فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من أنظر موسرا

( قَولُهُ بَابُ مَنْ أَنْظَرَ مُوسِرًا)
أَيْ فَضْلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَحُكْمُهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حَدِّ الْمُوسِرِ فَقِيلَ مَنْ عِنْدَهُ مُؤْنَتُهُ وَمؤنَة من تلْزمهُ نَفَقَته.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ وبن الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ مَنْ عِنْدَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَو قيمتهَا مِنَ الذَّهَبِ فَهُوَ مُوسِرٌ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ قَدْ يَكُونُ الشَّخْصُ بِالدِّرْهَمِ غَنِيًّا مَعَ كَسْبِهِ وَقَدْ يَكُونُ بِالْأَلِفِ فَقِيرًا مَعَ ضَعْفِهِ فِي نَفْسِهِ وَكَثْرَةِ عِيَالِهِ وَقِيلَ الْمُوسِرُ وَالْمُعْسِرُ يَرْجِعَانِ إِلَى الْعُرْفِ فَمَنْ كَانَ حَالُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مِثْلِهِ يُعَدُّ يَسَارًا فَهُوَ مُوسِرٌ وَعَكْسُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا قَبْلَهُ إِنَّمَا هُوَ فِي حَدِّ مَنْ تَجُوزُ لَهُ الْمَسْأَلَةُ وَالْأَخْذُ مِنَ الصَّدَقَةِ



[ قــ :1993 ... غــ :2077] قَوْله مَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ حُذَيْفَةَ حَدَّثَهُ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ نُعَيْمِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ رِبْعِيٍّ اجْتَمَعَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مَسْعُودٍ فَقَالَ حُذَيْفَةُ رَجُلٌ لَقِيَ رَبَّهُ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ هَكَذَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِثْلُهُ رِوَايَةُ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِيٍّ كَمَا سَيَأْتِي فِي هَذَا الْبَابِ .

     قَوْلُهُ  تَلَقَّتِ الْمَلَائِكَةُ أَيِ اسْتَقْبَلَتْ رُوحَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيٍّ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ أَتَاهُ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ .

     قَوْلُهُ  أَعَمِلْتَ مِنَ الْخَيْرِ شَيْئًا وَفِي رِوَايَةٍ بِحَذْفِ هَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ وَهِيَ مُقَدَّرَةٌ زَادَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ مَا أَعْلَمُ قِيلَ انْظُرْ قَالَ مَا أَعْلَمُ شَيْئًا غَيْرَ أَنِّي فَذَكَرَهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رَفَعَهُ حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ شَيْءٌ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ يُخَالِطُ النَّاسَ وَكَانَ مُوسِرًا وَفِي رِوَايَةِ أَبِي مَالِكٍ الْمُعَلَّقَةِ هُنَا وَوَصَلَهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ أَتَى اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عباده أَتَاهُ الله مَا لَا فَقَالَ لَهُ مَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا قَالَ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا قَالَ يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ وَكَانَ خُلُقِي الْجَوَاز الحَدِيث وَفِي رِوَايَة بن أَبِي عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا عَمِلْتُ لَكَ شَيْئًا أَرْجُو بِهِ كَثِيرًا إِلَّا أَنَّكَ كُنْتَ أَعْطَيْتَنِي فَضْلًا مِنْ مَالٍ فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  فِتْيَانِي بِكَسْرِ أَوَّلِهِ جَمْعُ فَتًى وَهُوَ الْخَادِمُ حُرًّا كَانَ أَوْ مَمْلُوكًا .

     قَوْلُهُ  أَنْ يَنْظُرُوا وَيَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُوسِرِ كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ وَهُوَ لَا يُخَالِفُ التَّرْجَمَةَ وَلِلْبَاقِينَ أَنْ يَنْظُرُوا الْمُعْسِرَ وَيَتَجَاوَزُوا عَنِ الْمُوسِرِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ يُونُسَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِلتَّرْجَمَةِ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرَّ فِي إِيرَادِ التَّعَالِيقِ الْآتِيَةِ لِأَنَّ فِيهَا مَا يُطَابِقُ التَّرْجَمَةَ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو مَالِكٍ عَنْ رِبْعِيٍّ كُنْتُ أُيَسِّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ وَهَذِهِ الطَّرِيقُ عَنْ حُذَيْفَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ عَن أبي مَالك كَمَا تقدم أَو لَا.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ فَقَالَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ هَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ فِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  وَتَابَعَهُ شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ يَعْنِي بن عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيٍّ أَيْ عَنْ حُذَيْفَةَ يَعْنِي فِي قَوْله وَأنْظر الْمُعسر وَقد وَصله بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَامِرٍ عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا اللَّفْظِ وَوَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي الِاسْتِقْرَاضِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شُعْبَةَ بِلَفْظِ فَأَتَجَوَّزُ عَنِ الْمُوسِرِ وَأُخَفِّفُ عَنِ الْمُعْسِرِ وَفِي آخِرِهِ قَوْلُ أَبِي مَسْعُودٍ هَكَذَا سَمِعْتُ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَخْ وَصَلَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مُطَوَّلًا وَهُوَ كَمَا قَالَ أُنْظِرُ الْمُوسِرَ وَأَتَجَاوَزُ عَنِ الْمُعْسِرِ وَفِي آخِرِهِ قَوْلُ أَبِي مَسْعُودٍ هَكَذَا سَمِعْتُ .

     قَوْلُهُ  وقَال نُعَيْمُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ إِلَخْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ وَفِيهِ قَوْلُ أَبِي مَسْعُود أَيْضا قَالَ بن التِّينِ رِوَايَةُ مَنْ رَوَى وَأُنْظِرُ الْمُوسِرَ أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ مَنْ رَوَى وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ لِأَنَّ إِنْظَارَ الْمُعْسِرِ وَاجِبٌ.

قُلْتُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ وَاجِبًا أَنَّ لَا يُؤْجَرَ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ أَوْ يُكَفَّرَ عَنْهُ بِذَلِكَ مِنْ سَيِّئَاتِهِ وَسَأَذْكُرُ الِاخْتِلَافَ فِي الْوُجُوبِ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ