فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الرجل: لعمر الله

( بابُُ قَوْل الرَّجُلِ: لَعَمْرُ الله)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان قَول الشَّخْص: لعمر الله، وَلم يبين حكمه اعْتِمَادًا على تَخْرِيج الطَّالِب، وَمَعْنَاهُ لحياة الله وبقاؤه،.

     وَقَالَ  الزّجاج: لعمر الله، كَأَنَّهُ حلف بِبَقَائِهِ تَعَالَى.
قَالَ الْجَوْهَرِي: عمر الرجل بِالْكَسْرِ يعمر عمرا وعمراً على غير قِيَاس لِأَن قِيَاس مصدره التحريك أَي: عَاشَ زَمَانا طَويلا، وَإِن كَانَ المصدران بِمَعْنى إِلَّا أَنه اسْتعْمل فِي الْقسم المفتوح فَإِذا أدخلت عَلَيْهِ اللَّام رفعته بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر مَحْذُوف، أَي: مَا أقسم بِهِ، فَإِن لم تأت بِاللَّامِ نصبته نصب المصادر، فَقلت: عمر الله مَا فعلت كَذَا، وعمرك الله مَا فعلت، وَمعنى: لعمر الله، وَعمر الله أَحْلف بِبَقَاء الله ودوامه، فَإِذا قلت: عمرك الله، فكأنك قلت: لعمرك الله، أَي: بإقرارك لَهُ بِالْبَقَاءِ، وَأما حكمه فَهُوَ يَمِين عِنْد الْكُوفِيّين وَمَالك،.

     وَقَالَ  الشَّافِعِي: هُوَ كِنَايَة، يَعْنِي: لَا يكون يَمِينا إلاَّ بِالنِّيَّةِ، وَبِه قَالَ إِسْحَاق، وَإِذا قَالَ: لعمري، فَقَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَة إِذا حنث فِيهَا، وَسَائِر الْفُقَهَاء لَا يرَوْنَ فِيهَا كَفَّارَة لِأَنَّهَا لَيست بِيَمِين عِنْده.

قَالَ ابنُ عَبَّاس: لَعَمُرُكَ لَعَيْشُكَ
أَشَارَ بِهِ إِلَى أَن ابْن عَبَّاس فسر: لعمرك، بقرابه: لعيشك.
وَوَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق أبي الجوزاء عَنهُ فِي قَوْله تَعَالَى: { لعمرك} أَي: حياتك، فالحياة والعيش وَاحِد.



[ قــ :6313 ... غــ :6662 ]
- حدّثنا الأُوَيْسِيُّ حدّثنا إبْراهِيمُ عنْ صالِحٍ عنْ ابنِ شِهابٍ.

( ح) وحدّثنا حَجاجٌ حَدثنَا عَبْدُ الله بنُ عُمَرَ النُّمَيْرِيُّ حدّثنا يُونُسُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بنَ الزُّبَيْرِ وسَعِيدَ بنَ المسَيَّبِ وعَلْقَةَ بنَ وَقَّاصٍ وعُبَيْدَ الله بنَ عَبْدِ الله عنْ حَدِيثِ عائِشَةَ، زَوْجِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِينَ قَالَ لَهَا أهْلُ الإفْكِ مَا قالُوا، فَبَرَأها الله، وكُلٌّ حدّثني طائِفَةً مِنَ الحَدِيثِ وفِيهِ: فقامَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ الله بنِ أُبَيٍّ فَقَامَ أُسَيْدُ بنُ حُضَيْرٍ فَقَالَ لِسَعْدِ بنِ عُبادَةَ: لَعَمْرُ الله لَنَقْتُلَنَّهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( لعمر الله لنقتلنه) والأويسي، نِسْبَة إِلَى أويس مصغر أَوْس بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وبالسين الْمُهْملَة، وَأَوْس هُوَ ابْن سعد بن أبي سرح ينْسب إِلَيْهِ جمَاعَة مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم عبد الْعَزِيز بن عبد الله بن يحيى بن عَمْرو بن أَوْس شيخ البُخَارِيّ، وَهُوَ مدنِي صَدُوق، قَالَه ابْن أبي حَاتِم، وَإِبْرَاهِيم هُوَ ابْن سعد بن إِبْرَاهِيم بن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف وَصَالح هُوَ ابْن كيسَان يروي عَن مُحَمَّد بن مُسلم بن شهَاب الزُّهْرِيّ، هَؤُلَاءِ هم رجال الطَّرِيق الأول.

وَرِجَال الطَّرِيق الثَّانِي: حجاج على وزن فعال بِالتَّشْدِيدِ ابْن منهال بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون النُّون الْأنمَاطِي الْبَصْرِيّ، يروي عَن عبد الله بن عمر النميري بِضَم النُّون وَفتح الْمِيم عَن يُونُس بن يزِيد الْأَيْلِي عَن الزُّهْرِيّ، وَقد مضى الحَدِيث مطولا، فِي مَوَاضِع فِي قَضِيَّة الْإِفْك وَفِي الشَّهَادَات عَن أبي الرّبيع، وَفِي الْمَغَازِي وَفِي التَّفْسِير وَفِي الْأَيْمَان عَن عبد الْعَزِيز بن عبد الله، وَسَيَجِيءُ أَيْضا فِي التَّوْحِيد وَفِي الِاعْتِصَام، وَمضى الْكَلَام فِيهِ مُسْتَوفى.

قَوْله: ( فاستعذر) أَي: طلب من يعذرهُ من عبد الله بن أبي ابْن سلول أَي: من ينصفه مِنْهُ.
قَوْله: ( فَقَامَ أسيد بن حضير) كِلَاهُمَا بِالتَّصْغِيرِ.
قَوْله: ( لنقتلنه) بِصِيغَة جمع الْمُتَكَلّم، وَاللَّام فِيهِ للتَّأْكِيد، وَكَذَلِكَ النُّون الْمُشَدّدَة.