فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب تحويل الرداء في الاستسقاء

( قَولُهُ بَابُ تَحْوِيلِ الرِّدَاءِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ)
تَرْجَمَ لِمَشْرُوعِيَّتِهِ خِلَافًا لِمَنْ نَفَاهُ ثُمَّ تَرْجَمَ بَعْدَ ذَلِكَ لِكَيْفِيَّتِهِ كَمَا سَيَأْتِي



[ قــ :979 ... غــ :1011] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ هُوَ بن رَاهْوَيْهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُحَمَّدِ بن أبي بكر أَي بن مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ أَخُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الْمَذْكُورِ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ عَنْ عَبَّادٍ أَبُوهُمَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ بَابًا .

     قَوْلُهُ  اسْتَسْقَى فَقَلَبَ رِدَاءَهُ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ طُولَ رِدَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ سِتَّةَ أَذْرُعٍ فِي ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ وَطُولَ إِزَارِهِ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ وَشِبْرَيْنِ فِي ذِرَاعَيْنِ وَشِبْرٍ كَانَ يَلْبَسُهُمَا فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الْأَحْكَامِ لِابْنِ بَزِيزَةَ ذَرْعَ الرِّدَاءِ كَالَّذي ذكره الْوَاقِدِيّ فِي ذرع الْإِزَارِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ تُرْجِمَ بِلَفْظِ التَّحْوِيلِ وَالَّذِي وَقَعَ فِي الطَّرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ سَاقَهُمَا لَفْظُ الْقَلْبِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ انْتَهَى وَلَمْ تَتَّفِقِ الرُّوَاةُ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ عَلَى لَفْظِ الْقَلْبِ فَإِنَّ رِوَايَةَ أَبِي ذَرٍّ حَوَّلَ وَكَذَا هُوَ فِي أَوَّلِ حَدِيثٍ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ وَقَدْ وَقَعَ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْ ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِسْقَاءِ بِالْمُصَلَّى فِي زِيَادَةِ سُفْيَانَ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَلَفْظُهُ قَلَبَ رِدَاءَهُ جَعَلَ الْيَمِينَ عَلَى الشِّمَالِ وَزَاد فِيهِ بن ماجة وبن خُزَيْمَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَالشِّمَالَ عَلَى الْيَمِينِ وَالْمَسْعُودِيُّ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْكِتَابِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ زِيَادَتَهُ اسْتِطْرَادًا وَسَيَأْتِي بَيَانُ كَوْنِ زِيَادَتِهِ مَوْصُولَةً أَوْ مُعَلَّقَةً فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَهُ شَاهِدٌ أَخَرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الزُّبَيْدِيِّ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادٍ بِلَفْظِ فَجَعَلَ عِطَافَهُ الْأَيْمَنَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ وَعِطَافَهُ الْأَيْسَرَ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْمَنِ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ عَنْ عَبَّادٍ اسْتَسْقَى وَعَلَيْهِ خَمِيصَةٌ سَوْدَاءُ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ بِأَسْفَلِهَا فَيَجْعَلُهُ أَعْلَاهَا فَلَمَّا ثَقُلَتْ عَلَيْهِ قَلَبَهَا عَلَى عَاتِقِهِ وَقَدِ اسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ فِعْلَ مَا هَمَّ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَنْكِيسِ الرِّدَاءِ مَعَ التَّحْوِيلِ الْمَوْصُوفِ وَزَعَمَ الْقُرْطُبِيُّ كَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ اخْتَارَ فِي الْجَدِيدِ تَنْكِيسَ الرِّدَاءِ لَا تَحْوِيلَهُ وَالَّذِي فِي الْأُمِّ مَا ذَكَرْتُهُ وَالْجُمْهُورُ عَلَى اسْتِحْبَابِ التَّحْوِيلِ فَقَطْ وَلَا رَيْبَ أَنَّ الَّذِي اسْتَحَبَّهُ الشَّافِعِيُّ أَحْوَطُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ لَا يُسْتَحَبُّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَاسْتَحَبَّ الْجُمْهُورُ أَيْضًا أَنْ يُحَوِّلَ النَّاسُ بِتَحْوِيلِ الْإِمَامِ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَبَّادٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِلَفْظِ وَحَوَّلَ النَّاسُ مَعَهُ.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ وَأَبُو يُوسُفَ يُحَوِّلُ الْإِمَامُ وَحْدَهُ وَاسْتثنى بن الْمَاجِشُونِ النِّسَاءَ فَقَالَ لَا يُسْتَحَبُّ فِي حَقِّهِنَّ ثُمَّ إِنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فَقَلَبَ رِدَاءَهُ أَنَّ التَّحْوِيلَ وَقَعَ بَعْدَ فَرَاغِ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الْمَعْنَى فَقَلَبَ رِدَاءَهُ فِي أَثْنَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ وَقَدْ بَيَّنَهُ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَفْظُهُ حَوَّلَ رِدَاءَهُ حِينَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَإِنَّهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ وَأَصْلُهُ لِلْمُصَنِّفِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبَّادٍ فَقَامَ فَدَعَا اللَّهَ قَائِمًا ثُمَّ تَوَجَّهَ قِبَلَ الْقِبْلَةِ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ فَعُرِفَ بِذَلِكَ أَنَّ التَّحْوِيلَ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ عِنْدَ إِرَادَةِ الدُّعَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي حِكْمَةِ هَذَا التَّحْوِيلِ فَجَزَمَ الْمُهَلَّبُ بِأَنَّهُ لِلتَّفَاؤُلِ بتحويل الْحَال عَمَّا هِيَ عَلَيْهِ وَتعقبه بن الْعَرَبِيِّ بِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْفَأْلِ أَنْ لَا يُقْصَدَ إِلَيْهِ قَالَ وَإِنَّمَا التَّحْوِيلُ أَمَارَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ قِيلَ لَهُ حَوِّلْ رِدَاءَكَ لِيَتَحَوَّلَ حَالُكَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الَّذِي جَزَمَ بِهِ يَحْتَاجُ إِلَى نَقْلٍ وَالَّذِي رَدَّهُ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرٍ وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ إِرْسَالَهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ أَوْلَى مِنَ الْقَوْلِ بِالظَّنِّ.

     وَقَالَ  بَعْضُهُمْ إِنَّمَا حَوَّلَ رِدَاءَهُ لِيَكُونَ أَثْبَتَ عَلَى عَاتِقِهِ عِنْدَ رَفْعِ يَدَيْهِ فِي الدُّعَاءِ فَلَا يَكُونُ سُنَّةً فِي كُلِّ حَالٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّحْوِيلَ مِنْ جِهَةٍ إِلَى جِهَةٍ لَا يَقْتَضِي الثُّبُوتَ عَلَى الْعَاتِقِ فَالْحَمْلُ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَوْلَى فَإِنَّ الِاتِّبَاعَ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ لِمُجَرَّدِ احْتِمَالِ الْخُصُوصِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ





[ قــ :980 ... غــ :101] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا سُفْيَانُ هُوَ بن عُيَيْنَةَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَيْ قَالَ قَالَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بن عُيَيْنَةَ حَذَفَ الصِّيغَةَ مَرَّةً وَجَرَتْ عَادَتُهُمْ بِحَذْفِ إِحْدَاهُمَا مِنَ الْخَطِّ وَفِي حَذْفِهَا مِنَ اللَّفْظِ بَحْثٌ وَوَقَعَ عِنْدَ الْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي بِلَفْظِ عَنْ عبد الله وَصرح بن خُزَيْمَة فىروايته بِتَحْدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بِهِ لِابْنِ عُيَيْنَةَ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ سَمِعَ عَبَّادَ بْنَ تَمِيمٍ يُحَدِّثُ أَبَاهُ الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أَبَاهُ يَعُودُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ لَا عَلَى عَبَّادٍ وَضَبَطَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَرَاءٍ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ أَظُنُّهُ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اتَّصَلَتْ لَنَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَجْزِمْ بِأَنَّ رِوَايَةَ عَبَّادٍ لَهُ عَنْ عَمِّهِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مِنِ بن مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَقَولُهُ عَنْ أَبِيهِ زِيَادَةٌ وَهِيَ وَهْمٌ وَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ فِي النّسخ الْمُعْتَمدَة من بن مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَاحِ وَكَذَا لِابْنِ خُزَيْمَةَ عَنْ عَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ قَالَ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ وَيَحْيَى هُوَ بن سعيد عَن أبي بكر أَي بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ قَالَ سُفْيَانُ فَقلت لعبد الله أَي بن أَبِي بَكْرٍ حَدِيثٌ حَدَّثَنَاهُ يَحْيَى وَالْمَسْعُودِيُّ عَنْ أَبِيكَ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ سَمِعْتُهُ أَنَا مِنْ عَبَّادٍ يُحَدِّثُ أَبِي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ .

     قَوْلُهُ  خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى فَاسْتَسْقَى فِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْمَذْكُورَةِ فَخَرَجَ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عَلَى سَبَبِ ذَلِكَ وَلَا صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ الذَّهَابِ إِلَى الْمُصَلَّى وَعَلَى وَقْتِ ذَهَابِهِ وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي حَدِيث عَائِشَة عِنْد أبي دَاوُد وبن حِبَّانَ قَالَتْ شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَحْطَ الْمَطَرِ فَأَمَرَ بِمِنْبَرٍ فَوُضِعَ لَهُ بِالْمُصَلَّى وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ فَخَرَجَ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقعدَ على الْمِنْبَر الحَدِيث وَفِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِ السُّنَنِ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا حَتَّى أَتَى الْمُصَلَّى فَرَقَى الْمِنْبَرَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ عِنْدَ الْبَزَّارِ وَالطَّبَرَانِيِّ قَحَطَ الْمَطَرُ فَسَأَلْنَا نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَسْقِيَ لَنَا فَغَدَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدِيثَ وَقَدْ حكى بن الْمُنْذِرِ الِاخْتِلَافَ فِي وَقْتِهَا وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا وَقْتَ لَهَا مُعَيَّنٌ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ أَحْكَامِهَا كَالْعِيدِ لَكِنَّهَا تُخَالِفُهُ بِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِيَوْمٍ مُعَيَّنٍ وَهَلْ تُصْنَعُ بِاللَّيْلِ اسْتَنْبَطَ بَعْضُهُمْ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ فِيهَا بِالنَّهَارِ أَنَّهَا نَهَارِيَّةٌ كَالْعِيدِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ تُصَلَّى بِاللَّيْلِ لَأَسَرَّ فِيهَا بِالنَّهَارِ وَجَهَرَ بِاللَّيْلِ كمطلق النَّوَافِل وَنقل بن قُدَامَةَ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا لَا تُصَلَّى فِي وَقت الْكَرَاهَة وَأفَاد بن حِبَّانَ أَنَّ خُرُوجَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُصَلَّى لِلِاسْتِسْقَاءِ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ .

     قَوْلُهُ  فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْمَذْكُورَة عِنْد بن خُزَيْمَةَ وَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ وَفِي رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ الْآتِيَةِ فِي بَابِ كَيْفَ حَوَّلَ ظَهْرَهُ ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْخطْبَة فِي الِاسْتِسْقَاءِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَهُوَ مُقْتَضَى حَدِيثِ عَائِشَة وبن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورَيْنِ لَكِنْ وَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ وَكَذَا فِي حَدِيثِ أبي هُرَيْرَة عِنْد بن مَاجَهْ حَيْثُ قَالَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ بِغَيْرِ أَذَان وَلَا إِقَامَة وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ الثَّانِي وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ كَذَلِكَ وَرِوَايَةُ يُخَيَّرُ وَلَمْ يَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ صِفَةُ الصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَا مَا يَقْرَأُ فِيهَا وَقد أخرج الدَّارَقُطْنِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِيهِمَا سَبْعًا وَخَمْسًا كَالْعِيدِ وَأَنَّهُ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِسَبِّحْ وَهَلْ أَتَاكَ وَفِي إِسْنَادِهِ مَقَالٌ لَكِنْ أَصْلُهُ فِي السُّنَنِ بِلَفْظِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا يُصَلِّي فِي الْعِيدِ فَأَخَذَ بِظَاهِرِهِ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ يُكَبِّرُ فِيهِمَا وَنَقَلَ الْفَاكِهِيُّ شَيْخُ شُيُوخِنَا عَنِ الشَّافِعِيِّ اسْتِحْبَابَ التَّكْبِيرِ حَالَ الْخُرُوجِ إِلَيْهَا كَمَا فِي الْعِيدِ وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ عَلَيْهِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا اخْتَلَفَ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَدَأَ بِالدُّعَاءِ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَطَبَ فَاقْتَصَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَلَى شَيْءٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى شَيْءٍ وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ عَنِ الدُّعَاءِ بِالْخُطْبَةِ فَلِذَلِكَ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ.
وَأَمَّا قَوْلُ بن بَطَّالٍ إِنَّ رِوَايَةَ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ دَالَّةٌ عَلَى تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ وَهُوَ أَضْبَطُ مِنْ وَلَدَيْهِ عَبْدِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْبَيِّنِ مِنْ سِيَاقِ الْبُخَارِيِّ وَلَا مُسْلِمٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ يَعْتَضِدُ الْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ لِمُشَابَهَتِهَا بِالْعِيدِ وَكَذَا مَا تَقَرَّرَ مِنْ تَقْدِيمِ الصَّلَاةِ أَمَامَ الْحَاجَةِ وَقَدْ تَرْجَمَ الْمُصَنِّفُ لِهَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا الدُّعَاءُ فِي الاسْتِسْقَاء قَائِما واستقبال الْقبْلَة فِيهِ وَحمله بن الْعَرَبِيِّ عَلَى حَالِ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خَاصًّا بِدُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الدَّعَوَاتِ بِالدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِالِاسْتِسْقَاءِ وَكَأَنَّهُ أَلْحَقَهُ بِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الِاخْتِصَاصِ وَتَرْجَمَ أَيْضًا لِكَوْنِهَا رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ إِجْمَاعٌ عِنْدَ مَنْ قَالَ بِهَا وَلِكَوْنِهَا فِي الْمُصَلَّى وَقَدِ اسْتَثْنَى الْخَفَّافُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ مَسْجِدَ مَكَّةَ كَالْعِيدِ وَبِالْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ وَبِتَحْوِيلِ الظَّهْرِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ الدُّعَاءِ وَهُوَ مِنْ لَازِمِ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْمُصَنِّفُ وَقَوله كَانَ بن عُيَيْنَةَ إِلَخْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَعْلِيقًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ ذَلِكَ مِنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَذْكُورِ وَيُرَجِّحُ الثَّانِي أَنَّ الْإِسْمَاعِيلِيَّ أَخْرَجَهُ عَنْ جَعْفَرٍ الْفِرْيَابِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي أَرَى النِّدَاءَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ سُفْيَان وَتعقبه بِأَن بن عُيَيْنَةَ غَلِطَ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  لِأَنَّ هَذَا يَعْنِي رَاوِيَ حَدِيثِ الِاسْتِسْقَاءِ عَبْدُ اللَّهِ أَيْ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ فَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّ هَذَا أَيْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ .

     قَوْلُهُ  مَازِنُ الْأَنْصَارِ احْتِرَازٌ عَنْ مَازِنِ تَمِيمٍ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ مَالِكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ أَوْ مَازِنُ قَيْسٍ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ الْحَارِثِ بن خصفة بِمُعْجَمَة ثمَّ مُهْملَة مفتوحتين بن قيس بن عيلان ومازن بن صَعْصَعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ وَمَازِنُ ضَبَّةَ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ كَعْبِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ ضَبَّةَ وَمَازِنُ شَيْبَانَ وَهُوَ مَازِنُ بْنُ ذُهْلِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ شَيْبَانَ وَغَيْرُهُمْ قَالَ الرَّشَاطِيُّ مَازِنٌ فِي الْقَبَائِلِ كَثِيرٌ وَالْمَازِنُ فِي اللُّغَةِ بَيْضُ النَّمْلِ وَقَدْ حَذَفَ الْبُخَارِيُّ مُقَابِلَهُ وَالتَّقْدِيرُ وَذَاكَ أَيْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ رَائِي الْأَذَانَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ وَقَدِ اتَّفَقَا فِي الِاسْمِ وَاسْمِ الْأَبِ وَالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَنْصَارِيِّ ثُمَّ إِلَى الْخَزْرَجِ وَالصُّحْبَةِ وَالرِّوَايَةِ وَافْتَرَقَا فِي الْجَدِّ وَالْبَطْنِ الَّذِي مِنَ الْخَزْرَجِ لِأَنَّ حَفِيدَ عَاصِمٍ مِنْ مَازِنٍ وَحَفِيدَ عَبْدِ رَبِّهِ مِنْ بِلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ