فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إنا بك لمحزونون»

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا بك لَمَحْزُونُونَ)
قَالَ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ سَقَطَتْ هَذِهِ التَّرْجَمَةُ وَالْأَثَرُ فِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَثَبَتَتْ لِلْبَاقِينَ وَحَدِيثُ بن عُمَرَ كَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا إِلَّا أَنَّ لَفْظَهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَلَا بِحُزْنِ الْقَلْبِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَهُ بِالْمَعْنَى لِأَنَّ تَرْكَ الْمُؤَاخَذَةِ بِذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ وُجُودَهُ.
وَأَمَّا لَفْظُهُ فَثَبَتَ فِي قِصَّةِ مَوْتِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَأَصْلُهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ كَمَا فِي هَذَا الْبَابِ وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَن بن عَوْف عِنْد بن سعد وَالطَّبَرَانِيّ وَأبي هُرَيْرَة عِنْد بن حبَان وَالْحَاكِم وَأَسْمَاء بنت يزِيد عِنْد بن ماجة ومحمود بن لبيد عِنْد بن سَعْدٍ وَالسَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ وَأَبِي أُمَامَةَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ هُوَ الْجَرَوِيُّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالرَّاءِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَرْوَةَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى تِنِّيسَ وَكَانَ أَبُوهُ أَمِيرَهَا فَتَزَهَّدَ الْحَسَنُ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ تَرِكَةِ أَبِيهِ شَيْئًا وَكَانَ يُقَالُ إِنَّهُ نَظِيرُ قَارُونَ فِي الْمَالِ وَالْحَسَنُ الْمَذْكُورُ مِنْ طَبَقَةِ الْبُخَارِيِّ وَمَاتَ بَعْدَهُ بِسَنَةٍ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَحَدِيثَيْنِ آخَرَيْنِ فِي التَّفْسِيرِ



[ قــ :1254 ... غــ :1303] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ هُوَ التِّنِّيسِيُّ أَدْرَكَهُ الْبُخَارِيُّ وَلَمْ يَلْقَهُ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ مِصْرَ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ الشَّافِعِيُّ مَعَ جَلَالَتِهِ وَمَاتَ قَبْلَهُ بِمُدَّةٍ فَوَقَعَ لِلْحَسَنِ نَظِيرُ مَا وَقَعَ لِشَيْخِهِ مِنْ رِوَايَةِ إِمَامٍ عَظِيمِ الشَّأْنِ عَنْهُ ثُمَّ يَمُوت قبله قَوْله حَدثنَا قُرَيْش هُوَ بن حَيَّانَ هُوَ بِالْقَافِ وَالْمُعْجَمَةِ وَأَبُوهُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ بَصْرِيٌّ يُكَنَّى أَبَا بَكْرٍ .

     قَوْلُهُ  عَلَى أَبِي سَيْفٍ قَالَ عِيَاضٌ هُوَ الْبَرَاءُ بْنُ أَوْسٍ وَأُمُّ سَيْفٍ زَوْجَتُهُ هِيَ أُمُّ بُرْدَةَ وَاسْمُهَا خَوْلَةُ بِنْتُ الْمُنْذِرِ.

قُلْتُ جُمِعَ بِذَلِكَ بَيْنَ مَا وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَبَيْنَ قَول الْوَاقِدِيّ فِيمَا رَوَاهُ بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْهُ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ لَمَّا وُلِدَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ تَنَافَسَتْ فِيهِ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ أَيَّتُهُنَّ تُرْضِعُهُ فَدَفَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّ بُرْدَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ بْنِ زَيْدِ بْنِ لَبِيدٍ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ وَزَوْجُهَا الْبَرَاءُ بْنُ أَوْسِ بْنِ خَالِدِ بْنِ الْجَعْدِ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ أَيْضًا فَكَانَتْ تُرْضِعُهُ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِيهِ فِي بَنِي النَّجَّارِ انْتَهَى وَمَا جُمِعَ بِهِ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ أَوْسٍ يُكَنَّى أَبَا سَيْفٍ وَلَا أَنَّ أَبَا سَيْفٍ يُسَمَّى الْبَرَاءُ بْنُ أَوْسٍ .

     قَوْلُهُ  الْقَيْنُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا نُونٌ هُوَ الْحَدَّادُ وَيُطْلَقُ عَلَى كُلِّ صَانِعٍ يُقَالُ قَانَ الشَّيْءُ إِذَا أَصْلَحَهُ .

     قَوْلُهُ  ظِئْرًا بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ الْمَهْمُوزَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ أَيْ مُرْضِعًا وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ زَوْجَ الْمُرْضِعَةِ وَأَصْلُ الظِّئْرِ مِنْ ظَأَرَتِ النَّاقَةُ إِذَا عَطَفَتْ عَلَى غَيْرِ وَلَدِهَا فَقِيلَ ذَلِكَ لِلَّتِي تُرْضِعُ غَيْرَ وَلَدِهَا وَأُطْلِقَ ذَلِكَ عَلَى زَوْجِهَا لِأَنَّهُ يُشَارِكُهَا فِي تَرْبِيَتِهِ غَالِبًا .

     قَوْلُهُ  لِإِبْرَاهِيمَ أَي بن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَعَ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمُعَلَّقَةِ بَعْدَ هَذَا وَلَفْظُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ فِي أَوَّلِهِ وُلِدَ لِيَ اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَى أُمِّ سَيْفٍ امْرَأَةِ قَيْنٍ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ أَبُو سَيْفٍ فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاتَّبَعَتْهُ فَانْتَهَى إِلَى أَبِي سَيْفٍ وَهُوَ يَنْفُخُ بِكِيرِهِ وَقَدِ امْتَلَأَ الْبَيْتُ دُخَانًا فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا أَبَا سَيْفٍ أَمْسِكْ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِمُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَنَسٍ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضَعًا فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ يَنْطَلِقُ وَنَحْنُ مَعَهُ فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ وَإِنَّهُ لَيُدَخِّنُ وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا .

     قَوْلُهُ  وَإِبْرَاهِيمُ يَجُودُ بِنَفْسِهِ أَيْ يُخْرِجُهَا وَيَدْفَعُهَا كَمَا يَدْفَعُ الْإِنْسَانُ مَالَهُ وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ يكيد قَالَ صَاحب الْعين أَيْ يَسُوقُ بِهَا وَقِيلَ مَعْنَاهُ يُقَارِبُ بِهَا الْمَوْتَ.

     وَقَالَ  أَبُو مَرْوَانَ بْنُ سِرَاجٍ قَدْ يَكُونُ مِنَ الْكَيْدِ وَهُوَ الْقَيْءُ يُقَالُ مِنْهُ كَادَ يَكِيدُ شَبَّهَ تَقَلُّعَ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ بِذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  تَذْرِفَانِ بِذَالٍ مُعْجَمَةٍ وَفَاءٍ أَيْ يَجْرِي دَمْعُهُمَا .

     قَوْلُهُ  وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الطِّيبِيُّ فِيهِ مَعْنَى التَّعَجُّبِ وَالْوَاوُ تَسْتَدْعِي مَعْطُوفًا عَلَيْهِ أَيِ النَّاسُ لَا يَصْبِرُونَ عَلَى الْمُصِيبَةِ وَأَنْتَ تَفْعَلُ كَفِعْلِهِمْ كَأَنَّهُ تَعَجَّبَ لِذَلِكَ مِنْهُ مَعَ عَهْدِهِ مِنْهُ أَنَّهُ يَحُثُّ عَلَى الصَّبْرِ وَيَنْهَى عَنِ الْجَزَعِ فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ إِنَّهَا رَحْمَةٌ أَيِ الْحَالَةُ الَّتِي شَاهَدْتَهَا مِنِّي هِيَ رِقَّةُ الْقَلْبِ عَلَى الْوَلَدِ لَا مَا تَوَهَّمْتَ مِنَ الْجَزَعِ انْتَهَى وَوَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ نَفْسِهِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله تبْكي أَو لم تَنْهَ عَنِ الْبُكَاءِ وَزَادَ فِيهِ إِنَّمَا نَهَيْتُ عَنْ صَوْتَيْنِ أَحْمَقَيْنِ فَاجِرَيْنِ صَوْتٍ عِنْدَ نَغْمَةِ لَهْوٍ وَلَعِبٍ وَمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ وَصَوْتٍ عِنْدَ مُصِيبَةٍ خَمْشِ وُجُوهٍ وَشَقِّ جُيُوبٍ وَرَنَّةِ شَيْطَانٍ قَالَ إِنَّمَا هَذَا رَحْمَةٌ وَمَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمُ وَفِي رِوَايَةِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ فَقَالَ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ مُرْسَلِ مَكْحُولٍ إِنَّمَا أَنْهَى النَّاسَ عَنِ النِّيَاحَةِ أَنْ يُنْدَبَ الرَّجُلُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ ثُمَّ أَتْبَعَهَا وَاللَّهِ بِأُخْرَى بِزِيَادَةِ الْقَسَمِ قِيلَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ أَتْبَعَ الدَّمْعَةَ الْأُولَى بِدَمْعَةٍ أُخْرَى وَقِيلَ أَتْبَعِ الْكَلِمَةَ الْأُولَى الْمُجْمَلَةَ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّهَا رَحْمَةٌ بِكَلِمَةٍ أُخْرَى مُفَصَّلَةٍ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَيُؤَيِّدُ الثَّانِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُرْسَلِ مَكْحُولٍ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ إِلَخْ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَمَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ وَلَا نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرَّبَّ وَزَادَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي آخِرِهِ لَوْلَا أَنَّهُ أَمْرُ حَقٍّ وَوَعْدُ صِدْقٍ وَسَبِيلٌ نَأْتِيهِ وَأنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ بِأَوَّلِنَا لَحَزِنَّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا وَنَحْوَهُ فِي حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ وَمُرْسَلِ مَكْحُولٍ وَزَادَ فِي آخِرِهِ وَفَصْلُ رَضَاعِهِ فِي الْجَنَّةِ وَفِي آخِرِ حَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ.

     وَقَالَ  إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجنَّة وَمَات وَهُوَ بن ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا وَذِكْرُ الرَّضَاعِ وَقَعَ فِي آخِرِ حَدِيثِ أَنَسٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ عَنْهُ إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَ سِيَاقِهِ الْإِرْسَالُ فَلَفْظُهُ قَالَ عَمْرٌو فَلَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِي وَأنَّهُ مَاتَ فِي الثَّدْيِ وَإِنَّ لَهُ لِظِئْرَيْنِ يُكْمِلَانِ رَضَاعَهُ فِي الْجَنَّةِ وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ الْجَنَائِزِ حَدِيثُ الْبَرَاءِ إِنَّ لِإِبْرَاهِيمَ لَمُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ فَائِدَةٌ فِي وَقْتِ وَفَاةِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَزَمَ الْوَاقِدِيُّ بِأَنَّهُ مَاتَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِعَشْرِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ عَشْرٍ.

     وَقَالَ  بن حَزْمٍ مَاتَ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ وُلِدَ فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان قَالَ بن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ هَذَا الْحَدِيثُ يُفَسِّرُ الْبُكَاءَ الْمُبَاحَ وَالْحُزْنَ الْجَائِزَ وَهُوَ مَا كَانَ بِدَمْعِ الْعَيْنِ وَرِقَّةِ الْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ سُخْطٍ لِأَمْرِ اللَّهِ وَهُوَ أَبْيَنُ شَيْءٍ وَقَعَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ تَقْبِيلِ الْوَلَدِ وَشَمِّهِ وَمَشْرُوعِيَّةُ الرَّضَاعِ وَعِيَادَةِ الصَّغِيرِ وَالْحُضُورِ عِنْدَ الْمُحْتَضَرِ وَرَحْمَةِ الْعِيَالِ وَجَوَازِ الْإِخْبَارِ عَنِ الْحُزْنِ وَإِنْ كَانَ الْكِتْمَانُ أَوْلَى وَفِيهِ وُقُوعُ الْخِطَابِ لِلْغَيْرِ وَإِرَادَةُ غَيْرِهِ بِذَلِكَ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَأْخُوذٌ مِنْ مُخَاطَبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَدَهُ مَعَ أَنَّهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَفْهَمُ الْخِطَابَ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا صِغَرُهُ وَالثَّانِي نِزَاعُهُ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِالْخِطَابِ غَيْرَهُ مِنَ الْحَاضِرِينَ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْ فِي نَهْيِهِ السَّابِقِ وَفِيهِ جَوَازُ الِاعْتِرَاضِ عَلَى مَنْ خَالَفَ فِعْلُهُ ظَاهر قَوْله ليظْهر الْفرق وَحكى بن التِّينِ قَوْلَ مَنْ قَالَ إِنَّ فِيهِ دَلِيلًا عَلَى تَقْبِيلِ الْمَيِّتِ وَشَمِّهِ وَرَدَّهُ بِأَنَّ الْقِصَّةَ إِنَّمَا وَقَعَتْ قَبْلَ الْمَوْتِ وَهُوَ كَمَا قَالَ قَوْله رَوَاهُ مُوسَى هُوَ بن إِسْمَاعِيلَ التَّبُوذَكِيُّ وَطَرِيقُهُ هَذِهِ وَصَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقِ تِمْتَامٍ وَهُوَ بِمُثَنَّاتَيْنِ لَقَبُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْبَغْدَادِيِّ الْحَافِظِ عَنْهُ وَفِي سِيَاقِهِ مَا لَيْسَ فِي سِيَاقِ قُرَيْشِ بْنِ حَيَّانَ وَإِنَّمَا أَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَصْلَ الحَدِيث