فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفا

( بابُُ مَنْ دَعا صَاحِبَهُ فَنَقَصَ مِنِ اسْمِهِ حَرْفاً)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من دَعَا صَاحبه بِأَن خاطبه بالنداء فنقص من اسْمه حرفا مثل قَوْلك: يَا مَال، فِي مَالك.
وَهَذَا عبارَة عَن التَّرْخِيم وَهُوَ حذف آخر المنادى لأجل التَّخْفِيف، وَإِنَّمَا اخْتصَّ بِالْآخرِ لِأَنَّهُ مَحل التَّغْيِير فِي حذفه فِي جزم المعتل وَشرط التَّرْخِيم فِي المنادى أَن لَا يكون مُضَافا وَلَا مستغاثاً وَلَا جملَة، وَفِي غير المنادى لَا يجوز إِلَّا لضَرُورَة الشّعْر.

وَقَالَ أبُو حازِمِ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عَنهُ قَالَ لي النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أَبَا هِرّ
أَبُو حَازِم بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالزَّاي اسْمه سلمَان الْأَشْجَعِيّ الْكُوفِي.
وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله البُخَارِيّ فِي الْأَطْعِمَة: وأوله أصابني جهد شَدِيد الحَدِيث، وَفِيه: فَإِذا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَائِم على رَأْسِي فَقَالَ: يَا أَبَا هر، قَالَ ابْن بطال: هَذَا لَا يُطَابق التَّرْجَمَة لِأَنَّهُ لَيْسَ من التَّرْخِيم، وَإِنَّمَا هُوَ نقل اللَّفْظ من التصغير والتأنيث إِلَى التَّكْبِير والتذكير وَذَلِكَ أَنه كناه أَبَا هُرَيْرَة، وهريرة تَصْغِير هرة فخاطبه باسمها مذكراً فَهُوَ نُقْصَان فِي اللَّفْظ وَزِيَادَة فِي الْمَعْنى انْتهى.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: هُوَ نقص فِي الْجُمْلَة لَكِن كَون النَّقْص مِنْهُ حرفا فِيهِ نظر قلت: لَا يَنْبَغِي للشَّخْص أَن يتَكَلَّم فِي فن وَلَيْسَ لَهُ يَد فِيهِ، فليت شعري هَذَا الَّذِي قَالَه هَل يرد كَلَام ابْن بطال.



[ قــ :5872 ... غــ :6201 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حدّثني أبُو سَلَمَةَ بنُ عبدِ الرَّحْمان أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا زَوجَ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَتْ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا عائِشَة هاذا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ! قُلْتُ: وعَلَيْهِ السَّلامُ ورَحْمَةُ الله، قالَتْ: وهوَ يَرَى مَا لَا نَرَى.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو الْيَمَان الحكم بن نَافِع.
والْحَدِيث مضى فِي بَدْء الْخلق عَن عبد الله بن مُحَمَّد وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( يَا عائش) ، ترخيم عَائِشَة يجوز فِيهِ الْفَتْح وَعَلِيهِ الْأَكْثَر وَالضَّم.
قَوْله: ( يُقْرِئك السَّلَام) ، هَذَا وَقَرَأَ، عَلَيْك السَّلَام، بِمَعْنى وَاحِد.
قَوْله: ( قلت) ويروى: قَالَت، قيل: جِبْرِيل جسم فَإِذا كَانَ حَاضرا فِي الْمجْلس فَكيف تخْتَص رُؤْيَته بِالْبَعْضِ دون الآخر؟ وَأجِيب: بِأَن الرُّؤْيَة أَمر يخلقه الله تَعَالَى فِي الْحَيّ فَإِن خلقهَا فِيهِ رأى وإلاَّ فَلَا.
قَوْله: ( مَا لَا نرى) ويروى: مَا لَا أرى.





[ قــ :5873 ... غــ :60 ]
- حدَّثنا مُوسَى بنُ إسْماعيلَ حدّثنا وُهَيْبٌ حدّثنا أيُّوبُ عَنْ أبي قِلاَبَةَ عَنْ أنَسٍ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كانَتْ أمُّ سُلَيْمٍ فِي الثَّقَلِ، وأنْجَشَةُ غُلاَمُ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَسُوقُ بِهِنَّ فَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: يَا أنْجَشُ رُوَيْدَكَ سَوْقَكَ بالْقَوَارِيرِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( يَا أنجش) فَإِنَّهُ مرخم وَأَصله: يَا أَنْجَشَة، وَيجوز فِيهِ الْفَتْح وَالضَّم على مَا هُوَ قَاعِدَة المرخمات.

ووهيب هُوَ ابْن خَالِد، وَأَيوب هُوَ السّخْتِيَانِيّ، وَأَبُو قلَابَة بِكَسْر الْقَاف عبد الله بن زيد.

والْحَدِيث مضى عَن قريب فِي: بابُُ مَا يجوز من الشّعْر.

قَوْله: ( كَانَت أم سليم) وَهِي: أم أنس، رَضِي الله عَنْهُمَا قَوْله: ( فِي الثّقل) بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَالْقَاف وَهُوَ مَتَاع الْمُسَافِر وحشمه، وَرُوِيَ بِكَسْر الثَّاء، قَالَ ابْن التِّين: الأول هُوَ الَّذِي قرأناه.
قَوْله: ( رويدك) أَي: لَا تستعجل فِي سوق النِّسَاء فَإِنَّهُنَّ كالقوارير فِي سرعَة الانفعال، والتأثر، وَقد مرت مباحثه مستقصاة.