فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب تسليم الرجال على النساء، والنساء على الرجال

( بابُُ تَسْلِيمِ الرِّجالِ عَلى النِّساءِ والنِّساءِ عَلى الرِّجالِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز تَسْلِيم الرِّجَال ... إِلَى آخِره.
وَلَكِن بِشَرْط أَمن الْفِتْنَة، وَأَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى رد مَا أخرجه عبد الرَّزَّاق عَن معمر عَن يحيى بن أبي كثير: بَلغنِي أَنه يكره أَن يسلم الرِّجَال على النِّسَاء، وَالنِّسَاء على الرِّجَال، وَهُوَ مَقْطُوع أَو معضل.



[ قــ :5919 ... غــ :6248 ]
- حدَّثنا عَبْدُ الله بنُ مَسْلَمَةَ حدّثنا ابنُ أبي حازِمٍ عَنْ أبِيه عَنْ سَهْلٍ قَالَ: كُنَّا نَفْرَحُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، قُلْتُ: وَلِمَ؟ قَالَ: كانَتْ لَنا عَجُوزٌ تُرْسِلُ إِلَى بُضاعةَ قَالَ ابنُ مَسْلَمَةَ: نَخْلٍ بِالمَدِينَةِ فَتَأْخُذُ مِنْ أُصُولِ السِّلْقِ فَتَطْرَحُهُ فِي قِدْرٍ وَتُكَرْكرُ حَبَّاتٍ مِنْ شَعِيرٍ، فإذَا صَلَّيْنا الجُمُعَةَ انْصَرَفْنا ونُسَلِّمُ عَلَيْها فَتُقَدِّمُهُ إلَيْنا فَنَفْرَحُ مِن أجْلِهِ، وَمَا كُنّا نَقيلُ وَلَا نَتَغَذَّى إلاّ بَعْدَ الجُمُعَةِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ونسلم عَلَيْهَا) .
وَابْن أبي حَازِم هُوَ عبد الْعَزِيز، وَاسم أبي حَازِم سَلمَة بن دِينَار، وَسَهل هُوَ ابْن سعد الْأنْصَارِيّ السَّاعِدِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي الْجُمُعَة عَن القعْنبِي، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( بضَاعَة) بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَكسرهَا وَتَخْفِيف الضَّاد الْمُعْجَمَة وَهِي بِئْر بِالْمَدِينَةِ بديار بني سَاعِدَة من الْأَنْصَار.
قَوْله: ( قَالَ ابْن مسلمة) وَهُوَ عبد الله بن مسلمة شيخ البُخَارِيّ الْمَذْكُور.
قَوْله: ( نخل) أَي: بُسْتَان فسره ابْن مسلمة هَكَذَا، وَهِي مجرورة إِمَّا عطف بَيَان لقَوْله: بضَاعَة، أَو بدل مِنْهَا.
قَوْله: ( وتكركر) أَي: تطحن، وَأَصله من الْكر ضوعف لكرار عود الرَّحَى ورجوعها فِي الطَّحْن مرّة بعد أُخْرَى، وَقد يكون الكركرة بِمَعْنى الصَّوْت، والكركرة أَيْضا شدَّة الصَّوْت للضحك حَتَّى يفحش، وَهِي فَوق القرقرة.





[ قــ :590 ... غــ :649 ]
- ( حَدثنَا ابْن مقَاتل أخبرنَا عبد الله أخبرنَا معمر عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا عَائِشَة هَذَا جِبْرِيل يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام قَالَت قلت وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله ترى مَا لَا نرى تُرِيدُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -) قَالَ الدَّاودِيّ لَا مُطَابقَة بَين التَّرْجَمَة وَبَين حَدِيث عَائِشَة هَذَا لِأَن الْمَلَائِكَة لَا يُقَال لَهُم رجال وَلَا نسَاء وَلَكِن الله خَاطب فيهم بالتذكير قلت قد قيل أَن جِبْرِيل كَانَ يَأْتِي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صُورَة الرجل فَبِهَذَا الِاعْتِبَار تتأتى الْمُطَابقَة وَأدنى الْمُطَابقَة كَاف فِي بابُُ التراحم وَابْن مقَاتل هُوَ مُحَمَّد بن مقَاتل الْمروزِي وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك الْمروزِي والْحَدِيث مضى فِي بَدْء الْخلق عَن عبد الله بن مُحَمَّد وَفِي الْأَدَب وَفِي الرقَاق عَن أبي الْيَمَان وَفِي فضل عَائِشَة عَن يحيى بن بكير وَمضى الْكَلَام فِيهِ قَوْله يقْرَأ عَلَيْك السَّلَام ويروى يُقْرِئك السَّلَام يُقَال أَقرَأ فلَانا السَّلَام واقرأ عَلَيْهِ السَّلَام كَأَنَّهُ حِين يبلغهُ سَلَامه يحملهُ على أَن يقْرَأ السَّلَام وَيَردهُ قَوْله ترى خطاب لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قيل الْملك جسم فَإِذا كَانَ فِي مَكَان لَا تخْتَص رُؤْيَته بِبَعْض الْحَاضِرين وَأجِيب بِأَن الرُّؤْيَة أَمر يَجْعَلهَا الله تَعَالَى فِي الشَّخْص فَهِيَ تَابِعَة لخلقه وَلِهَذَا عِنْد الأشعرية أَن يرى أعمى الصين بقة أندلس وَلَا يَرَاهَا من هُوَ عِنْدهَا.

     وَقَالَ  ابْن بطال السَّلَام على النِّسَاء جَائِز إِلَّا على الشواب مِنْهُنَّ فَإِنَّهُ يخْشَى أَن يكون فِي مكالمتهن بذلك خَائِنَة الْأَعْين أَو نزغات الشَّيَاطِين هَذَا قَول قَتَادَة وَإِلَيْهِ ذهب مَالك وَطَائِفَة من الْعلمَاء.

     وَقَالَ  الْكُوفِيُّونَ لَا يسلم الرجل على النِّسَاء إِذا لم يكن مِنْهُنَّ ذَوَات محارم وَقَالُوا لَا يسْقط عَن النِّسَاء الْأَذَان وَالْإِقَامَة والجهر بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاة وَيسْقط عَنْهُن رد السَّلَام فَلَا يسلم عَلَيْهِنَّ قلت هَذَا لَيْسَ مَذْهَب الْحَنَفِيَّة فَإِن عِنْدهم لَا أَذَان وَلَا إِقَامَة على النِّسَاء
( تَابعه شُعَيْب:.

     وَقَالَ  يُونُس والنعمان عَن الزُّهْرِيّ وَبَرَكَاته)
أَي تَابع معمرا شُعَيْب بن حَمْزَة فِي رِوَايَته عَن الزُّهْرِيّ فِي قَول عَائِشَة عَلَيْهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته.

     وَقَالَ  يُونُس أَي ابْن يزِيد والنعمان بن رَاشد الخزرجي فِي روايتهما عَن الزُّهْرِيّ وَبَرَكَاته أما تَعْلِيق يُونُس فوصله البُخَارِيّ فِي بابُُ فضل عَائِشَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا حَدثنَا يحيى بن بكير حَدثنَا اللَّيْث عَن يُونُس عَن ابْن شهَاب قَالَ أَبُو سَلمَة أَن عَائِشَة قَالَت قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَا عَائِشَة هَذَا جِبْرِيل يُقْرِئك السَّلَام فَقَالَت وَعَلِيهِ السَّلَام وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ترى مَا لَا أرى تُرِيدُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأما تَعْلِيق النُّعْمَان فوصله الْإِسْمَاعِيلِيّ من حَدِيث إِبْرَاهِيم بن إِسْحَق الشَّامي حَدثنَا عبد الله بن الْمُبَارك فَذكره بِلَفْظ وَبَرَكَاته -