فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب ميراث السائبة

( بابُُ مِيراثِ السَّائِبَةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان مِيرَاث السائبة بِالسِّين الْمُهْملَة على وزن فاعلة أَي: الْمُهْملَة كَالْعَبْدِ يعْتق على أَن لَا وَلَاء لأحد عَلَيْهِ وَقد قيل فِي قَوْله تَعَالَى: { مَا جعل الله من بحيرة وَلَا سائبة} ( الْمَائِدَة: 301) هُوَ أَن يَقُول لعَبْدِهِ: أَنْت سائبة لم يكن عَلَيْهِ وَلَاء وَأول من سيب السوائب عَمْرو بن لحي.
وَاخْتلف الْعلمَاء فِي مِيرَاث السائبة، فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر: وَلَاؤُه لمعتقه، وَاحْتَجُّوا بِحَدِيث الْبابُُ،.

     وَقَالَ ت طَائِفَة: مِيرَاثه للْمُسلمين، وَرُوِيَ ذَلِك عَن عمر بن الْخطاب، وَرُوِيَ أَيْضا عَن عمر بن عبد الْعَزِيز وَرَبِيعَة وَأبي الزِّنَاد، وَهُوَ قَول مَالك وَهُوَ مَشْهُور مذْهبه.
.

     وَقَالَ  الزُّهْرِيّ: بوالي الْمُعْتق سائبته من شَاءَ فَإِن مَاتَ وَلم يوالِ أحدا فولاؤه للْمُسلمين.



[ قــ :6401 ... غــ :6753 ]
- حدّثنا قَبِيصَةُ بنُ عُقْبةَ حدّثنا سُفْيانُ عنْ أبي قَيْسٍ عنْ هُزَيْلٍ عنْ عَبْدِ الله قَالَ: إنَّ أهْل الإسْلامِ لَا يُسَيِّبُونَ وإنَّ أهْلَ الجاهِلِيَّةِ كَانُوا يُسَيِّبُون.


وَهَذَا الحَدِيث مُخْتَصر ومطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ مَا جَاءَ فِيهِ وَهُوَ أَنه جَاءَ رجل إِلَى عبد الله فَقَالَ: إِنِّي أعتقت عبدا سائبة فَمَاتَ وَترك مَالا وَلم يدع وَارِثا، فَقَالَ عبد الله: إِن أهل الْإِسْلَام لَا يسيبون، وَإِنَّمَا كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يسيبون وَأَنت ولي نعْمَته فلك مِيرَاثه.

وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ.
وسُفْيَان فِي السَّنَد هُوَ الثَّوْريّ، وَأَبُو قيس هُوَ عبد الرَّحْمَن بن مَرْوَان، وهزيل مصغر هزل بالزاي ابْن شُرَحْبِيل يروي عَن عبد الله بن مَسْعُود.





[ قــ :640 ... غــ :6754 ]
- حدّثنا مُوسى احدّثنا أبُو عَوَانَةَ عنْ مَنْصُورٍ عنْ إبراهِيمَ عنِ الأسْوَدِ أنَّ عائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا، اشْتَرَتْ بَرِيرَةَ لِتُعْتِقَها واشْتَرَطَ أهْلُها وَلاءَها، فقالَتْ: يَا رسولَ الله! إنِّي اشْتَرَيْتُ بَرِيرَةَ لأعْتِقَها وإنَّ أهْلها يَشْتَرِطُونَ وَلاءَها، فَقَالَ: ( أعْتَقِيها، فإنَّما الوَلاءُ لِمَنْ أعْتَقَ) .
أوْ قَالَ: ( أعْطى الثَّمَنَ) قَالَ: فاشْتَرَتْها فأعْتَقَتْها، قَالَ: وخُيِّرَتْ فاخْتارَتْ نَفْسَها، وقالَتْ: لَوْ أُعْطِيتُ كَذَا وكَذا مَا كُنْتُ مَعَهُ.

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِن الْوَلَاء لما كَانَ للْمُعْتق اسْتَوَى السائبة وَغَيرهَا.

ومُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي، وَأَبُو عوَانَة بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَتَخْفِيف الْوَاو وَبعد الْألف نون واسْمه الوضاح الْيَشْكُرِي، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَإِبْرَاهِيم هُوَ النَّخعِيّ، وَالْأسود هُوَ ابْن يزِيد.

والْحَدِيث قد مضى أَكثر من عشْرين مرّة.

قَوْله: ( وَاشْترط أَهلهَا) يَعْنِي: يبيعونها بِشَرْط أَن يكون الْوَلَاء لَهُم.
قَوْله: ( أَو قَالَ: أعْطى الثّمن) شكّ من الرَّاوِي.
قَوْله: ( وخيرت) على صِيغَة الْمَجْهُول أَي: لما عتقت خيرت بَين فسخ نِكَاحهَا وَاخْتِيَار نَفسهَا وإمضاء النِّكَاح وَاخْتِيَار الزَّوْج، وَقد مر أَن اسْمه: مغيث.
قَوْله: ( وَقَالَت: لَو أَعْطَيْت) أَي قَالَت بَرِيرَة: لَو أَعْطَانِي زَوجي كَذَا وَكَذَا من المَال مَا كنت مَعَه.
أَي: مَا كنت أَصْحَبهُ وَلَا أَقمت عِنْده، وَكَذَا فِي رِوَايَة النَّسَائِيّ حَيْثُ قَالَ: فَخَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، من زَوجهَا، قَالَت: لَو أَعْطَانِي كَذَا وَكَذَا مَا أَقمت عِنْده، فَاخْتَارَتْ نَفسهَا وَكَانَ زَوجهَا حرا.

قَالَ الأسْوَدُ: وَكَانَ زَوْجُها حُرًّا.
قَوْلُ الأسْوَدِ مُنْقَطَعٌ
أَي: قَول الْأسود بن يزِيد الرَّاوِي عَن عَائِشَة: كَانَ زوج بَرِيرَة حرا، ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ: قَول الْأسود مُنْقَطع، فَقيل: الْمُنْقَطع هُوَ أَن يسْقط من الْإِسْنَاد رجل أَو يذكر فِيهِ رجل مُبْهَم،.

     وَقَالَ  الْخَطِيب: الْمُنْقَطع مَا روى عَن التَّابِعِيّ فَمن دونه مَوْقُوفا عَلَيْهِ من قَوْله أَو فعله، وَقيل: الْمُنْقَطع مثل الْمُرْسل وَهُوَ كل مَا لَا يتَّصل إِسْنَاده، غير أَن الْمُرْسل أَكثر مَا يُطلق على مَا رَوَاهُ التَّابِعِيّ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمَشْهُور أَن الْمُرْسل قَول غير الصَّحَابِيّ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.

وقَوْلُ ابنِ عَبَّاسٍ: رَأيْتهُ عَبْداً، أصَحُّ
أَي: قَول ابْن عَبَّاس: رَأَيْت زوج بَرِيرَة عبدا أصح من قَول الْأسود، لِأَنَّهُ رَآهُ وَشَاهده، وَقد مر الْكَلَام فِيهِ.