فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من ساق البدن معه

( قَولُهُ بَابُ مَنْ سَاقَ الْبُدْنَ مَعَهُ أَيْ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ)
قَالَ الْمُهَلَّبُ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ أَنْ يُعَرِّفَ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْهَدْيِ أَنْ يُسَاقَ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ فَإِنِ اشْتَرَاهُ مِنَ الْحَرَمِ خَرَجَ بِهِ إِذَا حَجَّ إِلَى عَرَفَةَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ.

     وَقَالَ  الْجُمْهُورُ إِنْ وَقَفَ بِهِ بِعَرَفَةَ فَحَسَنٌ وَإِلَّا فَلَا بَدَلَ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا سَاقَ الْهَدْيَ مِنَ الْحِلِّ لِأَنَّ مَسْكَنَهُ كَانَ خَارِجَ الْحَرَمِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْإِبِلِ فَأَمَّا الْبَقَرُ فَقَدْ يَضْعُفُ عَنْ ذَلِكَ وَالْغَنَمُ أَضْعَفُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ مَالِكٌ لَا يُسَاقُ إِلَّا مِنْ عَرَفَةَ أَوْ مَا قَرُبَ مِنْهَا لِأَنَّهَا تَضْعُفُ عَنْ قَطْعِ طُولِ الْمَسَافَةِ



[ قــ :1619 ... غــ :1691] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُقَيْلٍ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ عَنْ أَبِيهِ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ .

     قَوْلُهُ  تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ قَالَ الْمُهَلَّبُ مَعْنَاهُ أَمَرَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ عَلَى أَنَسٍ قَوْلَهُ أَنَّهُ قَرَنَ وَيَقُولُ بَلْ كَانَ مُفْرِدًا.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَبَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ فَمَعْنَاهُ أَمَرَهُمْ بِالتَّمَتُّعِ وَهُوَ أَنْ يُهِلُّوا بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا وَيُقَدِّمُوهَا قَبْلَ الْحَجِّ قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِدَفْعِ التَّنَاقُضِ عَن بن عمر قلت لم يتَبَيَّن هَذَا التَّأْوِيل المتعسف وَقد قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ إِنَّ حَمْلَ قَوْلِهِ تَمَتَّعَ عَلَى مَعْنَى أَمَرَ مِنْ أَبْعَدِ التَّأْوِيلَاتِ وَالِاسْتِشْهَادُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ رَجَمَ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالرَّجْمِ مِنْ أَوْهَنِ الِاسْتِشْهَادَاتِ لِأَنَّ الرَّجْمَ مِنْ وَظِيفَةِ الْإِمَامِ وَالَّذِي يَتَوَلَّاهُ إِنَّمَا يَتَوَلَّاهُ نِيَابَةً عَنْهُ.
وَأَمَّا أَعْمَالُ الْحَجِّ مِنَ إِفْرَادٍ وَقِرَانٍ وَتَمَتُّعٍ فَإِنَّهُ وَظِيفَةُ كُلِّ أَحَدٍ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ أَجَازَ تَأْوِيلًا آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الرَّاوِيَ عَهِدَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَفْعَلُونَ إِلَّا كَفِعْلِهِ لَا سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَلَمَّا تَحَقَّقَ أَنَّ النَّاسَ تَمَتَّعُوا ظَنَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ تَمَتَّعَ فَأَطْلَقَ ذَلِكَ.

قُلْتُ وَلَمْ يَتَعَيَّنْ هَذَا أَيْضًا بَلْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَمَتَّعَ مَحْمُولًا عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الِانْتِفَاعُ بِإِسْقَاطِ عَمَلِ الْعُمْرَةِ وَالْخُرُوجِ إِلَى مِيقَاتِهَا وَغَيْرِهَا بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ قَالَ وَقَولُهُ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ أَيْ بِإِدْخَالِ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي بَابِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ تَقْرِيرَ هَذَا التَّأْوِيلِ وَإِنَّمَا الْمُشْكِلُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  بَدَأَ فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْكَثِيرَةِ فِي هَذَا الْبَابِ اسْتَقَرَّ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى أَنَّهُ بَدَأَ أَوَّلًا بِالْحَجِّ ثُمَّ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ وَهَذَا بِالْعَكْسِ وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ صُورَةُ الْإِهْلَالِ أَيْ لَمَّا أَدْخَلَ الْعُمْرَةَ عَلَى الْحَجِّ لَبَّى بِهِمَا فَقَالَ لَبَّيْكَ بِعُمْرَةٍ وَحَجَّةٍ مَعًا وَهَذَا مُطَابِقٌ لِحَدِيثِ أَنَسٍ الْمُتَقَدِّمِ لَكِن قد أنكر بن عُمَرَ ذَلِكَ عَلَى أَنَسٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ إِنْكَار بن عُمَرَ عَلَيْهِ كَوْنَهُ أَطْلَقَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَهُمَا أَيْ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَيُعَيِّنُ هَذَا التَّأْوِيلَ .

     قَوْلُهُ  فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ وَتَمَتَّعَ النَّاسُ إِلَخْ فَإِنَّ الَّذِينَ تَمَتَّعُوا إِنَّمَا بَدَءُوا بِالْحَجِّ لَكِنْ فَسَخُوا حَجَّهُمْ إِلَى الْعُمْرَةِ حَتَّى حَلُّوا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ ثُمَّ حَجُّوا مِنْ عَامِهِمْ .

     قَوْلُهُ  فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ أَيْ مِنَ الْمِيقَاتِ وَفِيهِ النَّدْبُ إِلَى سَوْقِ الْهَدْي مِنَ الْمَوَاقِيتِ وَمِنَ الْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ وَهِيَ مِنَ السُّنَنِ الَّتِي أَغْفَلَهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ فِي بَابِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ .

     قَوْلُهُ  وَيُقَصِّرْ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ.
وَأَمَّا الْأَكْثَرُ فَعِنْدَهُمْ وَلْيُقَصِّرْ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَفْعَلُ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ وَالتَّقْصِيرَ وَيَصِيرُ حَلَالًا وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ أَوِ التَّقْصِيرَ نُسُكٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقِيلَ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ قَالَ وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتَّقْصِيرِ دُونَ الْحَلْقِ مَعَ أَنَّ الْحَلْقَ أَفْضَلُ لِيَبْقَى لَهُ شَعْرٌ يَحْلِقُهُ فِي الْحَجِّ .

     قَوْلُهُ  وَلْيَحْلِلْ هُوَ أَمْرٌ مَعْنَاهُ الْخَبَرُ أَيْ قَدْ صَارَ حَلَالًا فَلَهُ فِعْلُ كُلِّ مَا كَانَ مَحْظُورًا عَلَيْهِ فِي الْإِحْرَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا عَلَى الْإِبَاحَةِ لِفِعْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ حَرَامًا قَبْلَ الْإِحْرَامِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ أَيْ يُحْرِمُ وَقْتَ خُرُوجِهِ إِلَى عَرَفَةَ وَلِهَذَا أَتَى بِثُمَّ الدَّالَّةِ عَلَى التَّرَاخِي فَلَمْ يرد أَنه يُهِلَّ بِالْحَجِّ عَقِبَ إِهْلَالِهِ مِنَ الْعُمْرَةِ .

     قَوْلُهُ  وليهد أَيْ هَدْيَ التَّمَتُّعِ وَهُوَ وَاجِبٌ بِشُرُوطِهِ .

     قَوْلُهُ  فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ أَيْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ بِذَلِكَ الْمَكَانِ وَيَتَحَقَّقُ ذَلِكَ بِأَنْ يَعْدَمَ الْهَدْيَ أَوْ يَعْدَمَ ثَمَنَهُ حِينَئِذٍ أَوْ يَجِدَ ثَمَنَهُ لَكِنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِأَهَمِّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ يَجِدَهُ لَكِنْ يَمْتَنِعُ صَاحِبُهُ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ يَمْتَنِعُ مِنْ بَيْعِهِ إِلَّا بِغَلَائِهِ فَيَنْقُلُ إِلَى الصَّوْمِ كَمَا هُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْحَجِّ أَيْ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِهِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ فَإِنْ صَامَهَا قَبْلَ الْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَأَمَّا قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنَ الْعُمْرَةِ فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ قَالَهُ مَالِكٌ وَجَوَّزَهُ الثَّوْرِيُّ وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَمَنِ اسْتَحَبَّ صِيَامَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ قَالَ يُحْرِمُ يَوْمَ السَّابِعِ لِيَصُومَ السَّابِعَ وَالثَّامِنَ وَالتَّاسِعَ وَإِلَّا فَيُحْرِمُ يَوْمَ السَّادِسِ لِيُفْطِرَ بِعَرَفَةَ فَإِنْ فَاتَهُ الصَّوْمُ قَضَاهُ وَقِيلَ يَسْقُطُ وَيَسْتَقِرُّ الْهَدْيُ فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَفِي صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِهَذَا قَوْلَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ أَظْهَرُهُمَا لَا يَجُوزُ قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَصَحُّهُمَا مِنْ حَيْثُ الدَّلِيلُ الْجَوَازُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ خَبَّ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي بَابِ اسْتِلَامِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى السَّعْيِ فِي بَابِهِ وَقَولُهُ ثُمَّ سَلَّمَ فَانْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُمَا عَمَلٌ آخَرُ لَكِنْ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ الْحَجِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ بَابِ الصَّفَا .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ تَقَدَّمَ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ إِحْلَالِهِ كَوْنُهُ سَاقَ الْهَدْيَ وَإِلَّا لَكَانَ يَفْسَخُ الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَيَتَحَلَّلُ مِنْهَا كَمَا أَمَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ التَّحَلُّلَ لَا يَقَعُ بِمُجَرَّدِ طَوَافِ الْقُدُومِ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ وَاضِحٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِيهِ وَقَولُهُ وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ إِشَارَةٌ إِلَى عَدَمِ خُصُوصِيَّتِهِ بِذَلِكَ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ طَوَافِ الْقُدُومِ لِلْقَارِنِ وَالرَّمَلِ فِيهِ إِنْ عَقَّبَهُ بِالسَّعْيِ وَتَسْمِيَةُ السَّعْيِ طَوَافًا وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ يَوْمَ النَّحْرِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَيْسَ بِوَاضِحٍ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ ذِكْرِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنْ لَا يَكُونَ وَقَعَ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ تَنْبِيهٌ وَقَعَ بَيْنَ قَوْلِهِ وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ لَفْظُ بَابٍ.

     وَقَالَ  فِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ إِلَخْ وَهُوَ خَطَأٌ شَنِيعٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ مَنْ أَهْدَى فَاعِلُ قَوْلِهِ وَفَعَلَ فَالْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِلَفْظِ بَابٍ خَطَأٌ وَيَصِيرُ فَاعِلُ فَعَلَ مَحْذُوفًا وَأَغْرَبَ الْكِرْمَانِيُّ فَشَرَحَهُ عَلَى أَنَّ فَاعِلَ فَعَلَ هُوَ بن عُمَرَ رَاوِي الْخَبَرِ.
وَأَمَّا أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ فَسَاقَ الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ إِلَخْ ثُمَّ أَعَادَ هَذَا اللَّفْظَ بِتَرْجَمَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَسَاقَ حَدِيثَ عَائِشَةَ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي قَبْلَهُ.

     وَقَالَ  فِي كُلٍّ مِنْهُمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ وَهَذَا غَرِيب وَالْأَصْوَبُ مَا رَوَاهُ الْأَكْثَرُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَلِيدِ الْبَاجِيِّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ بَعْدَ قَوْلِهِ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاصِلَةٌ صُورَتُهَا وَبَعْدَهَا مَنْ أَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ أَمَرَنَا أَبُو ذَرٍّ أَنَّ نَضْرِبَ عَلَى هَذِهِ التَّرْجَمَةِ يَعْنِي قَوْله من أهْدى وسَاق الْهَدْي من النَّاس انْتَهَى وَهُوَ عَجِيبٌ مِنْ أَبِي الْوَلِيدِ وَمِنْ شَيْخِهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ مَنْ أَهْدَى هُوَ صِفَةٌ لِقَوْلِهِ وَفَعَلَ وَلَكِنَّهُمَا ظَنَّا أَنَّهَا تَرْجَمَةٌ فَحَكَمَا عَلَيْهَا بِالْوَهْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ من رِوَايَة شُعَيْب فساق حَدِيث بن عُمَرَ إِلَى قَوْلِهِ مِنَ النَّاسِ ثُمَّ أَعَادَ الْإِسْنَادَ بِعَيْنِهِ إِلَى عَائِشَةَ قَالَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَمَتُّعِهِ بِالْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَهُ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ تَعَقَّبَ الْمُهَلَّبُ قَوْلَ الزُّهْرِيِّ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي سَالِمٌ فَقَالَ يَعْنِي مِثْلَهُ فِي الْوَهْمِ لِأَنَّ أَحَادِيثَ عَائِشَةَ كُلَّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّهُ حَجَّ مُفْرِدًا.

قُلْتُ وَلَيْسَ وَهْمًا إِذْ لَا مانِعَ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ بِمِثْلِ مَا جَمَعْنَا بِهِ بَين الْمُخْتَلف عَن بن عُمَرَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِفْرَادِ فِي حَدِيثِهَا الْبُدَاءَةُ بِالْحَجِّ وَبِالتَّمَتُّعِ بِالْعُمْرَةِ إِدْخَالَهَا عَلَى الْحَجِّ وَهُوَ أَوْلَى مِنْ تَوْهِيمِ جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الْحِفْظ وَالله أعلم