فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الأكل يوم النحر

( قَولُهُ بَابُ الْأَكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا مُحَصِّلُهُ لَمْ يُقَيِّدِ الْمُصَنِّفُ الْأَكْلَ يَوْمَ النَّحْرِ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ كَمَا قَيَّدَهُ فِي الْفِطْرِ وَوَجْهُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ قَوْلُ الرَّجُلِ هَذَا يَوْمٌ يُشْتَهَى فِيهِ اللَّحْمُ وَقَولُهُ



[ قــ :926 ... غــ :955] فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلَمْ يُقَيَّدْ ذَلِكَ بِوَقْتٍ انْتَهَى وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ الْإِشَارَةَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ مِنْ مُغَايَرَةِ يَوْمِ الْفِطْرِ لِيَوْمِ النَّحْرِ مِنِ اسْتِحْبَابِ الْبَدَاءَةِ بِالصَّلَاةِ يَوْمَ النَّحْرِ قَبْلَ الْأَكْلِ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ أَنَّ أَبَا بُرْدَةَ أَكَلَ قَبْلَ الصَّلَاةِ يَوْمَ النَّحْرِ فَبَيَّنَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الَّتِي ذَبَحَهَا لَا تُجْزِئُ عَنِ الْأُضْحِيَّةِ وَأَقَرَّهُ عَلَى الْأَكْلِ مِنْهَا.
وَأَمَّا مَا وَرَدَ فِي التِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ وَنَحْوُهُ عِنْدَ الْبَزَّارِ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَة وروى الطَّبَرَانِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَخْرُجَ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يُخْرِجَ الصَّدَقَةَ وَيُطْعَمَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ وَفِي كُلٍّ مِنَ الْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ مَقَالٌ وَقَدْ أَخَذَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ بِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَقَعَ أَكْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلٍّ مِنَ الْعِيدَيْنِ فِي الْوَقْتِ الْمَشْرُوعِ لِإِخْرَاجِ صَدَقَتِهِمَا الْخَاصَّةِ بِهِمَا فَإِخْرَاجُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ الْغُدُوِّ إِلَى الْمُصَلَّى وَإِخْرَاجُ صَدَقَةِ الْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ ذَبْحِهَا فَاجْتَمَعَا مِنْ جِهَةٍ وَافْتَرَقَا مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ تَفْصِيلًا آخَرَ فَقَالَ مَنْ كَانَ لَهُ ذِبْحٌ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَكْلِ يَوْمَ النَّحْرِ مِنْهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذِبْحٌ تَخَيَّرَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثَيْ أَنَسٍ وَالْبَرَاءِ الْمَذْكُورَيْنِ فِي هَذَا الْبَابِ فِي كِتَابِ الْأَضَاحِيِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى و.

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا نُسُكَ لَهُ كَذَا فِي الْأُصُولِ بِإِثْبَاتِ الْوَاوِ وَحَذَفَهَا النَّسَائِيُّ وَهُوَ أَوْجَهُ وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُ إِثْبَاتِهَا بِتَقْدِيرِ لَا يُجْزِئُ وَلَا نُسُكَ لَهُ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ هَذَا وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ بِلَفْظِهِ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَيْثَمَةَ وَيُوسُفَ بْنِ مُوسَى وَعُثْمَانَ هَذَا ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ جَرِيرٍ بِلَفْظِ وَمَنْ نَسَكَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَشَاتُهُ شَاةُ لَحْمٍ وَذَكَرَ أَنَّ مَعْنَاهُمْ وَاحِدٌ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَأَظُنُّ التَّصَرُّفَ فِيهِ مِنْ عُثْمَانَ رَوَاهُ بِالْمَعْنَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي حَدِيثَيْ أَنَسٍ وَالْبَرَاءِ مِنَ الْفَوَائِدِ تَأْكِيدُ أَمْرِ الْأُضْحِيَّةِ وَأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا طَيِّبُ اللَّحْمِ وَإِيثَارُ الْجَارِ عَلَى غَيْرِهِ وَأَنَّ الْمُفْتِيَ إِذَا ظَهَرَتْ لَهُ مِنَ الْمُسْتَفْتِي أَمَارَةُ الصِّدْقِ كَانَ لَهُ أَنْ يُسَهِّلَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوِ اسْتَفْتَاهُ اثْنَانِ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ جَازَ أَنْ يُفْتِيَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يُنَاسِبُ حَالَهُ وَجَوَازُ إِخْبَارِ الْمَرْءِ عَنْ نَفْسِهِ بِمَا يَسْتَحِقُّ الثَّنَاءَ بِهِ عَلَيْهِ بِقدر الْحَاجة