فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب القراءة في المغرب

( قَولُهُ بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الْعَصْرِ)
أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ خَبَّابٍ الْمَذْكُورَ قَبْلَهُ وَكَذَا حَدِيثَ أَبِي قَتَادَةَ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَعَلَى مَا يُؤْخَذُ مِنَ التَّرْجَمَةِ تَصْرِيحًا أَوْ إِشَارَةً .

     قَوْلُهُ  قُلْنَا فِي رِوَايَة الْحَمَوِيّ والمستملى قلت لخباب قَوْله بن الْأَرَتِّ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقَانِيَّةِ .

     قَوْلُهُ  هِشَام هُوَ الدستوَائي قَولُهُ بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ الْمُرَادُ تَقْدِيرُهَا لَا إِثْبَاتُهَا لِكَوْنِهَا جَهْرِيَّةً بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ إِثْبَاتُهَا



[ قــ :742 ... غــ :763] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ أُمَّ الْفَضْلِ هِيَ وَالِدَة بن عَبَّاسٍ الرَّاوِي عَنْهَا وَبِذَلِكَ صَرَّحَ التِّرْمِذِيُّ فِي رِوَايَتِهِ فَقَالَ عَنْ أُمِّهِ أُمَّ الْفَضْلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ اسْمَهَا لُبَابَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْهِلَالِيَّةِ وَيُقَالُ إِنَّهَا أَوَّلُ امْرَأَةٍ أَسْلَمَتْ بَعْدَ خَدِيجَةَ وَالصَّحِيحُ أُخْتُ عُمَرَ زَوْجُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ حَدِيثِهِ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَعُمَرَ مُوثِقِي وَأُخْتَهُ عَلَى الْإِسْلَامِ وَاسْمُهَا فَاطِمَةُ .

     قَوْلُهُ  سَمِعَتْهُ أَيْ سَمِعَتِ بن عَبَّاسٍ وَفِيهِ الْتِفَاتٌ لِأَنَّ السِّيَاقَ يَقْتَضِي أَنْ يَقُولَ سَمِعَتْنِي .

     قَوْلُهُ  لَقَدْ ذَكَّرْتَنِي أَيْ شَيْئًا نَسِيته وَصرح عقيل فِي رِوَايَته عَن بن شِهَابٍ أَنَّهَا آخِرُ صَلَوَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَفْظُهُ ثُمَّ مَا صَلَّى لَنَا بَعْدَهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْوَفَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ كَانَتِ الظُّهْرَ وَأَشَرْنَا إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أُمِّ الْفَضْلِ هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي حَكَتْهَا عَائِشَةُ كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ وَالَّتِي حَكَتْهَا أُمُّ الْفَضْلِ كَانَتْ فِي بَيْتِهِ كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ لَكِن يُعَكر عَلَيْهِ رِوَايَة بن إِسْحَاق عَن بن شِهَابٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ خَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَاصِبٌ رَأْسَهُ فِي مَرَضِهِ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِهَا خَرَجَ إِلَيْنَا أَيْ مِنْ مَكَانِهِ الَّذِي كَانَ رَاقِدًا فِيهِ إِلَى مَنْ فِي الْبَيْتِ فَصَلَّى بِهِمْ فَتَلْتَئِمُ الرِّوَايَاتُ .

     قَوْلُهُ  يَقْرَأُ بِهَا هُوَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْ سَمِعْتُهُ فِي حَالِ قِرَاءَتِهِ .

     قَوْلُهُ  عَن بن أَبِي مُلَيْكَةَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ بن جُرَيْجٍ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُرْوَةَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ بن جريج سَمِعت بن أَبِي مُلَيْكَةَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ مَرْوَانَ أَخْبَرَهُ قَوْله قَالَ لي زيد بن ثَابت مَالك تَقْرَأُ كَانَ مَرْوَانُ حِينَئِذٍ أَمِيرًا عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ .

     قَوْلُهُ  بِقِصَارٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالتَّنْوِينِ وَهُوَ عِوَضٌ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِقِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَكَذَا لِلطَّبَرَانِيِّ عَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ الصَّغَانِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي عَاصِمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَكَذَا فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا لَكِنْ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ بِقِصَارِ السُّوَرِ وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الْأُسُودِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قَالَ لِمَرْوَانَ أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ أَتَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَإِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ وَصَرَّحَ الطَّحَاوِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِالْإِخْبَارِ بَيْنَ عُرْوَةَ وَزَيْدٍ فَكَأَنَّ عُرْوَةَ سَمِعَهُ مِنْ مَرْوَانَ عَنْ زَيْدٍ ثُمَّ لَقِيَ زَيْدًا فَأَخْبَرَهُ .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ سَمِعْتُ اسْتَدَلَّ بِهِ بن الْمُنِيرِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَادِرًا قَالَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَقَالَ كَانَ يَفْعَلُ يُشْعِرُ بِأَنَّ عَادَتَهُ كَانَتْ كَذَلِكَ انْتَهَى وَغَفَلَ عَمَّا فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَاصِمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ لَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَة حجاج بن مُحَمَّد عَن بن جُرَيْجٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ .

     قَوْلُهُ  بِطُولَى الطُّولَيَيْنِ أَيْ بِأَطْوَلِ السُّورَتَيْنِ الطَّوِيلَتَيْنِ وَطُولَى تَأْنِيثُ أَطْوَلَ وَالطُّولَيَيْنِ بِتَحْتَانِيَّتَيْنِ تَثْنِيَةُ طُولَى وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ بِطُولِ بِضَمِّ الطَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَوَجَّهَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَصْدَرَ وَأَرَادَ الْوَصْفَ أَيْ كَانَ يَقْرَأُ بِمِقْدَارِ طُولِ الطُّولَيَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ قَرَأَ بِقَدْرِ السُّورَتَيْنِ وَلَيْسَ هُوَ الْمُرَادُ كَمَا سَنُوَضِّحُهُ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ أَنَّهُ ضَبَطَهُ عَنْ بَعْضِهِمْ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ قَالَ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الطِّوَلَ الْحَبْلُ وَلَا مَعْنَى لَهُ هُنَا انْتَهَى وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِأَطْوَلِ الطُّولَيَيْنِ بِالتَّذْكِيرِ وَلَمْ يَقَعْ تَفْسِيرُهُمَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْأَسْوَدِ الْمَذْكُورَةِ بِأَطْوَلِ الطُّولَيَيْنِ المص وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ.

قُلْتُ وَمَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ قَالَ الْأَعْرَافُ وَبَيَّنَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَةٍ لَهُ أَنَّ التَّفْسِيرَ مِنْ قَوْلِ عُرْوَةَ وَلَفْظُهُ قَالَ.

قُلْتُ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ وَهِيَ كُنْيَةُ عُرْوَةَ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ قَالَ فَقُلْتُ لِعُرْوَةَ وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ قَالَ بن أَبِي مُلَيْكَةَ وَمَا طُولَى الطُّولَيَيْنِ زَادَ أَبُو دَاوُد قَالَ يَعْنِي بن جريج وَسَأَلت أَنا بن أَبِي مُلَيْكَةَ فَقَالَ لِي مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ الْمَائِدَةُ وَالْأَعْرَافُ كَذَا رَوَاهُ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَلِلْجَوْزَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِثْلُهُ لَكِنْ قَالَ الْأَنْعَامَ بَدَلَ الْمَائِدَةِ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ حَجَّاجِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَالصَّغَانِيُّ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَعِنْدَ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ عَنْ أَبِي عَاصِمٍ بَدَلَ الْأَنْعَامِ يُونُسَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَحَصَلَ الِاتِّفَاقُ عَلَى تَفْسِيرِ الطُّولَى بِالْأَعْرَافِ وَفِي تَفْسِيرِ الْأُخْرَى ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْمَحْفُوظُ مِنْهَا الْأَنْعَام قَالَ بن بَطَّالٍ الْبَقَرَةُ أَطْوَلُ السَّبْعِ الطِّوَالِ فَلَوْ أَرَادَهَا لَقَالَ طُولَى الطِّوَالِ فَلَمَّا لَمْ يُرِدْهَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ الْأَعْرَافَ لِأَنَّهَا أَطْوَلُ السُّوَرِ بَعْدَ الْبَقَرَةِ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ النِّسَاءَ أَطْوَلُ مِنَ الْأَعْرَافِ وَلَيْسَ هَذَا التَّعْقِيبُ بِمَرْضِيٍّ لِأَنَّهُ اعْتَبَرَ عَدَدَ الْآيَاتِ وَعَدَدُ آيَاتِ الْأَعْرَافِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ آيَاتِ النِّسَاءِ وَغَيْرِهَا مِنَ السَّبْعِ بَعْدَ الْبَقَرَةِ وَالْمُتَعَقِّبُ اعْتَبَرَ عَدَدَ الْكَلِمَاتِ لِأَنَّ كَلِمَاتِ النِّسَاءِ تَزِيدُ عَلَى كَلِمَاتِ الْأَعْرَافِ بِمِائَتَيْ كَلِمَةٍ.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ تَسْمِيَةُ الْأَعْرَافِ وَالْأَنْعَامِ بِالطُّولَيَيْنِ إِنَّمَا هُوَ لِعُرْفٍ فِيهِمَا لَا أَنَّهُمَا أَطْوَلُ مِنْ غَيْرِهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى امْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَعَلَى اسْتِحْبَابِ الْقِرَاءَةِ فِيهَا بِغَيْرِ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْبَابِ الَّذِي بعده