فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما ذكر في الأسواق

( قَولُهُ بَابُ مَا ذُكِرَ فِي الْأَسْوَاقِ)
قَالَ بن بَطَّالٍ أَرَادَ بِذِكْرِ الْأَسْوَاقِ إِبَاحَةَ الْمَتَاجِرِ وَدُخُولِ الْأَسْوَاقِ لِلْأَشْرَافِ وَالْفُضَلَاءِ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَى شَرْطِهِ مِنْ أَنَّهَا شَرُّ الْبِقَاعِ وَهُوَ حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَحَبُّ البقا ع إِلَى اللَّهِ الْمَسَاجِدُ وَأَبْغَضُ الْبِقَاعِ إِلَى اللَّهِ الْأَسْوَاق وَإِسْنَاده حسن وَأخرجه بن حبَان وَالْحَاكِم أَيْضا من حَدِيث بن عمر نَحوه قَالَ بن بَطَّالٍ وَهَذَا خَرَجَ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَرُبَّ سُوقٍ يُذْكَرُ فِيهَا اللَّهُ أَكْثَرَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْمَسَاجِدِ .

     قَوْلُهُ  وقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْف الخ تقدم موصولافى أَوَائِلِ الْبُيُوعِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا ذِكْرُ السُّوقِ فَقَطْ وَكَوْنُهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ يَتَعَاهَدُهُ الْفُضَلَاءُ مِنَ الصَّحَابَةِ لِتَحْصِيلِ الْمَعَاشِ لِلْكَفَافِ وَلِلتَّعَفُّفِ عَنِ النَّاسِ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَنَسٌ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ تَقَدَّمَ أَيْضًا مَوْصُولًا هُنَاكَ .

     قَوْلُهُ  وقَال عُمَرُ أَلْهَانِي الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا أَيْضًا هُنَاكَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ عَائِشَة



[ قــ :2034 ... غــ :2118] .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بَعْدَهَا قَافٌ كُوفِيٌّ ثِقَةٌ عَابِدٌ يُكَنَّى أَبَا بَكْرٍ مِنْ صِغَارِ التَّابِعِينَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ تَقَدَّمَ فِي الْعِيدَيْنِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَير أَي بن مُطْعِمٍ النَّوْفَلِيُّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ سَمِعْتُ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ هَكَذَا قَالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ وَخَالَفَهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ فَقَالَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُوقَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ سَمِعَهُ مِنْهُمَا فَإِنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ عَائِشَةَ أَتَمُّ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَى مِنْ حَدِيثِ حَفْصَةَ شَيْئًا مِنْهُ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ صَفِيَّةَ نَحْوَهُ .

     قَوْلُهُ  يَغْزُو جَيْشٌ الْكَعْبَةَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَبَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ فَقُلْنَا لَهُ صَنَعْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ قَالَ الْعَجَبُ أَنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ هَذَا الْبَيْتَ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَت ذَلِك زمن بن الزُّبَيْرِ وَفِي أُخْرَى أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ أَحَدَ رُوَاةِ الْحَدِيثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ وَاللَّهِ مَا هُوَ هَذَا الْجَيْشُ .

     قَوْلُهُ  بِبَيْدَاءَ مِنَ الْأَرْضِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِالْبَيْدَاءِ وَفِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ عَلَى الشَّكِّ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ قَالَ هِيَ بَيْدَاءُ الْمَدِينَةِ انْتَهَى وَالْبَيْدَاءُ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْحَجِّ .

     قَوْلُهُ  يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ زَادَ التِّرْمِذِيُّ فِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ وَلَمْ يَنْجُ أَوْسَطُهُمْ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ حَفْصَةَ فَلَا يَبْقَى إِلَّا الشَّرِيدُ الَّذِي يُخْبِرُ عَنْهُمْ وَاسْتُغْنِيَ بِهَذَا عَنْ تَكَلُّفِ الْجَوَابِ عَنْ حُكْمِ الْأَوْسَطِ وَأَنَّ الْعُرْفَ يَقْضِي بِدُخُولِهِ فِيمَنْ هَلَكَ أَوْ لِكَوْنِهِ آخِرًا بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ وَأَوَّلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْآخِرِ فَيَدْخُلُ .

     قَوْلُهُ  وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ كَذَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ جَمْعُ سُوقٍ وَعَلَيْهِ تَرْجَمَ وَالْمَعْنَى أَهْلُ أَسْوَاقِهِمْ أَوِ السُّوقَةُ مِنْهُمْ وَقَولُهُ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ أَيْ مَنْ رَافَقَهُمْ وَلَمْ يَقْصِدْ مُوَافَقَتَهُمْ وَلِأَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا وَفِيهِمْ أَشْرَافُهُمْ بِالْمُعْجَمَةِ وَالرَّاءِ وَالْفَاءِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ بَكَّارٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَفِيهِمْ سِوَاهُمْ.

     وَقَالَ  وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ أَسْوَاقُهُمْ فَأَظُنُّهُ تَصْحِيفًا فَإِنَّ الْكَلَامَ فِي الْخَسْفِ بِالنَّاسِ لَا بِالْأَسْوَاقِ.

قُلْتُ بَلْ لَفْظُ سِوَاهُمْ تَصْحِيفٌ فَإِنَّهُ بِمَعْنَى قَوْلِهِ وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ فَيَلْزَمُ مِنْهُ التَّكْرَارُ بِخِلَافِ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ نَعَمْ أَقْرَبُ الرِّوَايَاتِ إِلَى الصَّوَابِ رِوَايَةُ أَبِي نُعَيْمٍ وَلَيْسَ فِي لَفْظِ أَسْوَاقُهُمْ مَا يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْخَسْفُ بِالنَّاسِ فَالْمُرَادُ بِالْأَسْوَاقِ أَهْلُهَا أَيْ يُخْسَفُ بِالْمُقَاتِلَةِ مِنْهُمْ وَمَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ كَالْبَاعَةِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقُلْنَا إِنَّ الطَّرِيقَ يَجْمَعُ النَّاسَ قَالَ نَعَمْ فِيهِمُ الْمُسْتَبْصِرُ أَيِ الْمُسْتَبِينُ لِذَلِكَ الْقَاصِدُ لِلْمُقَاتَلَةِ وَالْمَجْبُورُ بِالْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَة أَي الْمُكْره وبن السَّبِيلِ أَيْ سَالِكُ الطَّرِيقِ مَعَهُمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ وَالْغَرَضُ كُلُّهُ أَنَّهَا اسْتَشْكَلَتْ وُقُوعَ الْعَذَابِ عَلَى مَنْ لَا إِرَادَةَ لَهُ فِي الْقِتَالِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الْعُقُوبَةِ فَوَقَعَ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْعَذَابَ يَقَعُ عَامًا لِحُضُورِ آجَالِهِمْ وَيُبْعَثُونَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ يَهْلِكُونَ مَهْلِكًا وَاحِدًا وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى وَفِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَكَيْفَ بِمَنْ كَانَ كَارِهًا قَالَ يُخْسَفُ بِهِ وَلَكِنْ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى نِيَّتِهِ أَيْ يُخْسَفُ بِالْجَمِيعِ لِشُؤْمِ الْأَشْرَارِ ثُمَّ يُعَامَلُ كُلُّ أَحَدٍ عِنْدَ الْحِسَابِ بِحَسَبِ قَصْدِهِ قَالَ الْمُهَلَّبُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فِي الْمَعْصِيَةِ مُخْتَارًا أَنَّ الْعُقُوبَةَ تَلْزَمُهُ مَعَهُمْ قَالَ وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ مَالِكٌ عُقُوبَةَ مَنْ يُجَالِسُ شَرَبَةَ الْخَمْرِ وَأَن لم يشرب وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ الْعُقُوبَةَ الَّتِي فِي الْحَدِيثِ هِيَ الْهَجْمَةُ السَّمَاوِيَّةُ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا الْعُقُوبَاتُ الشَّرْعِيَّةُ وَيُؤَيِّدُهُ آخِرُ الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ وَيُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَعْمَالَ تُعْتَبَرُ بِنِيَّةِ الْعَامِلِ وَالتَّحْذِيرُ مِنْ مُصَاحَبَةِ أَهْلِ الظُّلْمِ وَمُجَالَسَتِهِمْ وَتَكْثِيرِ سَوَادِهِمْ إِلَّا لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَى ذَلِكَ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي مُصَاحَبَةِ التَّاجِرِ لِأَهْلِ الْفِتْنَةِ هَلْ هِيَ إِعَانَةٌ لَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ أَوْ هِيَ مِنْ ضَرُورَةِ الْبَشَرِيَّةِ ثُمَّ يُعْتَبَرُ عَمَلُ كُلِّ أَحَدٍ بِنِيَّتِهِ وَعَلَى الثَّانِي يَدُلُّ ظَاهر الحَدِيث.

     وَقَالَ  بن التِّينِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْجَيْشُ الَّذِي يُخْسَفُ بِهِمْ هُمُ الَّذِينَ يَهْدِمُونَ الْكَعْبَةَ فَيَنْتَقِمُ مِنْهُمْ فَيَخْسِفُ بِهِمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي وَالَّذِينَ يَهْدِمُونَهَا مِنْ كُفَّارِ الْحَبَشَةِ وَأَيْضًا فَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُمْ يُخْسَفُ بِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَهْدِمُوهَا وَيَرْجِعُوا وَظَاهِرُ الْخَبَرِ أَنَّهُ يُخْسَفُ بِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهَا الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ الْجَمَاعَةِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذِكْرُ السُّوقِ وَجَوَازُ الصَّلَاةِ فِيهِ وَقَولُهُ





[ قــ :035 ... غــ :119] لَا يُنْهِزُهُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الْهَاءِ بَعْدَهَا زَايٌ يُنْهِضُهُ وَزْنًا وَمَعْنًى وَالْمُرَادُ لَا يُزْعِجُهُ وَالْجُمْلَةُ بَيَانٌ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ وَقَولُهُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ بَيَانٌ لِقَوْلِهِ يُصَلِّي عَلَيْهِ أَيْ يَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ وَقَولُهُ مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ أَيْ يَحْصُلُ مِنْهُ أَذًى لِلْمَلَائِكَةِ أَوْ لِمُسْلِمٍ بِالْفِعْلِ أَوْ بِالْقَوْلِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَنَسٍ فِي سَبَبِ





[ قــ :036 ... غــ :10] قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسَمُّوا بِاسْمِي وَلَا تَكَنُّوا بِكُنْيَتِي أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقَيْنِ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْهُ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  فِي أَوَّلِ الطَّرِيقِ الْأُولَى كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّوقِ وَفَائِدَة إِيرَاد الطَّرِيقَ الثَّانِيَةَ .

     قَوْلُهُ  فِيهَا إِنَّهُ كَانَ بِالْبَقِيعِ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّوقِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى السُّوقُ الَّذِي كَانَ بِالْبَقِيعِ وَقَدْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا أَنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ الحَدِيث الرَّابِع حَدِيث أبي هُرَيْرَة





[ قــ :038 ... غــ :1] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِالتَّصْغِيرِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ وَلَكِنَّهُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا جِدًّا .

     قَوْلُهُ  عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ هُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  فِي طَائِفَةٍ مِنَ النَّهَارِ أَيْ فِي قِطْعَةٍ مِنْهُ وَحَكَى الْكِرْمَانِيُّ أَنَّ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ صَائِفَةٍ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ طَائِفَةٍ أَيْ فِي حَرِّ النَّهَارِ يُقَالُ يَوْمٌ صَائِفٌ أَيْ حَارٌّ .

     قَوْلُهُ  لَا يُكَلِّمُنِي وَلَا أُكَلِّمُهُ أَمَّا مِنْ جَانِبِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَعَلَّهُ كَانَ مَشْغُولَ الْفِكْرِ بِوَحْيٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَأَمَّا مِنْ جَانِبِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلِلتَّوْقِيرِ وَكَانَ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِ الصَّحَابَةِ إِذَا لَمْ يَرَوْا مِنْهُ نَشَاطًا .

     قَوْلُهُ  حَتَّى أَتَى سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَجَلَسَ بِفِنَاءِ بَيْتِ فَاطِمَةَ فَقَالَ هَكَذَا فِي نُسَخِ الْبُخَارِيِّ قَالَ الدَّاوُدِيُّ سَقَطَ بَعْضُ الْحَدِيثِ عَنِ النَّاقِلِ أَوْ أَدْخَلَ حَدِيثًا فِي حَدِيثٍ لِأَنَّ بَيْتَ فَاطِمَةَ لَيْسَ فِي سُوقِ بني قينقاع انْتهى وَمَا ذكره أَو لَا احْتِمَالًا هُوَ الْوَاقِعُ وَلَمْ يَدْخُلْ لِلرَّاوِي حَدِيثٌ فِي حَدِيث وَقد أخرجه مُسلم عَن بن أَبِي عُمَرَ عَنْ سُفْيَانَ فَأَثْبَتَ مَا سَقَطَ مِنْهُ وَلَفْظُهُ حَتَّى جَاءَ سُوقَ بَنِي قَيْنُقَاعَ ثُمَّ انْصَرَفَ حَتَّى أَتَى فِنَاءَ فَاطِمَةَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ سُفْيَانَ وَأَخْرَجَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ سُفْيَانَ فَقَالَ فِيهِ حَتَّى أَتَى فِنَاءَ عَائِشَةَ فَجَلَسَ فِيهِ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ وَالْفِنَاءُ بِكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا نُونٌ مَمْدُودَةٌ أَيِ الْمَوْضِعُ الْمُتَّسِعُ أَمَامَ الْبَيْتِ .

     قَوْلُهُ  أَثَمَّ لُكَعُ بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ مَفْتُوحَةٌ وَلُكَعُ بِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْكَافِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ اللُّكَعُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا الصَّغِيرُ وَالْآخَرُ اللَّئِيمُ وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِالثَّانِي مَا وَرَدَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَيْضًا يَكُونُ أَسْعَدَ النَّاسِ بالدنيا لكع بن لكع.

     وَقَالَ  بن التِّين زَاد بن فَارِسٍ أَنَّ الْعَبْدَ أَيْضًا يُقَالُ لَهُ لُكَعُ انْتَهَى وَلَعَلَّ مَنْ أَطْلَقَهُ عَلَى الْعَبْدِ أَرَادَ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ.

     وَقَالَ  بِلَالُ بْنُ جَرِيرٍ التَّمِيمِيُّ اللُّكَعُ فِي لُغَتِنَا الصَّغِيرُ وَأَصْلُهُ فِي الْمَهْرِ وَنَحْوِهِ وَعَنِ الْأَصْمَعِيِّ اللُّكَعُ الَّذِي لَا يَهْتَدِي لِمَنْطِقٍ وَلَا غَيْرِهِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْمَلَاكِيعِ وَهِيَ الَّتِي تَخْرُجُ مِنَ السُّلَّا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ أَرْجَحُ الْأَقْوَالِ هُنَا لِأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ الْحَسَنَ صَغِيرٌ لَا يَهْتَدِي لِمَنْطِقٍ وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ لَئِيمٌ وَلَا عَبْدٌ .

     قَوْلُهُ  فَحَبَسَتْهُ شَيْئًا أَيْ مَنَعَتْهُ مِنَ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَيْهِ قَلِيلا وَالْفَاعِل فَاطِمَة قَوْله فَظَنَنْت أَنَّهَا تُلْبِسُهُ سِخَابًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ خَفِيفَةٌ وَبِمُوَحَّدَةٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هِيَ قِلَادَةٌ تُتَّخَذُ مِنْ طِيبٍ لَيْسَ فِيهَا ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ.

     وَقَالَ  الدَّاوُدِيُّ مِنْ قُرُنْفُلٍ.

     وَقَالَ  الْهَرَوِيُّ هُوَ خَيْطٌ مِنْ خَرَزٍ يَلْبَسُهُ الصِّبْيَانُ وَالْجَوَارِي وَرَوَى الْإِسْمَاعِيلِيّ عَن بن أَبِي عُمَرَ أَحَدِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ السِّخَابُ شَيْءٌ يُعْمَلُ مِنَ الْحَنْظَلِ كَالْقَمِيصِ وَالْوِشَاحِ .

     قَوْلُهُ  أَوْ تَغْسِلُهُ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ وَتَغْسِلُهُ بِالْوَاوِ .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ يَشْتَدُّ أَيْ يُسْرِعُ فِي الْمَشْيِ فِي رِوَايَةِ عُمَرَ بْنِ مُوسَى عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيّ فجَاء الْحسن وَفِي رِوَايَة بن أَبِي عُمَرَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَجَاءَ الْحَسَنُ أَوِ الْحُسَيْن وَقد أخرجه مُسلم عَن بن أبي عمر فَقَالَ فىروايته أَثَمَّ لُكَعُ يَعْنِي حَسَنًا وَكَذَا قَالَ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ وَسَيَأْتِي فِي اللِّبَاسِ مِنْ طَرِيقِ وَرْقَاءَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ بِلَفْظِ فَقَالَ أَيْنَ لُكَعُ ادْعُ الْحَسَنَ بْنَ على فَقَامَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ يَمْشِي .

     قَوْلُهُ  فَجَاءَ يَشْتَدُّ حَتَّى عَانَقَهُ وَقَبَّلَهُ فِي رِوَايَةِ وَرْقَاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ هَكَذَا أَيْ مَدَّهَا فَقَالَ الْحَسَنُ بِيَدِهِ هَكَذَا فَالْتَزَمَهُ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ اللَّهُمَّ أَحِبَّهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِلَفْظِ الدُّعَاءِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَحْبِبْهُ بِفَكِّ الْإِدْغَامِ زَاد مُسلم عَن بن أَبِي عُمَرَ فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ وَفِي الْحَدِيثِ بَيَانُ مَا كَانَ الصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنْ تَوْقِيرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَشْيِ مَعَهُ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ التَّوَاضُعِ مِنَ الدُّخُولِ فِي السُّوقِ وَالْجُلُوسِ بِفِنَاءِ الدَّارِ وَرَحْمَةُ الصَّغِيرِ وَالْمُزَاحُ مَعَهُ وَمُعَانَقَتُهُ وَتَقْبِيلُهُ وَمَنْقَبَةٌ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي مَنَاقِبِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  قَالَ سُفْيَانُ هُوَ بن عُيَيْنَةَ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  عُبَيْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنِي فِيهِ تَقْدِيمُ اسْمِ الرَّاوِي عَلَى الصِّيغَةِ وَهُوَ جَائِزٌ وَعُبَيْدُ اللَّهِ هُوَ شَيْخُ سُفْيَانَ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ وَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ بَيَانَ لُقِيِّ عُبَيْدِ اللَّهِ لِنَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ فَلَا تَضُرُّ الْعَنْعَنَةُ فِي الطَّرِيقِ الْمَوْصُولَةِ لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ بِمُدَلِّسٍ إِذَا ثَبَتَ لِقَاؤُهُ لِمَنْ حَدَّثَ عَنْهُ حُمِلَتْ عَنْعَنَتُهُ عَلَى السَّمَاعِ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْمُدَلِّسِ أَوْ فِيمَنْ لَمْ يَثْبُتُ لُقِيُّهُ لِمَنْ رَوَى عَنْهُ وَأَبْعَدَ الْكِرْمَانِيُّ فَقَالَ إِنَّمَا ذَكَرَ الْوِتْرَ هُنَا لِأَنَّهُ لَمَّا رَوَى الْحَدِيثَ الْمَوْصُولَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ انْتَهَزَ الْفُرْصَةَ لِبَيَانِ مَا ثَبَتَ فِي الْوِتْرِ مِمَّا اخْتُلِفَ فِي جَوَازِهِ وَاللَّهُ أعلم الحَدِيث الْخَامِس حَدِيث بن عُمَرَ فِي نَقْلِ الطَّعَامِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي يُشْتَرَى مِنْهُ إِلَى حَيْثُ يُبَاعُ الطَّعَامُ وَفِيهِ حَدِيثُهُ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ إِدْخَالُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ الْأَسْوَاقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ السُّوقَ اسْمٌ لِكُلِّ مَكَانٍ وَقَعَ فِيهِ التَّبَايُعِ بَيْنَ مَنْ يَتَعَاطَى الْبَيْعَ فَلَا يَخْتَصُّ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ بِالْمَكَانِ الْمَعْرُوفِ بِالسُّوقِ بَلْ يَعُمُّ كُلَّ مَكَانٍ يَقَعُ فِيهِ التَّبَايُعُ فَالْعُمُومُ فِي





[ قــ :039 ... غــ :13] قَوْلِهِ فِي الْحَدِيثِ حَيْثُ يُبَاعُ الطَّعَام