فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من انتظر حتى تدفن

( قَولُهُ بَابُ مَنِ انْتَظَرَ حَتَّى تُدْفَنَ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَمْ يَذْكُرِ الْمُصَنِّفُ جَوَابَ مَنْ إِمَّا اسْتِغْنَاءً بِمَا ذُكِرَ فِي الْخَبَرِ أَوْ تَوَقُّفًا عَلَى إِثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ بِمُجَرَّدِ الِانْتِظَارِ إِنْ خَلَا عَنِ اتِّبَاعٍ قَالَ وَعَدَلَ عَنْ لَفْظِ الشُّهُودِ كَمَا هُوَ فِي الْخَبَرِ إِلَى لَفْظِ الِانْتِظَارِ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الشُّهُودِ إِنَّمَا هُوَ مُعَاضَدَةُ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَالتَّصَدِّي لِمَعُونَتِهِمْ وَذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ الْمُعْتَبَرَةِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ اخْتَارَ لَفْظَ الِانْتِظَارِ لِكَوْنِهِ أَعَمَّ مِنَ الْمُشَاهَدَةِ فَهُوَ أَكْثَرُ فَائِدَةً وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ بِلَفْظِ الِانْتِظَارِ لِيُفَسِّرَ اللَّفْظَ الْوَارِدَ بِالْمُشَاهَدَةِ بِهِ وَلَفْظُ الِانْتِظَارِ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَقَدْ سَاقَ الْبُخَارِيُّ سَنَدَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ لَفْظَهَا وَوَقَعَتْ هَذِهِ الطَّرِيقُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الَّتِي لَمْ تَتَّصِلْ لَنَا عَنِ الْبُخَارِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا



[ قــ :1274 ... غــ :1325] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ الْقَعْنَبِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ يَعْنِي أَبَا سَعِيدٍ كَيْسَانَ الْمَقْبُرِيَّ وَهُوَ ثَابِتٌ فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْ بَعْضِ الطُّرُقِ.

قُلْتُ وَالصَّوَابُ إِثْبَاتُهُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طَرِيق بن أَبِي ذِئْبٍ نَعَمْ سَقَطَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِيهِ من رِوَايَة بن عَجْلَانَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاق عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي مَعْشَرٍ عِنْدَ حُمَيْدِ بْنِ زَنْجَوَيْهِ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ تَنْبِيهٌ لَمْ يَسُقِ الْبُخَارِيُّ لَفْظَ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَلَفْظُهُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ مَا يَنْبَغِي فِي الْجِنَازَةِ فَقَالَ سَأُخْبِرُكَ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ تَبِعَهَا مِنْ أَهْلِهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ تَبِعَهَا حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ قَالَ بن شِهَابٍ حَدَّثَنِي فُلَانٌ بِكَذَا وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجُ بِكَذَا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يُصَلَّى زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ عَلَيْهِ وَاللَّام لِلْأَكْثَرِ مَفْتُوحَةٌ وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِكَسْرِهَا وَرِوَايَةُ الْفَتْحِ مَحْمُولَةٌ عَلَيْهَا فَإِنَّ حُصُولَ الْقِيرَاطِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى وُجُودِ الصَّلَاةِ مِنَ الَّذِي يَحْصُلُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّائِغِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَكَذَا هُوَ عِنْد مُسلم من طَرِيق بن وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ ابْتِدَاءَ الْحُضُورِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ حَيْثُ قَالَ مِنْ أَهْلِهَا وَفِي رِوَايَةِ خَبَّابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ خَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَلِأَحْمَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فَمَشَى مَعَهَا مِنْ أَهْلِهَا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْقِيرَاطَ يَخْتَصُّ بِمَنْ حَضَرَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ إِلَى انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْقِيرَاطَ يَحْصُلُ أَيْضًا لِمَنْ صَلَّى فَقَطْ لِأَنَّ كُلَّ مَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَسِيلَةٌ إِلَيْهَا لَكِنْ يَكُونُ قِيرَاطُ مَنْ صَلَّى فَقَطْ دُونَ قِيرَاطِ مَنْ شَيَّعَ مَثَلًا وَصَلَّى وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَرَارِيطَ تَتَفَاوَتُ وَوَقَعَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ الْمَذْكُورَةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَلَمْ يَتْبَعْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ وَفِي رِوَايَةِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ وَمَنْ صَلَّى وَلَمْ يَتْبَعْ فَلَهُ قِيرَاطٌ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تُحَصِّلُ الْقِيرَاطَ وَإِنْ لَمْ يَقَعِ اتِّبَاعٌ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ الِاتِّبَاعُ هُنَا عَلَى مَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَهَلْ يَأْتِي نَظِيرُ هَذَا فِي قِيرَاطِ الدَّفْنِ فِيهِ بَحْثٌ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِلَفْظِ مَنِ اتَّبَعَ جِنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ الْحَدِيثَ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْقِيرَاطَيْنِ إِنَّمَا يَحْصُلَانِ لِمَنْ كَانَ مَعَهَا فِي جَمِيعِ الطَّرِيقِ حَتَّى تُدْفَنَ فَإِنْ صَلَّى مَثَلًا وَذَهَبَ إِلَى الْقَبْرِ وَحْدَهُ فَحَضَرَ الدَّفْنَ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ إِلَّا قِيرَاطٌ وَاحِدٌ انْتَهَى وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ الْمَفْهُومِ فَإِنْ وَرَدَ مَنْطُوقٌ بِحُصُولِ الْقِيرَاطِ لِشُهُودِ الدَّفْنِ وَحْدَهُ كَانَ مُقَدَّمًا وَيُجْمَعُ حِينَئِذٍ بِتَفَاوُتِ الْقِيرَاطِ وَالَّذِينَ أَبَوْا ذَلِكَ جَعَلُوهُ مِنْ بَابِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ نَعَمْ مُقْتَضَى جَمِيعِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ مَنِ اقْتَصَرَ عَلَى التَّشْيِيعِ فَلَمْ يُصَلِّ وَلَمْ يَشْهَدِ الدَّفْنَ فَلَا قِيرَاطَ لَهُ إِلَّا على الطَّرِيقَة الَّتِي قدمناها عَن بن عَقِيلٍ لَكِنِ الْحَدِيثَ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ عَنِ الْبَرَاءِ فِي ذَلِكَ ضَعِيفٌ.
وَأَمَّا التَّقْيِيدُ بِالْإِيمَانِ وَالِاحْتِسَابِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِأَنَّ تَرَتُّبَ الثَّوَابِ عَلَى الْعَمَلِ يَسْتَدْعِي سَبْقَ النِّيَّةِ فِيهِ فَيَخْرُجُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الْمُكَافَأَةِ الْمُجَرَّدَةِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ الْمُحَابَاةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ شَهِدَ كَذَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا وَمَنْ شَهِدَهَا .

     قَوْلُهُ  فَلَهُ قِيرَاطَانِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا غَيْرُ قِيرَاطِ الصَّلَاةِ وَهُوَ ظَاهِرُ سِيَاقِ أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ وَبِذَلِك جزم بعض الْمُتَقَدِّمين وَحَكَاهُ بن التِّين عَن القَاضِي أبي الْوَلِيد لَكِن سِيَاق رِوَايَة بن سِيرِينَ يَأْبَى ذَلِكَ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْحَاصِلَ مِنَ الصَّلَاةِ وَمِنَ الدَّفْنِ قِيرَاطَانِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ خَبَّابٍ صَاحِبِ الْمَقْصُورَةِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ مَنْ خَرَجَ مَعَ جِنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ قِيرَاطٌ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِمَعْنَاهُ وَنَحْوُهُ رِوَايَةُ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ النَّوَوِيّ رِوَايَة بن سِيرِينَ صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ الْمَجْمُوعَ قِيرَاطَانِ وَمَعْنَى رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ عَلَى هَذَا كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ أَيْ بِالْأَوَّلِ وَهَذَا مِثْلُ حَدِيثِ مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ وَمَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْلَ كُلَّهُ أَيْ بِانْضِمَامِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى تُدْفَنَ ظَاهِرُهُ أَنَّ حُصُولَ الْقِيرَاطِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى فَرَاغِ الدَّفْنِ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَوْجُهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ فِي اللَّحْدِ وَقِيلَ عِنْدَ انْتِهَاءِ الدَّفْنِ قَبْلَ إِهَالَةِ التُّرَابِ وَقَدْ وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِكُلِّ ذَلِكَ وَيَتَرَجَّحُ الْأَوَّلُ لِلزِّيَادَةِ فَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا وَفِي الْأُخْرَى حَتَّى تُوضَعَ فِي اللَّحْدِ وَكَذَا عِنْدَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي حَازِمٍ بِلَفْظِ حَتَّى تُوضَع فِي الْقَبْر وَفِي رِوَايَة بن سِيرِينَ وَالشَّعْبِيِّ حَتَّى يُفْرَغَ مِنْهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مُزَاحِمٍ عِنْدَ أَحْمَدَ حَتَّى يُقْضَى قَضَاؤُهَا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ حَتَّى يقْضِي دَفنهَا وَفِي رِوَايَة بن عِيَاض عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ حَتَّى يُسَوَّى عَلَيْهَا أَيِ التُّرَابُ وَهِيَ أَصْرَحُ الرِّوَايَاتِ فِي ذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ حُصُولُ الْقِيرَاطِ بِكُلٍّ مِنْ ذَلِكَ لَكِنْ يَتَفَاوَتُ الْقِيرَاطُ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ لَمْ يُعَيَّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْقَائِلَ وَلَا الْمَقُولَ لَهُ وَقَدْ بَيَّنَ الثَّانِي مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةِ الْأَعْرَجِ هَذِهِ فَقَالَ قِيلَ وَمَا الْقِيرَاطَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعِنْدَهُ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقِيرَاطِ وَبَيَّنَ الْقَائِلُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَفْظُهُ.

قُلْتُ وَمَا الْقِيرَاطُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا حَازِمٍ أَيْضًا سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  مِثْلُ الْجَبَلَيْنِ العظيمين سبق أَن فِي رِوَايَة بن سِيرِينَ وَغَيْرِهِ مِثْلُ أُحُدٍ وَفِي رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بن عبد الرَّحْمَن عِنْد بن أَبِي شَيْبَةَ الْقِيرَاطُ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ وَكَذَا فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْبَرَاءِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَأَبِي سَعِيدٍ عِنْدَ أَحْمَدَ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ فَلَهُ قِيرَاطَانِ مِنَ الْأَجْرِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَصْغَرُهُمَا مِثْلُ أُحُدٍ وَفِي رِوَايَةِ أُبَيِّ بن كَعْب عِنْد بن مَاجَهْ الْقِيرَاطُ أَعْظَمُ مِنْ أُحُدٍ هَذَا كَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الْجَبَلِ عِنْدَ ذِكْرِ الْحَدِيثِ وَفِي حَدِيث وَاثِلَة عِنْد بن عَدِيٍّ كُتِبَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ أَخَفُّهُمَا فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَثْقَلُ مِنْ جَبَلِ أُحُدٍ فَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بَيَانَ وَجْهِ التَّمْثِيلِ بِجَبَلِ أُحُدٍ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ زِنَةُ الثَّوَابِ الْمُرَتَّبِ عَلَى ذَلِكَ الْعَمَلِ وَفِي حَدِيثِ الْبَابِ مِنَ الْفَوَائِدِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ التَّرْغِيبُ فِي شُهُودِ الْمَيِّتِ وَالْقِيَامِ بِأَمْرِهِ وَالْحَضُّ عَلَى الِاجْتِمَاعِ لَهُ وَالتَّنْبِيهُ عَلَى عَظِيمِ فَضْلِ اللَّهِ وَتَكْرِيمِهِ لِلْمُسْلِمِ فِي تَكْثِيرِ الثَّوَابِ لِمَنْ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَفِيهِ تَقْدِيرُ الْأَعْمَالِ بِنِسْبَةِ الْأَوْزَانِ إِمَّا تَقْرِيبًا لِلْأَفْهَامِ وَإِمَّا عَلَى حَقِيقَتِهِ وَاللَّهُ أعلم