فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا لم ينو الإمام أن يؤم، ثم جاء قوم فأمهم

( قَولُهُ بَابُ إِذَا لَمْ يَنْوِ الْإِمَامُ أَنْ يَؤُمَّ إِلَخْ)
لَمْ يَجْزِمْ بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ لِمَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِمَالِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ نَوَى لَا فِي ابْتِدَاءِ صَلَاتِهِ وَلَا بعد أَن قَامَ بن عَبَّاسٍ فَصَلَّى مَعَهُ لَكِنْ فِي إِيقَافِهِ إِيَّاهُ مِنْهُ مَوْقِفَ الْمَأْمُومِ مَا يُشْعِرُ بِالثَّانِي.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُخْتَلَفٌ فِيهَا وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الِاقْتِدَاءِ أَن يَنْوِي الإِمَام الْإِمَامَة وَاسْتدلَّ بن الْمُنْذِرِ أَيْضًا بِحَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قَالَ فَجِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ وَجَاءَ آخَرُ فَقَامَ إِلَى جَنْبِي حَتَّى كُنَّا رَهْطًا فَلَمَّا أَحَسَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَا تَجَوَّزَ فِي صَلَاتِهِ الْحَدِيثَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ ابْتِدَاءً وَائْتَمُّوا هُمْ بِهِ وَأَقَرَّهُمْ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الصِّيَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَذَهَبَ أَحْمَدُ إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ النَّافِلَةِ وَالْفَرِيضَةِ فَشَرَطَ أَنْ يَنْوِيَ فِي الْفَرِيضَةِ دُونَ النَّافِلَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا يُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ أَلا رجل يتَصَدَّق على هَذَا فَيصَلي مَعَه أخرجه أَبُو دَاوُد وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ بن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ



[ قــ :678 ... غــ :699] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ هُوَ مِنْ أَقْرَانِ أَيُّوبَ الرَّاوِي عَنْهُ وَرِجَالُ الْإِسْنَادِ كُلُّهُمْ بَصْرِيُّونَ وَسَيَأْتِي الْكَلَام على بَقِيَّة فَوَائِد حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ الثَّلَاثَةِ تَامًّا فِي كِتَابِ الْوِتْرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى