فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «سترون بعدي أمورا تنكرونها»

( بابُُ قَوْلِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( سَتَرَوْنَ بَعْدِي أمُوراً تُنْكِرُونَها) ) 2.

أَي: هَذَا بابُُ فِي ذكر قَول النَّبِي إِلَى آخِره، وَهَذِه التَّرْجَمَة بعض متن الحَدِيث الَّذِي يَأْتِي فِي أَحَادِيث الْبابُُ.

وَقَالَ عَبْدُ الله بنُ زَيْدٍ: قَالَ النبيُّ اصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْنِي عَلى الحَوْضِ
عبد الله بن زيد بن عَاصِم الْأنْصَارِيّ العاصمي.
وَحَدِيثه هَذَا طرف من حَدِيث وَصله البُخَارِيّ فِي غَزْوَة حنين من كتاب الْمَغَازِي.



[ قــ :6680 ... غــ :7052 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ، حدّثنا يَحْياى بنُ سَعيدٍ القَطَّانُ، حدّثنا الأعْمَشُ، حَدثنَا زَيْدُ بنُ وهْبٍ سَمِعْتُ عَبْدَ الله قَالَ: قَالَ لَنا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً وأُمُوراً تُنْكِرُونَها قالُوا: فَما تأمُرُنا يَا رسولَ الله؟ قَالَ: أدُّوا إلَيْهِمْ حَقَّهُمْ وسَلُوا حَقَّكُمْ
انْظُر الحَدِيث 3603
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَيحيى بن سعيد الْقطَّان، وَالْأَعْمَش سُلَيْمَان، وَزيد بن وهب أَبُو سُلَيْمَان الْهَمدَانِي الْجُهَنِيّ الْكُوفِي من قضاعة خرج إِلَى النَّبِي فَقبض النَّبِي وَهُوَ فِي الطَّرِيق، وَعبد الله هُوَ ابْن مَسْعُود.

والْحَدِيث مضى فِي عَلَامَات النُّبُوَّة عَن مُحَمَّد بن كثير، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: أَثَرَة بِفَتْح الْهمزَة والثاء الْمُثَلَّثَة: الاستئثار فِي الحظوظ الدُّنْيَوِيَّة وَالِاخْتِيَار لنَفسِهِ والاختصاص بهَا.
قَوْله: وأموراً تنكرونها يَعْنِي: من أُمُور الدّين وَسَقَطت الْوَاو فِي: وأموراً فِي بضع الرِّوَايَات فعلى هَذَا يكون أموراً تنكرونها بَدَلا من: أَثَرَة.
قَوْله: أَدّوا إِلَيْهِم حَقهم أَي: أَدّوا الْأُمَرَاء حَقهم أَي: الَّذِي لَهُم الْمُطَالبَة بِهِ، وَوَقع فِي رِوَايَة الثَّوْريّ: تؤدون الْحُقُوق الَّتِي عَلَيْكُم، أَي: بذل المَال الْوَاجِب فِي الزَّكَاة، وَالنَّفس الْوَاجِب فِي الْخُرُوج إِلَى الْجِهَاد عِنْد التَّعْيِين وَنَحْوه.
قَوْله: وسلوا الله حقكم قَالَ الدَّاودِيّ: سلوا الله أَن يَأْخُذ لكم حقكم ويقيض لكم من يُؤَدِّيه إِلَيْكُم.
.

     وَقَالَ  زيد: يسالون الله سرّاً لأَنهم إِذْ سالوه جَهرا كَانَ سبّاً للولاة وَيُؤَدِّي إِلَى الْفِتْنَة.





[ قــ :6681 ... غــ :7053 ]
- حدّثنا مُسَدَّدٌ عنْ عبْدِ الوَارِثِ، عنِ الجَعْدِ، عنْ أبي رجاءٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ كَرِهَ مِنْ أمِيرهِ شَيْئاً فَلْيَصْبِرْ فإنَّه مَنْ خَرَجَ مِنَ السُّلْطانِ شِبْراً ماتَ ميتَةً جاهِليَّةً
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث.

وَعبد الْوَارِث هُوَ ابْن سعيد والجعد بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة هُوَ أَبُو عُثْمَان الصَّيْرَفِي، وَأَبُو رَجَاء بِالْجِيم عمرَان العطاردي.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ فِي الْأَحْكَام أَيْضا عَن سُلَيْمَان بن حَرْب.
وَأخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن حسن بن الرّبيع وَغَيره.

قَوْله: من خرج من السُّلْطَان أَي: من طَاعَته.
قَوْله: فليصبر يَعْنِي فليصبر على ذَلِك الْمَكْرُوه، وَلَا يخرج عَن طَاعَته لِأَن فِي ذَلِك حقن الدِّمَاء وتسكين الْفِتْنَة إلاّ أَن يكفر الإِمَام وَيظْهر خلاف دَعْوَة الْإِسْلَام فَلَا طَاعَة لمخلوق عَلَيْهِ.
وَفِيه: دَلِيل على أَن السُّلْطَان لَا يَنْعَزِل بِالْفِسْقِ وَالظُّلم وَلَا تجوز منازعته فِي السلطنة بذلك.
قَوْله: شبْرًا أَي: قدر شبر وَهُوَ كِنَايَة عَن خُرُوجه، وَلَو كَانَ بِأَدْنَى شَيْء.
قَالَ بَعضهم: شبْرًا كِنَايَة عَن مَعْصِيّة السُّلْطَان ومحاربته،.

     وَقَالَ  صَاحب التَّوْضِيح شبْرًا يَعْنِي فِي الْفِتْنَة الَّتِي يكون فِيهَا بعض الْمَكْرُوه.
قلت: فِي كل من التفسيرين بعد وَالْأَوْجه مَا ذَكرْنَاهُ.
قَوْله: مَاتَ ميتَة بِكَسْر الْمِيم كالجلسة لِأَن بابُُ فعلة بِالْكَسْرِ للحالة وبالفتح للمرة.
قَوْله: جَاهِلِيَّة أَي: كموت أهل الْجَاهِلِيَّة حَيْثُ لم يعرفوا إِمَامًا مُطَاعًا، وَلَيْسَ المُرَاد أَنه يَمُوت كَافِرًا بل أَنه يَمُوت عَاصِيا.





[ قــ :668 ... غــ :7054 ]
- حدّثنا أبُو النُّعْمانِ، حدّثنا حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عنِ الجَعْدِ أبي عُثْمانَ، حدّثني أبُو رجاءٍ العُطارِدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابنَ عبَّاسٍ، رَضِي الله عَنْهُمَا عنِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: مَنْ رأى مِنْ أمِيرِهِ شَيْئاً يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَليْه، فإنَّهُ مَنْ فارَقَ الجَماعَةَ شِبْراً فَماتَ إلاّ ماتَ مِيتَةً جاهِليَّةً
انْظُر الحَدِيث 7053 وطرفه
هَذَا طَرِيق آخر فِي حَدِيث ابْن عَبَّاس الْمَذْكُور أخرجه عَن أبي النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل بن النُّعْمَان السدُوسِي الْبَصْرِيّ إِلَى آخِره.

قَوْله: فَإِنَّهُ فَإِن الشان من فَارق الْجَمَاعَة إِلَى آخِره، قيل: المُرَاد بالمفارقة السَّعْي فِي حل عقد الْبيعَة الَّتِي حصلت لذَلِك الْأَمِير وَلَو بِأَدْنَى شَيْء، فكنى عَنْهَا بِمِقْدَار الشبر، لِأَن الْأَخْذ فِي ذَلِك يؤول إِلَى سفك الدِّمَاء بِغَيْر حق.
قَوْله: فَمَاتَ إلاَّ مَاتَ ميتَة جَاهِلِيَّة.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي مَا ملخصه: إِن إلَّا زَائِدَة قَالَ الْأَصْمَعِي: إلاَّ تقع زَائِدَة أَو تكون حرف عطف وَمَا بعْدهَا يكون مَعْطُوفًا على مَا قبلهَا.





[ قــ :6683 ... غــ :7055 ]
- حدّثنا إسْماعِيل، حدّثني ابنُ وهْبٍ عنْ عَمْرٍ و، عنْ بُكَيْرٍ، عنْ بُسْرِ بنِ سَعِيدٍ عنْ جُنادَةَ بنِ أبي أمَيَّةَ قَالَ: دَخَلْنا عَلى عُبادَةَ بنِ الصَّامِتِ وهْوَ مرِيضٌ، فَقُلْنا: أصْلَحَكَ الله حَدِّثْ بِحَدِيثِ يَنْفَعُكَ الله بِهِ سَمِعْتَهُ مِنَ النبيِّ قَالَ: دَعَانَا النبيُّ فَبَايَعَنا.
فَقَالَ: فِيما أخَذَ عَلَيْنا أنْ بايَعَنا عَلى السَّمْعِ والطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنا ومكْرَهِنا، وعُسْرِنا ويُسْرِنا، وأثَرَةٍ عَلَيْنا، وأنْ لَا نُنازِعَ الأمْرَ أهْلَهُ إلاَّ أنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ الله فِيهِ بُرْهانٌ.

مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من معنى الحَدِيث.
وَإِسْمَاعِيل هُوَ ابْن أبي أويس، وَابْن وهب هُوَ عبد الله بن وهب الْمصْرِيّ، وَعَمْرو هُوَ ابْن الْحَارِث، وَبُكَيْر مصغر بكر هُوَ ابْن عبد الله بن الْأَشَج، وَبسر بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون السِّين الْمُهْملَة ابْن سعيد مولى الْحَضْرَمِيّ من أهل الْمَدِينَة، وجنادة بِضَم الْجِيم وَتَخْفِيف النُّون ابْن أبي أُميَّة الدوسي، وَقيل: السدُوسِي، وَهُوَ الصَّوَاب وَاسم أبي أُميَّة كثير، مَاتَ جُنَادَة سنة سبع وَسِتِّينَ.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْمَغَازِي عَن أَحْمد بن عبد الرحمان.

قَوْله: وَهُوَ مَرِيض الْوَاو فِيهِ للْحَال.
قَوْله: فَقُلْنَا: أصلحك الله يحْتَمل أَنه أَرَادَ الدُّعَاء بالصلاح فِي جِسْمه ليعافى من مَرضه أَو أَعم من ذَلِك، وَهِي كلمة اعتادوها عِنْد افْتِتَاح الطّلب.
قَوْله: فَبَايعْنَا بِفَتْح الْعين أَي: فَبَايعْنَا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسلم، وَلَفظ: بَايع، مَاض وفاعله الضَّمِير الَّذِي فِيهِ: ونا، مَفْعُوله ويروى: فَبَايعْنَا، بِإِسْكَان الْعين أَي: فَبَايعْنَا نَحن رَسُول الله
قَوْله: فَقَالَ: فِيمَا أَخذ علينا أَي: فِيمَا اشْترط علينا.
قَوْله: أَن بَايعنَا بِفَتْح الْعين وَكلمَة: أَن، بِفَتْح الْهمزَة مفسرة.
قَوْله: على السّمع وَالطَّاعَة أَي: لله وَلِرَسُولِهِ قَوْله: فِي منشطنا بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون النُّون وَفتح الشين الْمُعْجَمَة أَي: فِي حَالَة نشاطنا،.

     وَقَالَ  ابْن الْأَثِير: المنشط، مفعل من النشاط وَهُوَ الْأَمر الَّذِي ينشط لَهُ ويخف إِلَيْهِ ويؤثر فعله، وَهُوَ مصدر بِمَعْنى النشاط.
قَوْله: ومكرهنا أَي: ومكروهنا.
.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: أَي فِي الْأَشْيَاء الَّتِي تكرهونها.
قلت: الْمُكْره أَيْضا مصدر وَهُوَ مَا يكره الْإِنْسَان ويشق عَلَيْهِ.
قَوْله: وعسرنا ويسرنا أَي: فِي حَالَة الْعسر وَحَالَة الْيُسْر.
قَوْله: وأثرة علينا بِفَتْح الْهمزَة والثاء الْمُثَلَّثَة أَي: على استئثار الْأُمَرَاء بحظوظهم واختصاصهم إِيَّاهَا بِأَنْفسِهِم.
وَحَاصِل الْكَلَام: أَن طواعيتهم لمن يتَوَلَّى عَلَيْهِم لَا يتَوَقَّف على إيصالهم حُقُوقهم، بل عَلَيْهِم الطَّاعَة وَلَو مَنعهم حَقهم.
قَوْله: وَأَن لَا ننازع الْأَمر أَهله عطف على قَوْله: أَن بَايعنَا وَالْمرَاد بِالْأَمر الْملك والإمارة، وَزَاد أَحْمد من طَرِيق عُمَيْر بن هانىء عَن جُنَادَة: وَإِن رَأَيْت أَن لَك فِي الْأَمر حَقًا فَلَا تعْمل بذلك الرَّأْي، بل اسْمَع وأطع إِلَى أَن يصل إِلَيْك بِغَيْر خُرُوج عَن الطَّاعَة.
قَوْله: إِلَّا أَن تروا كفرا أَي: بَايعنَا قَائِلا: إلاَّ أَن تروا مِنْهُم مُنْكرا محققاً تعلمونه من قَوَاعِد الْإِسْلَام، إِذْ عِنْد ذَلِك تجوز الْمُنَازعَة بالإنكار عَلَيْهِم.
.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: المُرَاد بالْكفْر هُنَا الْمعاصِي،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: الظَّاهِر أَن الْكفْر على ظَاهره، وَالْمرَاد من النزاع الْقِتَال.
قَوْله: بواحاً بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف الْوَاو وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة أَي: ظَاهرا بادياً من قَوْلهم: باح بالشَّيْء يبوح بِهِ بوحاً وبواحاً إِذا أذاعه وأظهره، وَأنكر ثَابت فِي الدَّلَائِل بواحاً.

     وَقَالَ : إِنَّمَا يجوز بوحاً، بِسُكُون الْوَاو، وبؤاحاً، بِضَم الْبَاء والهمزة الممدودة،.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: هُوَ فِي مُعظم النّسخ من مُسلم بِالْوَاو وَفِي بَعْضهَا بالراء،.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ: من رَوَاهُ بالراء فَهُوَ قريب من هَذَا الْمَعْنى، وأصل البراح الأَرْض القفراء الَّتِي لَا أنيس فِيهَا وَلَا بِنَاء.
وَقيل: البراح الْبَيَان، يُقَال: برح الخفاء إِذا ظهر، وَوَقع فِي رِوَايَة حبَان أبي النَّضر: إلاَّ أَن يكون مَعْصِيّة لله بوحاً، وَوَقع عِنْد الطَّبَرَانِيّ من رِوَايَة أَحْمد بن صَالح عَن ابْن وهب فِي هَذَا الحَدِيث: كفرا صراحاً، بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ بالراء.
قَوْله: برهَان أَي: نَص آيَة أَو خبر صَحِيح لَا يحْتَمل التَّأْوِيل،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ: الَّذِي عَلَيْهِ الْعلمَاء فِي أُمَرَاء الْجور أَنه إِن قدر على خلعه بِغَيْر فتْنَة وَلَا ظلم وَجب، وإلاَّ فَالْوَاجِب الصَّبْر، وَعَن بَعضهم: لَا يجوز عقد الْولَايَة لفَاسِق ابْتِدَاء، فَإِن أحدث جوراً بعد أَن كَانَ عدلا اخْتلفُوا فِي جَوَاز الْخُرُوج عَلَيْهِ، وَالصَّحِيح الْمَنْع إلاَّ أَن يكفر فَيجب الْخُرُوج عَلَيْهِ.





[ قــ :6684 ... غــ :7057 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَرْعَرَةَ، حَدثنَا شُعْبَةُ، عنْ قَتادَةَ، عنْ أنسِ بنِ مالِكٍ، عنْ أسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ أنَّ رَجُلاً أتَى النبيَّ فَقَالَ: يَا رَسُول الله اسْتَعْمَلْتَ فُلاَناً ولَمْ تَسْتَعْمِلْنِي؟ قَالَ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أثَرَةً فاصْبِرُوا حتَّى تَلْقَوْني.

انْظُر الحَدِيث 379
مطابقته للتَّرْجَمَة تُؤْخَذ من مَعْنَاهُ.

وَمُحَمّد بن عرْعرة الْقرشِي الْبَصْرِيّ، وَأسيد مصغر أَسد وحضير بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الضَّاد الْمُعْجَمَة ابْن سماك بن عتِيك أبي عبيد الْأنْصَارِيّ الأشْهَلِي.

والْحَدِيث مضى فِي فَضَائِل الْأَنْصَار عَن بنْدَار، وَمضى الْكَلَام فِيهِ.

قَوْله: اسْتعْملت فلَانا أَي: قلدته عملا.
قَوْله: إِنَّكُم سَتَرَوْنَ إِلَى آخِره.
قَالَ الدَّاودِيّ: هُوَ كَلَام يَنْفِي بعضه وَهُوَ كَلَام لَيْسَ من الأول إلاَّ أَنه أخبر عَن هَذَا الرجل مِمَّن يرى الأثرة وأوصاهم بِالصبرِ،.

     وَقَالَ  صَاحب التَّوْضِيح إِنَّه كَلَام وَإنَّهُ جَوَاب لما ذكر.
انْتهى.
قلت: هَذَا لَيْسَ بِشَيْء، وَكَيف هُوَ جَوَاب يُطَابق كَلَام الرجل بل الَّذِي يُقَال: إِن غَرَضه أَن اسْتِعْمَال فلَان لَيْسَ لمصلحته خَاصَّة، بل لَك وَلِجَمِيعِ الْمُسلمين، نعم نصير بعدِي الاستعمالات خَاصَّة فَيصدق أَنه لفُلَان وَلَيْسَ لي فظهرت الْمُطَابقَة، هَذَا كَلَام الْكرْمَانِي، وتحرير الْكَلَام أَن جَوَابه، للرجل عَن طلب الْولَايَة بقوله: قَوْله: سَتَرَوْنَ بعدِي أَثَرَة إِرَادَة نفي ظَنّه أَنه أثر الَّذِي ولاه عَلَيْهِ، فَبين لَهُ أَن ذَلِك لَا يَقع فِي زَمَانه، وَأَنه لم يخص الرجل بذلك لذاته بل لعُمُوم مصلحَة الْمُسلمين، وَأَن الاستئثار للحظ الدنيوي إِنَّمَا يَقع بعده وَأمرهمْ عِنْد وُقُوع ذَلِك بِالصبرِ.