فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا وجد تمرة في الطريق

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ إِذَا وَجَدَ تَمْرَةً فِي الطَّرِيقِ)

أَيْ يَجُوزُ لَهُ أَخْذُهَا وَأَكْلُهَا وَكَذَا نَحْوُهَا مِنَ الْمُحَقَّرَاتِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ الْمَجْزُومُ بِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَأَشَارَ الرَّافِعِيُّ إِلَى تَخْرِيجِ وَجْهٍ فِيهِ وَقد روى بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا وَجَدَتْ تَمْرَةً فَأَكَلَتْهَا .

     وَقَالَتْ  لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْفَسَادَ تَعْنِي أَنَّهَا لَوْ تُرِكَتْ فَلَمْ تُؤْخَذْ فَتُؤْكَلْ فَسَدَتْ



[ قــ :2327 ... غــ :2431] قَوْله عَن طَلْحَة هُوَ بن مُصَرِّفٍ .

     قَوْلُهُ  لَأَكَلْتُهَا ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ أَكْلِ مَا يُوجَدُ مِنَ الْمُحَقَّرَاتِ مُلْقًى فِي الطُّرُقَاتِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَمْتَنِعْ مِنْ أَكْلِهَا إِلَّا تَوَرُّعًا لِخَشْيَةِ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ الَّتِي حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لَا لِكَوْنِهَا مَرْمِيَّةً فِي الطَّرِيقِ فَقَطْ وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ
قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ عَلَى فِرَاشِي فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ تَرَكَ أَخْذَهَا تَوَرُّعًا لِخَشْيَةِ أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَلَوْ لَمْ يَخْشَ ذَلِكَ لَأَكَلَهَا وَلَمْ يَذْكُرْ تَعْرِيفًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ يُمْلَكُ بِالْأَخْذِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْرِيفٍ لَكِن هَل يُقَال إِنَّهَا لقطَة رخص فِي ترك تَعْرِيفهَا أَو لَيست لُقَطَةٌ لِأَنَّ اللُّقَطَةَ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُتَمَلَّكَ دُونَ مَا لَا قِيمَةَ لَهُ وَقَدِ اسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ تَرْكَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّمْرَةَ فِي الطَّرِيقِ مَعَ أَنَّ الْإِمَامَ يَأْخُذُ الْمَالَ الضَّائِعَ لِلْحِفْظِ وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَخَذَهَا كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ مَا يَنْفِيهِ أَوْ تَرَكَهَا عَمْدًا لِيَنْتَفِعَ بِهَا مَنْ يَجِدُهَا مِمَّنْ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ حِفْظُ الْمَالِ الَّذِي يَعْلَمُ تَطَلُّعَ صَاحِبِهِ لَهُ لَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِالْإِعْرَاضِ عَنْهُ لِحَقَارَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وقَال يحيى أَي بن سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَقَدْ وَصَلَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ عَنهُ وَأخرجه الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ.

قُلْتُ وَلِسُفْيَانَ فِيهِ إِسْنَاد آخر أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ وَكِيعٍ عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى طَلْحَة فَقَالَ عَن بن عُمَرَ أَنَّهُ وَجَدَ تَمْرَةً فَأَكَلَهَا .

     قَوْلُهُ  وقَال زَائِدَةُ إِلَخْ وَصَلَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ زَائِدَةَ .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ هُوَ بن الْمُبَارَكِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي أَوَائِلِ الْبيُوع بَاب كَيفَ تعرف لقطَة أهل مَكَّة كَأَنَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى إِثْبَاتِ لُقَطَةِ الْحَرَمِ فَلِذَلِكَ قَصَرَ التَّرْجَمَةَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إِلَى ضَعْفِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِي النَّهْيِ عَنْ لُقَطَةِ الْحَاجِّ أَوْ إِلَى تَأْوِيلِهِ بِأَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنِ الْتِقَاطِهَا لِلتَّمَلُّكِ لَا لِلْحِفْظِ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ فَقَدْ صَحَّحَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ ثُمَّ لَيْسَ فِيمَا سَاقه الْمُؤلف من حَدِيثي بن عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ كَيْفِيَّةُ التَّعْرِيفِ الَّتِي تَرْجَمَ لَهَا وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يخْتَلف