فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد

( قَولُهُ بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ بِالْمُصَلَّى وَالْمَسْجِدِ)
قَالَ بن رَشِيدٍ لَمْ يَتَعَرَّضِ الْمُصَنِّفُ لِكَوْنِ الْمَيِّتِ بِالْمُصَلَّى أَولا لِأَنَّ الْمُصَلَّى عَلَيْهِ كَانَ غَائِبًا وَأُلْحِقَ حُكْمُ الْمُصَلَّى بِالْمَسْجِدِ بِدَلِيلِ مَا تَقَدَّمَ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْحَيْضِ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى فَدَلَّ عَلَى أَنَّ لِلْمُصَلَّى حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِيمَا يَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ فِيهِ وَيَلْحَقَ بِهِ مَا سِوَى ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا فِي قِصَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّجَاشِيِّ قبل خَمْسَة أَبْوَاب وَقَوله



[ قــ :1276 ... غــ :1327] هُنَا وَعَن بن شِهَابٍ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمُصَدَّرِ بِهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى عَدَدِ التَّكْبِيرِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَاب ثمَّ أورد المُصَنّف حَدِيث بن عُمَرَ فِي رَجْمِ الْيَهُودِيَّيْنِ وسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مَبْسُوطًا فِي كِتَابِ الْحُدُودِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَحكى بن بطال عَن بن حَبِيبٍ أَنَّ مُصَلَّى الْجَنَائِزِ بِالْمَدِينَةِ كَانَ لَاصِقًا بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَاحِيَةِ جِهَةِ الْمَشْرِقِ انْتَهَى فَإِنْ ثَبَتَ مَا قَالَ وَإِلَّا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ هُنَا الْمُصَلَّى الْمُتَّخَذَ لِلْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ مَكَانٌ يَتَهَيَّأُ فِيهِ الرَّجْمُ وَسَيَأْتِي فِي قِصَّةِ مَاعِزٍ فَرَجَمْنَاهُ بِالْمُصَلَّى وَدلّ حَدِيث بن عُمَرَ الْمَذْكُورُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِلْجَنَائِزِ مَكَانٌ مُعَدٌّ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهَا فَقَدْ يُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنَ الصَّلَاةِ عَلَى بَعْضِ الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ كَانَ لِأَمْرٍ عَارِضٍ أَوْ لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَائِزِ فِي الْمَسْجِدِ وَيُقَوِّيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ مَا صَلَّى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ بَيْضَاءَ إِلَّا فِي الْمَسْجِدِ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ.

     وَقَالَ  مَالك لَا يُعجبنِي وَكَرِهَهُ بن أَبِي ذِئْبٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَكُلُّ مَنْ قَالَ بِنَجَاسَةِ الْمَيِّتِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ مِنْهُمْ فَلِخَشْيَةِ التَّلْوِيثِ وَحَمَلُوا الصَّلَاةَ عَلَى سُهَيْلٍ بِأَنَّهُ كَانَ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلُّونَ دَاخِلَهُ وَذَلِكَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَائِشَةَ اسْتَدَلَّتْ بِذَلِكَ لَمَّا أَنْكَرُوا عَلَيْهَا أَمْرَهَا بِالْمُرُورِ بِجِنَازَةِ سَعْدٍ عَلَى حُجْرَتِهَا لِتُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْعَمَلَ اسْتَقَرَّ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ لِأَنَّ الَّذِينَ أَنْكَرُوا ذَلِكَ عَلَى عَائِشَةَ كَانُوا مِنَ الصَّحَابَةِ وَرُدَّ بِأَنَّ عَائِشَةَ لَمَّا أَنْكَرَتْ ذَلِكَ الْإِنْكَارَ سلمُوا لَهَا فَدلَّ علىانها حفظت مَا نسوه وَقد روى بن أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ إِنَّ عُمَرَ صَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي الْمَسْجِدِ وَأَنَّ صُهَيْبًا صَلَّى عَلَى عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ زَادَ فِي رِوَايَةٍ وَوُضِعَتِ الْجِنَازَةُ فِي الْمَسْجِدِ تُجَاهَ الْمِنْبَرِ وَهَذَا يَقْتَضِي الْإِجْمَاع على جَوَاز ذَلِك