فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الزكاة على الزوج والأيتام في الحجر

( قَولُهُ بَابُ الزَّكَاةِ عَلَى الزَّوْجِ وَالْأَيْتَامِ فِي الْحِجْرِ)
قَالَهُ أَبُو سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُشِيرُ إِلَى حَدِيثِهِ السَّابِقِ مَوْصُولًا فِي بَابِ الزَّكَاةِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَسَنَذْكُرُ مَا فِيهِ فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ بن رَشِيدٍ أَعَادَ الْأَيْتَامَ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ لِعُمُومِ الْأُولَى وَخُصُوصِ الثَّانِيَةِ وَمَحْمَلُ الْحَدِيثَيْنِ فِي وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِمَا عَلَى الْعُمُومِ لِأَنَّ الْإِعْطَاءَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَمْرو بن الْحَارِث هُوَ بن أَبِي ضِرَارٍ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ الْخُزَاعِيُّ ثُمَّ الْمُصْطَلِقِيُّ أَخُو جُوَيْرِيَةَ بِنْتُ الْحَارِثِ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ صُحْبَةٌ وَرَوَى هُنَا عَنْ صَحَابِيَّةٍ فَفِي الْإِسْنَادِ تَابِعِيٌّ عَنْ تَابِعِيٍّ الْأَعْمَشُ عَنْ شَقِيقٍ وَصَحَابِيٌّ عَنْ صَحَابِيٍّ عَمْرٌو عَنْ زَيْنَبَ وَهِيَ بِنْتُ مُعَاوِيَةَ وَيُقَالُ بِنْتُ عبد الله بن مُعَاوِيَة بن عَتَّابٍ الثَّقَفِيَّةُ وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا رَائِطَةُ وَقَعَ ذَلِك فِي صَحِيح بن حِبَّانَ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَيُقَالُ هُمَا اثْنَتَانِ عِنْد الْأَكْثَر وَمِمَّنْ جزم بِهِ بن سَعْدٍ.

     وَقَالَ  الْكَلَابَاذِيُّ رَائِطَةُ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِزَيْنَبَ وَبِهَذَا جَزَمَ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ رَائِطَةُ هِيَ زَيْنَبُ لَا يعلم أَنَّ لِعَبْدِ اللَّهِ امْرَأَةً فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُهَا وَوَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ عَنْ هَنَّادٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَمْرِو بن الْحَارِث بن المصطلق عَن بن أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ فَزَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا وَالْمَوْصُوفُ بِكَوْنِهِ بن أَخِي زَيْنَبَ هُوَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ نَفْسُهُ وَكَأنَ أَبَاهُ كَانَ أَخَا زَيْنَبَ لِأُمِّهَا لِأَنَّهَا ثَقَفِيَّةٌ وَهُوَ خُزَاعِيٌّ وَوَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِث بن أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ زَيْنَبَ فَجَعَلَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو هَكَذَا جَزَمَ بِهِ الْمِزِّيُّ وَعَقَدَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي الْأَطْرَافِ تَرْجَمَةً لَمْ يَزِدْ فِيهَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي التِّرْمِذِيِّ بَلْ وَقَفْتُ عَلَى عِدَّةِ نُسَخٍ مِنْهُ لَيْسَ فِيهَا إِلَّا عَمْرُو بْنُ الْحَارِث وَقد حكى بن الْقَطَّانِ الْخِلَافَ فِيهِ عَلَى أَبِي مُعَاوِيَةَ وَشُعْبَةَ وَخَالَفَ التِّرْمِذِيَّ فِي تَرْجِيحِ رِوَايَةِ شُعْبَةَ فِي قَوْله عَن عَمْرو بن الْحَارِث عَن بن أَخِي زَيْنَبَ لِانْفِرَادِ أَبِي مُعَاوِيَةَ بِذَلِكَ قَالَ بن الْقَطَّانِ لَا يَضُرُّهُ الِانْفِرَادُ لِأَنَّهُ حَافِظٌ وَقَدْ وَافَقَهُ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَقَدْ زَادَ فِي الْإِسْنَادِ رَجُلًا لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُتَوَقَّفَ فِي صِحَّةِ الْإِسْنَادِ لِأَن بن أَخِي زَيْنَبَ حِينَئِذٍ لَا يُعْرَفُ حَالُهُ وَقَدْ حَكَى التِّرْمِذِيُّ فِي الْعِلَلِ الْمُفْرَدَاتِ أَنَّهُ سَأَلَ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ فَحَكَمَ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ بِالْوَهْمِ وَأَنَّ الصَّوَابَ رِوَايَةُ الْجَمَاعَةِ عَنِ الْأَعْمَشِ عَن شَقِيق عَن عَمْرو بن الْحَارِث بن أَخِي زَيْنَبَ.

قُلْتُ وَوَافَقَهُ مَنْصُورٌ عَنْ شَقِيقٍ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّ أَبَا وَائِلٍ حَمَلَهُ عَنِ الْأَبِ وَالِابْنِ وَإِلَّا فَالْمَحْفُوظُ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَلَى الصَّوَابِ فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ



[ قــ :1408 ... غــ :1466] .

     قَوْلُهُ  قَالَ فَذَكَرْتُهُ لِإِبْرَاهِيمَ الْقَائِلُ هُوَ الْأَعْمَش وَإِبْرَاهِيم هُوَ بن يزِيد النَّخعِيّ وَأَبُو عُبَيْدَة هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَفِي هَذِهِ الطَّرِيقِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَرِجَالُ الطَّرِيقَيْنِ كُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ فَرَأَيْتُ إِلَخْ فِي هَذَا زِيَادَةٌ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ وَبَيَانُ السَّبَبِ فِي سُؤَالِهَا ذَلِكَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ الْأَيْتَامِ الَّذِينَ كَانُوا فِي حِجْرِهَا .

     قَوْلُهُ  فَوَجَدْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ الْمَذْكُورَةِ فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ وَكَذَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ وَزَادَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ انْطَلَقَتِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي بن مَسْعُودٍ وَامْرَأَةُ أَبِي مَسْعُودٍ يَعْنِي عُقْبَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ قلت لم يذكر بن سَعْدٍ لِأَبِي مَسْعُودٍ امْرَأَةً أَنْصَارِيَّةً سِوَى هُزَيْلَةَ بِنْتِ ثَابِتِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الْخَزْرَجِيَّةَ فَلَعَلَّ لَهَا اسْمَيْنِ أَوْ وَهِمَ مَنْ سَمَّاهَا زَيْنَبَ انْتِقَالًا مِنَ اسْمِ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى اسْمِهَا .

     قَوْلُهُ  وَأَيْتَامٍ لِي فِي حِجْرِي فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ الْمَذْكُورَةِ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَأَيْتَامٍ فِي حُجُورِنَا وَفِي رِوَايَةِ الطَّيَالِسِيِّ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُمْ بَنُو أَخِيهَا وَبَنُو أُخْتِهَا وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَلْقَمَةَ لِإِحْدَاهُمَا فَضْلُ مَالٍ وَفِي حِجْرِهَا بَنُو أَخٍ لَهَا أَيْتَامٌ وَلِلْأُخْرَى فَضْلُ مَالٍ وَزَوْجٌ خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ وَهَذَا الْقَوْلُ كِنَايَةً عَنِ الْفَقْرِ .

     قَوْلُهُ  وَلَهَا أَجْرَانِ أَجْرُ الْقَرَابَةِ وَأَجْرُ الصَّدَقَةِ أَيْ أَجْرُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَأَجْرُ مَنْفَعَةِ الصَّدَقَةِ وَهَذَا ظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَمْ تُشَافِهْهُ بِالسُّؤَالِ وَلَا شَافَهَهَا بِالْجَوَابِ وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ بِبَابَيْنِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا شَافَهَتْهُ وَشَافَهَهَا لِقَوْلِهَا فِيهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنَّكَ أَمَرْتَ وَقَولُهُ فِيهِ صَدَقَ زَوْجُكِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَا قِصَّتَيْنِ وَيَحْتَمِلُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقَالَ تُحْمَلُ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةُ عَلَى الْمَجَازِ وَإِنَّمَا كَانَتْ عَلَى لِسَانِ بِلَالٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى جَوَازِ دَفْعِ الْمَرْأَةِ زَكَاتَهَا إِلَى زَوْجِهَا وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَعَنْ أَحْمَدَ كَذَا أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ وَرِوَايَةُ الْمَنْعِ عَنْهُ مُقَيَّدَةٌ بِالْوَارِثِ وَعِبَارَةُ الْجَوْزَقِيِّ وَلَا لمن تلْزمهُ مُؤْنَته فشرحه بن قُدَامَةَ بِمَا قَيَّدْتُهُ قَالَ وَالْأَظْهَرُ الْجَوَازُ مُطْلَقًا إِلَّا لِلْأَبَوَيْنِ وَالْوَلَدِ وَحَمَلُوا الصَّدَقَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الْوَاجِبَةِ لِقَوْلِهَا أَتُجْزِئُ عَنِّي وَبِهِ جَزَمَ الْمَازِرِيُّ.
وَتَعَقَّبَهُ عِيَاضٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَوْ مِنْ حُلِيِّكُنَّ وَكَوْنَ صَدَقَتِهَا كَانَتْ مِنْ صِنَاعَتِهَا يَدُلَّانِ عَلَى التَّطَوُّعِ وَبِهِ جَزَمَ النَّوَوِيُّ وَتَأَوَّلُوا قَوْلَهُ أَتُجْزِئُ عَنِّي أَيْ فِي الْوِقَايَةِ مِنَ النَّارِ كَأَنَّهَا خَافَتْ أَنَّ صَدَقَتَهَا عَلَى زَوْجِهَا لَا تُحَصِّلُ لَهَا الْمَقْصُودَ وَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنَ الصِّنَاعَةِ احْتَجَّ بِهِ الطَّحَاوِيُّ لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَأخْرج من طَرِيق رائطة امْرَأَة بن مَسْعُودٍ أَنَّهَا كَانَتِ امْرَأَةً صَنْعَاءَ الْيَدَيْنِ فَكَانَتْ تُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَلَدِهِ قَالَ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ.
وَأَمَّا الْحُلِيُّ فَإِنَّمَا يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى مَنْ لَا يُوجِبُ فِيهِ الزَّكَاةَ.
وَأَمَّا مَنْ يُوجِبُ فَلَا وَقَدْ رَوَى الثَّوْرِيُّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ قَالَ بن مَسْعُودٍ لِامْرَأَتِهِ فِي حُلِيِّهَا إِذَا بَلَغَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَفِيهِ الزَّكَاةُ فَكَيْفَ يُحْتَجُّ عَلَى الطَّحَاوِيِّ بِمَا لَا يَقُولُ بِهِ لَكِنْ تَمَسَّكَ الطَّحَاوِيُّ بِقَوْلِهَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ السَّابِقِ وَكَانَ عِنْدِي حُلِيٌّ لِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ لِأَنَّ الْحُلِيَّ وَلَوْ قِيلَ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ إِلَّا أَنَّهَا لَا تَجِبُ فِي جَمِيعِهِ كَذَا قَالَ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ لِأَنَّهَا وَإِنْ لَمْ تَجِبْ فِي عَيْنِهِ فَقَدْ تَجِبُ فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ قَدْرُ النِّصَابِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهَا إِخْرَاجُهُ وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ دَالٌّ عَلَى أَنَّهَا صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ الْوَاجِبَةِ بِالْإِجْمَاع كَمَا نَقله بن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَفِي هَذَا الِاحْتِجَاجِ نَظَرٌ لِأَنَّ الَّذِي يَمْتَنِعُ إِعْطَاؤُهُ مِنَ الصَّدَقَةِ الْوَاجِبَةِ مَنْ يَلْزَمُ الْمُعْطِيَ نَفَقَتَهُ وَالْأُمُّ لَا يَلْزَمُهَا نَفَقَةُ وَلَدهَا مَعَ وجود أَبِيه.

     وَقَالَ  بن التَّيْمِيِّ .

     قَوْلُهُ  وَوَلَدَكِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلتَّرْبِيَةِ لَا لِلْوِلَادَةِ فَكَأَنَّهُ وَلَدُهُ مِنْ غَيْرِهَا.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ اعْتَلَّ مَنْ مَنَعَهَا مِنَ إِعْطَائِهَا زَكَاتَهَا لِزَوْجِهَا بِأَنَّهَا تَعُودُ إِلَيْهَا فِي النَّفَقَةِ فَكَأَنَّهَا مَا خَرَجَتْ عَنْهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ احْتِمَالَ رُجُوعِ الصَّدَقَةِ إِلَيْهَا وَاقِعٌ فِي التَّطَوُّعِ أَيْضًا وَيُؤَيِّدُ الْمَذْهَبَ الْأَوَّلَ أَنَّ تَرْكَ الِاسْتِفْصَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فَلَمَّا ذُكِرَتِ الصَّدَقَةُ وَلَمْ يَسْتَفْصِلْهَا عَنْ تَطَوُّعٍ وَلَا وَاجِبٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ تُجْزِئُ عَنْكِ فَرْضًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا.
وَأَمَّا وَلَدُهَا فَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهَا تُعْطِي وَلَدَهَا مِنْ زَكَاتهَا بل مَعْنَاهُ أَنَّهَا إِذَا أَعْطَتْ زَوْجَهَا فَأَنْفَقَهُ عَلَى وَلَدِهَا كَانُوا أَحَقَّ مِنَ الْأَجَانِبِ فَالْإِجْزَاءُ يَقَعُ بِالْإِعْطَاءِ لِلزَّوْجِ وَالْوُصُولِ إِلَى الْوَلَدِ بَعْدَ بُلُوغِ الزَّكَاةِ مَحِلَّهَا وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُمَا قَضِيَّتَانِ إِحْدَاهُمَا فِي سُؤَالِهَا عَنْ تَصَدُّقِهَا بِحُلِّيِّهَا عَلَى زَوْجِهَا وَوَلَدِهِ وَالْأُخْرَى فِي سُؤَالِهَا عَنِ النَّفَقَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَقَارِبِ وَهُوَ مَحْمُولٌ فِي الْوَاجِبَةِ عَلَى مَنْ لَا يَلْزَمُ الْمُعْطِيَ نَفَقَتُهُ مِنْهُمْ وَاخْتُلِفَ فِي عِلَّةِ الْمَنْعِ فَقِيلَ لِأَنَّ أَخْذَهُمْ لَهَا يُصَيِّرُهُمْ أَغْنِيَاءَ فَيَسْقُطُ بِذَلِكَ نَفَقَتُهُمْ عَنِ الْمُعْطِي أَوْ لِأَنَّهُمْ أَغْنِيَاءُ بِإِنْفَاقِهِ عَلَيْهِمْ وَالزَّكَاةُ لَا تُصْرَفُ لِغَنِيٍّ وَعَنِ الْحَسَنِ وَطَاوُسٍ لَا يُعْطِي قَرَابَتَهُ مِنَ الزَّكَاةِ شَيْئًا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ مَالِكٍ.

     وَقَالَ  بن الْمُنْذِرِ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُعْطِي زَوْجَتَهُ مِنَ الزَّكَاةِ لِأَنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَتَسْتَغْنِي بِهَا عَنِ الزَّكَاةِ.
وَأَمَّا إِعْطَاؤُهَا لِلزَّوْجِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ كَمَا سَبَقَ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى صِلَةِ الرَّحِمِ وَجَوَازِ تَبَرُّعِ الْمَرْأَةِ بِمَالِهَا بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا وَفِيهِ عِظَةُ النِّسَاءِ وَتَرْغِيبُ وَلِيِّ الْأَمْرِ فِي أَفْعَالِ الْخَيْرِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالتَّحَدُّثُ مَعَ النِّسَاءِ الْأَجَانِبِ عِنْدَ أَمْنِ الْفِتْنَةِ وَالتَّخْوِيفُ مِنَ الْمُؤَاخَذَةِ بِالذُّنُوبِ وَمَا يُتَوَقَّعُ بِسَبَبِهَا مِنَ الْعَذَابِ وَفِيهِ فُتْيَا الْعَالِمِ مَعَ وُجُودِ مَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ وَطَلَبُ التَّرَقِّي فِي تَحَمُّلِ الْعِلْمِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ لَيْسَ إِخْبَارُ بِلَالٍ بِاسْمِ الْمَرْأَتَيْنِ بعد أَن استكتمتاه بإذاعة سر وَلَا كَشْفِ أَمَانَةٍ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُمَا لَمْ تُلْزِمَاهُ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا عُلِمَ أَنَّهُمَا رَأَتَا أَنْ لَا ضَرُورَة تُحْوِجُ إِلَى كِتْمَانِهِمَا ثَانِيهِمَا أَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ جَوَابًا لِسُؤَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكَون إِجَابَتِهِ أَوْجَبَ مِنَ التَّمَسُّكِ بِمَا أَمَرَتَاهُ بِهِ مِنَ الْكِتْمَانِ وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ الْتَزَمَ لَهُمَا بِذَلِكَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَا سَأَلَتَاهُ وَلَا يَجِبُ إِسْعَافُ كُلِّ سَائِلٍ





[ قــ :1409 ... غــ :1467] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبدة هُوَ بن سُلَيْمَان وَهِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ وَفِي الْإِسْنَادِ تَابِعِيٌّ عَنْ تَابِعِيٍّ هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ وَصَحَابِيَّةٌ عَنْ صَحَابِيَّةٍ زَيْنَبُ عَنْ أُمِّهَا .

     قَوْلُهُ  عَلَى بَنِي أَبِي سَلَمَةَ أَيْ بن عَبْدِ الْأَسَدِ وَكَانَ زَوْجَ أُمِّ سَلَمَةَ قَبْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَزَوَّجَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهَا مِنْ أَبِي سَلَمَةَ عَمْرُ وَمُحَمَّدُ وَزَيْنَبُ وَدُرَّةُ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ الَّذِي كَانَتْ تُنْفِقُهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ فَكَانَ الْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ مِنَ الْحَدِيثِ حُصُولُ الْإِنْفَاقِ عَلَى الْأَيْتَامِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  فَلَكِ أَجْرُ مَا أَنْفَقْتِ عَلَيْهِمْ رَوَاهُ الْأَكْثَرُ بِالْإِضَافَةِ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَا مَوْصُولَةً وَجَوَّزَ أَبُو جَعْفَرٍ الْغَرْنَاطِيُّ نَزِيلُ حَلَبَ تَنْوِينَ أَجْرُ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَا ظَرْفِيَّةً ذَكَرَ ذَلِكَ لَنَا عَنْهُ الشَّيْخُ بُرْهَانُ الدِّينِ الْمُحدث بحلب