فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب فضل من قام رمضان

( قوَله بَابُ فَضْلِ مَنْ قَامَ رَمَضَان)
أَيْ قَامَ لَيَالِيَهُ مُصَلِّيًا وَالْمُرَادُ مَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ مَا يَحْصُلُ بِهِ مُطْلَقُ الْقِيَامِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي التَّهَجُّدِ سَوَاءٌ وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِقِيَامِ رَمَضَانَ صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ يَعْنِي أَنَّهُ يَحْصُلُ بِهَا الْمَطْلُوبُ مِنَ الْقِيَامِ لَا أَنَّ قِيَامَ رَمَضَانَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِهَا وَأَغْرَبَ الْكَرْمَانِيُّ فَقَالَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقِيَامِ رَمَضَانَ صَلَاةُ التَّرَاوِيح



[ قــ :1925 ... غــ :2008] قَوْله عَن بن شهَاب فِي رِوَايَة بن الْقَاسِم عِنْد النَّسَائِيّ عَن مَالك حَدثنِي بن شِهَابٍ .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي أَبُو سَلَمَةَ كَذَا رَوَاهُ عقيل وَتَابعه يُونُس وَشُعَيْب وبن أَبِي ذِئْبٍ وَمَعْمَرٌ وَغَيْرُهُمْ وَخَالَفَهُ مَالِكٌ فَقَالَ عَن بن شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَدَلَ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ صَحَّ الطَّرِيقَانِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فَأَخْرَجَهُمَا عَلَى الْوِلَاءِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ جُوَيْرِيَةَ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا جَمِيعًا وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ وَصَحَّحَ الطَّرِيقَيْنِ وَحَكَى أَنَّ أَبَا هَمَّامٍ رَوَاهُ عَن بن عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَخَالَفَ الْجَمَاعَةَ فَقَالَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَخَالَفَهُ أَصْحَابُ سُفْيَانَ فَقَالُوا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ بن شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلًا .

     قَوْلُهُ  يَقُولُ لِرَمَضَانَ أَيْ لِفَضْلِ رَمَضَانَ أَوْ لِأَجْلِ رَمَضَانَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ اللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ يَقُولُ عَنْ رَمَضَانَ .

     قَوْلُهُ  إِيمَانًا أَيْ تَصْدِيقًا بِوَعْدِ اللَّهِ بِالثَّوَابِ عَلَيْهِ وَاحْتِسَابًا أَيْ طَلَبًا لِلْأَجْرِ لَا لِقَصْدٍ آخَرَ مِنْ رِيَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ .

     قَوْلُهُ  غُفِرَ لَهُ ظَاهِرُهُ يَتَنَاوَلُ الصَّغَائِر والكبائر وَبِه جزم بن الْمُنْذِرِ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالصَّغَائِرِ وَبِهِ جَزَمَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَجُوزُ أَنْ يُخَفِّفَ مِنَ الْكَبَائِرِ إِذَا لَمْ يُصَادِفْ صَغِيرَةً .

     قَوْلُهُ  مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ زَادَ قُتَيْبَةُ عَنْ سُفْيَانَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَمَا تَأَخَّرَ وَكَذَا زَادَهَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى عِنْدَ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ وَالْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ لَهُ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ فِي الْجُزْءِ الثَّانِيَ عَشَرَ مِنْ فَوَائِدِهِ وَيُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ النَّجَاحِيُّ فِي فَوَائده كلهم عَن بن عُيَيْنَةَ وَوَرَدَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَخْرَجَهَا أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَنْ ثَابِتٍ عَنِ الْحَسَنِ كِلَاهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ نَفْسِهِ أَخْرَجَهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْجُرْجَانِيُّ فِي أَمَالِيهِ مِنْ طَرِيق بَحر بن نصر عَن بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَيُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَلَمْ يُتَابِعْ بَحْرَ بْنَ نَصْرٍ عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ من أَصْحَاب بن وَهْبٍ وَلَا مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَلَا يُونُسَ سِوَى مَا قَدَّمْنَاهُ وَقَدْ وَرَدَ فِي غُفْرَانِ مَا تَقَدَّمَ وَمَا تَأَخَّرَ مِنَ الذُّنُوبِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ جَمَعْتُهَا فِي كِتَابٍ مُفْرَدٍ وَقَدِ اسْتُشْكِلَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمَغْفِرَةَ تَسْتَدْعِي سَبْقَ شَيْءٍ يُغْفَرُ وَالْمُتَأَخِّرُ مِنَ الذُّنُوبِ لَمْ يَأْتِ فَكَيْفَ يُغْفَرُ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِكَايَةً عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَالَ فِي أَهْلِ بَدْرٍ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ وَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ قِيلَ إِنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ حِفْظِهِمْ مِنَ الْكَبَائِرِ فَلَا تَقَعُ مِنْهُمْ كَبِيرَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيلَ إِنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ ذُنُوبَهُمْ تَقَعُ مَغْفُورَةً وَبِهَذَا أَجَابَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْمَاوَرْدِيّ فِي الْكَلَام على حَدِيث صِيَام غرفَة وَأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَتَيْنِ سَنَةً مَاضِيَةً وَسَنَةً آتِيَةً





[ قــ :196 ... غــ :009] قَوْله قَالَ بن شِهَابٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ أَيْ عَلَى تَرْكِ الْجَمَاعَةِ فِي التَّرَاوِيحِ وَلأَحْمَد من رِوَايَة بن أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى الْقِيَامِ وَقَدْ أَدْرَجَ بَعضهم قَول بن شِهَابٍ فِي نَفْسِ الْخَبَرِ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيق معمر عَن بن شهَاب وَأما مَا رَوَاهُ بن وَهْبٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِذَا النَّاسُ فِي رَمَضَانَ يُصَلُّونَ فِي نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ مَا هَذَا فَقِيلَ نَاسٌ يُصَلِّي بِهِمْ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ فَقَالَ أَصَابُوا وَنِعْمَ مَا صَنَعُوا ذَكَرَهُ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَفِيهِ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّ عُمَرَ هُوَ الَّذِي جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ .

     قَوْلُهُ  وَعَنِ بن شِهَابٍ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ أَيْضًا وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأِ بِالْإِسْنَادَيْنِ لَكِنْ فَرَّقَهُمَا حَدِيثَيْنِ وَقَدْ أَدْرَجَ بَعْضُ الرُّوَاةِ قِصَّةَ عُمَرَ فِي الْإِسْنَادِ الْأَوَّلِ أَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيِّ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ حَتَّى جَمَعَهُمْ عُمَرُ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَقَامَ بِهِمْ فِي رَمَضَانَ فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ اجْتِمَاعِ النَّاسِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ فِي رَمَضَانَ وَجَزَمَ الذُّهْلِيُّ فِي عِلَلِ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ بِأَنَّهُ وَهَمٌ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ وَالْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ مَالِكٍ وَمَنْ تَابَعَهُ وَأَنَّ قِصَّةَ عمر عِنْد بن شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدٍ وَهُوَ بِغَيْرِ إِضَافَةٍ لَا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ





[ قــ :197 ... غــ :010] .

     قَوْلُهُ  أَوْزَاعٌ بِسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا زَايٌ أَيْ جَمَاعَةٌ مُتَفَرِّقُونَ وَقَولُهُ فِي الرِّوَايَةِ مُتَفَرِّقُونَ تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ وَقَولُهُ يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ بَيَانٌ لما أجمل أَو لَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَبَعْضَهُمْ يُصَلِّي جَمَاعَةً قِيلَ يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الِائْتِمَامِ بِالْمُصَلِّي وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِمَامَةَ .

     قَوْلُهُ  أَمْثَلَ قَالَ بن التِّينِ وَغَيْرُهُ اسْتَنْبَطَ عُمَرُ ذَلِكَ مِنْ تَقْرِيرِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَلَّى مَعَهُ فِي تِلْكَ اللَّيَالِي وَإِنْ كَانَ كَرِهَ ذَلِكَ لَهُمْ فَإِنَّمَا كَرِهَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ وَكَأَنَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي إِيرَادِ الْبُخَارِيِّ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ عَقِبَ حَدِيثِ عُمَرَ فَلَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَصَلَ الْأَمْنُ مِنْ ذَلِكَ وَرَجَحَ عِنْدَ عُمَرَ ذَلِكَ لِمَا فِي الِاخْتِلَافِ مِنَ افْتِرَاقِ الْكَلِمَةِ وَلِأَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى وَاحِدٍ أَنْشَطُ لِكَثِيرِ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَإِلَى قَوْلِ عُمَرَ جَنَحَ الْجُمْهُورُ وَعَنْ مَالِكٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَبِي يُوسُفَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ الصَّلَاةُ فِي الْبُيُوتِ أَفْضَلُ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ صَلَاةِ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الْمَكْتُوبَةَ وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَبَالَغَ الطَّحَاوِيُّ فَقَالَ إِنَّ صَلَاةَ التَّرَاوِيحِ فِي الْجَمَاعَةِ وَاجِبَة على الْكِفَايَة.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ قِيَامُ رَمَضَانَ سُنَّةٌ لِأَنَّ عُمَرَ إِنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنَّمَا تَرَكَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَشْيَةَ الِافْتِرَاضِ وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ ثَالِثُهَا مَنْ كَانَ يَحْفَظُ الْقُرْآنَ وَلَا يَخَافُ مِنَ الْكَسَلِ وَلَا تَخْتَلُّ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ بِتَخَلُّفِهِ فَصَلَاتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ وَالْبَيْتِ سَوَاءٌ فَمَنْ فَقَدَ بَعْضَ ذَلِكَ فَصَلَاتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ أَفْضَلُ .

     قَوْلُهُ  فَجَمَعَهُمْ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَيْ جَعَلَهُ لَهُمْ إِمَامًا وَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَؤُمُّهُمْ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ وَسَيَأْتِي فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ قَوْلُ عُمَرَ أَقْرَؤُنَا أُبَيٌّ وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ أَنَّ عُمَرَ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فَكَانَ يُصَلِّي بِالرِّجَالِ وَكَانَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ يُصَلِّي بِالنِّسَاءِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي كِتَابِ قِيَامِ اللَّيْلِ لَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَقَالَ سُلَيْمَانَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ بَدَلَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ فِي وَقْتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فَخَرَجَ لَيْلَةً وَالنَّاس يصلونَ بِصَلَاة قارئهم أَيْ إِمَامُهُمُ الْمَذْكُورُ وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ عُمَرَ كَانَ لَا يُوَاظِبُ عَلَى الصَّلَاةِ مَعَهُمْ وَكَأَنَّهُ كَانَ يَرَى أَنَّ الصَّلَاةَ فِي بَيْتِهِ وَلَا سِيَّمَا فِي آخِرِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ مِنْ طَرِيق طَاوس عَن بن عَبَّاسٍ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ فِي الْمَسْجِدِ فَسَمِعَ هَيْعَةَ النَّاسِ فَقَالَ مَا هَذَا قِيلَ خَرَجُوا مِنَ الْمَسْجِدِ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ فَقَالَ مَا بَقِيَ مِنَ اللَّيْلِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا مضى وَمن طَرِيق عِكْرِمَة عَن بن عَبَّاسٍ نَحْوُهُ مِنْ قَوْلِهِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عُمَرُ نِعْمَ الْبِدْعَةُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ بزياة تَاءٍ وَالْبِدْعَةُ أَصْلُهَا مَا أُحْدِثَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ وَتُطْلَقُ فِي الشَّرْعِ فِي مُقَابِلِ السُّنَّةِ فَتَكُونُ مَذْمُومَةً وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ مِمَّا تَنْدَرِجُ تَحْتَ مُسْتَحْسِنٍ فِي الشَّرْعِ فَهِيَ حَسَنَة وَأَن كَانَت مِمَّا تَنْدَرِجُ تَحْتَ مُسْتَقْبَحٍ فِي الشَّرْعِ فَهِيَ مُسْتَقْبَحَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ مِنْ قِسْمِ الْمُبَاحِ وَقَدْ تَنْقَسِمُ إِلَى الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ .

     قَوْلُهُ  وَالَّتِي يَنَامُونَ عَنْهَا أَفْضَلُ هَذَا تَصْرِيحٌ مِنْهُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ أَفْضَلُ مِنْ أَوَّلِهِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي قِيَامِ اللَّيْلِ فُرَادَى أَفْضَلُ مِنَ التَّجْمِيعِ تَكْمِيلٌ لَمْ يَقَعْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَدَدُ الرَّكَعَاتِ الَّتِي كَانَ يُصَلِّي بِهَا أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّهَا إِحْدَى عَشْرَةَ وَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ وَجْهٍ آخر وَزَاد فِيهِ وَكَانُوا يقرؤون بِالْمِائَتَيْنِ وَيَقُومُونَ عَلَى الْعِصِيِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ فَقَالَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ فَقَالَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَرَوَى مَالِكٌ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْوِتْرِ وَعَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ كَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ فِي زَمَانِ عُمَرَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ قَالَ أَدْرَكْتُهُمْ فِي رَمَضَانَ يُصَلُّونَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَثَلَاثَ رَكَعَاتِ الْوِتْرَ وَالْجَمْعُ بَيْنَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ مُمْكِنٌ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ الِاخْتِلَافَ بِحَسَبِ تَطْوِيلِ الْقِرَاءَةِ وَتَخْفِيفِهَا فَحَيْثُ يُطِيلُ الْقِرَاءَةَ تَقِلُّ الرَّكَعَاتُ وَبِالْعَكْسِ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الدَّاوُدِيُّ وَغَيْرُهُ وَالْعَدَدُ الْأَوَّلُ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ بَعْدَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبَابِ وَالثَّانِي قَرِيبٌ مِنْهُ وَالِاخْتِلَافُ فِيمَا زَادَ عَنِ الْعِشْرِينَ رَاجِعٌ إِلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْوِتْرِ وَكَأَنَّهُ كَانَ تَارَةً يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ وَتَارَةً بِثَلَاثٍ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ أَدْرَكْتُ النَّاسَ فِي إِمَارَةِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمْرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ يَقُومُونَ بِسِتٍّ وَثَلَاثِينَ رَكْعَةً وَيُوتِرُونَ بِثَلَاثٍ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ هُوَ الْأَمْرُ الْقَدِيمُ عِنْدَنَا وَعَنِ الزَّعْفَرَانِيِّ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَأَيْتُ النَّاسَ يَقُومُونَ بِالْمَدِينَةِ بِتِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَبِمَكَّةَ بِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ضِيقٌ وَعَنْهُ قَالَ إِنْ أَطَالُوا الْقِيَامَ وَأَقَلُّوا السُّجُودَ فَحَسَنٌ وَإِنْ أَكْثَرُوا السُّجُودَ وَأَخَفُّوا الْقِرَاءَةَ فَحَسَنٌ وَالْأَوَّلُ أَحَبُّ إِلَيَّ.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيُّ أَكْثَرُ مَا قِيلَ فِيهِ أَنَّهَا تُصَلَّى إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ رَكْعَةً يَعْنِي بالوتر كَذَا قَالَ وَقد نقل بن عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ تُصَلَّى أَرْبَعِينَ وَيُوتِرُ بِسَبْعٍ وَقِيلَ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ ذَكَرَهُ مُحَمَّد بن نصر عَن بن أَيْمَنَ عَنْ مَالِكٍ وَهَذَا يُمْكِنُ رَدُّهُ إِلَى الْأَوَّلِ بِانْضِمَامِ ثَلَاثِ الْوِتْرِ لَكِنْ صَرَّحَ فِي رِوَايَتِهِ بِأَنَّهُ يُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ فَتَكُونُ أَرْبَعِينَ إِلَّا وَاحِدَةً قَالَ مَالِكٌ وَعَلَى هَذَا الْعَمَلُ مُنْذُ بضع وَمِائَة سنة وَعَن مَالك سِتّ وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثَ الْوِتْرِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ وَقد رَوَاهُ بن وَهْبٍ عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ لَمْ أُدْرِكِ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ يُصَلُّونَ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ يُوتِرُونَ مِنْهَا بِثَلَاثٍ وَعَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ بِالْبَصْرَةِ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَيُوتِرُ وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ وَقِيلَ سِتَّ عَشْرَةَ غَيْرَ الْوِتْرِ رَوَى عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ جَدِّهِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي زَمَنَ عُمَرَ فِي رَمَضَانَ ثَلَاث عشرَة قَالَ بن إِسْحَاقَ وَهَذَا أَثْبَتُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ وَاللَّهُ أعلم





[ قــ :198 ... غــ :011] قَوْله حَدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُقْتَصِرًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَوَّلِهِ وَشَيْءٍ مِنْ آخِرِهِ وَقَدْ أَوْرَدَهُ تَامًّا فِي أَبْوَابِ التَّهَجُّدِ بِلَفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى





[ قــ :199 ... غــ :01] قَوْلِهِ خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ .

     قَوْلُهُ  خشيت أَن تفرض عَلَيْكُم قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ إِذْ لَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةٌ بَيْنَ كَوْنِهِمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ إِلَّا ذَلِكَ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ الظُّهُورِ اقْتِدَارَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ فَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ .

     قَوْلُهُ  فِي آخِرِ طَرِيقِ عُقَيْلٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ إِلَخْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَاب التَّهَجُّد وَأما مَا رَوَاهُ بن أبي شيبَة من حَدِيث بن عَبَّاسٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْرَ فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ مَعَ كَوْنِهَا أَعْلَمَ بِحَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا مِنْ غَيرهَا وَالله أعلم