فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب بيع المزابنة، وهي بيع الثمر بالتمر، وبيع الزبيب بالكرم، وبيع العرايا

( قَولُهُ بَابُ بَيْعِ الْمُزَابَنَةِ)
بِالزَّايِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالنُّونِ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الزَّبْنِ بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الدَّفْعُ الشَّدِيدُ وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الْحَرْبُ الزَّبُونَ لِشِدَّةِ الدَّفْعِ فِيهَا وَقِيلَ لِلْبَيْعِ الْمَخْصُوصِ الْمُزَابَنَةُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ عَن حَقه اولان أَحَدَهُمَا إِذَا وَقَفَ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْغَبْنِ أَرَادَ دَفْعَ الْبَيْعِ بِفَسْخِهِ وَأَرَادَ الْآخَرُ دَفْعَهُ عَنْ هَذِهِ الْإِرَادَةِ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ .

     قَوْلُهُ  وَهِيَ بَيْعُ التَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ وَالسُّكُونِ بِالثَّمَرِ بِالْمُثَلَّثَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَالْمُرَادُ بِهِ الرُّطَبُ خَاصَّةً وَقَولُهُ بَيْعُ الزَّبِيبِ بِالْكَرْمِ أَيْ بِالْعِنَبِ وَهَذَا أَصْلُ الْمُزَابَنَةِ وَأَلْحَقَ الشَّافِعِيُّ بِذَلِكَ كُلَّ بَيْعٍ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِمَعْلُومٍ مِنْ جِنْسٍ يَجْرِي الرِّبَا فِي نَقْدِهِ قَالَ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ أَضْمَنُ لَكَ صُبْرَتَكَ هَذِهِ بِعِشْرِينَ صَاعًا مَثَلًا فَمَا زَادَ فَلِي وَمَا نَقَصَ فَعَلَيَّ فَهُوَ مِنَ الْقِمَارِ وَلَيْسَ مِنَ الْمُزَابَنَةِ.

قُلْتُ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ بَيْعِ الزَّبِيبِ بِالزَّبِيبِ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوب عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ وَالْمُزَابَنَةُ أَنْ يَبِيعَ الثَّمَرَ بِكَيْلٍ إِنْ زَادَ فَلِي وَإِنْ نَقَصَ فَعَلَيَّ فَثَبَتَ أَنَّ مِنْ صُوَرِ الْمُزَابَنَةِ أَيْضًا هَذِهِ الصُّورَةُ مِنَ الْقِمَارِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهَا قِمَارًا أَنْ لَا تُسَمَّى مُزَابَنَةً وَمِنْ صُوَرِ الْمُزَابَنَةِ أَيْضًا بَيْعُ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ كَيْلًا وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ وَالْمُزَابَنَةُ بَيْعُ ثَمَرِ النَّخْلِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَبَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا وَبَيْعُ الزَّرْعِ بِالْحِنْطَةِ كَيْلًا وَسَتَأْتِي هَذِهِ الزِّيَادَةُ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ بَعْدَ أَبْوَابٍ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ الْمُزَابَنَةُ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْجُزَافِ لَا يُعْلَمُ كَيْلُهُ وَلَا وَزْنُهُ وَلَا عَدَدُهُ إِذَا بِيعَ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِنَ الْكَيْلِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِنْسٍ يَجْرِي الرِّبَا فِي نَقْدِهِ أَمْ لَا وَسَبَبُ النَّهْيِ عَنْهُ مَا يَدْخُلُهُ من الْقمَار وَالْغرر قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ نَظَرَ مَالِكٌ إِلَى مَعْنَى الْمُزَابَنَةِ لُغَةً وَهِيَ الْمُدَافَعَةُ وَيَدْخُلُ فِيهَا الْقِمَارُ وَالْمُخَاطَرَةُ وَفَسَّرَ بَعْضُهُمُ الْمُزَابَنَةَ بِأَنَّهَا بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَهُوَ خَطَأٌ فَالْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُمَا ظَاهِرَةٌ مِنْ أَوَّلِ حَدِيثٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَقِيلَ هِيَ الْمُزَارَعَةُ عَلَى الْجُزْءِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ وَالَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ فِي تَفْسِيرِهَا أَوْلَى .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَنَسٌ إِلَخْ يَأْتِي مَوْصُولًا فِي بَابِ بَيْعِ الْمُخَاضَرَةِ وَفِيهِ تَفْسِيرُ الْمُحَاقَلَةِ ثُمَّ أورد المُصَنّف حَدِيث بن عُمَرَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِهِ سَالِمٍ وَمِنْ رِوَايَةِ نَافِعٍ كِلَاهُمَا عَنْهُ ثُمَّ حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ فِي ذَلِكَ وَفِي طَرِيقِ نَافِعٍ تَفْسِيرُ الْمُزَابَنَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا مِنَ الْمَرْفُوعِ وَمِثْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الْبَابِ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ كَذَلِكَ وَيُؤَيِّدُ كَوْنَهُ مَرْفُوعًا رِوَايَةُ سَالِمٍ وَإِنْ لَمْ يَتَعَرَّضْ فِيهَا لِذِكْرِ الْمُزَابَنَةِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ التَّفْسِيرُ مِنْ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ فَهُمْ أَعْرَفُ بِتَفْسِيرِهِ مِنْ غَيرهم.

     وَقَالَ  بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا مُخَالِفَ لَهُمْ فِي أَنَّ مِثْلَ هَذَا مُزَابَنَةٌ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا هَلْ يَلْتَحِقُ بِذَلِكَ كُلُّ مَا لَا يَجُوزُ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ كَيْلٌ بِجُزَافٍ وَلَا جُزَافٌ بِجُزَافٍ فَالْجُمْهُورُ عَلَى الْإِلْحَاقِ وَقِيلَ يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالنَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ



[ قــ :2099 ... غــ :2183] .

     قَوْلُهُ  قَالَ سَالِمٌ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أُفْرِدَ حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي آخِرِ الْبَابِ من طَرِيق نَافِع عَن بن عُمَرَ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ أَبْوَابٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ نَافِعٍ مَضْمُومًا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاق عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَلَمْ يَفْصِلْ حَدِيث بن عُمَرَ مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَشَارَ التِّرْمِذِيُّ إِلَى أَنَّهُ وَهَمَ فِيهِ وَالصَّوَابُ التَّفْصِيلُ وَلَفْظُ التِّرْمِذِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَن الْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لِأَهْلِ الْعَرَايَا أَنْ يَبِيعُوهَا بِمِثْلِ خَرْصِهَا وَمُرَادُ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ التَّصْرِيحَ بِالنَّهْيِ عَنِ الْمُزَابَنَةِ لَمْ يَرِدْ فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَإِنَّمَا رَوَاهُ بن عمر بِغَيْر وَاسِطَة وروى بن عُمَرَ اسْتِثْنَاءَ الْعَرَايَا بِوَاسِطَةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَإِن كَانَت رِوَايَة بن إِسْحَاق مَحْفُوظَة احْتمل أَن يكون بن عُمَرَ حَمَلَ الْحَدِيثَ كُلَّهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَكَانَ عِنْدَهُ بَعْضُهُ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ وَاسْتُدِلَّ بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى تَحْرِيمِ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالْيَابِسِ مِنْهُ وَلَوْ تَسَاوَيَا فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالتَّسَاوِي إِنَّمَا يَصِحُّ حَالَةَ الْكَمَالِ وَالرُّطَبُ قَدْ يَنْقُصُ إِذَا جَفَّ عَنِ الْيَابِسِ نَقْصًا لَا يَتَقَدَّرُ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الِاكْتِفَاءُ بِالْمُسَاوَاةِ حَالَةَ الرُّطُوبَةِ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ فِي ذَلِكَ لِصِحَّةِ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ وَأَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا جَفَّ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَلَا إِذًا أَخْرَجَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وبن خُزَيْمَة وبن حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ .

     قَوْلُهُ  رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالثَّمَرِ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا وَهَذَا مِنْ أَصْرَحِ مَا وَرَدَ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ حَمَلَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ عَلَى عُمُومِهِ وَمَنَعَ أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الْعَرَايَا مُسْتَثْنًى مِنْهُ وَزَعَمَ أَنَّهُمَا حُكْمَانِ مُخْتَلِفَانِ وَرَدَا فِي سِيَاقٍ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ مَنْ زَعَمَ مِنْهُمْ كَمَا حَكَاهُ بن الْمُنْذِرِ عَنْهُمْ أَنَّ بَيْعَ الْعَرَايَا مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ لِأَنَّ الْمَنْسُوخَ لَا يَكُونُ بَعْدَ النَّاسِخِ .

     قَوْلُهُ  بِالرُّطَبِ أَوْ بِالتَّمْرِ كَذَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ أَوْ وَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ أَنْ تَكُونَ لِلتَّخْيِيرِ وَأَنْ تَكُونَ لِلشَّكِّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ بِالرُّطَبِ وَبِالتَّمْرِ وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرَهُ بِالْوَاوِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ كَوْنَ أَوْ بِمَعْنَى التَّخْيِيرِ لَا الشَّكِّ بِخِلَافِ مَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ أَيْضًا عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلَيْسَ هُوَ اخْتِلَافا على الزُّهْرِيّ فَإِن بن وَهْبٍ رَوَاهُ عَنْ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بالْإِسْنَادَيْنِ أَخْرَجَهُمَا النَّسَائِيُّ وَفَرَّقَهُمَا وَإِذَا ثَبَتَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ كَانَتْ فِيهَا حُجَّةٌ لِلْوَجْهِ الصَّائِرِ إِلَى جَوَازِ بيع الرطب المخروص على رُؤُوس النَّخْلِ بِالرُّطَبِ الْمَخْرُوصِ أَيْضًا عَلَى الْأَرْضِ وَهُوَ رأى بن خَيْرَانَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَهُوَ رَأْيُ الْإِصْطَخْرِيِّ وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ وَقِيلَ إِنْ كَانَا نَوْعًا وَاحِدًا لَمْ يَجُزْ إِذْ لَا حَاجَةَ إِلَيْهِ وَأَن كَانَا نَوْعَيْنِ جَازَ وَهُوَ رَأْيُ أَبِي إِسْحَاقَ وَصَحَّحَهُ بن أبي عصرون وَهَذَا كُله فَمَا إِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَلَى النَّخْلِ وَالْآخَرُ عَلَى الْأَرْضِ وَقِيلَ وَمِثْلُهُ مَا إِذَا كَانَا مَعًا عَلَى النَّخْلِ وَقِيلَ إِنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا إِذَا كَانَا نَوْعَيْنِ وَفِي ذَلِكَ فُرُوعٌ أُخَرُ يَطُولُ ذِكْرُهَا وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِإِلْحَاقِ الْبُسْرِ فِي ذَلِكَ بِالرُّطَبِ .

     قَوْلُهُ  بَيْعُ الثَّمَرِ بِالْمُثَلَّثَةِ وَتَحْرِيكِ الْمِيمِ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ثَمَرِ النَّخْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّمْرَ مِنْ غَيْرِ النَّخْلِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ بِالْمُثَنَّاةِ وَالسُّكُونِ وَإِنَّمَا وَقَعَ النَّهْيُ عَنِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ لِكَوْنِهِ مُتَفَاضِلًا مِنْ جِنْسِهِ





[ قــ :101 ... غــ :185] .

     قَوْلُهُ  كَيْلًا يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ .

     قَوْلُهُ  وَبَيْعُ الْكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَبَيْعُ الْعِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا وَالْكَرْمُ بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ هُوَ شَجَرُ الْعِنَبِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا نَفْسُ الْعِنَبِ كَمَا أَوْضَحَتْهُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ وَفِيهِ جَوَازُ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ كَمَا سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْأَدَبِ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ النَّهْيِ عَلَى التَّنْزِيهِ وَيَكُونُ ذِكْرُهُ هُنَا لِبَيَانِ الْجَوَازِ وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الْمُزَابَنَةِ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مَوْقُوفًا فَلَا حُجَّةَ عَلَى الْجَوَازِ فَيُحْمَلُ النَّهْيُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ هَلْ يَلْحَقُ الْعِنَبُ أَوْ غَيْرُهُ بِالرُّطَبِ فِي الْعَرَايَا فَقِيلَ لَا وَهُوَ قَوْلُ أَهْلِ الظَّاهِرِ وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ مِنْهُمُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَقِيلَ يَلْحَقُ الْعِنَبَ خَاصَّةً وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَقِيلَ يَلْحَقُ كُلَّ مَا يُدَّخَرُ وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ وَقِيلَ يَلْحَقُ كُلَّ ثَمَرَةٍ وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَيْضًا





[ قــ :10 ... غــ :186] .

     قَوْلُهُ  عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ هُوَ الْمَدَنِيُّ وَكُلُّهُمْ مَدَنِيُّونَ إِلَّا شَيْخَ الْبُخَارِيِّ وَلَيْسَ لِدَاوُدَ وَلَا لِشَيْخِهِ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ وَشَيْخه هُوَ أَبُو سُفْيَان مولى بن أَبِي أَحْمَدَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ وَأَبُو سُفْيَانَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ حَتَّى قَالَ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِغَيْرِهِ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَسَبَقَهُمْ إِلَى ذَلِكَ أَبُو أَحْمَدَ الْحَاكِمُ فِي الْكُنَى لَكِنْ حَكَى أَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ شَيْخِهِ فِيهِ أَنَّ اسْمه قزمان وبن أَبِي أَحْمَدَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ الْأَسدي بن أَخِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَحَكَى الْوَاقِدِيُّ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ مَوْلًى لِبَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ وَكَانَ يُجَالِسُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَحْمَدَ فَنُسِبَ إِلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَالْمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمر بِالتَّمْرِ على رُؤُوس النّخل زَاد بن مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ كَيْلًا وَهُوَ مُوَافق لحَدِيث بن عُمَرَ الَّذِي قَبْلَهُ وَذِكْرُ الْكَيْلِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَلْ لِأَنَّهُ صُورَةُ الْمُبَايَعَةِ الَّتِي وَقَعَتْ إِذْ ذَاكَ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ لِخُرُوجِهِ عَلَى سَبَبٍ أَوَّلُهُ مَفْهُومٌ لَكِنَّهُ مَفْهُومُ الْمُوَافَقَةِ لِأَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنَ المطوق وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ مِعْيَارَ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ الْكَيْلُ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي آخِرِ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ وَالْمُحَاقَلَةُ كِرَاءُ الْأَرْضِ وَكَذَا هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ





[ قــ :103 ... غــ :187] .

     قَوْلُهُ  عَنِ الشَّيْبَانِيِّ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَنِ المحاملة فِي بَابِ بَيْعِ الْمُخَاضَرَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُهُ وَالْمُزَابَنَةُ فِي النَّخْلِ وَالْمُحَاقَلَةُ فِي الزَّرْعِ





[ قــ :104 ... غــ :188] .

     قَوْلُهُ  أَرْخَصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ الْجَمْعُ عَرَايَا وَقَدْ ذَكَرْنَا تَفْسِيرَهَا لُغَةً .

     قَوْلُهُ  أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا زَادَ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ الْقَعْنَبِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ كَيْلًا وَمِثْلُهُ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ بِخَرْصِهَا مِنَ التَّمْرِ وَنَحْوُهُ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ نَافِعٍ فِي كِتَابِ الشُّرْبِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ رَخَّصَ فِي الْعَرِيَّةِ يَأْخُذُهَا أَهْلُ الْبَيْتِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا وَمِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ بِخَرْصِهَا تَمْرًا قَالَ يَحْيَى الْعَرِيَّةُ أَن يَشْتَرِي الرجل تَمرا النَّخَلَاتِ بِطَعَامِ أَهْلِهِ رُطَبًا بِخَرْصِهَا تَمْرًا وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ فِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ إِدْرَاجًا وَأخرجه الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَيُّوبَ وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ بِلَفْظِ رَخَّصَ فِي الْعَرَايَا النَّخْلَةُ وَالنَّخْلَتَانِ يُوهَبَانِ لِلرَّجُلِ فَيَبِيعُهُمَا بِخَرْصِهِمَا تَمْرًا زَادَ فِيهِ يُوهَبَانِ لِلرَّجُلِ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ كَمَا سَيَأْتِي شَرحه بعد بَاب