فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الوضوء من غير حدث

( قَولُهُ بَابُ الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ)
أَيْ مَا حُكْمُهُ وَالْمُرَادُ تَجْدِيدُ الْوُضُوءِ وَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ الْعُلَمَاءِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوُضُوءِ عِنْدَ ذِكْرِ قَوْلِهِ تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاة وَأَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ قَالُوا التَّقْدِيرُ إِذَا قُمْتُمْ الىالصلاة مُحْدِثِينَ وَاسْتَدَلَّ الدَّارِمِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا وُضُوءَ إِلَّا مِنْ حَدَثٍ وَحَكَى الشَّافِعِيُّ عَمَّنْ لَقِيَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ التَّقْدِيرَ إِذَا قُمْتُمْ مِنَ النَّوْمِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنَ الْعُلَمَاءِ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى ظَاهِرِهِ.

     وَقَالَ  كَانَ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَاجِبًا ثُمَّ اخْتَلَفُوا هَلْ نُسِخَ أَوِ اسْتَمَرَّ حُكْمُهُ وَيَدُلُّ عَلَى النَّسْخِ مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَصَحَّحَهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ لِكُلِّ صَلَاةٍ فَلَمَّا شَقَّ عَلَيْهِ أُمِرَ بِالسِّوَاكِ وَذَهَبَ إِلَى اسْتِمْرَارِ الْوُجُوبِ قَوْمٌ كَمَا جزم بِهِ الطَّحَاوِيّ وَنَقله بن عبد الْبر عَن عِكْرِمَة وبن سِيرِينَ وَغَيْرِهِمَا وَاسْتَبْعَدَهُ النَّوَوِيُّ وَجَنَحَ إِلَى تَأْوِيلِ ذَلِكَ إِنْ ثَبَتَ عَنْهُمْ وَجَزَمَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ اسْتَقَرَّ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْآيَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ غَيْرِ نَسْخٍ وَيَكُونُ الْأَمْرُ فِي حَقِّ الْمُحْدِثِينَ عَلَى الْوُجُوبِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِمْ عَلَى النَّدْبِ وَحَصَلَ بَيَانُ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ



[ قــ :210 ... غــ :214] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ هُوَ الْفِرْيَابِيُّ وَسُفْيَانُ هُوَ الثَّوْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَنَا مُسَدِّدٌ هُوَ تَحْوِيلٌ إِلَى إِسْنَادٍ ثَانٍ قَبْلَ ذِكْرِ الْمَتْنِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَعْلَى لِتَصْرِيحِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ وَعَمْرُو بْنُ عَامِرٍ كُوفِيٌّ أَنْصَارِيٌّ وَقِيلَ بَجَلِيٌّ وَصَحَّحَ الْمِزِّيُّ أَنَّ الْبَجَلِيَّ رَاوٍ آخَرُ غَيْرُ هَذَا الْأَنْصَارِيِّ وَلَيْسَ لِهَذَا فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ كُلُّهَا عَنْ أَنَسٍ وَلَيْسَ لِلْبَجَلِيِّ عِنْدَهُ رِوَايَةٌ وَقَدْ يَلْتَبِسُ بِهِ عُمَرُ بْنُ عَامِرٍ بِضَمِّ الْعَيْنِ رَاوٍ آخَرُ بَصْرِيٌّ سُلَمِيٌّ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ شَيْءٌ .

     قَوْلُهُ  عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ أَيْ مَفْرُوضَةٍ زَادَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ طَاهِرًا أَوْ غَيْرَ طَاهِرٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّ تِلْكَ كَانَتْ عَادَتَهُ لَكِنَّ حَدِيثَ سُوَيْدٍ الْمَذْكُورَ فِي الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْغَالِبُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ يُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ خَاصَّةً ثُمَّ نُسِخَ يَوْمَ الْفَتْحِ لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ يَعْنِي الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصَّلَوَاتِ يَوْمَ الْفَتْحِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ وَأَنَّ عُمَرَ سَأَلَهُ فَقَالَ عَمْدًا فَعَلْتُهُ.

     وَقَالَ  يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُهُ اسْتِحْبَابًا ثُمَّ خَشِيَ أَنْ يُظَنَّ وُجُوبُهُ فَتَرَكَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ.

قُلْتُ وَهَذَا أَقْرَبُ وَعَلَى تَقْدِيرِ الْأَوَّلِ فَالنَّسْخُ كَانَ قَبْلَ الْفَتْحِ بِدَلِيلِ حَدِيثِ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانَ فَإِنَّهُ كَانَ فِي خَيْبَرَ وَهِيَ قَبْلَ الْفَتْحِ بِزَمَانٍ .

     قَوْلُهُ  كَيْفَ كُنْتُمْ الْقَائِلُ عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ وَالْمُرَادُ الصَّحَابَةُ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَمْرٍو أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسًا أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَ نَعَمْ وَلِابْنِ مَاجَهْ وَكُنَّا نَحْنُ نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ .

     قَوْلُهُ  يُجْزِئُ بِالضَّمِّ مِنْ أَجْزَأَ أَيْ يَكْفِي وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ يَكْفِي





[ قــ :11 ... غــ :15] قَوْله حَدثنَا سُلَيْمَان هُوَ بن بِلَالٍ وَمَبَاحِثُ الْمَتْنِ تَقَدَّمَتْ قَرِيبًا وَأَفَادَتْ هَذِهِ الطَّرِيقُ التَّصْرِيحَ بِالْإِخْبَارِ مِنْ يَحْيَى وَشَيْخِهِ وَلَيْسَ لِسُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ فِي مَوَاضِعَ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ وَهُوَ أَنْصَارِيٌّ حَارِثِيٌّ شَهِدَ بَيْعَةَ الرِّضْوَانِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى وَذكر بن سَعْدٍ أَنَّهُ شَهِدَ قَبْلَ ذَلِكَ أُحُدًا وَمَا بعْدهَا