَاء، وَهَذَا فِيهِ مدح لأبي بكر رَضِي الله عَنهُ، بِمَا يُعلمهُ مِنْهُ.

وَفِيه من الْفِقْه: أَنه يجوز الثَّنَاء على النَّاس بِمَا فيهم على وَجه الْإِعْلَام بصفاتهم ليعرف لَهُم سابقتهم وتقدمهم فِي الْفضل فينزلوا مَنَازِلهمْ ويقدموا على من لَا يساويهم ويقتدي بهم فِي الْخَيْر، أَلا ترى كَيفَ شهد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، للعشرة بِالْجنَّةِ؟.

     وَقَالَ  للصديق، كل النَّاس قَالُوا لي: كذبت،.

     وَقَالَ  لي أَبُو بكر: صدقت.
وروى معمر عَن قَتَادَة عَن ابْن قلَابَة، قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أرْحم أمتِي أَبُو بكر وَأَقْوَاهُمْ فِي دين الله عمر، وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان، وأقضاهم عَليّ، وَأمين أمتِي أَبُو عُبَيْدَة بن الْجراح، وَأعلم أمتِي بالحلال معَاذ بن جبل وأقرؤهم أبيّ وأفرضهم زيد رَضِي الله عَنْهُم.