فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الأذان قبل الفجر

( قَولُهُ بَابُ الْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ)
أَيْ مَا حِكْمَة هَل يشرع أَولا وَإِذَا شُرِعَ هَلْ يُكْتَفَى بِهِ عَنْ إِعَادَةِ الْأَذَان بعد الْفجْر أَولا وَإِلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ مُطْلَقًا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ وَخَالَفَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ وَإِلَى الِاكْتِفَاءِ مُطْلَقًا ذَهَبَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وأصحابهم وَخَالف بن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذِرِ وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

     وَقَالَ  بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ وَادَّعَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ وَتُعُقِّبَ بِحَدِيثِ الْبَابِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مسكوت عَنهُ فَلَا يدل وعَلى التَّنَزُّلِ فَمَحَلُّهُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَرِدْ نُطْقٌ بِخِلَافِهِ وَهنا قد ورد حَدِيث بن عُمَرَ وَعَائِشَةَ بِمَا يُشْعِرُ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ لِحَدِيثِهِمَا فِي هَذَا الْبَاب عقب حَدِيث بن مَسْعُودٍ نَعَمْ حَدِيثُ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ يَدُلُّ عَلَى الِاكْتِفَاءِ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ اسْتَأْذَنَهُ فِي الْإِقَامَةِ فَمَنَعَهُ إِلَى أَنْ طَلَعَ الْفَجْرُ فَأَمَرَهُ فَأَقَامَ لَكِنْ فِي إِسْنَادِهِ ضَعْفٌ وَأَيْضًا فَهِيَ وَاقِعَةُ عَيْنٍ وَكَانَتْ فِي سَفَرٍ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِنَّهُ مَذْهَبٌ وَاضِحٌ غَيْرَ أَنَّ الْعَمَلَ الْمَنْقُولَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ انْتَهَى فَلَمْ يُرِدْهُ إِلَّا بِالْعَمَلِ عَلَى قَاعِدَةِ الْمَالِكِيَّةِ وَادَّعَى بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ كَمَا حَكَاهُ السُّرُوجِيُّ مِنْهُمْ أَنَّ النِّدَاءَ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ يَكُنْ بِأَلْفَاظِ الْأَذَانِ وَإِنَّمَا كَانَ تَذْكِيرًا أَوْ تَسْحِيرًا كَمَا يَقَعُ لِلنَّاسِ الْيَوْمَ وَهَذَا مَرْدُودٌ لَكِنَّ الَّذِي يَصْنَعُهُ النَّاسُ الْيَوْمَ مُحْدَثٌ قَطْعًا وَقَدْ تَضَافَرَتِ الطُّرُقُ عَلَى التَّعْبِيرِ بِلَفْظِ الْأَذَانِ فَحَمْلُهُ عَلَى مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ مُقَدَّمٌ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ لَوْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ لَمَا الْتَبَسَ عَلَى السَّامِعِينَ وَسِيَاقُ الْخَبَرِ يقتضى أَنه خشِي عَلَيْهِم الالتباس وَادّعى بن الْقَطَّانِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي رَمَضَانَ خَاصَّةً وَفِيه نظر



[ قــ :604 ... غــ :621] قَوْله زُهَيْر هُوَ بن مُعَاوِيَةَ الْجُعْفِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي عُثْمَانَ فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ مُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ وَلَمْ أَرَ هَذَا الحَدِيث من حَدِيث بن مَسْعُودٍ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ عَنْهُ وَلَا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي عُثْمَانَ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْهُ وَاشْتُهِرَ عَنْ سُلَيْمَانَ وَلَهُ شَاهِدٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ .

     قَوْلُهُ  أَحَدُكُمْ أَوْ أُحُدٌ مِنْكُمْ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَكِلَاهُمَا يُفِيدُ الْعُمُومَ وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْحَيْثِيَّةُ .

     قَوْلُهُ  مِنْ سَحُورِهِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ اسْمٌ لِمَا يُؤْكَلُ فِي السَّحَرِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ وَهُوَ اسْمُ الْفِعْلِ .

     قَوْلُهُ  لِيَرْجِعَ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْجِيمِ الْمُخَفَّفَةِ يُسْتَعْمَلُ هَذَا لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا يُقَالُ رَجَعَ زَيْدٌ وَرَجَعَتُ زَيْدًا وَلَا يُقَالُ فِي الْمُتَعَدِّي بِالتَّثْقِيلِ فَعَلَى هَذَا مَنْ رَوَاهُ بِالضَّمِّ وَالتَّثْقِيلِ أَخْطَأَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مِنَ التَّرْجِيعِ وَهُوَ التَّرْدِيدُ وَلَيْسَ مُرَادَنَا هُنَا وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ يَرِدُ الْقَائِمُ أَيِ الْمُتَهَجِّدُ إِلَى رَاحَتِهِ لِيَقُومَ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ نَشِيطًا أَوْ يَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ إِلَى الصِّيَامِ فَيَتَسَحَّرُ وَيُوقِظُ النَّائِمَ لِيَتَأَهَّبَ لَهَا بِالْغُسْلِ وَنَحْوِهِ وَتَمَسَّكَ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيث بن مَسْعُودٍ هَذَا لِمَذْهَبِهِ فَقَالَ فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ ذَلِكَ النِّدَاءَ كَانَ لِمَا ذُكِرَ لَا لِلصَّلَاةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَا لِلصَّلَاةِ زِيَادَةٌ فِي الْخَبَرِ وَلَيْسَ فِيهِ حَصْرٌ فِيمَا ذُكِرَ فَإِنْ قِيلَ تَقَدَّمَ فِي تَعْرِيفِ الْأَذَانِ الشَّرْعِيِّ أَنَّهُ إِعْلَامٌ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِأَلْفَاظٍ مَخْصُوصَةٍ وَالْأَذَانُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَيْسَ إِعْلَامًا بِالْوَقْتِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِعْلَامَ بِالْوَقْتِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ إِعْلَامًا بِأَنَّهُ دَخَلَ أَوْ قَارَبَ أَنْ يَدْخُلَ وَإِنَّمَا اخْتَصَّتِ الصُّبْحُ بِذَلِكَ مِنْ بَيْنِ الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا مُرَغَّبٌ فِيهِ وَالصُّبْحُ يَأْتِي غَالِبًا عَقِبَ نَوْمٍ فَنَاسَبَ أَنْ يُنَصَّبَ مَنْ يُوقِظُ النَّاسَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا لِيَتَأَهَّبُوا وَيُدْرِكُوا فَضِيلَةَ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَلَيْسَ أَنْ يَقُولَ الْفَجْرُ فِيهِ إِطْلَاقُ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ أَيْ يَظْهَرُ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  وقَال بِأَصَابِعِهِ وَرَفَعَهَا أَيْ أَشَارَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِإِصْبَعَيْهِ وَرَفَعَهُمَا .

     قَوْلُهُ  إِلَى فَوْقُ بِالضَّمِّ عَلَى الْبِنَاءِ وَكَذَا أَسْفَلُ لِنِيَّةِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ دُونَ لَفْظِهِ نَحْوُ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بعد .

     قَوْلُهُ  وقَال زُهَيْرٌ أَيِ الرَّاوِي وَهِيَ أَيْضًا بِمَعْنَى أَشَارَ وَكَأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ثُمَّ فَرَّقَهُمَا لِيَحْكِيَ صِفَةَ الْفَجْرِ الصَّادِقِ لِأَنَّهُ يَطْلُعُ مُعْتَرِضًا ثُمَّ يَعُمُّ الْأُفُقَ ذَاهِبًا يَمِينًا وَشِمَالًا بِخِلَافِ الْفَجْرِ الْكَاذِبِ وَهُوَ الَّذِي تُسَمِّيهِ الْعَرَبُ ذَنَبُ السِّرْحَانِ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ فِي أَعْلَى السَّمَاءِ ثُمَّ يَنْخَفِضُ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ رَفَعَ وَطَأْطَأَ رَأْسَهُ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ سُلَيْمَانَ فَإِنَّ الْفَجْرَ لَيْسَ هَكَذَا وَلَا هَكَذَا وَلَكِنَّ الْفَجْرَ هَكَذَا فَكَأَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ كَانَ بِهَذَا اللَّفْظِ مَقْرُونًا بِالْإِشَارَةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْمُرَادِ وَبِهَذَا اخْتَلَفَتْ عِبَارَةُ الرُّوَاةِ وَأَخْصَرُ مَا وَقَعَ فِيهَا رِوَايَةُ جَرِيرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ الْفَجْرَ الْمُعْتَرِضَ وَلَكِنِ الْمُسْتَطِيلَ





[ قــ :605 ... غــ :6] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبا وَتردد فِيهِ الجياني وَهُوَ عِنْدِي بن إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ رَاهْوَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ تَعْبِيرُهُ بِقَوْلِهِ أَخْبَرَنَا فَإِنَّهُ لَا يَقُولُ قَطُّ حَدَّثَنَا بِخِلَافِ إِسْحَاقَ بن مَنْصُورٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ بِخَطِّ الدِّمْيَاطِيِّ أَنَّهُ الْوَاسِطِيُّ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَنَّهُ بن شَاهِينَ فَلَيْسَ بِصَوَابٍ لِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ شَيْءٌ لِأَنَّ أَبَا أُسَامَةَ كُوفِي وَلَيْسَ فِي شُيُوخ بن شَاهِينَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ حَدَّثَنَا فَاعِلُ قَالَ أَبُو أُسَامَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ قَائِلُ حَدَّثَنَا فَالتَّقْدِيرُ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ نَافِعٍ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِنْ وَجْهَيْن الأول ذكر لَهُ فِيهِ اسنادين نَافِع عَن بن عُمَرَ وَالْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ.
وَأَمَّا الثَّانِي فَاقْتَصَرَ فِيهِ عَلَى الْإِسْنَادِ الثَّانِي .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يُؤَذِّنَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ حَتَّى يُنَادِيَ وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي الصِّيَامِ بِلَفْظِ يُؤَذِّنَ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ قَالَ الْقَاسِمُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ أَذَانَيْهِمَا إِلَّا أَنْ يَرْقَى ذَا وَيَنْزِلُ ذَا وَفِي هَذَا تَقْيِيدٌ لِمَا أُطْلِقَ فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى مِنْ قَوْلِهِ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ وَلَا يُقَالُ إِنَّهُ مُرْسَلٌ لِأَنَّ الْقَاسِمَ تَابِعِيٌّ فَلَمْ يُدْرِكِ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ وَعِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ كِلَاهُمَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ قَالَتْ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَصْعَدَ هَذَا وَعَلَى هَذَا فَمَعْنَى قَوْلِهِ فِيِ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ قَالَ الْقَاسِمُ أَيْ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَائِشَةَ وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي رِوَايَة بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ مِثْلَ هَذِهِ الزِّيَادَةِ وَفِيهَا نَظَرٌ أَوْضَحْتُهُ فِي كِتَابِ الْمُدْرَجِ وَثَبَتَتِ الزِّيَادَةُ أَيْضًا فِي حَدِيثِ أُنَيْسَةَ الَّذِي تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ وَفِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الْأَذَانُ قَبْلَ الْفَجْرِ هُوَ وَقْتُ السُّحُورِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْجُهِ فِي الْمَذْهَبِ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَحَكَى تَصْحِيحَهُ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْمُتَوَلِّي وَقَطَعَ بِهِ الْبَغَوِيُّ وَكَلَامُ بن دَقِيقِ الْعِيدِ يُشْعِرُ بِهِ فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ أَنْ حَكَاهُ يُرَجَّحُ هَذَا بِأَنَّ قَوْلَهُ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ خَبَرٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَائِدَةٌ لِلسَّامِعِينَ قَطْعًا وَذَلِكَ إِذَا كَانَ وَقْتُ الْأَذَانِ مُشْتَبَهًا مُحْتَمَلًا لِأَنْ يَكُونَ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فَبَيَّنَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ بَلِ الَّذِي يَمْنَعُهُ طُلُوعُ الْفَجْرِ الصَّادِقِ قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَقَارُبِ وَقْتِ أَذَانِ بِلَالٍ مِنَ الْفَجْرِ انْتَهَى وَيُقَوِّيهِ أَيْضًا مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي مَشْرُوعِيَّتِهِ التَّأَهُّبُ لِإِدْرَاكِ الصُّبْحِ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَصَحَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَكْثَرِ كُتُبِهِ أَنَّ مَبْدَأَهُ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ الثَّانِي وَأَجَابَ عَنِ الْحَدِيثِ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ أَنَّ بِلَالًا كَانَ يُؤَذِّنُ وَيَتَرَبَّصُ بَعْدَ أَذَانِهِ لِلدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ فَإِذَا قَارَبَ طُلُوعَ الْفَجْرِ نزل فَأخْبر بن أُمِّ مَكْتُومٍ فَيَتَأَهَّبُ بِالطَّهَارَةِ وَغَيْرِهَا ثُمَّ يَرْقَى وَيَشْرَعُ فِي الْأَذَانِ مَعَ أَوَّلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهَذَا مَعَ وُضُوحِ مُخَالَفَتِهِ لِسِيَاقِ الْحَدِيثِ يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ خَاصٍّ لِمَا صَحَّحَهُ حَتَّى يَسُوغَ لَهُ التَّأْوِيلُ وَوَرَاءَ ذَلِكَ أَقْوَالٌ أُخْرَى مَعْرُوفَةٌ فِي الْفِقْهِيَّاتِ وَاحْتَجَّ الطَّحَاوِيُّ لِعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ قَبْلَ الْفَجْرِ بِقَوْلِهِ لَمَّا كَانَ بَيْنَ أَذَانَيْهِمَا مِنَ الْقُرْبِ مَا ذُكِرَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ثَبَتَ أَنَّهُمَا كَانَا يَقْصِدَانِ وَقْتًا وَاحِدًا وَهُوَ طُلُوع الْفجْر فيخطئه بِلَال ويصيبه بن أُمِّ مَكْتُومٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا أَقَرَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَذِّنًا وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ كَمَا ادَّعَى لَكَانَ وُقُوعُ ذَلِكَ مِنْهُ نَادِرًا وَظَاهِرُ حَدِيثِ بن عُمَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَانَ شَأْنُهُ وعادته وَالله أعلم