فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب حد إتمام الركوع والاعتدال فيه والطمأنينة

( .

     قَوْلُهُ  وَحَدُّ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ وَالِاعْتِدَالِ فِيهِ)

وَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَهُوَ لِلْأَصِيلِيِّ هُنَا بَابُ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ فَفَصَلَهُ عَنِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ بِبَابٍ وَعِنْدَ الْبَاقِينَ الْجَمِيعُ فِي تَرْجَمَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَّا أَنَّهُمْ جَعَلُوا التَّعْلِيقَ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ فِي أَثْنَائِهَا لِاخْتِصَاصِهِ بِالْجُمْلَةِ الْأُولَى وَدَلَالَةُ حَدِيثِ الْبَرَاءِ عَلَى مَا بَعْدَهَا وَبِهَذَا يُجَابُ عَنِ اعْتِرَاضِ نَاصِرِ الدِّينِ بْنِ الْمُنِيرِ حَيْثُ قَالَ حَدِيثُ الْبَرَاءِ لَا يُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ لِأَن التَّرْجَمَةَ لِلِاسْتِوَاءِ فِي الرُّكُوعِ السَّالِمِ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي حُنُوِّ الرَّأْسِ دُونَ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ أَوِ الْعَكْسِ وَالْحَدِيثُ فِي تَسَاوِي الرُّكُوعِ مَعَ السُّجُودِ وَغَيْرِهِ فِي الْإِطَالَةِ وَالتَّخْفِيفِ اه وَكَأَنَّهُ لَمْ يَتَأَمَّلْ مَا بَعْدَ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ مِنْ بَقِيَّةِ التَّرْجَمَةِ وَمُطَابَقَةِ حَدِيثِ الْبَرَاءِ لِقَوْلِهِ حَدُّ إِتْمَامِ الرُّكُوعِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى تَسْوِيَةِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ تَطْوِيل الِاعْتِدَال فَيُؤْخَذ مِنْهُ إطالة الْجَمِيع وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَالِاطْمَأْنِينَةُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ الضَّمُّ وَسُكُونُ الطَّاءِ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ وَالطُّمَأْنِينَةُ بِضَمِّ الطَّاءِ وَهِيَ أَكْثَرُ فِي الِاسْتِعْمَالِ وَالْمُرَادُ بِهَا السُّكُونُ وَحَدُّهَا ذَهَابُ الْحَرَكَةِ الَّتِي قَبْلَهَا كَمَا سَيَأْتِي مُفَسَّرًا فِي حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ



[ قــ :771 ... غــ :792] قَوْله أخبرنَا الحكم هُوَ بن عتيبة عَن بن أَبِي لَيْلَى هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِتَحْدِيثِهِ لَهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  مَا خَلَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ بِالنَّصْبِ فِيهِمَا قِيلَ الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ الِاعْتِدَالُ وَبِالْقُعُودِ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَتَمَسَّكَ بِهِ فِي أَنَّ الِاعْتِدَالَ وَالْجُلُوسَ بَين السَّجْدَتَيْنِ لَا يطولان ورده بن الْقَيِّمِ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَاشِيَةِ السُّنَنِ فَقَالَ هَذَا سُوءُ فَهْمٍ مِنْ قَائِلِهِ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَهُمَا بِعَيْنِهِمَا فَكَيْفَ يَسْتَثْنِيهِمَا وَهَلْ يَحْسُنُ قَوْلُ الْقَائِلِ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ وَخَالِدٌ إِلَّا زَيْدًا وَعَمْرًا فَإِنَّهُ مَتَى أَرَادَ نَفْيَ الْمَجِيءِ عَنْهُمَا كَانَ تَنَاقُضًا اه وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذِكْرِهَا إِدْخَالُهَا فِي الطُّمَأْنِينَةِ وَبِاسْتِثْنَاءِ بَعْضِهَا إِخْرَاجُ الْمُسْتَثْنَى مِنَ الْمُسَاوَاةِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ شُيُوخِ شُيُوخِنَا مَعْنَى قَوْلِهِ قَرِيبًا مِنَ السَّوَاءِ أَنَّ كُلَّ رُكْنٍ قَرِيبٍ مِنْ مِثْلِهِ فَالْقِيَامُ الْأَوَّلُ قَرِيبٌ مِنَ الثَّانِي وَالرُّكُوعُ فِي الْأُولَى قَرِيبٌ مِنَ الثَّانِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ اللَّذَيْنِ اسْتُثْنِيَا الِاعْتِدَالُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ وَلَا يَخْفَى تَكَلُّفُهُ وَاسْتُدِلَّ بِظَاهِرِهِ عَلَى أَنَّ الِاعْتِدَالَ رُكْنٌ طَوِيلٌ وَلَا سِيَّمَا .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ أَنَسٍ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ قَدْ نَسِيَ وَفِي الْجَوَابِ عَنْهُ تَعَسُّفٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ بَعْدَ أَبْوَابٍ بِغَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طُرُقٍ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ الْقِيَامُ لِلْقِرَاءَةِ وَالْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ لِأَنَّ الْقِيَامَ لِلْقِرَاءَةِ أَطْوَلُ مِنْ جَمِيعِ الْأَرْكَانِ فِي الْغَالِبِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى تَطْوِيلِ الِاعْتِدَالِ وَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَاب الطُّمَأْنِينَة حِين يرفع رَأسه من الرُّكُوع مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى