فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين»

(بابُُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (بُعِثْتُ أَنا والسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (بعثت)
إِلَى آخِره.
قَالَ الْكرْمَانِي: السَّاعَة بِالرَّفْع وَالنّصب، وَاخْتصرَ على هَذَا.

قلت: وَجه النصب أَن الْوَاو بِمَعْنى: مَعَ، وَمِنْهُم من منع الرّفْع لفساد الْمَعْنى لِأَنَّهُ لَا يُقَال: بعثت السَّاعَة، وَجزم عِيَاض بِأَن الرّفْع أحسن لِأَنَّهُ عطف على ضمير الْمَجْهُول فِي: بعثت قَوْله: (كهاتين) أَي: الإصبعين السبابَُة وَالْوُسْطَى.

{ وَمَا أَمر السَّاعَة إِلَّا كلمح الْبَصَر أَو هُوَ أقرب إِن الله على كل شَيْء قدير} (النَّحْل: 77)
تَقْدِيره: وَقَول الله عز وَجل: { وَمَا أَمر السَّاعَة} الْآيَة بِتَمَامِهَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر { وَمَا أَمر السَّاعَة إلاّ كلمح الْبَصَر} ... الْآيَة، وَإِنَّمَا قُلْنَا: تَقْدِيره: وَقَول الله عز وَجل، لِأَنَّهُ يُوهم أَن تكون بَقِيَّة الحَدِيث، على أَن فِي بعض النّسخ.
وَقَول الله مَوْجُود.
قَوْله: { وَمَا أَمر السَّاعَة} أَي: وَمَا شَأْن الْقِيَامَة إلاَّ كلمح الْبَصَر، اللمح سرعَة إبصار الشَّيْء.
أَو هُوَ أَي أَمر السَّاعَة أقرب من لمح الْبَصَر.

[ قــ :6165 ... غــ :6503 ]
- حدّثنا سَعِيدُ بنُ أبي مَرْيَمَ حَدثنَا أبُو غَسَّانَ حَدثنَا أبُو حازِمٍ عنْ سَهْلٍ قَالَ: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (بعثت أَنا والسَّاعَةَ هاكَذَا) ويشِيرُ بإصْبَعَيْهِ فَيَمُدُّ بِهِما.
بش
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة لِأَنَّهُ يتَضَمَّن معنى التَّرْجَمَة.
وَسَعِيد بن أبي مَرْيَم هُوَ سعيد بن مُحَمَّد بن الحكم بن مَرْيَم الْمصْرِيّ، وَأَبُو غَسَّان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَتَشْديد السِّين الْمُهْملَة مُحَمَّد بن مطرف، وَأَبُو حَازِم سَلمَة بن دِينَار، وَسَهل بن سعد السَّاعِدِيّ الْأنْصَارِيّ.

والْحَدِيث من أَفْرَاده.

قَوْله: (عَن سهل) وَفِي رِوَايَة سُفْيَان عَن أبي حَازِم: سَمِعت سهل بن سعد صَاحب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.
قَوْله: (فيمد بهما) أَي: ليمتازا عَن سَائِر الْأَصَابِع، ويروى: فيمدهما.





[ قــ :6166 ... غــ :6504 ]
- حدّثني عَبْدُ الله بنُ مُحَمَّدٍ هُوَ الجُعْفِيُّ حَدثنَا وَهْبُ بنُ جَرِيرٍ حدّثنا شُعْبَةُ عنْ قَتادَةَ وَأبي التَّيَّاحِ عنْ أنَسِ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: ( بُعِثْتُ أَنا والسَّاعَةَ كَهَاتَيْنِ) .


هَذَا الحَدِيث هُوَ عين التَّرْجَمَة.
والجعفي بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالفاء نِسْبَة إِلَى جعف بن سعد الْعَشِيرَة من مذْحج، قَالَ الْجَوْهَرِي: هُوَ أَبُو قَبيلَة من الْيمن وَالنِّسْبَة، إِلَيْهِ كَذَلِك، وَأَبُو التياح بِفَتْح التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة واسْمه يزِيد من الزِّيَادَة ابْن حميد الضبعِي الْبَصْرِيّ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْفِتَن عَن عبد الله بن معَاذ وَغَيره،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: اخْتلف فِي معنى قَول: كهاتين، فَقيل: كَمَا بَين السباية وَالْوُسْطَى فِي الطول، وَقيل: الْمَعْنى لَيْسَ بَينه وَبَينهَا شَيْء.
.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: حَاصِل معنى الحَدِيث تقريب أَمر السَّاعَة وَسُرْعَة مجيئها.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: معنى الحَدِيث إِشَارَة إِلَى قرب الْمُجَاورَة، ثمَّ قَالَ: فَإِن قلت: { إِن الله عِنْده علم السَّاعَة} ( لُقْمَان: 43) وَلَا يُعلمهُ غَيره.
فَكيف يعلم أَنَّهَا قَرِيبه؟ .

قلت: الْمَعْلُوم قربهَا والمجهول ذَاتهَا فَلَا مُعَاوضَة.
<