فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الاحتباء باليد، وهو القرفصاء

( بابُُ الاحٍ بَاءِ باليَدِ، وهْوَ القُرْفُصاءُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَمر الاحتباء بِالْيَدِ، وَلم يبين حكمه اكْتِفَاء بِمَا دلّ عَلَيْهِ حَدِيث الْبابُُ، والاحتباء مصدر احتبى يحتبي يُقَال: احتبى الرجل إِذا جمع ظَهره وساقيه بعمامة، قَالَه الْكرْمَانِي، وَفسّر البُخَارِيّ الاحتباء بقوله: ( وَهُوَ القرفصاء) وَأَخذه من كَلَام أبي عُبَيْدَة، فَإِنَّهُ قَالَ: القرفصاء جلْسَة المحتبي ويدير ذِرَاعَيْهِ وَيَديه على سَاقيه، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: وَهِي القرفصاء بتأنيث الضَّمِير، والقرفصاء بِضَم الْقَاف وَسُكُون الرَّاء وَفتح الْفَاء وَضمّهَا وبالصاد الْمُهْملَة ممدوداً ومقصوراً، ضرب من الْقعُود، وَإِذا قلت: قعد فلَان القرفصاء، فكأنك قلت: قعد قعُودا مَخْصُوصًا، وَهُوَ أَن يجلس على إليتيه ويلصق فَخذه ببطنه ويحتبي بيدَيْهِ فيضعهما على سَاقيه، وَقيل: القرفصاء جلْسَة المستوفز، وَقيل: جلْسَة الرجل على إليتيه.



[ قــ :5942 ... غــ :6272 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ أبي غالِبٍ أخبرنَا إبْرَاهِيمُ بنُ المُنْذِرِ الحِزَامِيُّ حَدثنَا مُحَمَّدُ بنُ فُلَيْحٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ نافِعٍ عَنِ ابْن عمَرَ رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: رأيْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِفِنَاءِ الكَعْبَةِ مُحْتَبِياً بِيَدِهِ هاكَذَا.


مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( مُحْتَبِيًا بِيَدِهِ هَكَذَا) وَهُوَ من أَفْرَاده.
وَمُحَمّد بن أبي غَالب بالغين الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام أَبُو عبد الله القوسي بِضَم الْقَاف وَسُكُون الْوَاو وبالسين الْمُهْملَة، نزل بَغْدَاد، وَهُوَ من صغَار شُيُوخ البُخَارِيّ وَمَات قبله بست سِنِين وَلَيْسَ لَهُ فِي البُخَارِيّ سوى هَذَا الحَدِيث وَحَدِيث آخر فِي كتاب التَّوْحِيد، وَله شيخ آخر يُقَال لَهُ: مُحَمَّد بن أبي غَالب الوَاسِطِيّ نزيل بَغْدَاد، قَالَ الكلاباذي: سمع من هشيم وَمَات قبل القوسي بست وَعشْرين سنة، وَإِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر بن عبد الله أَبُو إِسْحَاق الْحزَامِي بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وبالزاي نِسْبَة إِلَى حزَام أحد أجداده، وَمُحَمّد بن فليح يروي عَن أَبِيه فليح بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة ابْن سُلَيْمَان بن أبي الْمُغيرَة بن حنين الْمدنِي عَن نَافِع عَن ابْن عمر، وَهُوَ من أَفْرَاده.

قَوْله: ( بِفنَاء الْكَعْبَة) بِكَسْر الْفَاء وَهُوَ مَا امْتَدَّ من جوانبها.
قَوْله: ( مُحْتَبِيًا) نصب على الْحَال من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: ( مُحْتَبِيًا بِيَدِهِ هَكَذَا) كَذَا وَقع مُخْتَصرا، قيل: روى هَذَا الحَدِيث عَن أبي غزيَّة مُحَمَّد بن مُوسَى الْأنْصَارِيّ القَاضِي عَن فليح نَحوه، وَزَاد: فَأرَاهُ فليح فَوضع يَمِينه على يسَاره مَوضِع الرسغ، فالاحتباء قد يكون بِالْيَدِ، وَقد يكون باليدين، فَظَاهر هَذَا الحَدِيث أَنه كَانَ بِالْيَدِ، وَأما باليدين فقد رَوَاهُ أَبُو دَاوُد من حَدِيث أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، كَانَ إِذا جلس احتبى بيدَيْهِ، وَرَوَاهُ الْبَزَّار وَزَاد: وَنصب رُكْبَتَيْهِ، وروى الْبَزَّار أَيْضا من حَدِيث أبي هُرَيْرَة بِلَفْظ: جلس عِنْد الْكَعْبَة وَضم رجلَيْهِ فأقامهما واحتبى بيدَيْهِ.