فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب السجود على الثوب في شدة الحر

( بابٌُ السُّجُودِ عَلى الثَّوْبِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان سُجُود الْمُصَلِّي على طرف ثَوْبه مثل كمه وذيله لأجل شدَّة الْحر، وَلَفظ: الْحر، لَيْسَ بِقَيْد، لِأَن حكم الْبرد كَذَلِك.
وَإِنَّمَا ذكر مُوَافقَة للفظ الحَدِيث.

والمناسبة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهِرَة.

وَقَالَ الحَسَنُ كانَ القَوْمُ يَسْجُدُونَ عَلى العِمَامَةِ وَالقَلَنْسَوَةِ وَيَدَاهُ فِي كُمِّهِ.

مُطَابقَة هَذَا الْأَثر للتَّرْجَمَة غير ظَاهِرَة إلاَّ بالتعسف، لِأَن التَّرْجَمَة فِي السُّجُود على الثَّوْب، وَهَذَا لَا يُطلق على الْعِمَامَة، وَلَا على القلنسوة، وَلَكِن كَانَ هَذَا الْبابُُ والأبواب الثَّلَاثَة الَّتِي قبله فِي السُّجُود على غير وَجه الأَرْض، بل كَانَ على شَيْء هُوَ على الأَرْض، وَهُوَ أَعم من أَن يكون حَصِيرا أَو خمرة أَو فراشا أَو عِمَامَة أَو قلنسوة أَو نَحْو ذَلِك، فبهذه الْحَيْثِيَّة تدخل الْعِمَامَة والقلنسوة فِي الْبابُُ؛ وَالْحسن هُوَ: الْبَصْرِيّ، وَأَرَادَ بالقوم الصَّحَابَة، والقلسنوة: غشاء مبطن تلبس على الرَّأْس.
قَالَه الْقَزاز فِي ( شرح الفصيح) وَعَن ابْن خالويه: الْعَرَب تسمي القلنسوة برنساً.
وَفِي ( التَّلْخِيص) لأبي هِلَال العسكري: الْبُرْنُس: القلنسوة الواسعة الَّتِي تغطى بهَا العمائم، تستر من الشَّمْس والمطر.
وَفِي ( الْمُحكم) : هِيَ من ملابس الرؤوس مَعْرُوف.
.

     وَقَالَ  ابْن هِشَام فِي ( شَرحه) : هِيَ الَّتِي تَقول لَهَا الْعَامَّة الشاشية، وَذكر ثَعْلَب فِي ( فصيحه) لُغَة أُخْرَى وَهِي: القليسية، بِضَم الْقَاف وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء وَكسر السِّين وَفتح الْيَاء وَفِي آخِره هاه، وَفِي ( الْمُحكم) : وَعِنْدِي أَن قليسية لَيست بلغَة، وَإِنَّمَا هِيَ مصغرة، وَفِي ( شرح الْغَرِيب) لِابْنِ سَيّده: وَهِي قلنساة وقلساة، وَجَمعهَا: قلانس وقلاسي وقلنس وقلونس، ثمَّ يجمع على: قلنس، وَفِيه قلب حَيْثُ جعل الْوَاو قبل النُّون، وَعَن يُونُس: أهل الْحجاز يَقُولُونَ: قلنسية، وَتَمِيم يَقُولُونَ: قلنسوة.
وَفِي ( شرح المرزوقي) : قلنست الشَّيْء إِذا غطيته.

قَوْله: ( ويداه فِي كمه) ، هَكَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين.
وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( وَيَديه فِي كمه) ، وَجه الأول أَن: يَدَاهُ، كَلَام إضافي مُبْتَدأ، وَقَوله: فِي كمه، خَبره وَالْجُمْلَة حَال، وَالتَّقْدِير: ويدا كل وَاحِد فِي كمه، فلأجل ذَلِك قَالَ: ويداه فِي كمه، وَذَلِكَ لِأَن الْمقَام يَقْتَضِي أَن يُقَال: وأيديهم فِي أكمامهم، وَوجه الثَّانِي: أَن: يَدَيْهِ، مَنْصُوب بِفعل مُقَدّر تَقْدِيره: وَيجْعَل كل وَاحِد يَدَيْهِ فِي كمه، وَهَذَا التَّعْلِيق وَصله ابْن أبي شيبَة فِي ( مُصَنفه) عَن أبي أُسَامَة عَن هِشَام عَن الْحسن قَالَ: ( إِن أَصْحَاب النَّبِي كَانُوا يَسْجُدُونَ وأيديهم فِي ثِيَابهمْ، وَيسْجد الرجل مِنْهُم على قلنسوته وعمامته) .

وَأخرجه أَيْضا عبد الرَّزَّاق فِي مُصَنفه عَن هِشَام بن حسان عَن الْحسن نَحوه.
وَأخرج ابْن أبي شيبَة عَن هشيم عَن يُونُس: ( عَن الْحسن أَنه كَانَ يسْجد فِي طيلسانه) .
وَأخرجه عَن مُحَمَّد بن عدي: ( عَن حميد: رَأَيْت الْحسن يلبس أنبجانيا فِي الشتَاء وَيُصلي فِيهِ وَلَا يخرج يَدَيْهِ) .
وَكَانَ عبد الرَّحْمَن بن زيد يسْجد على كور عمَامَته، وَكَذَلِكَ الْحسن وَسَعِيد بن الْمسيب وَبكر بن عبد ا، وَمَكْحُول وَالزهْرِيّ وَعبد ابْن أبي أوفى وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد، وَكَانَ عبَادَة بن الصَّامِت وَعلي بن أبي طَالب وَابْن عمر وَأَبُو عُبَيْدَة وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَابْن سِيرِين وَمَيْمُون بن مهْرَان وَعُرْوَة بن الزبير وَعمر بن عبد الْعَزِيز وجعدة بن هُبَيْرَة يكْرهُونَ السُّجُود على الْعِمَامَة، وَذكر مُحَمَّد بن أسلم الطوسي فِي كِتَابه ( تَعْظِيم قدر الصَّلَاة) : عَن خَلاد بن يحيى عَن عبد ابْن المحرز عَن يزِيد بن الْأَصَم عَن أبي هُرَيْرَة: ( أَن النَّبِي سجد على كور عمَامَته) .
قَالَ ابْن أسلم: هَذَا سَنَد ضَعِيف.



[ قــ :381 ... غــ :385]
- حَدَّثَنَا أبُو الوَلِيدِ هِشَامُ بنُ عَبْدِ المَلِكِ قَالَ حدّثنا بِشْرُ بنُ المُفَضَّلِ قَالَ حدّثني غالِبٌ القَطَّانُ عَنْ بَكْرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أنَس بنِ مالِكٍ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبيِّ فيضَعُ أحَدُنَا طَرَفَ الثَّوْبِ منْ شِدَّةِ الحَرِّ فِي مَكَانِ السُّجُودِ.
( الحَدِيث 583 طرفاه فِي: 245، 8021) .


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة، ذكرُوا، و: بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة: ابْن الْمفضل، بِضَم الْمِيم وَفتح الْفَاء وَتَشْديد الْمُعْجَمَة الْمَفْتُوحَة: الرقاشِي، بِفَتْح الرَّاء: العثماني، كَانَ يُصَلِّي كل يَوْم أَرْبَعمِائَة رَكْعَة.
وغالب، بالغين الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام: ابْن خطَّاف، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَبِفَتْحِهَا وَتَشْديد الطَّاء الْمُهْملَة: الْقطَّان، بِالْقَافِ.

ذكر لطائف إِسْنَاده وَفِيه: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي أبي الْوَلِيد، وَفِي بشر وبالإفراد فِي غَالب عِنْد الْأَكْثَرين.
وَفِيه: أَن رُوَاته كلهم بصريون.
وَفِيه: العنعنة فِي موضِعين.
وَفِيه: حِكَايَة قَول الصَّحَابِيّ عَمَّا يَفْعَله، وَالنَّبِيّ يُشَاهِدهُ وَلَا يُنكره، فَيكون تقريراً مِنْهُ.
فَإِن قلت: كَانَ أنس خلف النَّبِي؟ قلت: مَا كَانَ يخفى عَلَيْهِ شَيْء من أَحْوَال من كَانَ خَلفه فِي الصَّلَاة، لِأَنَّهُ قد كَانَ يرى من خَلفه كَمَا يرى من قدامه، فَيكون قَول الصَّحَابِيّ، كُنَّا نَفْعل كَذَا من قبيل الْمَرْفُوع، وَلَا سِيمَا اتّفق الشَّيْخَانِ على تَخْرِيج هَذَا الحَدِيث فِي صَحِيحَيْهِمَا، وَغَيرهمَا كَذَلِك.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن مُسَدّد، وَعَن مُحَمَّد بن مقَاتل.
وَأخرجه مُسلم فِيهِ عَن يحيى بن يحيى.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن أَحْمد بن حَنْبَل.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن أَحْمد بن مُحَمَّد عَن ابْن الْمُبَارك، وَأخرجه النَّسَائِيّ عَن سُوَيْد بن نصر عَن ابْن الْمُبَارك.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم.

ذكر مَعْنَاهُ قَوْله: ( فَيَضَع أَحَدنَا) جملَة معطوفة على قَوْله: ( كُنَّا نصلي) .
قَوْله: ( طرف ثَوْبه) ، كَلَام إضافي مَنْصُوب لِأَنَّهُ مفعول: يضع، وَفِي رِوَايَة مُسلم وَأبي دَاوُد: ( بسط ثَوْبه فَسجدَ عَلَيْهِ) .
وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ: ( كُنَّا إِذا صلينَا خلف رَسُول الله بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الْحر) .
وَعند ابْن أبي شيبَة: ( كُنَّا نصلي مَعَ النَّبِي فِي شدَّة الْحر وَالْبرد فَيسْجد على ثَوْبه) .

ذكر مَا يستنبط مِنْهُ احْتج بِهِ أَبُو حنيفَة وَمَالك، وَأحمد وَإِسْحَاق على جَوَاز السُّجُود على الثَّوْب فيشدة الْحر وَالْبرد، وَهُوَ قَول عمر بن الْخطاب، رَضِي اتعالى عَنهُ، رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة من حَدِيث إِبْرَاهِيم قَالَ: ( صلى عمر ذَات يَوْم بِالنَّاسِ الْجُمُعَة فِي يَوْم شَدِيد الْحر، فَطرح طرف ثَوْبه بِالْأَرْضِ فَجعل يسْجد عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ: يَا أَيهَا النَّاس إِذا وجد أحدكُم الْحر فليسجد على طرف ثَوْبه) .
وَرَوَاهُ زيد بن وهب عَن عمر بِنَحْوِهِ، وَأمر بِهِ إِبْرَاهِيم أَيْضا وَعَطَاء، وَفعله مُجَاهِد.
.

     وَقَالَ  الْحسن: لَا بَأْس بِهِ، وَحَكَاهُ ابْن الْمُنْذر أَيْضا عَن الشّعبِيّ وَطَاوُس وَالْأَوْزَاعِيّ وَالنَّخَعِيّ وَالزهْرِيّ وَمَكْحُول ومسروق وَشُرَيْح.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّهْذِيب) من الشَّافِعِيَّة: وَبِه قَالَ أَكثر الْعلمَاء، والْحَدِيث حجَّة على الشَّافِعِي حَيْثُ لم يجوز ذَلِك.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: حمله الشَّافِعِي على الثَّوْب الْمُنْفَصِل، قُلْنَا: لفظ: ثَوْبه، دلّ على الْمُتَّصِل بِهِ من حَيْثُ اللَّفْظ، وَهُوَ تعقيب السُّجُود بالبسط، كَمَا فِي رِوَايَة مُسلم وَأبي دَاوُد، وَكَذَا دلّ على الْمُتَّصِل بِهِ من خَارج اللَّفْظ، وَهُوَ قلَّة الثِّيَاب عِنْدهم.
فَإِن قلت: أيد الْبَيْهَقِيّ حمل الشَّافِعِي على الثَّوْب الْمُنْفَصِل بِمَا رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي هَذَا الحَدِيث بِلَفْظ: ( فَيَأْخُذ أَحَدنَا الْحَصَى فِي يَده فَإِذا برد وَضعه وَسجد عَلَيْهِ) .
قَالَ: فَلَو جَازَ السُّجُود على شَيْء مُتَّصِل بِهِ لما احتاجوا إِلَى تبريد الْحَصَى مَعَ طول الْأَمر فِيهِ.

قلت: ورد هَذَا بِاحْتِمَال أَن يكون الَّذِي كَانَ يبرد الْحَصَى لم يكن فِي ثَوْبه فضلَة يسْجد عَلَيْهَا مَعَ بَقَاء ستْرَة لَهُ.
فَإِن قلت: احْتج الشَّافِعِي بِحَدِيث خبابُ قَالَ: ( شَكَوْنَا إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، حر الرمضاء فِي جباهنا فَلم يشكنا) .
أَي: فَلم يزل شكوانا، وَبِمَا روى عَنهُ أَنه قَالَ: ( ترب جبينك يَا رَبَاح) .
قلت: حَدِيث خبابُ لَيْسَ فِيهِ ذكر الجباه والأكف فِي المسانيد الْمَشْهُورَة، ثَبت فَهُوَ مَحْمُول على التَّأْخِير الْكثير حَتَّى تبرد الرمضاء، وَذَلِكَ يكون فِي أَرض الْحجاز بعد الْعَصْر.
وَيُقَال: إِنَّه مَنْسُوخ بقوله: ( أبردوا بِالظّهْرِ فَإِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم) .
وَيدل عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ عبد ابْن عبد الرَّحْمَن قَالَ: ( جَاءَنَا رَسُول اعليه الصَّلَاة وَالسَّلَام، فصلى بِنَا فِي مَسْجِد بني عبد الْأَشْهَل، فرأيته وَاضِعا يَدَيْهِ فِي ثَوْبه إِذا سجد) .
رَوَاهُ أَحْمد وَابْن ماجة.
فَإِن قلت: هَذَا مَحْمُول على الثَّوْب الْمُنْفَصِل الَّذِي لَا يَتَحَرَّك بحركته.

قلت: هَذَا بعيد لقَوْله: ( بسط ثَوْبه فَسجدَ عَلَيْهِ) .
إِذْ: الْفَاء، فِيهِ للتعقيب.
وكل حَدِيث احْتج بِهِ الشَّافِعِي فِي هَذَا الْبابُُ فَهُوَ مُحْتَمل، وَمَا احْتج بِهِ غَيره من الْأَئِمَّة الْمَذْكُورين فَهُوَ مُحكم، فَيحمل الْمُحْتَمل على الْمُحكم على أَنه قد رُوِيَ عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة أَنهم رووا سُجُوده، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، على كور عمَامَته.
مِنْهُم: أَبُو هُرَيْرَة، أخرج حَدِيثه عبد الرَّزَّاق فِي ( مُصَنفه) .
وَابْن عَبَّاس، أخرج حَدِيثه أَبُو نعيم فِي ( الْحِلْية) .
وَعبد ابْن أبي أوفي، أخرج حَدِيثه الطَّبَرَانِيّ فِي ( الْأَوْسَط) ، وَجَابِر أخرج حَدِيثه ابْن عدي فِي ( الْكَامِل) .
وَأنس أخرج حَدِيثه ابْن أبي حَاتِم فِي كِتَابه ( الْعِلَل) .
وَابْن عمر أخرج حَدِيثه الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم تَمام بن مُحَمَّد الرَّازِيّ فِي ( فَوَائده) .
فَإِن قلت: قَالَ الْبَيْهَقِيّ فِي ( الْمعرفَة) : أما مَا روى أَن النَّبِي كَانَ يسْجد على كور عمَامَته فَلَا يثبت مِنْهُ شَيْء.
قلت: حَدِيث ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَابْن أبي أوفى جِيَاد، وَمَا كَانَ مِنْهُ من الضَّعِيف يشْتَد بِالْقَوِيّ، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى فِي هَذَا الْبابُُ.
وَبِمَا ذكرنَا هَهُنَا يحصل الْجَواب عَمَّا قَالَه الْكرْمَانِي فِي هَذَا الْبابُُ من فرقه بَين الْمَحْمُول المتحرك وَغَيره، وَالِاسْتِدْلَال بقوله: ( ترب وَجهك) ، وَحَدِيث الْبابُُ أَيْضا يرد مَا ذكره من قَوْله: وَالْقِيَاس على سَائِر الْأَعْضَاء قِيَاس بالفارق، وَقِيَاس فِي مُقَابلَة النَّص.

قُلْنَا: لَا نسلم ذَلِك لأَنا عَملنَا أَولا بِالْحَدِيثِ الَّذِي ورد فِي هَذَا الْبابُُ، وبالقياس أَيْضا، فَهَذَا أقوى.
وَقَوله: ثَبت أَنه كَانَ يُبَاشر الأَرْض بِوَجْهِهِ فِي سُجُوده، فَنَقُول: بَاشر أَيْضا ثَوْبه فِي سُجُوده، كَمَا مر، وبدليل مَا لَو سجد على الْبسَاط يجوز بِالْإِجْمَاع، فَإِن احْتج بقوله: ( مكن جبهتك وأنفك من الأَرْض) ، فَنَقُول بِمُوجبِه، وَهُوَ وجدان حجم الأَرْض حَتَّى إِذا امْتنع حجمها لَا يجوز.
.

     وَقَالَ  بَعضهم: فِيهِ أَي فِي حَدِيث الْبابُُ تَقْدِيم الظّهْر فِي أول الْوَقْت قُلْنَا: ظَاهر الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْأَمر بالإيراد بِالظّهْرِ يُعَارضهُ، وَدفعهَا إِمَّا بِأَن نقُول: إِن التَّقْدِيم رخصَة والإيراد سنة، فَإِذا قُلْنَا: أَحَادِيث الْأَمر بالإيراد ناسخة لَا يبْقى تعَارض.
فَافْهَم.

وَمِمَّا يستنبط من الحَدِيث الْمَذْكُور أَن الْعَمَل الْيَسِير فِي الصَّلَاة عَفْو، لِأَن وضع طرف الثَّوْب فِي مَوضِع السُّجُود، عمل.
وَا أعلم.