فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب صلاة القاعد بالإيماء

( قَولُهُ بَابُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ بِالْإِيمَاءِ)
أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَيْضًا وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْإِيمَاءِ وَإِنَّمَا فِيهِ مِثْلُ مَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَمَنْ صَلَّى نَائِمًا فَلَهُ نِصْفُ أجر الْقَاعِد قَالَ بن رَشِيدٍ مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ مَنْ صَلَّى عَلَى جَنْبٍ فَقَدِ احْتَاجَ إِلَى الْإِيمَاءِ انْتَهَى وَلَيْسَ ذَلِكَ بِلَازِمٍ نَعَمْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ يَخْتَارُ جَوَازَ ذَلِكَ وَمُسْتَنَدُهُ تَرْكُ التَّفْصِيلِ فِيهِ مِنَ الشَّارِعِ وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَعَلَيْهِ شَرْحُ الْكِرْمَانِيِّ وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَادِرِ الْإِيمَاءُ لِلرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَإِنْ جَازَ التَّنَفُّلُ مُضْطَجِعًا بَلْ لَا بُدُّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ حَقِيقَةً وَقَدِ اعْتَرَضَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فَقَالَ تَرْجَمَ بِالْإِيمَاءِ وَلَمْ يَقَعْ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا ذِكْرُ النَّوْمِ فَكَأَنَّهُ صَحَّفَ



[ قــ :1078 ... غــ :1116] قَوْلَهُ نَائِمًا يَعْنِي بِنُونٍ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ مِنَ النَّوْمِ فَظَنَّهُ بِإِيمَاءٍ يَعْنِي بِمُوَحَّدَةٍ مَصْدَرُ أَوْمَأَ فَلِهَذَا تَرْجَمَ بِذَلِكَ انْتَهَى وَلَمْ يُصِبْ فِي ظَنِّهِ أَنَّ الْبُخَارِيَّ صَحَّفَهُ فَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَغَيْرِهَا عَقِبَ حَدِيثِ الْبَابِ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ .

     قَوْلُهُ  نَائِمًا عِنْدِي أَيْ مُضْطَجِعًا فَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ كُوشِفَ بِذَلِكَ وَهَذَا التَّفْسِيرُ قَدْ وَقَعَ مِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ عَفَّانَ عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ عَبْدُ الْوَارِثِ النَّائِمُ الْمُضْطَجِعُ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيّ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِ نَائِمًا أَيْ عَلَى جَنْبٍ اه وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ عَلَى التَّصْحِيف أَيْضا حَكَاهُ بن رَشِيدٍ وَوَجَّهَهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مَنْ صَلَّى قَاعِدًا أَوْمَأَ بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِلْمَشْهُورِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْإِيمَاءُ إِذَا صَلَّى نَفْلًا قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَهُوَ الَّذِي يَتَبَيَّنُ مِنِ اخْتِيَارِ الْبُخَارِيِّ وَعَلَى رِوَايَة الْأصيلِيّ شرح بن بَطَّالٍ وَأَنْكَرَ عَلَى النَّسَائِيِّ تَرْجَمَتَهُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَلَى النَّائِمِ وَادَّعَى أَنَّ النَّسَائِيَّ صَحَّفَهُ قَالَ وَغَلَطُهُ فِيهِ ظَاهِرٌ لِأَنَّهُ ثَبَتَ الْأَمْرُ لِلْمُصَلِّي إِذَا وَقَعَ عَلَيْهِ النَّوْمُ أَنْ يَقْطَعَ الصَّلَاةَ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ قَالَ فَكَيْفَ يَأْمُرُهُ بِقَطْعِ الصَّلَاةِ ثُمَّ يَثْبُتُ أَنَّ لَهُ عَلَيْهَا نِصْفَ أَجْرِ الْقَاعِدِ اه وَمَا تَقَدَّمَ مِنَ التَّعَقُّبِ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيِّ يَرُدُّ عَلَيْهِ قَالَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ بَعْدَ أَنْ حَكَى كَلَامَ بن بَطَّالٍ لَعَلَّهُ هُوَ الَّذِي صَحَّفَ وَإِنَّمَا أَلْجَأَهُ إِلَى ذَلِكَ حَمْلُ قَوْلِهِ نَائِمًا عَلَى النَّوْمِ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي أُمِرَ الْمُصَلِّي إِذَا وَجَدَهُ بِقَطْعِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمُرَادَ هُنَا إِنَّمَا الْمُرَادُ الِاضْطِجَاعُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَقَدْ تَرْجَمَ النَّسَائِيُّ فَضْلُ صَلَاةِ الْقَاعِدِ عَلَى النَّائِمِ وَالصَّوَابُ مِنَ الرِّوَايَةِ نَائِمًا بِالنُّونِ عَلَى اسْمِ الْفَاعِلِ مِنَ النَّوْمِ وَالْمُرَادُ بِهِ الِاضْطِجَاعُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَنْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ فَهُوَ الَّذِي صَحَّفَ وَالَّذِي غَرَّهُمْ تَرْجَمَةُ الْبُخَارِيِّ وَعُسْرِ تَوْجِيهِهَا عَلَيْهِمْ وَلِلَّهِ الْحَمد على مَا وهب