فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الزكاة على الأقارب

( قَولُهُ بَابُ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَقَارِبِ)
قَالَ الزَّيْنُ بن الْمُنِير وَجه اسْتِدْلَالِهِ لِذَلِكَ بِأَحَادِيثَ الْبَابِ أَنَّ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ عَلَى الْأَقَارِبِ لَمَّا لَمْ يَنْقُصْ أَجْرُهَا بِوُقُوعِهَا مَوْقِعَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ مَعًا كَانَتْ صَدَقَةُ الْوَاجِبِ كَذَلِكَ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ عَلَى مَنْ يَلْزَمُ الْمَرْءَ نَفَقَتُهُ أَنْ تَكُونَ الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ كَذَلِكَ وَقَدِ اعْتَرَضَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِأَنَّ الَّذِي فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُطْلَقُ الصَّدَقَةِ لَا الصَّدَقَةُ الْوَاجِبَةُ فَلَا يَتِمُّ اسْتِدْلَالُهُ إِلَّا إِنْ أَرَادَ الِاسْتِدْلَالَ عَلَى أَنَّ الْأَقَارِبَ فِي الزَّكَاةِ أَحَقُّ بِهَا إِذْ رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْفَ الصَّدَقَةِ الْمُتَطَوَّعِ بِهَا إِلَى الْأَقَارِبِ أَفْضَلُ فذَلِكَ حِينَئِذٍ لَهُ وَجه.

     وَقَالَ  بن رَشِيدٍ قَدْ يُؤْخَذُ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي طَلْحَةَ فِيمَا فَهِمَهُ مِنَ الْآيَةِ وَذَلِكَ أَنَّ النَّفَقَةَ فِي



[ قــ :1403 ... غــ :1461] قَوْلِهِ حَتَّى تُنْفِقُوا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا فَعَمِلَ بِهَا أَبُو طَلْحَةَ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ فَيَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا فِي بَقِيَّةِ مُفْرَدَاتِهِ وَلَا يُعَارِضُهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ للْفُقَرَاء الْآيَةَ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى حَصْرِ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ فِي الْمَذْكُورِينَ.
وَأَمَّا صَنِيعُ أَبِي طَلْحَةَ فَيَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِ ذَوِي الْقُرْبَى إِذَا اتَّصَفُوا بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الصَّدَقَةِ عَلَى غَيْرِهِمْ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَنْ يُسْتَثْنَى مِنَ الْأَقَارِبِ فِي الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ بَعْدَ بَابَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ فِيهِ قصَّة لامْرَأَة بن مَسْعُودٍ وَسَيَأْتِي مَوْصُولًا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَيْنِ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي تَصَدُّقِ أَبِي طَلْحَةَ بِأَرْضِهِ وَحَدِيثُ أَبِي سعيد فِي قصَّة امْرَأَة بن مَسْعُودٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْوَقْفِ و.

     قَوْلُهُ  فِيهِ بير حاء بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَبِالْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ وَجَاءَ فِي ضَبْطِهِ أَوْجُهٌ كَثِيرَةٌ جَمَعَهَا بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فَقَالَ يُرْوَى بِفَتْحِ الْبَاءِ وَبِكَسْرِهَا وَبِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَبِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ فَهَذِهِ ثَمَانِ لُغَاتٍ وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ بَرِيحَا بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَقْدِيمِهَا عَلَى التَّحْتَانِيَّةِ وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ بَارِيحَا مِثْلُهُ لَكِنْ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ.

     وَقَالَ  الْبَاجِيُّ أَفْصَحُهَا بِفَتْحِ الْبَاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مَقْصُورٌ وَكَذَا جَزَمَ بِهِ الصَّغَانِيُّ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ فَيْعَلَى مِنَ الْبَرَاحِ قَالَ وَمَنْ ذَكَرَهُ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَظَنَّ أَنَّهَا بِئْرٌ مِنْ آبَارِ الْمَدِينَةِ فَقَدْ صَحَّفَ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ رَوْحٌ يَعْنِي عَنْ مَالِكٍ فِي قَوْلِهِ رَابِحٌ بِالْمُوَحَّدَةِ وَسَيَأْتِي مِنْ طَرِيقِهِ مَوْصُولًا فِي الْبُيُوعِ .

     قَوْلُهُ  وقَال يَحْيَى بْنُ يَحْيَى وَإِسْمَاعِيل عَن مَالك رائح يَعْنِي بِالتَّحْتَانِيَّةِ أَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى فَسَتَأْتِي مَوْصُولَةً فِي الْوَكَالَةِ وَعَزَاهَا مُغَلْطَايْ لِتَخْرِيجِ الدَّارَقُطْنِيِّ فَأَبْعَدَ وَأما رِوَايَة إِسْمَاعِيل وَهُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ فَوَصَلَهَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّفْسِيرِ وَقَدْ وَهِمَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ فَقَالَ رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى بِالْمُوَحَّدَةِ وَكَأَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَنْدَلُسِيُّ بِالنَّيْسَابُورِيِّ فَالَّذِي عَنَاهُ هُوَ الْأَنْدَلُسِيُّ وَالَّذِي عَنَاهُ الْبُخَارِيُّ النَّيْسَابُورِيَّ قَالَ الدَّانِيُّ فِي أَطْرَافِهِ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيُّ بِالْمُوَحَّدَةِ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ بِالْمُثَنَّاةِ وَتَابَعَهُ إِسْمَاعِيلُ وبن وَهْبٍ وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ بِالشَّكِّ اهـ وَرِوَايَةُ الْقَعْنَبِيِّ وَصَلَهَا الْبُخَارِيُّ فِي الْأَشْرِبَةِ بِالشَّكِّ كَمَا قَالَ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى وَاضِحَةٌ مِنَ الرِّبْحِ أَيْ ذُو رِبْحٍ وَقِيلَ هُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ أَيْ هُوَ مَالٌ مَرْبُوحٌ فِيهِ.
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَمَعْنَاهَا رائح عَلَيْهِ أجره قَالَ بن بَطَّالٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَسَافَتَهُ قَرِيبَةٌ وَذَلِكَ أَنْفَسُ الْأَمْوَالِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ يَرُوحُ بِالْأَجْرِ وَيَغْدُو بِهِ وَاكْتَفَى بِالرَّوَاحِ عَنِ الْغُدُوِّ وَادَّعَى الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَنَّ مَنْ رَوَاهَا بِالتَّحْتَانِيَّةِ فَقَدْ صَحَّفَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى صَدْرِهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْحَيْضِ وَبَقِيَّةُ مَا فِيهِ من قصَّة امْرَأَة بن مَسْعُودٍ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ بَابَيْنِ مُسْتَوْفًى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَولُهُ فِيهِ فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ زَيْنَبُ الْقَائِلُ هُوَ بِلَالٌ كَمَا سَيَأْتِي وَقَولُهُ ائْذَنُوا لَهَا فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَخْ لَمْ يُبَيِّنْ أَبُو سَعِيدٍ مِمَّنْ سَمِعَ ذَلِكَ فَإِنْ يَكُنْ حَاضِرًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَالَ الْمُرَاجَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَهُوَ مِنْ مُسْنَدِهِ وَإِلَّا فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حَمْلُهُ عَنْ زَيْنَبَ صَاحِبَة الْقِصَّة وَالله أعلم