فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب من استرعي رعية فلم ينصح

( بابُُ مَنِ اسْتُرْعِي رَعِيَّةً فَلَمْ يَنْصَحْ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من استرعى على صِيغَة الْمَجْهُول يَعْنِي جعل رَاعيا على رعية، قَالَ الْكرْمَانِي: استحفظ وَلم ينصح الرّعية إِمَّا بتضييعه تعريفهم مَا يلْزمهُم من دينهم، وَإِمَّا بإهمال حدودهم وحقوقهم أَو ترك حماية حوزتهم أَو ترك الْعدْل فيهم، وَجَوَاب من مَحْذُوف اكْتفى عَن ذكره بِمَا فِي حَدِيث الْبابُُ.



[ قــ :6768 ... غــ :7150 ]
- حدّثنا أبُو نُعَيْمٍ، حدّثنا أبُو الأشْهَبِ، عنِ الحَسَنِ أنَّ عُبَيْدَ الله بنَ زِيادٍ عادَ مَعْقِلَ ابنَ يَسارٍ فِي مَرَضِهِ الّذِي ماتَ فِيهِ، فَقَالَ لهُ مَعْقِلٌ: إنِّي مُحَدِّثُكَ حَدِيثاً سَمِعْتُهُ مِنْ رسولِ الله سَمِعْتُ النبيَّ يَقُولُ مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ الله رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْها بِنَصِحيَةٍ إلاّ لَمْ يَجِدْ رائِحَةَ الجَنَّةِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
وَأَبُو نعيم الْفضل بن دُكَيْن، وَأَبُو الْأَشْهب جَعْفَر بن حَيَّان بِالْحَاء الْمُهْملَة وَالْيَاء آخر الْحُرُوف الْمُشَدّدَة العطاردي، وَالْحسن هُوَ الْبَصْرِيّ، وَعبيد الله بن زِيَاد بن أبي سُفْيَان الَّذِي كَانَ أَمِير الْبَصْرَة فِي زمن مُعَاوِيَة وَولده يزِيد، وَمَعْقِل بِفَتْح الْمِيم وَإِسْكَان الْعين وَكسر الْقَاف ابْن يسَار ضد الْيَمين الْمُزنِيّ بالزاي وَالنُّون سكن الْبَصْرَة، وابتنى بهَا دَارا وَإِلَيْهِ ينْسب نهر معقل الَّذِي بِالْبَصْرَةِ، شهد بيعَة الْحُدَيْبِيَة وَتُوفِّي بِالْبَصْرَةِ فِي آخر خلَافَة مُعَاوِيَة، وَقيل: إِنَّه توفّي أَيَّام يزِيد بن مُعَاوِيَة.

والْحَدِيث أخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا وَعَن يحيى بن يحيى.

قَوْله: استرعاه أَي: استحفظه.
قَوْله: فَلم يحطهَا بِفَتْح الْيَاء وَضم الْحَاء وَسُكُون الطَّاء الْمُهْمَلَتَيْنِ من الحياطة وَهِي الْحِفْظ والتعهد أَي: لم يحفظها وَلم يتعهد أمرهَا.
قَوْله: بنصيحة كَذَا فِي رِوَايَة الْمُسْتَمْلِي وَفِي رِوَايَة غَيره: بنصحه، بِضَم النُّون وَضم الصَّاد وبالضمير فِي آخِره.
قَوْله: إلاَّ لم يجد رَائِحَة الْجنَّة وَفِي رِوَايَة مُسلم إلاَّ حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة.
وَفِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ من حَدِيث عبد الله بن مُغفل: وَعرفهَا يُوجد يَوْم الْقِيَامَة من مسيرَة سبعين عَاما، ويروى بِدُونِ لفظ: إلاَّ، وَهُوَ مُشكل لِأَن مَفْهُوم الحَدِيث أَنه يجدهَا وَهُوَ عكس الْمَقْصُود.
قَالَ الْكرْمَانِي: إِن إلاَّ مقدرَة أَي: إلاَّ لم يجد، أَو الْخَبَر مَحْذُوف أَي: مَا من عبد كَذَا إلاَّ حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة.
وَقَوله: لم يجد اسْتِئْنَاف كالمفسر لَهُ أَو: مَا، لَيْسَ للنَّفْي جَازَ زِيَادَة: من، للتَّأْكِيد عِنْد بعض النُّحَاة، وَالْكَلَام عِنْد وجود إلاَّ ظَاهر.





[ قــ :6769 ... غــ :7151 ]
- حدّثنا إسْحَاقُ بنُ مَنْصُورٍ، أخبرنَا حُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ قَالَ زائِدَةُ: ذَكَرَهُ عنْ هِشامٍ، عنِ الحَسَنِ، قَالَ: أتَيْنا مَعْقِلَ بنَ يَسارٍ نَعُودُهُ، فَدَخَلَ عَليْنا عُبَيْدُ الله فَقَالَ لهُ مَعْقِلٌ: أُحَدِّثُكَ حَدِيثاً سمِعْتُهُ مِنْ رسولِ الله فَقَالَ: مَا مِنْ والٍ يَلِي رَعِيَّةً مِنَ المُسْلِميِنَ فَيَمُوتُ وهْوَ غَاشٌّ لهُمْ، إلاَّ حَرَّمَ الله عَلَيْهِ الجَنَّةَ
هَذَا طَرِيق آخر فِي الحَدِيث السَّابِق أخرجه عَن إِسْحَاق بن مَنْصُور بن بهْرَام الكوسج أبي يَعْقُوب الْمروزِي عَن حُسَيْن بن عَليّ الْجعْفِيّ بِضَم الْجِيم وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة وبالفاء نِسْبَة إِلَى جعف، ابْن سعد الْعَشِيرَة من مذْحج،.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: أَبُو قَبيلَة من الْيمن، وَالنِّسْبَة إِلَيْهِ كَذَلِك.

قَوْله: قَالَ زَائِدَة أَي: ابْن قدامَة، وَفِيه: قَالَ، الثَّانِيَة مَحْذُوف تَقْدِيره قَالَ: الْحُسَيْن الْجعْفِيّ: قَالَ زَائِدَة ذكره أَي الحَدِيث الَّذِي سَيَأْتِي هِشَام بن حسان عَن الْحسن الْبَصْرِيّ، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم عَن الْقَاسِم بن زَكَرِيَّا عَن حُسَيْن الْجعْفِيّ بالعنعنة فِي جَمِيع السَّنَد.
قَوْله: مَا من والٍ وَفِي رِوَايَة أبي الْمليح: مَا من أَمِير، بدل: وَال،.

     وَقَالَ  فِيهِ: ثمَّ لَا يجد لَهُ بجيم ودال مُشَدّدَة من الْجد بِالْكَسْرِ ضد الْهزْل،.

     وَقَالَ  فِيهِ: إلاَّ لم يدْخل مَعَهم الْجنَّة.
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: هَذَا وَعِيد شَدِيد على أَئِمَّة الْجور مِمَّن ضيع من استرعاه الله أَو خَانَهُمْ أَو ظلمهم، فقد توجه إِلَيْهِ الطّلب بمظالم الْعباد يَوْم الْقِيَامَة، فَكيف يقدر على التَّحَلُّل من ظلم أمة عَظِيمَة؟ ، وَمعنى حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة أَي: أنفذ الله عَلَيْهِ الْوَعيد وَلم يرض عَنهُ المظلومين، وَنقل ابْن التِّين عَن الدَّاودِيّ نَحوه، قَالَ: وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا فِي حق الْكَافِر لِأَن الْمُؤمن لَا بُد لَهُ من نصيحة.
قلت: هَذَا احْتِمَال بعيد جدا، وَالتَّعْلِيل بالكافر مَرْدُود لِأَن الْكَافِر لَا يدْخل الْجنَّة، وَلَو كَانَ ناصحاً.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: معنى حرم الله أَي: فِي أول الْحَال، أَو هُوَ للتغليظ أَو عِنْد الاستحلال.