فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب الخدم للمسجد

( بابُُ الخَدَمِ لِلْمَسْجِدِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان أَمر الخدم، بِفَتْح الْخَاء وَالدَّال: جمع خَادِم، هَكَذَا بِكَلِمَة: فِي فِي رِوَايَة كَرِيمَة، وَفِي رِوَايَة الْأَكْثَرين: الخدم لِلْمَسْجِدِ، بِاللَّامِ: وَكَانَ الْمُنَاسب أَن يكون هَذَا الْبابُُ عقيب بابُُ: كنس الْمَسْجِد، على مَا لَا يخفى.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ { نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي} تَعْنِي { مُحَرَّراً} لِلْمَسْجِدِ يخْدُمُها.

أَشَارَ البُخَارِيّ بِهَذَا التَّعْلِيق إِلَى أَن تَعْظِيم الْمَسْجِد بِالْخدمَةِ كَانَ مَشْرُوعا أَيْضا فِي الْأُمَم الْمَاضِيَة، أَلاَ ترى أَن اتعالى حكى عَن حنة أم مَرْيَم أَنَّهَا لما حبلت نذرت تَعَالَى أَن يكون مَا فِي بَطنهَا محرراً، يَعْنِي عتيقاً يخْدم الْمَسْجِد الْأَقْصَى، وَلَا يكون لأحد عَلَيْهِ سَبِيل، وَلَوْلَا أَن خدمَة الْمَسَاجِد مِمَّا يتَقرَّب بِهِ إِلَى اتعالى لما نذرت بِهِ، وَهَذَا أَيْضا مَوضِع التَّرْجَمَة.
وَأما التَّعْلِيق الْمَذْكُور فَإِن الضَّحَّاك ذكره عَن ابْن عَبَّاس فِي تَفْسِيره.
قَوْله: ( تَعْنِي) بِلَفْظ الْمُؤَنَّث الْغَائِب، لِأَنَّهُ يرجع إِلَى حنة أم مَرْيَم، و: حنة، بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد النُّون.
قَوْله: ( يخدمها) ، ويروى: ( ويخدمه) ، أَي: يخْدم الْمَسْجِد، وعَلى الأول: يخْدم الْمَسَاجِد أَو الأَرْض المقدسة، وَنَحْو ذَلِك.



[ قــ :450 ... غــ :460]
- حَدَّثَنَا أحْمَدُ بنُ وَاقِدٍ قَالَ حدّثنا حَمَّادٌ عنْ ثابِتٍ عنْ أبي رَافِعٍ عنْ أبي هُرَيْرَة َ أنَّ امْرَأَةً أوْ رَجُلاً كانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ ولاَ أَرَاهُ إِلاَّ امْرَأَةً فَذَكَرَ حَدِيثَ النبيِّ أنَّهُ صلَّى عَلَى قَبْرِهِ.
( انْظُر الحَدِيث 854 وطرفه) .


وَجه مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهر، وَالْكَلَام فِيهِ قد مر مُسْتَوفى عَن قريب، وَأحمد بن وَاقد بِالْقَافِ هُوَ أَحْمد بن عبد الْملك بن وَاقد الْحَرَّانِي أَبُو يحيى، مَاتَ سنة إِحْدَى وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ بِبَغْدَاد، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وثابت الْبنانِيّ وَأَبُو رَافع نفيع، وَقد مر ذكرهم.
قَوْله: ( وَلَا أرَاهُ) ، بِضَم الْهمزَة أَي: لَا أَظُنهُ، وَهَذَا من كَلَام أبي رَافع، وَيحْتَمل أَن يكون من كَلَام أبي هُرَيْرَة، رَضِي اتعالى عَنهُ.
قَوْله: ( فَذكر) أَي: أَبُو هُرَيْرَة رَضِي اتعالى عَنهُ، ذكر حَدِيث النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، الَّذِي تقدم فِي الْبابُُ السَّابِق.