فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما جاء في الوتر

( قَولُهُ بَابُ الصَّلَاةِ قَبْلَ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا)
أَوْرَدَ فِيهِ أثر بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلَاةَ قَبْلَ الْعِيدِ وَحَدِيثُهُ الْمَرْفُوعُ فِي تَرْكِ الصَّلَاةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا وَلَمْ يَجْزِمْ بِحُكْمِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْأَثَرَ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ مَنْعُ التَّنَفُّلِ أَوْ نَفْيُ الرَّاتِبَةِ وَعَلَى الْمَنْعِ فَهَلْ هُوَ لِكَوْنِهِ وَقْتَ كَرَاهَةٍ أَوْ لِأَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَبْلِ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُوَاظَبَةِ فَيُحْتَمَلُ اخْتِصَاصُهُ بِالْإِمَامِ دُونَ الْمَأْمُومِ أَوْ بِالْمُصَلَّى دُونَ الْبَيْتِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السّلف فِي جَمِيع ذَلِك فَذكر بن الْمُنْذِرِ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ الْكُوفِيُّونَ يُصَلُّونَ بَعْدَهَا لَا قَبْلهَا وَالْبَصْرِيُّونَ يُصَلُّونَ قَبْلَهَا لَا بَعْدَهَا وَالْمَدَنِيُّونَ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا وَبِالْأَوَّلِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَنَفِيَّةُ وَبِالثَّانِي قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيّ وَجَمَاعَة وبالثالث قَالَ الزُّهْرِيّ وبن جُرَيْجٍ وَأَحْمَدُ.
وَأَمَّا مَالِكٌ فَمَنَعَهُ فِي الْمُصَلَّى وَعَنْهُ فِي الْمَسْجِدِ رِوَايَتَانِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ وَنَقَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْهُ فِي الْمَعْرِفَةِ بَعْدَ أَن روى حَدِيث بن عَبَّاسٍ حَدِيثَ الْبَابِ مَا نَصُّهُ وَهَكَذَا يَجِبُ لِلْإِمَامِ أَنْ لَا يَتَنَفَّلَ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا.
وَأَمَّا الْمَأْمُومُ فَمُخَالِفٌ لَهُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ بَسَطَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ.

     وَقَالَ  الرَّافِعِيُّ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ التَّنَفُّلُ قَبْلَ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا وَقَيَّدَهُ فِي الْبُوَيْطِيِّ بِالْمُصَلَّى وَجَرَى عَلَى ذَلِكَ الصَّيْمَرِيُّ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِالنَّافِلَةِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مُطْلَقًا إِلَّا لِلْإِمَامِ فِي مَوْضِعِ الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ لَا كَرَاهَةَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فَإِنَّ حَمْلَ كَلَامِهِ عَلَى الْمَأْمُومِ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ الْمَذْكُورِ وَيُؤَيِّدُ مَا فِي الْبُوَيْطِيِّ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعِيدِ شَيْئًا فَإِذَا رَجَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ صلى رَكْعَتَيْنِ أخرجه بن مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَقَدْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَبِهَذَا قَالَ إِسْحَاقُ وَنَقَلَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَتَنَفَّلُ فِي الْمُصَلَّى.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ التَّنَفُّلُ فِي الْمُصَلَّى لَوْ فُعِلَ لَنُقِلَ وَمَنْ أَجَازَهُ رَأَى أَنَّهُ وَقْتٌ مُطْلَقٌ لِلصَّلَاةِ وَمَنْ تَرَكَهُ رَأَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَفْعَلْهُ وَمَنِ اقْتَدَى فَقَدِ اهْتَدَى انْتَهَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا سُنَّةٌ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا خِلَافًا لِمَنْ قَاسَهَا عَلَى الْجُمُعَةِ.
وَأَمَّا مُطْلَقُ النَّفْلِ فَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ مَنْعٌ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ إِلَّا إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي وَقْتِ الْكَرَاهَةِ الَّذِي فِي جَمِيعِ الْأَيَّامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو الْمُعَلَّى بِضَمِّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ مَيْمُونٍ الْعَطَّارُ الْكُوفِيُّ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى أَثَرِهِ هَذَا مَوْصُولًا وَقَدْ تقدم حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَرْفُوعُ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فِي بَابِ الْخُطْبَةِ بَعْدَ الْعِيدِ خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الْعِيدَيْنِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى خَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ حَدِيثًا الْمُعَلَّقُ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ وَالْبَقِيَّةُ خَالِصَةٌ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ أَنَسٍ فِي أَكْلِ التَّمْرِ قَبْلَ صَلَاةِ عِيدِ الْفطر وَحَدِيث بن عمر فِي قصَّته مَعَ الْحجَّاج وَحَدِيث بن عَبَّاس فِي الْعَمَل فِي ذِي الْحجَّة وَحَدِيث بن عُمَرَ فِي الذَّبْحِ بِالْمُصَلَّى وَحَدِيثُ جَابِرٍ فِي مُخَالَفَةِ الطَّرِيقِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْمُشَارُ إِلَيْهِ فِي الْبَابِ الْمَاضِي فَإِنْ كَانَ مُرَادًا زَادَتِ الْعِدَّةُ وَاحِدًا مُعَلَّقًا وَلَيْسَ هُوَ فِي مُسْلِمٍ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ أَثَرًا مُعَلَّقَةً إِلَّا أَثَرَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَ الْخطْبَة فَإِنَّهَا مَوْصُولَة فِي حَدِيث بن عَبَّاس وَالله الْهَادِي إِلَى الصَّوَاب أَبْوَاب الْوتر كَذَا عِنْد الْمُسْتَمْلِي وَعند الْبَاقِينَ بَابُ مَا جَاءَ فِي الْوِتْرِ وَسَقَطَتِ الْبَسْمَلَة عِنْد بن شَبُّوَيْهِ وَالْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ وَالْوِتْرُ بِالْكَسْرِ الْفَرْدُ وَبِالْفَتْحِ للثأر وَفِي لُغَةٍ مُتَرَادِفَانِ وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْبُخَارِيُّ لِحُكْمِهِ لَكِنْ إِفْرَادُهُ بِتَرْجَمَةٍ عَنْ أَبْوَابِ التَّهَجُّدِ وَالتَّطَوُّعِ يَقْتَضِي أَنَّهُ غَيْرُ مُلْحَقٍ بِهَا عِنْدَهُ وَلَوْلَا أَنَّهُ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ الَّذِي فِيهِ إِيقَاعُهُ عَلَى الدَّابَّةِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ لَكَانَ فِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ أَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ ثَلَاثَة أَحَادِيث مَرْفُوعَة حَدِيث بن عمر من وَجْهَيْن وَحَدِيث بن عَبَّاس وَحَدِيث عَائِشَة فَأَما حَدِيث بن عُمَرَ فَأَخْرَجَهُ مِنَ الْمُوَطَّأِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَى مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ نَافِعًا وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ دِينَارٍ أَخْبَرَاهُ كَذَا فِي الْمُوَطَّآتِ لِلدَّارَقُطْنِيِّ وَأَوْرَدَهُ الْبَاقُونَ بِالْعَنْعَنَةِ فَائِدَةٌ قَالَ بن التِّينِ اخْتُلِفَ فِي الْوِتْرِ فِي سَبْعَةِ أَشْيَاءَ فِي وُجُوبه وعدده وَاشْتِرَاط النِّيَّة فِيهِ واختصاصه بِقِرَاءَةٍ وَاشْتِرَاطِ شَفْعٍ قَبْلَهُ وَفِي آخِرِ وَقْتِهِ وَصَلَاتِهِ فِي السَّفَرِ عَلَى الدَّابَّةِ.

قُلْتُ وَفِي قَضَائِهِ وَالْقُنُوتِ فِيهِ وَفِي مَحَلِّ الْقُنُوتِ مِنْهُ وَفِيمَا يُقَالُ فِيهِ وَفِي فَصْلِهِ وَوَصْلِهِ وَهَلْ تُسَنُّ رَكْعَتَانِ بَعْدَهُ وَفِي صَلَاتِهِ مِنْ قُعُودٍ لَكِنْ هَذَا الْأَخِيرُ يَنْبَنِي عَلَى كَوْنِهِ مَنْدُوبًا أَوْ لَا وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ وَقْتِهِ أَيْضًا وَفِي كَوْنِهِ أَفْضَلَ صَلَاةِ التَّطَوُّعِ أَوِ الرَّوَاتِبِ أَفْضَلَ مِنْهُ أَوْ خُصُوصِ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ وَقَدْ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ لِبَعْضِ مَا ذَكَرْنَاهُ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى مَا لَمْ يُتَرْجِمْ لَهُ أَثْنَاءَ الْكَلَامِ عَلَى أَحَادِيثِ الْبَابِ وَمَا بَعْدَهَا



[ قــ :960 ... غــ :990] .

     قَوْلُهُ  أَنَّ رَجُلًا لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَوَقَعَ فِي الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ لِلطَبَرَانِيِّ أَنَّ السَّائِلَ هُوَ بن عُمَرَ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بن شَقِيق عَن بن عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ السَّائِلِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَلَى رَأْسِ الْحَوْلِ وَأَنَا بِذَلِكَ الْمَكَانِ مِنْهُ قَالَ فَمَا أَدْرِي أهوَ ذَلِك الرجل أوغيره وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ السَّائِلَ الْمَذْكُورَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَعِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ فِي كِتَابِ أَحْكَامِ الْوِتْرِ وَهُوَ كِتَابٌ نَفِيسٌ فِي مُجَلَّدِهِ مِنْ رِوَايَةِ عَطِيَّةَ عَنِ بن عُمَرَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُجْمَعَ بِتَعَدُّدِ مَنْ سَأَلَ وَقَدْ سَبَقَ فِي بَابِ الْحِلَقِ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّ السُّؤَالَ الْمَذْكُورَ وَقَعَ فِي الْمَسْجِدِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ فِي بَابِ الْحِلَقِ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَخْطُبُ فَقَالَ كَيْفَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ فِي أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ وَقَدْ تَبَيَّنَ مِنَ الْجَوَابِ أَنَّ السُّؤَالَ وَقَعَ عَنْ عَدَدِهَا أَوْ عَنِ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عُمَرَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيفَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُصَلِّيَ مِنَ اللَّيْلِ.
وَأَمَّا قَوْلُ بن بَزِيزَةَ جَوَابُهُ بِقَوْلِهِ مَثْنَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فُهِمَ مِنَ السَّائِلِ طَلَبُ كَيْفِيَّةِ الْعَدَدِ لَا مُطْلَقُ الْكَيْفِيَّةِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَأَوْلَى مَا فُسِّرَ بِهِ الْحَدِيثُ مِنَ الْحَدِيثِ وَاسْتُدِلَّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ أَنْ تَكُونَ أَرْبَعًا وَهُوَ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ وَإِسْحَاقَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ مَفْهُومُ لَقَبٍ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى الرَّاجِحِ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْأَخْذِ بِهِ فَلَيْسَ بِمُنْحَصِرٍ فِي أَرْبَعٍ وَبِأَنَّهُ خَرَجَ جَوَابًا لِلسُّؤَالِ عَنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَقُيِّدَ الْجَوَابُ بِذَلِكَ مُطَابَقَةً لِلسُّؤَالِ وَبِأَنَّهُ قَدْ تبين من رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ حُكْمَ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ حُكْمُ الْمَنْطُوق بِهِ فَفِي السّنَن وَصَححهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقٍ عَلَى الْأَزْدِيِّ عَنِ بن عُمَرَ مَرْفُوعًا صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى وَقَدْ تُعُقِّبَ هَذَا الْأَخِيرُ بِأَنَّ أَكْثَرَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ أَعَلُّوا هَذِهِ الزِّيَادَةَ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  وَالنَّهَارِ بِأَن الْحفاظ من أَصْحَاب بن عُمَرَ لَمْ يَذْكُرُوهَا عَنْهُ وَحَكَمَ النَّسَائِيُّ عَلَى رَاوِيهَا بِأَنَّهُ أَخْطَأَ فِيهَا.

     وَقَالَ  يَحْيَى بْنُ معِين من عَلِيٍّ الْأَزْدِيِّ حَتَّى أَقْبَلَ مِنْهُ وَادَّعَى يَحْيَى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن نَافِع أَن بن عُمَرَ كَانَ يَتَطَوَّعُ بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنَّ وَلَوْ كَانَ حَدِيثُ الْأَزْدِيِّ صَحِيحًا لَمَا خَالفه بن عُمَرَ يَعْنِي مَعَ شِدَّةِ اتِّبَاعِهِ رَوَاهُ عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي سُؤَالَاتِهِ لَكِنْ رَوَى بن وهب بِإِسْنَاد قوي عَن بن عُمَرَ قَالَ صَلَاةُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى مَوْقُوف أخرجه بن عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِهِ فَلَعَلَّ الْأَزْدِيَّ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ الْمَوْقُوفُ بِالْمَرْفُوعِ فَلَا تَكُونُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ صَحِيحَةً عَلَى طَرِيقَةِ مَنْ يَشْتَرِطُ فِي الصَّحِيحِ أَن لَا يكون شاذا وَقد روى بن أبي شيبَة من وَجه آخر عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا أَرْبَعًا وَهَذَا مُوَافق لما نَقله بن معِين .

     قَوْلُهُ  مَثْنَى مَثْنَى أَيِ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِتَكْرَارِ الْعَدْلِ فِيهِ قَالَهُ صَاحِبُ الْكَشَّافِ.

     وَقَالَ  آخَرُونَ لِلْعَدْلِ وَالْوَصْفِ.
وَأَمَّا إِعَادَةُ مثنى فللمبالغة فِي التَّأْكِيد وَقد فسره بن عمر رَاوِي الحَدِيث فَعِنْدَ مُسلم من طَرِيقِ عُقْبَةَ بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ.

قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ مَا مَعْنَى مَثْنَى مَثْنَى قَالَ تُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ مَعْنَى مَثْنَى أَنْ يَتَشَهَّدَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِأَنَّ رَاوِيَ الْحَدِيثِ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ بِهِ وَمَا فَسَّرَهُ بِهِ هُوَ الْمُتَبَادَرُ إِلَى الْفَهْمِ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ فِي الرُّبَاعِيَّةِ مَثَلًا إِنَّهَا مَثْنَى وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى تَعَيُّنِ الْفَصْلِ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْل قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَهُوَ ظَاهِرُ السِّيَاقِ لِحَصْرِ الْمُبْتَدَأِ فِي الْخَبَرِ وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ الْأَفْضَلِ لِمَا صَحَّ مِنْ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخِلَافِهِ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ أَيْضًا كَوْنُهُ لِذَلِكَ بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِرْشَادِ إِلَى الْأَخَفِّ إِذِ السَّلَامُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ أَخَفُّ عَلَى الْمُصَلِّي مِنَ الْأَرْبَعِ فَمَا فَوْقَهَا لِمَا فِيهِ مِنَ الرَّاحَةِ غَالِبًا وَقَضَاءُ مَا يُعْرَضُ مِنْ أَمْرٍ مُهِمٍّ وَلَوْ كَانَ الْوَصْلُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ فَقَطْ لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنِ ادَّعَى اخْتِصَاصَهُ بِهِ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْفَصْلُ كَمَا صَحَّ عَنْهُ الْوَصْلُ فَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ مِنْ طَرِيقَيِ الْأَوْزَاعِيّ وبن أَبِي ذِئْبٍ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي مَا بَيْنَ أَنْ يَفْرُغَ مِنَ الْعِشَاءِ إِلَى الْفَجْرِ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَإِسْنَادُهُمَا عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ أَيْضًا عَلَى عَدَمِ النُّقْصَانِ عَنْ رَكْعَتَيْنِ فِي النَّافِلَةِ مَا عَدَا الْوِتْرَ قَالَ بن دَقِيقِ الْعِيدِ وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ أَقْوَى مِنَ الِاسْتِدْلَالِ بِامْتِنَاعِ قَصْرِ الصُّبْحِ فِي السَّفَرِ إِلَى رَكْعَةٍ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى الطَّحَاوِيِّ فَإِنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى مَنْعِ التَّنَفُّلِ بِرَكْعَةٍ بِذَلِكَ وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لِلْجَوَازِ بِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ فَمَنْ شَاءَ اسْتَكْثَرَ وَمَنْ شَاءَ اسْتَقل صَححهُ بن حِبَّانَ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ أَيُّهُمَا أَفْضَلُ.

     وَقَالَ  الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ الَّذِي اخْتَارَهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى فَإِنْ صَلَّى بِالنَّهَارِ أَرْبَعًا فَلَا بَأْسَ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ نَحْوَهُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ قَالَ وَقَدْ صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ لَمْ يَجْلِسْ إِلَّا فِي آخِرِهَا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوَصْلِ إِلَّا أَنَّا نَخْتَارُ أَنْ يُسَلِّمَ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِكَوْنِهِ أَجَابَ بِهِ السَّائِلَ وَلِكَوْنِ أَحَادِيثِ الْفَصْلِ أَثْبَتَ وَأَكْثَرَ طُرُقًا وَقَدْ تَضَمَّنَ كَلَامُهُ الرَّدَّ عَلَى الدَّاوُدِيِّ الشَّارِحِ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي دَعْوَاهُمْ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّى النَّافِلَةَ أَكْثَرَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى خُرُوجِ وَقْتِ الْوِتْرِ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ وَأَصْرَحُ مِنْهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ أَنه حَدثهُ أَن بن عُمَرَ كَانَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى مِنَ اللَّيْلِ فَلْيَجْعَلْ آخِرَ صَلَاتِهِ وِتْرًا فَإِنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ فَإِذَا كَانَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلَاةِ اللَّيْل وَالْوتر وَفِي صَحِيح بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا مَنْ أَدْرَكَهُ الصُّبْحُ وَلَمْ يُوتِرْ فَلَا وِتْرَ لَهُ وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى التَّعَمُّدِ أَوْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ أَدَاء لما رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَيْضًا مَرْفُوعًا مَنْ نَسِيَ الْوِتْرَ أَوْ نَامَ عَنْهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ إِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ أَيْ وَهُوَ فِي شَفْعٍ فَلْيَنْصَرِفْ عَلَى وِتْرٍ وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ لَا يفْتَقر إِلَى نِيَّة وَحكى بن الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ أَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ بِالْفَجْرِ وَقْتُهُ الِاخْتِيَارِيُّ وَيَبْقَى وَقْتُ الضَّرُورَةِ إِلَى قِيَامِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَحَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِنَّمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيم.

     وَقَالَ  بن قُدَامَةَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَعَمَّدَ تَرْكَ الْوِتْرِ حَتَّى يُصْبِحَ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ قَضَائِهِ فَنَفَاهُ الْأَكْثَرُ وَفِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَمْ يَقُمْ مِنَ اللَّيْلِ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ لَمْ نَجِدْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ قَضَى الْوِتْرَ وَلَا أَمَرَ بِقَضَائِهِ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ نَوْمِهِمْ عَنِ الصُّبْحِ فِي الْوَادِي قَضَى الْوِتْرَ فَلَمْ يُصِبْ وَعَنْ عَطَاءٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ يَقْضِي وَلَوْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ يَقْضِي مِنَ الْقَابِلَةِ وَعَنِ الشَّافِعِيَّةِ يَقْضِي مُطْلَقًا وَيُسْتَدَلُّ لَهُمْ بِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَائِدَةٌ يُؤْخَذُ مِنْ سِيَاقِ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِ الشَّمْس من النَّهَار شرعا وَقد روى بن دُرَيْدٍ فِي أَمَالِيهِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ أَنَّ الْخَلِيلَ بْنَ أَحْمَدَ سُئِلَ عَنْ حَدِّ النَّهَارِ فَقَالَ مِنَ الْفَجْرِ الْمُسْتَطِيرِ إِلَى بَدَاءَةِ الشَّفَقِ وَحُكِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ وَقْتٌ مُنْفَرِدٌ لَا مِنَ اللَّيْل وَلَا من النَّهَار .

     قَوْلُهُ  صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ وَمَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مَالِكٍ فَلْيُصَلِّ رَكْعَةً أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْمُوَطَّآتِ هَكَذَا بِصِيغَةِ الْأَمْرِ وَسَيَأْتِي بِصِيغَةِ الْأَمر أَيْضا من طَرِيق بن عُمَرَ الثَّانِيَةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا نَحْوُهُ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى أَنَّهُ لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْوِتْرِ وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مَشْرُوعِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ عَنْ جُلُوسٍ وَالثَّانِي فِيمَنْ أَوْتَرَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي اللَّيْلِ هَلْ يَكْتَفِي بِوِتْرِهِ الْأَوَّلِ وَلْيَتَنَفَّلْ مَا شَاءَ أَوْ يَشْفَعْ وِتْرَهُ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ يَتَنَفَّلْ ثُمَّ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ هَلْ يَحْتَاجُ إِلَى وِتْرٍ آخَرَ أَوْ لَا فَأَمَّا الْأَوَّلُ فَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَهُوَ جَالِسٌ وَقَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَجَعَلُوا الْأَمْرَ فِي





[ قــ :961 ... غــ :99] .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَادَ شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَرَقَبْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يُصَلِّي زَادَ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِاللَّيْلِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَطاء عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ بَعَثَنِي الْعَبَّاسُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ كُرَيْبٍ فِي إِبِلٍ أَعْطَاهُ إِيَّاهَا مِنَ الصَّدَقَةِ وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ الْعَبَّاسَ بَعَثَهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَة قَالَ فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَهُ فَلَمَّا صَلَّى الْمَغْرِبَ قَامَ فَرَكَعَ حَتَّى أُذِنَ بِصَلَاةِ الْعِشَاءِ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ عَنْهُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَ الْعَبَّاسَ ذَوْدًا مِنَ الْإِبِلِ فَبَعَثَنِي إِلَيْهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ وَكَانَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا قَبْلَهُ وَيُجْمَعُ بِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُكَلِّمْهُ فِي الْمَسْجِدِ أَعَادَهُ إِلَيْهِ بَعْدَ الْعِشَاءِ إِلَى بَيْتِ مَيْمُونَةَ وَلِمُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ نُوَيْفِعٍ عَنْ كُرَيْبٍ من الزِّيَادَةِ فَقَالَ لِي يَا بُنَيَّ بِتِ اللَّيْلَةِ عِنْدَنَا وَفِي رِوَايَةِ حَبِيبٍ الْمَذْكُورَةِ فَقُلْتُ لَا أَنَامُ حَتَّى أَنْظُرَ مَا يَصْنَعُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مَخْرَمَةَ فَقُلْتُ لِمَيْمُونَةَ إِذَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأيقظني وَكَانَ عَزَمَ فِي نَفْسِهِ عَلَى السَّهَرِ لِيَطَّلِعَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي أَرَادَهَا ثُمَّ خَشِيَ أَنْ يغلبه النَّوْمُ فَوَصَّى مَيْمُونَةَ أَنْ تُوقِظَهُ .

     قَوْلُهُ  فِي عُرْضِ وِسَادَةٍ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَذْكُورَةِ وِسَادَةٌ مِنْ أُدْمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ وَفِي رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ الْمَذْكُورَةِ ثُمَّ دَخَلَ مَعَ امْرَأَتِهِ فِي فِرَاشِهَا وَزَادَ أَنَّهَا كَانَتْ لَيْلَتَئِذٍ حَائِضًا وَفِي رِوَايَةِ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ عَنْ كُرَيْبٍ فِي التَّفْسِيرِ فَتَحَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ أَهْلِهِ سَاعَةً وَقَدْ سَبَقَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الِاضْطِجَاعِ وَالْعَرَضِ وَمَسْحِ النَّوْمِ وَالْعَشْرِ الْآيَاتِ فِي بَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بَعْدَ الْحَدَثِ وَكَذَا عَلَى الشَّنِّ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ جَزَمَ شَرِيكُ بْنُ أَبِي نَمِرٍ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ بِثُلُثِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِاسْتِيقَاظَ وَقَعَ مَرَّتَيْنِ فَفِي الْأُولَى نَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ تَلَا الْآيَاتِ ثُمَّ عَادَ لِمَضْجَعِهِ فَنَامَ وَفِي الثَّانِيَةِ أَعَادَ ذَلِكَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ كُرَيْبٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ فَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ فَأَتَى حَاجَتَهُ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ نَامَ ثُمَّ قَامَ فَأَتَى الْقِرْبَةَ الْحَدِيثَ وَفِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ قَامَ قَوْمَةً أُخْرَى وَعِنْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ سَلَمَةَ فَبَالَ بَدَلَ فَأَتَى حَاجَتَهُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَامَ إِلَى شَنٍّ زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ ثُمَّ اسْتَفْرَغَ مِنَ الشَّنِّ فِي إِنَاءٍ ثُمَّ تَوَضَّأَ .

     قَوْلُهُ  فَأَحْسَنَ الْوُضُوءِ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَطَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ جَمِيعًا فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ كُرَيْبٍ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا وَقَدْ تَقَدَّمَتْ فِي بَابِ تَخْفِيفِ الْوُضُوءِ وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ بِرِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ فَإِنَّ لَفْظَهُ فَتَوَضَّأَ وُضُوءًا بَيْنَ وُضُوءَيْنِ لَمْ يُكْثِرْ وَقَدْ أَبْلَغَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عِيَاضٍ عَنْ مَخْرَمَةَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ وَلَمْ يَمَسَّ مِنَ الْمَاءِ إِلَّا قَلِيلًا وَزَادَ فِيهَا فَتَسَوَّكَ وَكَذَا لِشَرِيكٍ عَنْ كُرَيْبٍ فَاسْتَنَّ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ قُبَيْلَ كِتَابِ الْغُسْلِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ ثُمَّ أَخَذَ بُرْدًا لَهُ حَضْرَمِيًّا فَتَوَشَّحَهُ ثُمَّ دَخَلَ الْبَيْتَ فَقَامَ يُصَلِّي .

     قَوْلُهُ  فَصَنَعْتُ مِثْلَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ صَنَعَ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ مِنَ الْقَوْلِ وَالنَّظَرِ وَالْوُضُوءِ وَالسِّوَاكِ وَالتَّوَشُّحِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَغْلَبِ وَزَادَ سَلَمَةُ عَنْ كُرَيْبٍ فِي الدَّعَوَاتِ فِي أَوَّلِهِ فَقُمْتُ فَتَمَطَّيْتُ كَرَاهِيَةً أَنْ يَرَى أَنِّي كُنْتُ أَرْقُبُهُ وَكَأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يَتْرُكَ بَعْضِ عَمَلِهِ لِمَا جَرَى مِنْ عَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُ بَعْضَ الْعَمَلِ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَى أُمَّتِهِ .

     قَوْلُهُ  وَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ مُسْتَوْفًى .

     قَوْلُهُ  وَأَخَذَ بِأُذُنِي زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي رِوَايَتِهِ فَعَرَفْتُ أَنَّهُ إِنَّمَا صَنَعَ ذَلِكَ لِيُؤْنِسَنِي بِيَدِهِ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْل وَفِي رِوَايَة الضَّحَّاك بن عُثْمَانَ فَجَعَلْتُ إِذَا أَغْفَيْتُ أَخَذَ بِشَحْمَةِ أُذُنِي وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ أَخْذَ الْأُذُنِ إِنَّمَا كَانَ فِي حَالَةِ إِدَارَتِهِ لَهُ مِنَ الْيَسَارِ إِلَى الْيَمِينِ مُتَمَسِّكًا بِرِوَايَةِ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ الْآتِيَةِ فِي التَّفْسِيرِ حَيْثُ قَالَ فَأَخَذَ بِأُذُنِي فَأَدَارَنِي عَنْ يَمِينِهِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ إِدَارَتِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَنْ لَا يَعُودَ إِلَى مَسْكِ أُذُنِهِ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَأْنِيسِهِ وَإِيقَاظِهِ لِأَنَّ حَالَهُ كَانَتْ تَقْتَضِي ذَلِكَ لِصِغَرِ سِنِّهِ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ حَيْثُ قَالَ فِيهَا يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ التَّصْرِيحُ بِالْفَصْلِ أَيْضًا وَأَنَّهُ اسْتَاكَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ إِنَّ رِوَايَةَ الْبَابِ فِيهَا التَّصْرِيحُ بِذِكْرِ الرَّكْعَتَيْنِ سِتَّ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ أَوْتَرَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ صَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ سَلَمَةَ الْآتِيَةِ فِي الدَّعَوَاتِ حَيْثُ قَالَ فَتَتَامَّتْ وَلِمُسْلِمٍ فَتَكَامَلَتْ صَلَاتُهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَاضِيَةِ فِي الْإِمَامَةِ عَنْ كُرَيْبٍ فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَذْكُورَةِ مِثْلُهُ وَزَادَ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ الْبَابِ لِأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ ثُمَّ أَوْتَرَ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَاتَّفَقَ هَؤُلَاءِ عَلَى الثَّلَاثَ عَشْرَةَ وَصَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ رَكْعَتِيِ الْفَجْرِ مِنْ غَيْرِهَا لَكِنْ رِوَايَةُ شَرِيكِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ الْآتِيَةُ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ كُرَيْبٍ تُخَالِفُ ذَلِكَ وَلَفْظُهُ فَصَلَّى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ أَذَّنَ بِلَالٌ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ فَهَذَا مَا فِي رِوَايَةِ كُرَيْبٍ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَقَدْ عُرِفَ أَنَّ الْأَكْثَرَ خَالَفُوا شَرِيكًا فِيهَا وَرِوَايَتُهُمْ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَتِهِ لِمَا مَعَهُمْ مِنَ الزِّيَادَةِ وَلِكَوْنِهِمْ أَحْفَظَ مِنْهُ وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ عَلَى سُنَّةِ الْعِشَاءِ وَلَا يَخْفَى بُعْدُهُ وَلَا سِيَّمَا فِي رِوَايَةِ مَخْرَمَةَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ إِلَّا إِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ أَخَّرَ سُنَّةَ الْعِشَاءِ حَتَّى اسْتَيْقَظَ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ رِوَايَةُ الْمِنْهَالِ الْآتِيَةُ قَرِيبًا وَقَدِ اخْتُلِفَ عَلَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا فَفِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنِ الْحَكَمِ عَنْهُ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ نَامَ ثُمَّ صَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَقَدْ حَمَلَ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ هَذِهِ الْأَرْبَعَ عَلَى أَنَّهَا سُنَّةُ الْعِشَاءِ لِكَوْنِهَا وَقَعَتْ قَبْلَ النَّوْمِ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ هُوَ مِنْ طَرِيقِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّ فِيهِ فَصَلَّى الْعِشَاءَ ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ بَعْدَهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرُهُ ثُمَّ انْصَرَفَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ صَلَّى الْأَرْبَع فِي الْمَسْجِد لافى الْبَيْتِ وَرِوَايَةُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا تَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَى خَمْسِ رَكَعَاتٍ بَعْدَ النَّوْمِ وَفِيهِ نَظَرٌ وَقَدْ رَوَاهَا أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الْحَكَمِ وَفِيهِ فَصَلَّى سَبْعًا أَوْ خَمْسًا أَوْتَرَ بِهِنَّ لَمْ يُسَلِّمْ إِلَّا فِي آخِرِهِنَّ وَقَدْ ظَهَرَ لِي مِنْ رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ مَا يَرْفَعُ هَذَا الْإِشْكَالَ وَيُوَضِّحُ أَنَّ رِوَايَةَ الْحَكَمِ وَقَعَ فِيهَا تَقْصِيرٌ فَعِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ عباد عَن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى صَلَّى ثَمَان رَكَعَاتٍ ثُمَّ أَوْتَرَ بِخَمْسٍ لَمْ يَجْلِسْ بَيْنَهُنَّ فَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ رِوَايَةِ سَعِيدٍ وَرِوَايَةِ كُرَيْبٍ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فَصَلَّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ فَهُوَ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي رِوَايَةِ كُرَيْبٍ.
وَأَمَّا مَا فِي رِوَايَتِهِمَا مِنَ الْفَصْلِ وَالْوَصْلِ فَرِوَايَةُ سَعِيدٍ صَرِيحَةٌ فِي الْوَصْلِ وَرِوَايَةُ كُرَيْبٍ مُحْتَمَلَةٌ فَتُحْمَلُ عَلَى رِوَايَةِ سَعِيدٍ.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ طَلْحَةَ بْنِ نَافِعٍ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُهُ بِالثَّمَانِ فَيُوَافِقُ رِوَايَةَ سَعِيدٍ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ الْجَزَّارِ الْآتِيَةُ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ بن عَبَّاسٍ مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِأَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنْهُ لَمْ يَذْكُرُوا عَدَدًا وَمَنْ ذَكَرَ الْعَدَدَ مِنْهُمْ لَمْ يَزِدْ عَلَى ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُنْقِصْ عَنْ إِحْدَى عَشْرَةَ إِلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَا يُخَالِفُهُمْ فَإِنَّ فِيهِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا ثُمَّ انْصَرَفَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِسِتِّ رَكَعَاتٍ كُلَّ ذَلِكَ يَسْتَاكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيَقْرَأُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ يَعْنِي آخِرَ آلِ عِمْرَانَ ثُمَّ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ فَأَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ فَخَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ انْتَهَى فَزَادَ عَلَى الرُّوَاةِ تَكْرَارُ الْوُضُوءِ وَمَا مَعَهُ وَنَقَصَ عَنْهُمْ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا وَلَمْ يَذْكُرْ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ أَيْضًا وَأَظُنُّ ذَلِكَ مِنَ الرَّاوِي عَنْهُ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ فَإِنَّ فِيهِ مَقَالًا وَقد اخْتلف عَلَيْهِ فِيهِ فِي إِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ اخْتِلَافًا تَقَدَّمَ ذِكْرُ بَعْضِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَذْكُرِ الْأَرْبَعَ الْأُوَلَ كَمَا لَمْ يَذْكُرِ الْحِكَمَ الثَّمَانَ كَمَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا سُنَّةُ الْفَجْرِ فَقَدْ ثَبَتَ ذِكْرُهَا فِي طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قِصَّةَ مَبِيتِ بن عَبَّاسٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ تَعَدُّدِهَا فَلِهَذَا يَنْبَغِي الِاعْتِنَاءُ بِالْجَمْعِ بَيْنَ مُخْتَلِفِ الرِّوَايَاتِ فِيهَا وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَخْذَ بِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَالْأَحْفَظُ أَوْلَى مِمَّا خَالَفَهُمْ فِيهِ مَنْ هُوَ دُونَهُمْ وَلَا سِيَّمَا إِنْ زَادَ أَوْ نَقَصَ وَالْمُحَقَّقُ مِنْ عَدَدِ صَلَاتِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ فَيحْتَمل أَن يكون مِنْهَا سنة الْعشَاء ويوافق ذَلِك رِوَايَة أبي جَمْرَة عَن بن عَبَّاسٍ الْآتِيَةُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ بِلَفْظِ كَانَتْ صَلَاةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ يَعْنِي بِاللَّيْلِ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ سُنَّةُ الْفَجْرِ مِنْهَا أَوْ لَا وَبَيَّنَهَا يَحْيَى بْنُ الجزار عَن بن عَبَّاسٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ كَانَ يُصَلِّي ثَمَان رَكَعَاتٍ وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا الْجَمْعِ إِلَّا ظَاهر سِيَاق الْبَاب فَيمكن أَن يحمل .

     قَوْلُهُ  صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ أَيْ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ وَيَكُونُ مِنْهَا سُنَّةُ الْعِشَاءِ وَقَولُهُ ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ إِلَخْ أَيْ بَعْدَ أَنْ قَامَ وَسَيَأْتِي نَحْوُ هَذَا الْجَمْعِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي أَبْوَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَجَمَعَ الْكِرْمَانِيُّ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَ مِنْ رِوَايَات قصَّة بن عَبَّاسٍ هَذِهِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ رُوَاتِهِ ذكر الْقدر الَّذِي اقْتدى بن عَبَّاسٍ بِهِ فِيهِ وَفَصَلَهُ عَمَّا لَمْ يَقْتَدِ بِهِ فِيهِ وَبَعْضُهُمْ ذَكَرَ الْجَمِيعَ مُجْمَلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى جَاءَهُ الْمُؤَذِّنُ فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ تَقَدَّمَتْ تَسْمِيَةُ الْمُؤَذِّنِ قَرِيبًا وَسَيَأْتِي بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي الِاضْطِجَاعِ هَلْ كَانَ قبل رَكْعَتي الْفجْر أَو بعدهمَا فِي أَوَائِلِ أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ خَرَجَ أَيْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى الصُّبْحَ أَيْ بِالْجَمَاعَةِ وَزَادَ سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ كُرَيْبٍ هُنَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الدَّعَوَاتِ وَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا الْحَدِيثَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ جَوَازُ إِعْطَاءِ بَنِي هَاشِمٍ مِنَ الصَّدَقَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّطَوُّعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ إِعْطَاؤُهُ الْعَبَّاسَ لِيَتَوَلَّى صَرْفَهُ فِي مَصَالِحِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ وَفِيهِ جَوَازُ تَقَاضِي الْوَعْدِ وَإِنْ كَانَ مَنْ وَعَدَ بِهِ مَقْطُوعًا بِوَفَائِهِ وَفِيهِ الْمُلَاطَفَةُ بِالصَّغِيرِ وَالْقَرِيبِ وَالضَّيْفِ وَحُسْنُ الْمُعَاشَرَةِ لِلْأَهْلِ وَالرَّدُّ عَلَى مَنْ يُؤْثِرُ دَوَامَ الِانْقِبَاضِ وَفِيهِ مَبِيتُ الصَّغِيرِ عِنْدَ مَحْرَمِهِ وَإِنْ كَانَ زَوْجُهَا عِنْدَهَا وَجَوَازُ الِاضْطِجَاعِ مَعَ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ وَتَرْكُ الِاحْتِشَامِ فِي ذَلِكَ بِحَضْرَةِ الصَّغِيرِ وَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا بَلْ مُرَاهِقًا وَفِيهِ صِحَّةُ صَلَاةِ الصَّبِيِّ وَجَوَازُ فَتْلِ أُذُنِهِ لِتَأْنِيسِهِ وَإِيقَاظِهِ وَقَدْ قيل إِن المتعلم إِذا تُعُوهِدَ بِفَتْلِ أُذُنِهِ كَانَ أَذْكَى لِفَهْمِهِ وَفِيهِ حَمْلُ أَفْعَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ وَمَشْرُوعِيَّةُ التَّنَفُّلِ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَفَضْلُ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَلَا سِيَّمَا فِي النِّصْفِ الثَّانِي وَالْبَدَاءَةُ بِالسِّوَاكِ وَاسْتِحْبَابُهُ عِنْدَ كُلِّ وُضُوءٍ وَعِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَتِلَاوَةُ آخِرِ آلِ عِمْرَانَ عِنْدَ الْقِيَامِ إِلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ وَاسْتِحْبَابُ غَسْلِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ النَّوْمَ وَهُوَ مُحْدِثٌ وَلَعَلَّه المُرَاد بِالْوضُوءِ للْجنب وَفِيهِ جَوَازُ الِاغْتِرَافِ مِنَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ لِأَنَّ الْإِنَاءَ الْمَذْكُورَ كَانَ قَصْعَةً أَوْ صَحْفَةً وَاسْتِحْبَابُ التَّقْلِيلِ مِنَ الْمَاءِ فِي التَّطْهِيرِ مَعَ حُصُولِ الْإِسْبَاغِ وَجَوَازُ التَّصْغِيرِ وَالذِّكْرِ بِالصِّفَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ السَّمَرِ فِي الْعِلْمِ حَيْثُ قَالَ نَام الغليم وَبَيَان فضل بن عَبَّاسٍ وَقُوَّةِ فَهْمِهِ وَحِرْصِهِ عَلَى تَعَلُّمِ أَمْرِ الدِّينِ وَحُسْنِ تَأَتِّيهِ فِي ذَلِكَ وَفِيهِ اتِّخَاذُ مُؤَذِّنٍ رَاتِبٍ لِلْمَسْجِدِ وَإِعْلَامُ الْمُؤَذِّنِ الْإِمَامَ بِحُضُورِ وَقْتِ الصَّلَاةِ وَاسْتِدْعَاؤُهُ لَهَا وَالِاسْتِعَانَةُ بِالْيَدِ فِي الصَّلَاةِ وَتَكْرَارُ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الصَّلَاةِ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ الْجَمَاعَةِ فِي النَّافِلَةِ وَالِائْتِمَامُ بِمَنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ وَبَيَانُ مَوْقِفِ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَقَدْ تَقَدَّمَ كُلُّ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي كَرَاهِيَةِ الْقُرْآنِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ لَيْسَتْ عَلَى الْعُمُومِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ نَوْمَهُ كَانَ لَا يَنْقُضُ وُضُوءَهُ فَلَا يَتِمُّ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّهُ قَرَأَ الْآيَاتِ بَيْنَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَالْوُضُوءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى الْكَلَامُ على حَدِيث بن عَبَّاس وَأما طَرِيق بن عُمَرَ الثَّانِيَةُ فَالْقَاسِمُ الْمَذْكُورُ فِي إِسْنَادِهِ هُوَ بن مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَقَولُهُ فِيهِ فَإِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَنْصَرِفَ فَارْكَعْ رَكْعَةً فِيهِ دَفْعٌ لِقَوْلِ مَنِ ادَّعَى أَنَّ الْوِتْرَ بِوَاحِدَةٍ مُخْتَصٌّ بِمَنْ خَشِيَ طُلُوعَ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِإِرَادَةِ الِانْصِرَافِ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِخَشْيَةِ طُلُوعِ الْفَجْرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَولُهُ فِيهِ قَالَ الْقَاسِمُ هُوَ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ وَقَولُهُ فِيهِ مُنْذُ أَدْرَكْنَا أَيْ بَلَغْنَا الْحُلُمَ أَوْ عَقَلْنَا وَقَولُهُ يُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ وَأَنَّ كُلًّا لَوَاسِعٌ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَاسِمَ فَهِمَ مِنْ





[ قــ :96 ... غــ :993] قَوْلِهِ فَارْكَعْ رَكْعَةً أَيْ مُنْفَرِدَةً مُنْفَصِلَةً وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ الْوَصْلِ وَالْفَصْلِ فِي الْوِتْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَقَدْ أَعَادَهُ الْمُصَنِّفُ إِسْنَادًا وَمَتْنًا فِي كِتَابِ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِإِيرَادِهِ هُنَا أَنْ لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَهُ وَبَين حَدِيث بن عَبَّاس إِذْ ظَاهر حَدِيث بن عَبَّاسٍ فَصْلُ الْوِتْرِ وَهَذَا مُحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَ الْقَاسِمُ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْأَمْرَيْنِ وَاسِعٌ فَشَمَلَ الْفَصْلَ وَالْوَصْلَ وَالِاقْتِصَارَ عَلَى وَاحِدَةٍ وَأَكْثَرَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَأَنَّ كُلًّا أَيْ وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنَ الرَّكْعَةِ وَالثَّلَاثِ وَالْخَمْسِ وَالسَّبْعِ وَغَيْرِهَا جَائِزٌ.
وَأَمَّا تَعْيِينُ الثَّلَاثِ مَوْصُولَةٍ وَمَفْصُولَةٍ فَلَمْ يَشْمَلْهُ كَلَامُهُ لِأَنَّ الْمُخَالِفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ يَحْمِلُ كُلَّ مَا وَرَدَ مِنَ الثَّلَاثِ عَلَى الْوَصْلِ مَعَ أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحَادِيثِ ظَاهِرٌ فِي الْفَصْلِ كَحَدِيثِ عَائِشَةَ يُسَلِّمُ مِنْ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ قَبْلَ الْأَخِيرَةِ فَهُوَ كَالنَّصِّ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ وَحَمَلَ الطَّحَاوِيُّ هَذَا وَمِثْلَهُ عَلَى أَنَّ الرَّكْعَةَ مَضْمُومَةٌ إِلَى الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَهَا وَلَمْ يَتَمَسَّكْ فِي دَعْوَى ذَلِكَ إِلَّا بِالنَّهْيِ عَنِ الْبُتَيْرَاءِ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْبُتَيْرَاءِ أَنْ يُوتِرَ بِوَاحِدَةٍ فَرْدَةٍ لَيْسَ قَبْلَهَا شَيْءٌ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يكون مَعَ الْوَصْلَ أَوِ الْفَصْلَ وَصَرَّحَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّ الْفَصْلَ يَقْطَعُهُمَا عَنْ أَنْ يَكُونَا مِنْ جُمْلَةِ الْوِتْرِ وَمَنْ خَالَفَهُمْ يَقُولُ إِنَّهُمَا مِنْهُ بِالنِّيَّةِ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق وَالله أعلم