فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: متى يحل المعتمر

( قَولُهُ بَابُ مَتَى يَحِلُّ الْمُعْتَمِرُ)
أَشَارَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَة إِلَى مَذْهَب بن عَبَّاس وَقد تقدم القَوْل فِيهِ قَالَ بن بَطَّالٍ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَئِمَّةِ الْفَتْوَى أَنَّ الْمُعْتَمِرَ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَطُوفَ وَيَسْعَى إِلَّا مَا شَذَّ بِهِ بن عَبَّاسٍ فَقَالَ يَحِلُّ مِنَ الْعُمْرَةِ بِالطَّوَافِ وَوَافَقَهُ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَنَقَلَ عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْمُعْتَمِرَ إِذَا دَخَلَ الْحَرَمَ حَلَّ وَإِنْ لَمْ يَطُفْ وَلَمْ يَسْعَ وَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ كُلَّ مَا حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ وَيَكُونُ الطَّوَافُ وَالسَّعْيُ فِي حَقِّهِ كَالرَّمْيِ وَالْمَبِيتِ فِي حَقِّ الْحَاجِّ وَهَذَا مِنْ شُذُوذِ الْمَذَاهِبِ وَغَرَائِبِهَا وَغَفَلَ الْقُطْبُ الْحَلَبِيُّ فَقَالَ فِيمَنِ اسْتَلَمَ الرُّكْنَ فِي ابْتِدَاءِ الطَّوَافِ وَأَحَلَّ حِينَئِذٍ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ التَّحَلُّلُ بِالْإِجْمَاعِ



[ قــ :1713 ... غــ :1792] .

     قَوْلُهُ  وقَال عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ إِلَخْ هُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي بَابِ عُمْرَةِ التَّنْعِيمِ وَبَيَّنَ الْمُصَنِّفُ بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ ثَالِثُ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ يَطُوفُوا أَيْ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِجَزْمِ جَابِرٍ بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَقْرَبَ امْرَأَتَهُ حَتَّى يَطُوفَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ أَولهَا حَدِيث بن أَبِي أَوْفَى وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَرِيرٍ إِسْحَاق هُوَ بن رَاهَوَيْهِ وَقَدْ أَوْرَدَهُ فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ أَخْبَرَنَا جرير وَهُوَ بن عبد الحميد وَإِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي خَالِدٍ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى فِي الْمَغَازِي وَعَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِخَدِيجَةَ فِي مَنَاقِبِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ أَدَخَلَ الْكَعْبَةَ فِي بَابِ مَنْ لَمْ يَدْخُلِ الْكَعْبَةَ فِي أَثْنَاءِ الْحَجِّ وَقَولُهُ لَا فِي جَوَابِ أَدَخَلَ الْكَعْبَةَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهَا فِي تِلْكَ الْعُمْرَةِ الثَّانِي حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَن بن عُمَرَ مَرْفُوعًا وَعَنْ جَابِرٍ مَوْقُوفًا





[ قــ :1714 ... غــ :1793] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ عَنِ الْحُمَيْدِيِّ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ فِي أَبْوَابِ الْقِبْلَةِ بِلَفْظِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ فَعَبَّرَ بِالْحَدِيثِ هُنَاكَ وَالْعَنْعَنَةِ هُنَا وَسَاقَ الْإِسْنَادَ وَالْمَتْنَ جَمِيعًا بِغَيْرِ زِيَادَةٍ وَوُقُوعُ مِثْلِ هَذَا نَادِرٌ جِدًّا .

     قَوْلُهُ  عَنْ رَجُلٍ طَافَ بِالْبَيْتِ فِي عُمْرَةٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْ رَجُلٍ طَافَ فِي عُمْرَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي الصَّلَاة وَأَن بن عُمَرَ أَشَارَ إِلَى الِاتِّبَاعِ وَأَنَّ جَابِرًا أَفْتَاهُمْ بِالْحُكْمِ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ يَحِلُّ مِنْ جَمِيعِ مَا حَرُمَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الطَّوَافِ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ وَهُوَ سُنَّةٌ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَهُوَ غُنْدَرٌ بِهِ .

     قَوْلُهُ  أَيَأْتِي امْرَأَتَهُ أَيْ يُجَامِعُهَا وَالْمُرَادُ هَلْ حَصَلَ لَهُ التَّحَلُّلُ مِنَ الْإِحْرَامِ قَبْلَ السَّعْيِ أَمْ لَا وَقَولُهُ لَا يَقْرَبَنَّهَا بِنُونِ التَّأْكِيدِ الْمُرَادُ نَهْيُ الْمُبَاشَرَةِ بِالْجِمَاعِ وَمُقَدِّمَاتِهِ لَا مُجَرَّدُ الْقُرْبِ مِنْهَا .

     قَوْلُهُ  وَطَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ أَيْ سَعَى وَإِطْلَاقُ الطَّوَافِ عَلَى السَّعْيِ إِمَّا لِلْمُشَاكَلَةِ وَإِمَّا لِكَوْنِهِ نَوْعًا مِنَ الطَّوَافِ وَلِوُقُوعِهِ فِي مُصَاحَبَةِ طَوَافِ الْبَيْتِ .

     قَوْلُهُ  أُسْوَةٌ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَيَجُوزُ ضَمُّهَا .

     قَوْلُهُ  وَسَأَلْنَا جَابِرًا الْقَائِلُ هُوَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ خَلْفَ الْمَقَامِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ وَفِي بَاب السَّعْي من طَرِيق بن جُرَيْجٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنِ بن عُمَرَ بِالْحَدِيثِ دُونَ السُّؤَالَيْنِ لِابْنِ عُمَرَ وَلِجَابِرٍ وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ السَّعْيَ وَاجِبٌ فِي الْعُمْرَةِ وَكَذَا صَلَاةُ رَكْعَتَيِ الطّواف وَفِي تعيينهما خلف الْمقَام خلف سبق فِي بَابه الْمشَار إِلَيْهِ وَنقل بن الْمُنْذِرِ الِاتِّفَاقَ عَلَى جَوَازِهِمَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ الطَّائِفُ إِلَّا أَنَّ مَالِكًا كَرِهَهُمَا فِي الْحِجْرِ وَنَقَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ كَانَ يُعَيِّنُهُمَا خَلْفَ الْمَقَامِ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى فِي إِهْلَالِهِ كَإِهْلَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ





[ قــ :1715 ... غــ :1795] .

     قَوْلُهُ  طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ أَحِلَّ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي تَأْخِيرَ الْإِحْلَالِ عَنِ السَّعْيِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ مَنْ أَهَلَّ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  يَأْمُرُنَا بِالتَّمَامِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ يَأْمُرُ .

     قَوْلُهُ  حَتَّى يَبْلُغَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بَلَغَ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَقَولُهُ فِي أَوَّلِهِ أَحَجَجْتَ أَيْ هَلْ أَحْرَمْتَ بِالْحَجِّ أَوْ نَوَيْتَ الْحَجَّ وَهَذَا كَقَوْلِهِ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا أَهْلَلْتَ أَيْ بِمَا أَحْرَمَتْ أَيْ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ الرَّابِعُ حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ





[ قــ :1716 ... غــ :1796] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَحْمَدُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ غَيْرُ مَنْسُوبٍ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى عَنِ بن وهب قَوْله أخبرنَا عَمْرو هُوَ بن الْحَارِثِ وَعَبْدُ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ تَقَدَّمَ لَهُ حَدِيثٌ عَنْهَا غَيْرُ هَذَا فِي بَابِ مَنْ قَدَّمَ ضَعَفَةَ أَهْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَهُ غَيْرُهُمَا وَهَذَا الْإِسْنَادُ نِصْفُهُ مِصْرِيُّونَ وَنِصْفُهُ مَدَنِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  بِالْحَجُونِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ الْخَفِيفَةِ جَبَلٌ مَعْرُوفٌ بِمَكَّةَ وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْأَشْعَارِ وَعِنْدَهُ الْمَقْبَرَةُ الْمَعْرُوفَةُ بِالْمُعَلَّى عَلَى يَسَارِ الدَّاخِلِ إِلَى مَكَّةَ وَيَمِينُ الْخَارِجِ مِنْهَا إِلَى مِنًى وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مُحَصَّلُ مَا قَالَهُ الْأَزْرَقِيُّ وَالْفَاكِهِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ وَأَغْرَبَ السُّهَيْلِيُّ فَقَالَ الْحَجُونُ عَلَى فَرْسَخٍ وَثُلُثٍ مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ غَلَطٌ وَاضِحٌ فَقَدْ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ الْحَجُونُ الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ بِحِذَاءِ الْمَسْجِدِ الَّذِي يَلِي شِعْبَ الْجَرَّارِينَ.

     وَقَالَ  أَبُو عَلِيٍّ الْقَالِي الْحَجُونُ ثَنِيَّةُ الْمَدَنِيِّينَ أَيْ مَنْ يَقْدَمُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَهِيَ مَقْبَرَةُ أَهْلِ مَكَّةَ عِنْدَ شِعْبِ الْجَرَّارِينَ انْتَهَى وَيَدُلُّ عَلَى غَلَطِ السُّهَيْلِيِّ قَوْلُ الشَّاعِرِ سَنَبْكِيكَ مَا أَرْسَى ثَبِيرٌ مَكَانَهُ وَمَا دَامَ جَارًا لِلْحَجُونِ الْمُحَصَّبُ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الْمُحَصَّبِ وَحْدَهُ وَأَنَّهُ خَارِجَ مَكَّةَ وَرَوَى الْوَاقِدِيُّ عَنْ أَشْيَاخِهِ أَنَّ قُصَيَّ بْنَ كِلَابٍ لَمَّا مَاتَ دُفِنَ بِالْحَجُونِ فَتَدَافَنَ النَّاسُ بَعْدَهُ وَأَنْشَدَ الزُّبَيْرُ لِبَعْضِ أَهْلِ مَكَّةَ كَمْ بِالْحَجُونِ وَبَيْنَهُ مِنْ سَيِّدٍ بِالشِّعْبِ بَيْنَ دَكَادِكٍ وَأَكَامٍ وَالْجَرَّارِينَ الَّتِي تَقَدَّمَ جَمْعُ جَرَّارٍ بِجِيمٍ وَرَاءٍ ثَقِيلَةٍ ذَكَرَهَا الرَّضِيُّ الشَّاطِبِيُّ وَكَتَبَ عَلَى الرَّاءِ صَحَّ صَحَّ وَذَكَرَ الْأَزْرَقِيُّ أَنَّهُ شِعْبُ أَبِي دُبٍّ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ.

قُلْتُ قَدْ جُهِلَ هَذَا الشِّعْبُ الْآنَ إِلَّا أَنَّ بَيْنَ سُورِ مَكَّةَ الْآنَ وَبَيْنَ الْجَبَلِ الْمَذْكُورِ مَكَانًا يُشْبِهُ الشِّعْبَ فَلَعَلَّهُ هُوَ .

     قَوْلُهُ  وَنَحْنُ يَوْمئِذٍ خِفَافٌ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ خِفَافُ الْحَقَائِبِ وَالْحَقَائِبُ جَمْعُ حَقِيبَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِالْقَافِ وَبِالْمُوَحَّدَةِ وَهِيَ مَا احْتَقَبَهُ الرَّاكِبُ خَلْفَهُ مِنْ حَوَائِجِهِ فِي مَوْضِعِ الرَّدِيفِ .

     قَوْلُهُ  فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي أَيْ بَعْدَ أَنْ فَسَخُوا الْحَجَّ إِلَى الْعُمْرَةِ فَفِي رِوَايَةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ عَنْ أَسْمَاءَ قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ فَقَالَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُقِمْ عَلَى إِحْرَامِهِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ فَلَمْ يَكُنْ مَعِي هَدْيٌ فَأَحْلَلْتُ وَكَانَ مَعَ الزُّبَيْرِ هَدْيٌ فَلَمْ يَحِلَّ انْتَهَى وَهَذَا مُغَايِرٌ لِذِكْرِهَا الزُّبَيْرَ مَعَ مَنْ أَحَلَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ فَإِنَّ قَضِيَّةَ رِوَايَةِ صَفِيَّةَ عَنْ أَسْمَاءَ أَنَّهُ لَمْ يَحِلَّ لِكَوْنِهِ مِمَّنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَإِنْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْقِصَّةَ الْمَذْكُورَةَ وَقَعَتْ لَهَا مَعَ الزُّبَيْرِ فِي غَيْرِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّوَوِيُّ عَلَى بُعْدِهِ وَإِلَّا فَقَدْ رَجَحَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ فَاقْتَصَرَ عَلَى إِخْرَاجِهَا دُونَ رِوَايَةِ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ وَأَخْرَجَهُمَا مُسْلِمٌ مَعَ مَا فِيهِمَا مِنَ الِاخْتِلَافِ وَيُقَوِّي صَنِيعَ الْبُخَارِيِّ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الطَّوَافِ عَلَى وُضُوءٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ أَبُو الْأَسْوَدِ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ قَالَ سَأَلْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرَ حَدِيثًا وَفِي آخِرِهِ وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ بِعُمْرَةٍ فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا وَالْقَائِلُ أَخْبَرَتْنِي عُرْوَةُ الْمَذْكُورُ وَأُمُّهُ هِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى أَسْمَاءَ عَنْهَا وَفِيهِ إِشْكَالٌ آخَرُ وَهُوَ ذِكْرُهَا لِعَائِشَةَ فِيمَنْ طَافَ وَالْوَاقِعُ أَنَّهَا كَانَتْ حِينَئِذٍ حَائِضًا وَكُنْتُ أَوَّلْتُهُ هُنَاكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ تِلْكَ الْعُمْرَةَ كَانَتْ فِي وَقْتٍ آخَرَ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنْ سِيَاقَ رِوَايَةِ هَذَا الْبَابِ تَأْبَاهُ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمَقْصُودَ الْعُمْرَةُ الَّتِي وَقَعَتْ لَهُمْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَالْقَوْلُ فِيمَا وَقَعَ مِنْ ذَلِكَ فِي حَقِّ الزُّبَيْرِ كَالْقَوْلِ فِي حَقِّ عَائِشَةَ سَوَاءٌ وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ لَيْسَ هُوَ عَلَى عُمُومِهِ فَإِنَّ الْمُرَادَ مَنْ عَدَا عَائِشَةَ لِأَنَّ الطُّرُقَ الصَّحِيحَةَ فِيهَا أَنَّهَا حَاضَتْ فَلَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا تَحَلَّلَتْ مِنْ عُمْرَتِهَا قَالَ وَقِيلَ لَعَلَّ عَائِشَةَ أَشَارَتْ إِلَى عُمْرَتِهَا الَّتِي فَعَلَتْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ ثُمَّ حَكَى التَّأْوِيلَ السَّابِقَ وَأَنَّهَا أَرَادَتْ عُمْرَةً أُخْرَى فِي غَيْرِ الَّتِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَخَطَّأَهُ وَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالزُّبَيْرِ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ كَأَنَّهَا سَمَّتْ بَعْضَ مَنْ عَرَفَتْهُ مِمَّنْ لَمْ يَسُقِ الْهَدْيَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِهِمْ فَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَنَّ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ كَانُوا كَذَلِك قَوْله فَمَا مَسَحْنَا الْبَيْتَ أَيْ طُفْنَا بِالْبَيْتِ فَاسْتَلَمْنَا الرُّكْنَ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الطَّوَافِ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ مَسَحْنَا الرُّكْنَ وَسَاغَ هَذَا الْمَجَازُ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ يَمْسَحُ الرُّكْنَ فَصَارَ يُطْلَقُ عَلَى الطَّوَافِ كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ أَبَى رَبِيعَةَ وَلَمَّا قَضَيْنَا مِنْ مِنًى كُلَّ حَاجَةٍ وَمَسَّحَ بِالْأَرْكَانِ مَنْ هُوَ مَاسِحٌ أَيْ طَافَ مَنْ هُوَ طَائِفٌ قَالَ عِيَاضٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى مَسَحُوا طَافُوا وَسَعَوْا وَحَذَفَ السَّعْيَ اخْتِصَارًا لَمَّا كَانَ مَنُوطًا بِالطَّوَافِ قَالَ وَلَا حُجَّةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِمَنْ لَمْ يُوجِبِ السَّعْيَ لِأَنَّ أَسْمَاءَ أَخْبَرَتْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى صَحِيحَةٍ أَنَّهُمْ طَافُوا مَعَهُ وَسَعَوْا فَيُحْمَلُ مَا أُجْمِلَ عَلَى مَا بُيِّنَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْحَلْقَ أَوِ التَّقْصِيرَ اسْتِبَاحَةُ مَحْظُورٍ لِقَوْلِهَا إِنَّهُمْ أَحَلُّوا بَعْدَ الطَّوَافِ وَلَمْ يُذْكَرِ الْحَلْقُ وَأَجَابَ مَنْ قَالَ بِأَنَّهُ نُسُكٌ بِأَنَّهَا سَكَتَتْ عَنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ تَرْكُ فِعْلِهِ فَإِنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ وَقَدْ ثَبَتَ الْأَمْرُ بِالتَّقْصِيرِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ مِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ الْمُصَدَّرُ بِذِكْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ جَامَعَ قَبْلَ أَن يقصر بعدأن طَافَ وَسَعَى فَقَالَ الْأَكْثَرُ عَلَيْهِ الْهَدْيُ.

     وَقَالَ  عَطَاءٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ تَفْسُدُ عُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهَا وَقَضَاؤُهَا وَاسْتَدَلَّ بِهِ الطَّبَرِيُّ عَلَى أَنَّ مَنْ تَرَكَ التَّقْصِيرَ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الْحَرَمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَاف من قَالَ عَلَيْهِ دم