فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب متى يدفع من جمع

( قَولُهُ بَابُ مَتَى يُدْفَعُ مِنْ جَمْعٍ)
أَيْ بَعْدَ الْوُقُوفِ بِالْمَشْعَرِ الْحَرَامِ



[ قــ :1613 ... غــ :1684] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ هُوَ السَّبِيعِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَا يُفِيضُونَ زَادَ يَحْيَى الْقَطَّانُ عَنْ شُعْبَةَ مِنْ جَمْعٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَكَذَا هُوَ لِلْمُصَنِّفِ فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَزَادَ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْ سُفْيَانَ حَتَّى يَرَوُا الشَّمْسَ عَلَى ثَبِيرٍ .

     قَوْلُهُ  وَيَقُولُونَ أَشْرِقْ ثَبِيرُ أَشْرِقْ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فِعْلُ أَمْرٍ مِنَ الْإِشْرَاقِ أَيِ ادْخُلْ فِي الشروق.

     وَقَالَ  بن التِّينِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ كَأَنَّهُ ثُلَاثِيٌّ مِنْ شَرَقَ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْمَعْنَى لِتَطْلُعْ عَلَيْكَ الشَّمْسُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَضِئْ يَا جَبَلُ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ أَيْضًا وَثَبِيرُ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ هُنَاكَ وَهُوَ عَلَى يَسَارِ الذَّاهِبِ إِلَى مِنًى وَهُوَ أَعْظَمُ جِبَالِ مَكَّةَ عُرِفَ بِرَجُلٍ مِنْ هُذَيْلٍ اسْمُهُ ثَبِيرٌ دُفِنَ فِيهِ زَادَ أَبُو الْوَلِيدِ عَنْ شُعْبَةَ كَيْمَا نُغِيرُ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَمِثْلُهُ لِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ وَلِلطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَشْرِقْ ثَبِيرُ لَعَلَّنَا نُغِيرُ قَالَ الطَّبَرِيُّ مَعْنَاهُ كَيْمَا نَدْفَعُ لِلنَّحْرِ وَهُوَ مِنْ قَوْلِهِمْ أَغَارَ الْفَرَسُ إِذَا أَسْرَعَ فِي عدوه قَالَ بن التِّينِ وَضَبَطَهُ بَعْضُهُمْ بِسُكُونِ الرَّاءِ فِي ثَبِيرُ وَفِي نُغِيرُ لِإِرَادَةِ السَّجْعِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ أَفَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ الْإِفَاضَةُ الدَّفْعَةُ قَالَهُ الْأَصْمَعِيُّ وَمِنْهُ أَفَاضَ الْقَوْمُ فِي الْحَدِيثِ إِذَا دَفَعُوا فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ أَفَاضَ عُمَرَ فَيَكُونَ انْتِهَاءُ حَدِيثِهِ مَا قَبْلَ هَذَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ أَفَاضَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَطْفِهِ عَلَى قَوْلِهِ خَالَفَهُمْ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ عَنْ شُعْبَةَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ فَأَفَاضَ وَفِي رِوَايَةِ الثَّوْرِيِّ فَخَالَفَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَفَاضَ وَلِلطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ زَكَرِيَّا عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بِسَنَدِهِ كَانَ الْمُشْرِكُونَ لَا يَنْفِرُونَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ ذَلِكَ فَنَفَرَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ إِسْرَائِيلَ فَدَفَعَ لِقَدْرِ صَلَاةِ الْقَوْمِ الْمُسْفِرِينَ لِصَلَاةِ الْغَدَاةِ وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ مَا وَقَعَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا فَدَفَعَ قَبْلَ أَن تطلع الشَّمْس وَقد تقدم حَدِيث بن مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ وَصَنِيعُ عُثْمَانَ بِمَا يُوَافِقُهُ وروى بن الْمُنْذِرِ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَأَلْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ مَتَى دَفَعَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ جَمْعٍ قَالَ كَانْصِرَافِ الْقَوْمِ الْمُسْفِرِينَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ وَرَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ لَمَّا أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمُزْدَلِفَةِ غَدَا فَوَقَفَ عَلَى قُزَحَ وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ ثُمَّ قَالَ هَذَا الْمَوْقِفُ وَكُلُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَوْقِفٌ حَتَّى إِذَا أَسْفَرَ دَفَعَ وَأَصْلُهُ فِي التِّرْمِذِيِّ دُونَ قَوْلِهِ حَتَّى إِذَا أَسْفَرَ وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ وَالطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ فَكَانَتْ عَلَى رُؤُوسِ الْجِبَالِ كَأَنَّهَا الْعَمَائِمُ عَلَى رُؤُوسِ الرِّجَالِ دَفَعُوا فَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَسْفَرَ كُلُّ شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَلِلْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ نَحْوُهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الدَّفْعِ مِنَ الْمَوْقِفِ بِالْمُزْدَلِفَةِ عِنْدَ الْإِسْفَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِيمَنْ دَفَعَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَنَقَلَ الطَّبَرِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَقِفْ فِيهِ حَتَّى طلعت الشَّمْس فَاتَهُ الْوُقُوف قَالَ بن الْمُنْذِرِ وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَجُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ بِظَاهِرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ وَكَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنْ يَدْفَعَ قَبْلَ الْإسْفَارِ وَاحْتَجَّ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَجِّلِ الصَّلَاةَ مُغَلِّسًا إِلَّا لِيَدْفَعَ قَبْلَ الشَّمْسِ فَكُلُّ مَنْ بَعُدَ دَفْعُهُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ كَانَ أولى