فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب إذا أعتق في الكفارة، لمن يكون ولاؤه

( بابٌُ إِذا أعْتَقَ فِي الكَفَّارَةِ لِمَنْ يَكُونُ وَلاؤُهُ؟)

أَي: هَذَا بابُُ فِيهِ إِذا أعتق شخص فِي الْكَفَّارَة لمن يكون وَلَاؤُه؟ أَي: وَلَاء الْعتْق، وَجَوَاب إِذا مَحْذُوف تَقْدِيره: يَصح عِنْد الْبَعْض فِي صُورَة وَلَا يَصح فِي صُورَة.
صورته مَا ذَكرْنَاهُ الْآن، وَهِي عبد مُشْتَرك بَين اثْنَيْنِ فَأعتق أَحدهمَا عَن الْكَفَّارَة فَإِن كَانَ مُوسِرًا يَصح وَيضمن لشَرِيكه حِصَّته وَوَلَاؤُهُ لَهُ، وَإِن كَانَ مُعسرا فَلَا يَصح، وَهنا صُورَة أُخْرَى وَهِي أَن تَقول لرجل: أعتق عَبدك عني لأجل كَفَّارَة عَليّ، فَأعتق عَنهُ أَجزَأَهُ، وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو ثَوْر: وَإِن أعْتقهُ عَنهُ بأَمْره على غير شَيْء فَفِي قَول الشَّافِعِي: يجزىء وَيكون وَلَاؤُه للْمُعْتق عَنهُ،.

     وَقَالَ  أَبُو ثَوْر: يجزىء ذَلِك وَوَلَاؤُهُ للَّذي أعْتقهُ، وَعند أبي حنيفَة: الْوَلَاء للْمُعْتق وَلَا يجزىء ذَلِك.



[ قــ :6367 ... غــ :6717 ]
- حدّثنا سُلَيْمانُ بنُ حَرْبٍ حدّثنا شُعْبَةُ عنِ الحَكَمِ عنْ إبْراهِيمَ عنِ الأسْوَدِ عنْ عائِشَةَ أنَّها أرادَتْ أنْ تَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ فاشْتَرَطُوا عَليْها الوَلاءَ، فَذَكَرَتْ ذالِكَ للنبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: ( اشْتَرِيها، إِنَّمَا الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ) .


مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من قَوْله: ( إِنِّي وَالله إِن شَاءَ الله) قيل: إِن قَوْله: إِن شَاءَ الله، لم يَقع فِي أَكثر الطّرق لحَدِيث أبي مُوسَى، وَلَيْسَ كَذَلِك بل هُوَ ثَابت فِي الْأُصُول، وَأَرَادَ البُخَارِيّ بإيراده بَيَان صفة الِاسْتِثْنَاء بِالْمَشِيئَةِ.
وَعَن أبي مُوسَى الْمَدِينِيّ إِنَّمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك للتبرك لَا للاستثناء، وَهُوَ خلاف الظَّاهِر.

وَحَمَّاد فِي السَّنَد هُوَ ابْن زيد لِأَن قُتَيْبَة لم يدْرك حَمَّاد بن سَلمَة، وغيلان بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف ابْن جرير بِفَتْح الْجِيم، وَأَبُو بردة بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء اسْمه عَامر، وَقيل: الْحَارِث، يروي عَن أَبِيه أبي مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

والْحَدِيث مضى فِي النّذر عَن أبي النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: ( استحمله) أَي: أطلق مِنْهُ مَا يحملنا وأثقالنا.
قَوْله: ( فَأتي بِإِبِل) كَذَا فِي رِوَايَة الْأَكْثَرين، وَوَقع فِي رِوَايَة الأصليي وَأبي ذَر عَن السَّرخسِيّ وَالْمُسْتَمْلِي: بشائل، بالشين الْمُعْجَمَة والهمزة بعد الْألف، أَي: قطيع من الْإِبِل،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: جَاءَ بِلَفْظ الْوَاحِد وَالْمرَاد بِهِ الْجمع كالسامر، يُقَال: نَاقَة شائل إِذا قل لَبنهَا.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَفِي بعض الرِّوَايَات: شوائل،.

     وَقَالَ  ابْن بطال: فِي رِوَايَة أبي ذَر: بشائل، مَكَان قَوْله: بِإِبِل، وَأَظنهُ بشوائل إِن صحت الرِّوَايَة، وبخط الدمياطي: الشائل بِلَا هَاء النَّاقة الَّتِي تشول بذنبها للقاح وَلَا لبن لَهَا أصلا وَالْجمع شول، مثل رَاكِع وَركع، والشائلة بِالتَّاءِ، هِيَ الَّتِي جف لَبنهَا وارتفع ضرْعهَا وأتى عَلَيْهَا من نتاجها سَبْعَة أشهر أَو ثَمَانِيَة.
قَوْله: ( بِثَلَاثَة ذود) وَفِي رِوَايَة أبي ذَر بِثَلَاث ذود، وَهُوَ الصَّوَاب لِأَن الذود مؤنث، والذود بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وبالدال الْمُهْملَة من الثَّلَاث إِلَى الْعشْرَة، وَقيل: إِلَى السَّبع، وَقيل: من الِاثْنَيْنِ إِلَى التسع من النوق وَلَا وَاحِد لَهُ من لَفظه، وَالْكثير أذواد، وَالْأَكْثَر على أَنه خَاص بالإناث، وَقد يُطلق على الذُّكُور.
فَإِن قلت: مضى فِي الْمَغَازِي بِلَفْظ: خمس ذود.

قلت: الْجمع بَينهمَا بِأَنَّهُ يحمل على أَنه أَمر لَهُم أَولا بِثَلَاثَة ثمَّ زادهم اثْنَيْنِ.
قَوْله: ( فحملنا) بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام.
قَوْله: ( إِنِّي وَالله إِن شَاءَ الله) هَذَا مَوضِع الِاسْتِثْنَاء فِيهِ.
قَوْله: ( إلاَّ كفرت عَن يَمِيني وأتيت الَّذِي هُوَ خير وكفرت) كَذَا وَقع لفظ: كفرت، مكرراً فِي رِوَايَة السَّرخسِيّ، وَبَقِيَّة الْكَلَام مَضَت فِي النّذر.





[ قــ :6367 ... غــ :6719 ]
- حدّثنا أبُو النُعْمان حدّثنا حَمَّادٌ.

     وَقَالَ : ( إلاّ كَفَّرْتُ عنْ يَمِيني وأتَيْتُ الّذِي هُوَ خَيْرٌ، أوْ أتيْتُ الّذِي هُوَ خَيْرٌ وكَفَّرْتُ) .

أَبُو النُّعْمَان هُوَ مُحَمَّد بن الْفضل، وَحَمَّاد هُوَ ابْن زيد، وَأَرَادَ بِذكر طَرِيق أبي النُّعْمَان هَذَا بَيَان التَّخْيِير بَين تَقْدِيم الْكَفَّارَة على الْحِنْث وتأخيرها عَنهُ.
وَفِيه الْخلاف، وَقد ذَكرْنَاهُ.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: أَو هُوَ شكّ من الرَّاوِي.

قلت: كَذَا أخرجه أَبُو دَاوُد عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن حَمَّاد بن زيد بالترديد أَيْضا.