فهرس الكتاب

عمدة القاري - باب قول الله تعالى: {بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ} [البروج: 22]،

( بابُُ قَوْلِ الله تَعَالَى: { كَلاَّ إِذَا دُكَّتِ الاَْرْضُ دَكّاً دَكّاً وَجَآءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً} { وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ}
قَالَ قتادَةُ: مَكْتُوبٌ، يَسْطُرُونَ: يَخُطُّون فِي أُمِّ الكِتابِ جُمْلةِ الكِتاب.
وأصْلِهِ مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَيْءٍ إلاَّ كُتِبَ عَلَيْهِ.
)
مجيد أَي كريم على الله، وقرىء: مجيد، بالخفض أَي: قُرْآن رب مجيد، وَقيل: معنى مجيد أحكمت آيَاته وبينت وفصلت وَقَرَأَ نَافِع: مَحْفُوظ، بِالرَّفْع على أَنه نعت لقرآن، وَقَرَأَ غَيره بالخفض على أَنه نعت للوح، وَالطور قيل: جبل بِالشَّام، وَكتاب مسطور قَالَ قَتَادَة: مَكْتُوب، وَصله البُخَارِيّ فِي كتاب خلق أَفعَال الْعباد من طَرِيق يزِيد بن زُرَيْع عَن سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: ة { وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مُّسْطُورٍ} قَالَ: المسطور الْمَكْتُوب.
قَوْله: يسطرون، أَي: يَكْتُبُونَ، رَوَاهُ عبد بن حميد من طَرِيق شَيبَان بن عبد الرَّحْمَن عَن قَتَادَة فِي قَوْله: { ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} قَالَ: وَمَا يَكْتُبُونَ.
قَوْله: فِي أم الْكتاب جملَة الْكتاب وَأَصله وَصله أَبُو دَاوُد فِي كتاب النَّاسِخ والمنسوخ من طَرِيق معمر عَن قَتَادَة نَحوه.
قَوْله: مَا يلفظ إِلَى آخِره، وَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق شُعَيْب بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة وَالْحسن، فَذكره.

وَقَالَ ابنُ عَبَّاسٍ: يُكْتَبُ الخَيْرُ والشَّرُّ.

يَعْنِي فِي قَوْله: { مَا يلفظ من قَول} وَصله الطَّبَرِيّ وَابْن أبي حَاتِم من طَرِيق هِشَام ابْن حسان عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: { مَا يلفظ من قَول} قَالَ: إِنَّمَا يكْتب الْخَيْر وَالشَّر.

يُحَرِّفونَ: يُزِيلُونَ ولَيْسَ أحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتابٍ مِنْ كُتُبِ الله عَزَّ وجَلَّ، وَلاكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأوَّلُونَهُ عَلى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ دِرَاسَتُهُمْ: تلاوَتُهُمْ، وَاعِيَةٌ: حافِظَةٌ؛ وتَعِيَها: تحْفَظُها { قُلْ أَىُّ شَىْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللَّهِ شَهِيدٌ بِيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِىَ إِلَىَّ هَاذَا الْقُرْءَانُ لاُِنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِءَالِهَةً أُخْرَى قُل لاَّ أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَاهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِى بَرِىءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ} يَعْنِي: أهْلَ مَكَّةَ ومَن بَلَغَ هاذَا القُرْآنُ فَهْوَ لَهُ نَذِيرٌ.

قَوْله: يحرفُونَ.
فِي قَوْله تَعَالَى: { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظَّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} أَي: يزيلونه من جِهَة الْمَعْنى ويؤولونه بِغَيْر المُرَاد الْحق قَوْله: دراستهم، فِي قَوْله تَعَالَى: { أَن تَقُولُو اْ إِنَّمَآ أُنزِلَ الْكتاب عَلَى طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ} أَي: عَن تلاوتهم،.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَة: { فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظَّا مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} يقلبون ويغيرون.
قَوْله: وَاعِيَة فِي قَوْله تَعَالَى: { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ} أَي: حافظة، وَصله ابْن أبي حَاتِم، من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس.
قَوْله: وأوحي إِلَى آخِره، وَصله ابْن أبي حَاتِم من طَرِيق عَليّ بن أبي طَلْحَة عَن ابْن عَبَّاس.

[ قــ :7154 ... غــ :7553 ]
- وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: حدّثنا مُعْتَمِرٌ سَمِعْتُ أبي عنْ قَتادَةَ عنْ أبي رافِعٍ عنْ أبي هُرَيْرَةَ عنِ النبيِّ قَالَ: لَمَّا قَضاى الله الخَلْقَ كَتَبَ كِتاباً عِنْدَهُ غَلَبَتْ أوْ قَالَ سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ العَرْشِ
ا
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّه يُشِير بِهِ إِلَى أَن اللَّوْح الْمَحْفُوظ فَوق الْعَرْش.

ومعتمر هُوَ ابْن سُلَيْمَان يروي عَن أَبِيه سُلَيْمَان بن طرخان بِفَتْح الْمُهْملَة هُوَ الْمَشْهُور،.

     وَقَالَ  الغساني: هُوَ بِالضَّمِّ وَالْكَسْر، وَأَبُو رَافع اسْمه نفيع مصغر نفع الصَّائِغ الْبَصْرِيّ، يُقَال: أدْرك الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ ثمَّ تحول إِلَى الْبَصْرَة، قَالَ أَبُو دَاوُد: قَتَادَة لم يسمع من أبي رَافع،.

     وَقَالَ  غَيره: سمع مِنْهُ.

والْحَدِيث مضى فِي التَّوْحِيد من حَدِيث الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه فِي: بابُُ { وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الاَْوَّلِينَ}
قَوْله: قضى الله أَي: أتم الله خلقه.
قَوْله: كتب كتابا إِمَّا حَقِيقَة عَن كِتَابَة اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَمعنى الْكِتَابَة: خلق صورته فِيهِ أَو أَمر بِالْكِتَابَةِ، وَإِمَّا مجَاز عَن تعلق الحكم بِهِ والإخبار بِهِ.
قَوْله: عِنْده العندية المكانية مستحيلة فِي حَقه تَعَالَى، فَهِيَ مَحْمُولَة على مَا يَلِيق بِهِ، أَو مفوضة إِلَيْهِ أَو مَذْكُورَة على سَبِيل التَّمْثِيل والاستعارة، وَهِي من المتشابهات.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: كَيفَ يتَصَوَّر السَّبق فِي الصِّفَات الْقَدِيمَة إِذْ معنى الْقَدِيم هُوَ عدم المسبوقية؟ وَأجَاب بِأَنَّهَا من صِفَات الْأَفْعَال أَو المُرَاد: سبق تعلق الرَّحْمَة، وَذَلِكَ لِأَن إِيصَال الْعقُوبَة بعد عصيان العَبْد بِخِلَاف إِيصَال الْخَيْر فَإِنَّهُ من مقتضيات صِفَاته.