فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب فضل صدقة الشحيح الصحيح

( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ صَدَقَةِ الشَّحِيحِ)
الصَّحِيحِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ وَصَدَقَةُ الشَّحِيحِ الصَّحِيحِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى وَأَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ من قبل أَن يَأْتِي أحدكُم الْمَوْت الْآيَةَ فَعَلَى الْأَوَّلِ الْمُرَادُ فَضْلُ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَعَلَى الثَّانِي كَأَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي إِطْلَاقِ أَفْضَلِيَّةِ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَأَوْرَدَ التَّرْجَمَةَ بِصِيغَةِ الِاسْتِفْهَامِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا مُلَخَّصُهُ مُنَاسَبَةُ الْآيَةِ لِلتَّرْجَمَةِ أَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ التَّحْذِيرُ مِنَ التَّسْوِيفِ بِالْإِنْفَاقِ اسْتِبْعَادًا لِحُلُولِ الْأَجَلِ وَاشْتِغَالًا بِطُولِ الْأَمَلِ وَالتَّرْغِيبُ فِي الْمُبَادَرَةِ بِالصَّدَقَةِ قَبْلَ هُجُومِ الْمَنِيَّةِ وَفَوَاتِ الْأُمْنِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ فِي الْحَدِيثِ مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ فَيَتَصَدَّقُ عِنْدَ انْقِطَاعِ أَمَلِهِ مِنَ الْحَيَاةِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فِي آخِرِهِ بِقَوْلِهِ وَلَا تُمْهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَلَمَّا كَانَتْ مُجَاهَدَةُ النَّفْسِ عَلَى إِخْرَاجِ الْمَالِ مَعَ قِيَامِ مَانِعِ الشُّحِّ دَالًّا عَلَى صِحَّةِ الْقَصْدِ وَقُوَّةِ الرَّغْبَةِ فِي الْقُرْبَةِ كَانَ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ نَفْسَ الشُّحِّ هُوَ السَّبَبُ فِي هَذِهِ الْأَفْضَلِيَّةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ تَقْدِيمُ آيَةِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى آيَةِ الْبَقَرَةِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِالْعَكْسِ



[ قــ :1364 ... غــ :1419] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا عبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَادٍ .

     قَوْلُهُ  جَاءَ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَبَا ذَرٍّ فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْهُ أَنَّهُ سَأَلَ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ لَكِنَّ فِي الْجَوَابِ جُهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ أَوْ سَرٍّ إِلَى فَقِيرٍ وَكَذَا رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ فَأُجِيبُ .

     قَوْلُهُ  أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا فِي الْوَصَايَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ .

     قَوْلُهُ  أَنْ تَصَّدَّقَ بِتَشْدِيدِ الصَّادِ وَأَصْلُهُ تَتَصَدَّقَ فَأُدْغِمَتْ إِحْدَى التَّاءَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ فِي الْوَصَايَا وَأَنْتَ صَحِيحٌ حَرِيصٌ قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى الشُّحُّ بُخْلٌ مَعَ حِرْصٍ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْمُحْكَمِ الشُّحُّ مُثَلَّثُ الشِّينِ وَالضَّمُّ أَعْلَى.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْجَامِعِ كَأَنَّ الْفَتْحَ فِي الْمَصْدَرِ وَالضَّمَّ فِي الِاسْمِ.

     وَقَالَ  الْخَطَّابِيُّ فِيهِ أَنَّ الْمَرَضَ يُقَصِّرُ يَدَ الْمَالِكِ عَنْ بَعْضِ مِلْكِهِ وَأَنَّ سَخَاوَتَهُ بِالْمَالِ فِي مَرَضِهِ لَا تَمْحُو عَنْهُ سِيمَةَ الْبُخْلِ فَلِذَلِكَ شَرَطَ صِحَّةَ الْبَدَنِ فِي الشُّحِّ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ فِي الْحَالَتَيْنِ يَجِدُ لِلْمَالِ وَقْعًا فِي قَلْبِهِ لِمَا يَأْمُلُهُ مِنَ الْبَقَاءِ فَيَحْذَرُ مَعَهُ الْفَقْرَ وَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لِلْمُوصِي وَالثَّالِثُ لِلْوَارِثِ لِأَنَّهُ إِذَا شَاءَ أَبْطَلَهُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الثَّالِثُ لِلْمُوصِي أَيْضًا لِخُرُوجِهِ عَنِ الِاسْتِقْلَالِ بِالتَّصَرُّفِ فِيمَا يَشَاءُ فَلِذَلِكَ نَقَصَ ثَوَابُهُ عَنْ حَال الصِّحَّة قَالَ بن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ لَمَّا كَانَ الشُّحُّ غَالِبًا فِي الصِّحَّةِ فَالسَّمَاحُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ أَصْدَقُ فِي النِّيَّةِ وَأَعْظَمُ لِلْأَجْرِ بِخِلَافِ مَنْ يَئِسَ مِنَ الْحَيَاةِ وَرَأَى مَصِيرَ الْمَالِ لِغَيْرِهِ .

     قَوْلُهُ  وَتَأْمُلُ بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ تَطْمَعُ .

     قَوْلُهُ  إِذَا بَلَغَتْ أَيِ الرُّوحُ وَالْمُرَادُ قَارَبَتْ بُلُوغَهُ إِذْ لَوْ بَلَغَتْهُ حَقِيقَةً لَمْ يَصِحَّ شَيْءٌ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ وَلَمْ يَجْرِ لِلرُّوحِ ذِكْرٌ اغْتِنَاءً بِدَلَالَةِ السِّيَاقِ وَالْحُلْقُومُ مَجْرَى النَّفَسِ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ الْعِلْمِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

( قَولُهُ بَابُ)
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَبِهِ جَزَمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَسَقَطَ لِأَبِي ذَرٍّ فَعَلَى رِوَايَتِهِ هُوَ مِنْ تَرْجَمَةِ فَضْلِ صَدَقَةِ الصَّحِيحِ وَعَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ مِنْهُ وَأَوْرَدَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ قِصَّةَ سُؤَالِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ أَيَّتُهُنَّ أَسْرَعُ لُحُوقًا بِهِ وَفِيهِ .

     قَوْلُهُ  لَهُنَّ أَطْوَلُكُنَّ يَدًا الْحَدِيثَ وَوَجْهُ تَعَلُّقِهِ بِمَا قَبْلَهُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ تَضَمَّنَ أَنَّ الْإِيثَارَ وَالِاسْتِكْثَارَ مِنَ الصَّدَقَةِ فِي زَمَنِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْعَمَلِ سَبَبٌ لِلَّحَاقِ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ الْغَايَةُ فِي الْفَضِيلَةِ أَشَارَ إِلَى هَذَا الزين بن الْمُنِير.

     وَقَالَ  بن رَشِيدٍ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ أَنَّهُ تَبَيَّنَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادَ بِطُولِ الْيَدِ الْمُقْتَضِي لِلَّحَاقِ بِهِ الطول وَذَلِكَ إِنَّمَا يَتَأَتَّى لِلصَّحِيحِ لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْمُدَاوَمَةِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَبِذَلِكَ يَتِمُّ الْمُرَادُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



[ قــ :1365 ... غــ :140] .

     قَوْلُهُ  إِنَّ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ السَّائِلَةِ مِنْهُنَّ عَنْ ذَلِكَ إِلَّا عِنْدَ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ حَمَّادٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ قَالَتْ فَقُلْتُ بِالْمُثَنَّاةِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ فَقُلْنَ بِالنُّونِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  يَدًا وَأَطُولُكُنَّ مَرْفُوعٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا أَيْ يُقَدِّرُونَهَا بِذِرَاعِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ بِالنَّظَرِ إِلَى لَفْظِ الْجَمْعِ لَا بِلَفْظِ جَمَاعَةِ النِّسَاءِ وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ وَإِنْ شِئْتِ حَرَّمْتُ النِّسَاءَ سِوَاكُمْ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِلَفْظِ جَمْعِ الْمُذَكَّرِ تَعْظِيمًا وَقَولُهُ أَطُولُكُنَّ يُنَاسِبُ ذَلِكَ وَإِلَّا لَقَالَ طُولَاكُنَّ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَتْ سَوْدَةُ زَاد بن سَعْدٍ عَنْ عَفَّانَ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِنْتُ زَمْعَةَ بْنِ قَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  أَطْوَلُهُنَّ يَدًا فِي رِوَايَةِ عَفَّانَ ذِرَاعًا وَهِيَ تُعِينُ أَنَّهُنَّ فَهِمْنَ مِنْ لَفْظِ الْيَدِ الْجَارِحَةَ .

     قَوْلُهُ  فَعَلِمْنَا بَعْدُ أَيْ لَمَّا مَاتَتْ أَوَّلُ نِسَائِهِ بِهِ لُحُوقًا .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا بِالْفَتْحِ وَالصَّدَقَةُ بِالرَّفْعِ وَطُولَ يَدِهَا بِالنَّصْبِ لِأَنَّهُ الْخَبَرُ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَتْ أَسْرَعَنَا كَذَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحِ بِغَيْرِ تَعْيِينٍ وَوَقَعَ فِي التَّارِيخِ الصَّغِيرِ لِلْمُصَنِّفِ عَنْ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَسْرَعَنَا الخ وَكَذَا أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الدَّلَائِل وبن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ الْعَبَّاسِ الدُّورِيِّ عَنْ مُوسَى وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَفَّانَ عِنْدَ أَحْمد وبن سعد عَنهُ قَالَ بن سَعْدٍ قَالَ لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ يَعْنِي الْوَاقِدِيَّ هَذَا الْحَدِيثُ وُهِلَ فِي سَوْدَةَ وَإِنَّمَا هُوَ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ فَهِيَ أَوَّلُ نِسَائِهِ بِهِ لُحُوقًا وَتُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَبَقِيَتْ سَوْدَةُ إِلَى أَنْ تُوُفِّيَتْ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ قَالَ بن بَطَّالٍ هَذَا الْحَدِيثُ سَقَطَ مِنْهُ ذِكْرُ زَيْنَبَ لِاتِّفَاقِ أَهْلِ السِّيَرِ عَلَى أَنَّ زَيْنَبَ أَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي أَنَّ الصَّوَابَ وَكَانَتْ زَيْنَبُ أَسْرَعَنَا إِلَخْ وَلَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ تِلْكَ الرِّوَايَاتُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْمُصَرَّحُ فِيهَا بِأَنَّ الضَّمِيرَ لِسَوْدَةَ وَقَرَأْتُ بِخَطِّ الْحَافِظِ أَبِي عَلِيٍّ الصَّدَفِيِّ ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ سَوْدَةَ كَانْتَ أَسْرَعَ وَهُوَ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ زَيْنَبَ أَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنَ الْأَزْوَاجِ ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ وَيُقَوِّيهِ رِوَايَةُ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ هَذَا الْحَدِيثُ غَلَطٌ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَالْعَجَبُ مِنَ الْبُخَارِيِّ كَيْفَ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ وَلَا أَصْحَابُ التَّعَالِيقِ وَلَا عَلِمَ بِفَسَادِ ذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ فَإِنَّهُ فَسَّرَهُ.

     وَقَالَ  لُحُوقُ سَوْدَةَ بِهِ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ وَكُلُّ ذَلِكَ وَهَمٌ وَإِنَّمَا هِيَ زَيْنَبُ فَإِنَّهَا كَانَتْ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا بِالْعَطَاءِ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ بِلَفْظِ فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يدا زَيْنَبُ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ وَتَتَصَدَّقُ انْتَهَى وَتَلَقَّى مغلطاي كَلَام بن الْجَوْزِيِّ فَجَزَمَ بِهِ وَلَمْ يَنْسُبْهُ لَهُ وَقَدْ جَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ فَقَالَ الطِّيبِيُّ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيمَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ الْمُرَادُ الْحَاضِرَاتُ مِنْ أَزْوَاجِهِ دُونَ زَيْنَبَ وَكَانَتْ سَوْدَةُ أَوَّلُهُنَّ مَوْتًا.

قُلْتُ وَقَدْ وَقَعَ نَحْوُهُ فِي كَلَامِ مُغَلْطَايْ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا أَنَّ فِي رِوَايَة يحيى بن حَمَّاد عِنْد بن حِبَّانَ أَنَّ نِسَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعْنَ عِنْدَهُ لَمْ تُغَادِرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ ثُمَّ هُوَ مَعَ ذَلِكَ إِنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي وَفَاةِ سَوْدَةَ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى سَعِيدِ بْنِ هِلَالٍ أَنَّهُ قَالَ مَاتَتْ سَوْدَةُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَجَزَمَ الذَّهَبِيُّ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ بِأَنَّهَا مَاتَتْ فِي آخِرِ خِلَافَةِ عُمَرَ.

     وَقَالَ  بن سَيِّدِ النَّاسِ أَنَّهُ الْمَشْهُورُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا أَطْلَقَهُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ حَيْثُ قَالَ أَجْمَعَ أهل السّير على أَن زَيْنَب أول من مَاتَ مِنْ أَزْوَاجِهِ وَسَبَقَهُ إِلَى نَقْلِ الِاتِّفَاقِ بن بَطَّالٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ النَّقْلَ مُقَيَّدٌ بِأَهْلِ السِّيَرِ فَلَا يَرِدُ نَقْلُ قَوْلِ مَنْ خَالَفَهُمْ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ مِمَّنْ لَا يَدْخُلُ فِي زُمْرَةِ أَهْلِ السِّيَرِ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ الَّذِي تَقَدَّمَ فَلَا يَصِحُّ وَقَدْ تقدم عَن بن بَطَّالٍ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ فَكَانَتْ لِزَيْنَبَ وَذَكَرْتُ مَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرُهُ بِسَوْدَةَ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ لِكَوْنِ غَيْرِهَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ ذِكْرٌ فَلَمَّا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى قِصَّةِ زَيْنَبَ وَكَوْنِهَا أَوَّلَ الْأَزْوَاجِ لُحُوقًا بِهِ جَعَلَ الضَّمَائِرَ كُلَّهَا لِسَوْدَةَ وَهَذَا عِنْدِي مِنْ أَبِي عَوَانَةَ فَقَدْ خَالَفَهُ فِي ذَلِك بن عُيَيْنَة عَن فراس كَمَا قَرَأت بِخَط بن رَشِيدٍ أَنَّهُ قَرَأَهُ بِخَطِّ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْوَرْدِ وَلَمْ أَقِفْ إِلَى الْآنَ عَلَى رِوَايَةِ بن عُيَيْنَةَ هَذِهِ لَكِنْ رَوَى يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ فِي زِيَادَاتِ الْمَغَازِي وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ بِإِسْنَادِهِ عَنْهُ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنِ الشَّعْبِيِّ التَّصْرِيحَ بِأَنَّ ذَلِكَ لِزَيْنَبَ لَكِنْ قَصَّرَ زَكَرِيَّا فِي إِسْنَادِهِ فَلَمْ يَذْكُرْ مَسْرُوقًا وَلَا عَائِشَةَ وَلَفْظُهُ قُلْنَ النِّسْوَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّنَا أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا قَالَ أَطْوَلكُنَّ يدا فأخذن يتذار عَن أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ عَلِمْنَ أَنَّهَا كَانَتْ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا فِي الْخَيْرِ وَالصَّدَقَةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا مَا رَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ مُسْتَدْرَكِهِ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَزْوَاجِهِ أَسْرَعُكُنَّ لُحُوقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا قَالَتْ عَائِشَةُ فَكُنَّا إِذَا اجْتَمَعْنَا فِي بَيْتِ إِحْدَانَا بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَمُدُّ أَيْدِيَنَا فِي الْجِدَارِ نَتَطَاوَلُ فَلَمْ نَزَلْ نَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى تُوُفِّيَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ وَكَانَتِ امْرَأَةً قَصِيرَةً وَلَمْ تَكُنْ أَطْوَلَنَا فَعَرَفْنَا حِينَئِذٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِطُولِ الْيَدِ الصَّدَقَةَ وَكَانَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةَ صِنَاعَةٍ بِالْيَدِ وَكَانَتْ تَدْبُغُ وَتَخْرُزُ وَتَصَدَّقُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ الْحَاكِمُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ انْتَهَى وَهِيَ رِوَايَةٌ مُفَسِّرَةٌ مُبَيِّنَةٌ مُرَجِّحَةٌ لِرِوَايَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ فِي أَمْرِ زَيْنَبَ قَالَ بن رَشِيدٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ لَا تَعْنِي سَوْدَةَ قَوْلُهَا فَعَلِمْنَا بَعْدُ إِذْ قَدْ أَخْبَرَتْ عَنْ سَوْدَةَ بِالطُّولِ الْحَقِيقِيِّ وَلَمْ تَذْكُرْ سَبَبَ الرُّجُوعِ عَنِ الْحَقِيقَةِ إِلَى الْمَجَازِ إِلَّا الْمَوْتَ فَإِذَا طَلَبَ السَّامِعُ سَبَبَ الْعُدُولِ لَمْ يَجِدْ إِلَّا الْإِضْمَارَ مَعَ أَنَّهُ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فَعَلِمْنَا بَعْدُ أَنَّ الْمُخْبَرَ عَنْهَا إِنَّمَا هِيَ الْمَوْصُوفَةُ بِالصَّدَقَةِ لِمَوْتِهَا قَبْلَ الْبَاقِيَاتِ فَيَنْظُرُ السَّامِعُ وَيَبْحَثُ فَلَا يَجِدُ إِلَّا زَيْنَبَ فَيَتَعَيَّنُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ بَابِ إِضْمَارِ مَا لَا يَصْلُحُ غَيْرُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى حَتَّى تَوَارَتْ بالحجاب قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَجْهُ الْجَمْعِ أَنَّ قَوْلَهَا فَعَلِمْنَا بَعْدُ يُشْعِرُ إِشْعَارًا قَوِيًّا أَنَّهُنَّ حَمَلْنَ طُولَ الْيَدِ عَلَى ظَاهِرِهِ ثُمَّ عَلِمْنَ بَعْدَ ذَلِكَ خِلَافَهُ وَأَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ وَالَّذِي عَلِمْنَهُ آخِرًا خِلَافَ مَا اعْتَقَدْنَهُ أَوَّلًا وَقَدِ انْحَصَرَ الثَّانِي فِي زَيْنَبَ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهَا أَوَّلُهُنَّ مَوْتًا فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ هِيَ الْمُرَادَةُ وَكَذَلِكَ بَقِيَّةُ الضَّمَائِرِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَكَانَتْ وَاسْتَغْنَى عَنْ تَسْمِيَتِهَا لِشُهْرَتِهَا بِذَلِكَ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فِي الْحَدِيثِ اخْتِصَارًا أَوِ اكْتِفَاءً بِشُهْرَةِ الْقِصَّةِ لِزَيْنَبَ وَيُؤَوَّلُ الْكَلَامُ بِأَنَّ الضَّمِير رَجَعَ إِلَى المرأةالتي عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا أَوَّلُ مَنْ يَلْحَقُ بِهِ وَكَانَتْ كَثِيرَةَ الصَّدَقَةِ.

قُلْتُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي كَوْنِ الْبُخَارِيِّ حَذَفَ لَفْظَ سَوْدَةَ مِنْ سِيَاقِ الْحَدِيثِ لَمَّا أَخْرَجَهُ فِي الصَّحِيحِ لِعِلْمِهِ بِالْوَهْمِ فِيهِ وَأَنَّهُ لَمَّا سَاقَهُ فِي التَّارِيخِ بِإِثْبَاتِ ذِكْرِهَا ذَكَرَ مَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى قَالَ صَلَّيْتُ مَعَ عُمَرَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ وَكَانَتْ أَوَّلَ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُوقًا بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَارِيخِ وَفَاتِهَا فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَأَنَّهُ سَنَةَ عِشْرِينَ وروى بن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ بَرْزَةَ بِنْتِ رَافِعٍ قَالَتْ لَمَّا خَرَجَ الْعَطَاءُ أَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بِالَّذِي لَهَا فَتَعَجَّبَتْ وَسَتَرَتْهُ بِثَوْبٍ وَأَمَرَتْ بِتَفْرِقَتِهِ إِلَى أَنْ كُشِفَ الثَّوْبُ فَوَجَدَتْ تَحْتَهُ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ قَالَتْ اللَّهُمَّ لَا يُدْرِكُنِي عَطَاءٌ لِعُمَرَ بَعْدَ عَامِي هَذَا فَمَاتَتْ فَكَانَتْ أَوَّلَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم لُحُوقا بِهِ وروى بن أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ بْنِ مَعْنٍ قَالَ كَانَتْ زَيْنَبُ أَوَّلَ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لُحُوقًا بِهِ فَهَذِهِ رِوَايَاتٌ يُعَضِّدُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهَا أَنَّ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ وَهْمًا وَقَدْ سَاقَهُ يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ عَنْهُ مُخْتَصَرًا وَلَفْظُهُ فَأَخَذْنَ قَصَبَةً يَتَذَارَعْنَهَا فَمَاتَتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ وَكَانَتْ كَثِيرَةَ الصَّدَقَةِ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ قَالَ أَطْوَلُكُنَّ يَدًا بِالصَّدَقَةِ هَذَا لَفظه عِنْد بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْهُ وَلَفْظُهُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ عَنْ أَبِي دَاوُدَ وَهُوَ الْحَرَّانِيُّ عَنْهُ فَأَخَذْنَ قَصَبَةً فَجَعَلْنَ يَذْرَعْنَهَا فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَسْرَعَهُنَّ بِهِ لُحُوقًا وَكَانَتْ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا وَكَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ وَهَذَا السِّيَاقُ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ إِلَّا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ دُخُولِ الْوَهْمِ عَلَى الرَّاوِي فِي التَّسْمِيَةِ خَاصَّةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ ظَاهِرٌ وَفِيهِ جَوَازُ إِطْلَاقِ اللَّفْظِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِغَيْرِ قَرِينَةٍ وَهُوَ لَفْظُ أَطُولُكُنَّ إِذَا لَمْ يَكُنْ مَحْذُورٌ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ لَمَّا كَانَ السُّؤَالُ عَنْ آجَالٍ مُقَدَّرَةٍ لَا تُعْلَمُ إِلَّا بِالْوَحْيِ أَجَابَهُنَّ بِلَفْظٍ غَيْرِ صَرِيحٍ وَأَحَالَهُنَّ عَلَى مَا لَا يَتَبَيَّنُ إِلَّا بِآخَرَ وَسَاغَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنَ الْأَحْكَامِ التَّكْلِيفِيَّةِ وَفِيهِ أَنَّ مَنْ حَمَلَ الْكَلَامَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَحَقِيقَتِهِ لَمْ يُلَمْ وَإِنْ كَانَ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ مَجَازَهُ لِأَنَّ نِسْوَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلْنَ طُولَ الْيَدِ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِنَّ.
وَأَمَّا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ مَيْمُونَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُنَّ لَيْسَ ذَلِكَ أَعْنِي إِنَّمَا أَعْنِي أَصْنَعُكُنَّ يَدًا فَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَمْ يَحْتَجْنَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَرْعِ أَيْدِيهِنَّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ.

     وَقَالَ  الْمُهَلَّبُ فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ لِلْمَعَانِي لَا لِلْأَلْفَاظِ لِأَنَّ النِّسْوَةَ فَهِمْنَ مِنْ طُولِ الْيَدِ الْجَارِحَةَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِالطُّولِ كَثْرَةُ الصَّدَقَةِ وَمَا قَالَهُ لَا يُمْكِنُ اطِّرَادُهُ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَالله أعلم