فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب لا حول ولا قوة إلا بالله

( بابُُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاّ بِاللَّه)

أَي: هَذَا بابُُ يذكر فِيهِ: لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه، وَمعنى: لَا حول لَا تَحْويل للْعَبد فِي مَعْصِيّة الله إلاّ بعصمة الله، وَلَا قُوَّة لَهُ على طَاعَة الله إِلَّا بِتَوْفِيق الله.
وَقيل: معنى لَا حول لَا حِيلَة،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هِيَ كلمة استسلام وتفويض، وَأَن العَبْد لَا يملك من أمره شَيْئا لَيْسَ لَهُ حِيلَة فِي دفع شَرّ وَلَا قُوَّة فِي جلب خير إلاَّ بِإِرَادَة الله عز وَجل.

[ قــ :6264 ... غــ :6610 ]
- حدّثني مُحَمَّدُ بنُ مُقاتِلٍ أبُو الحَسَنِ أخبرنَا عَبْدُ الله أخبرنَا خالِدٌ الحَذَّاءُ عنْ أبي عثْمانَ النَّهْدِيِّ عنْ أبي مُوسَى قَالَ: كُنّا مَعَ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي غَزاةٍ، فَجَعَلْنا لَا نَصْعَدُ شَرَقاً وَلَا نَعْلُو شَرَقاً وَلَا نَهْبِطُ فِي وادٍ إلاّ رَفَعْنا أصْوَاتَنا بالتَّكْبِيرِ، قَالَ: فَدَنا مِنّا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ( يَا أيُّها النّاس أرْبَعُوا عَلَى أنْفُسِكُمْ، فإنَّكُم لَا تَدْعُونَ أصَمَّ وَلَا غائِباً، إنَّما تَدْعُونَ سَمِيعاً بَصِيراً) ثُمَّ قَالَ: ( يَا عَبْدَ الله بنَ قَيْسٍ! ألاَ أُعَلِّمُكَ كَلِمَةً هِيَ مِنْ كُنُوزِ الجَنَّةِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّه) .

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَعبد الله هُوَ ابْن الْمُبَارك.
وَأَبُو عُثْمَان النَّهْدِيّ عبد الرَّحْمَن بن مل، وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

وَقد مر الحَدِيث فِي كتاب الدَّعْوَات فِي: بابُُ الدُّعَاء إِذا علا عقبَة، فَإِنَّهُ أخرجه هُنَاكَ عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد بن زيد عَن أَيُّوب عَن أبي عُثْمَان عَن أبي مُوسَى ... إِلَى آخِره، وَمضى أَيْضا فِي الْجِهَاد فِي: بابُُ مَا يكره من رفع الصَّوْت فِي التَّكْبِير، أخرجه عَن مُحَمَّد بن يُوسُف عَن عَاصِم عَن أبي عُثْمَان عَن أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.

قَوْله: ( فِي غزَاة) هِيَ غَزْوَة خَيْبَر، والشرف الْموضع العالي.
قَوْله: ( أربعوا) بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة أَي: أرفقوا بِأَنْفُسِكُمْ واخفضوا أَصْوَاتكُم، يُقَال: ربع الرجل إِذا توقف وانحبس.
قَوْله: ( أَصمّ) ويروى: أصماً.
قَوْله: ( يَا عبد الله بن قيس) هُوَ اسْم أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ.
قَوْله: ( هِيَ من كنوز الْجنَّة) يَعْنِي: أَن لَهُ ثَوابًا مدخراً نفيساً كالكنز فَإِنَّهُ من نفائس مدخراتكم،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: الْمَعْنى أَن قَوْلهَا يحصل ثَوابًا نفيساً مدخراً لصَاحبه فِي الْجنَّة.