فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا أعتق عبدا بين اثنين، أو أمة بين الشركاء

( قَولُهُ بَابُ إِذَا أَعْتَقَ عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَو أمة بَين الشُّرَكَاء)
قَالَ بن التِّينِ أَرَادَ أَنَّ الْعَبْدَ كَالْأَمَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الرّقّ قَالَ وَقد بَين فِي حَدِيث بن عُمَرَ فِي آخِرِ الْبَابِ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي فِيهِمَا بِذَلِكَ انْتَهَى وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى رَدِّ قَول إِسْحَاق بن رَاهْوَيْهِ إِنَّ هَذَا الْحُكْمَ مُخْتَصٌّ بِالذُّكُورِ وَهُوَ خطأ وَادّعى بن حَزْمٍ أَنَّ لَفْظَ الْعَبْدِ فِي اللُّغَةِ يَتَنَاوَلُ الْأَمَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ الْمَمْلُوكَ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ الْعَبْدُ اسْمٌ لِلْمَمْلُوكِ الذَّكَرِ بِأَصْلِ وَضْعِهِ وَالْأَمَةُ اسْمٌ لِمُؤَنَّثِهِ بِغَيْرِ لَفْظِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ إِسْحَاقُ إِنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَتَنَاوَلُ الْأُنْثَى وَخَالَفَهُ الْجُمْهُورُ فَلَمْ يُفَرِّقُوا فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى إِمَّا لِأَنَّ لَفْظَ الْعَبْدِ يُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى إِلَّا آتِي الرَّحْمَن عبدا فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى قَطْعًا وَإِمَّا عَلَى طَرِيق الْإِلْحَاق لعدم الْفَارِق قَالَ وَحَدِيث بن عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ يَكُونُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ الْحَدِيثَ وَقَدْ قَالَ فِي آخِرِهِ يُخْبِرُ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَمِيعَ مَرْفُوعٌ وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ نَافِع عَن بْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ كَانَ لَهُ شِرْكٌ فِي عبد أَو أَمَةٍ الْحَدِيثَ وَهَذَا أَصْرَحُ مَا وَجَدْتُهُ فِي ذَلِكَ وَمِثْلُهُ مَا أَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ بن إِسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ مِثْلَهُ.

     وَقَالَ  فِيهِ حُمِلَ عَلَيْهِ مَا بَقِيَ فِي مَالِهِ حَتَّى يُعْتَقَ كُلُّهُ وَقَدْ قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ إِدْرَاكُ كَوْنِ الْأَمَةَ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَالْعَبْدِ حَاصِلٌ لِلسَّامِعِ قَبْلَ التَّفَطُّنِ لِوَجْهِ الْجَمْعِ وَالْفَرْقُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْتُ وَقَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا عُثْمَانُ اللَّيْثِيُّ بِمَأْخَذٍ آخَرَ فَقَالَ يَنْفُذُ عِتْقُ الشَّرِيكِ فِي جَمِيعِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ جَمِيلَةً تُرَادُ لِلْوَطْءِ فَيَضْمَنُ مَا أَدْخَلَ عَلَى شَرِيكِهِ فِيهَا مِنَ الضَّرَرِ قَالَ النَّوَوِيُّ قَوْلُ إِسْحَاقَ شَاذٌّ وَقَوْلُ عُثْمَانَ فَاسِدٌ اه وَإِنَّمَا قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ الْعَبْدَ بِاثْنَيْنِ وَالْأَمَةَ بِالشُّرَكَاءِ اتِّبَاعًا لِلَفْظِ الْحَدِيثِ الْوَارِدِ فِيهِمَا وَإِلَّا فَالْحُكْمُ فِي الْجَمِيعِ سَوَاءٌ



[ قــ :2412 ... غــ :2521] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَمْرٍو هُوَ بن دِينَار وَسَالم هُوَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا عَمْرٌو بْنُ دِينَارٍ .

     قَوْلُهُ  عَن سَالم هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاق بن رَاهْوَيْهِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَمْرٍو أَنَّهُ سَمِعَ سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  مَنْ أَعْتَقَ ظَاهِرُهُ الْعُمُومُ لَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالِاتِّفَاقِ فَلَا يَصِحُّ مِنَ الْمَجْنُونِ وَلَا مِنَ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِسَفَهٍ وَفِي الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بِفَلْسٍ وَالْعَبْدِ وَالْمَرِيضِ مَرَضَ الْمَوْتِ وَالْكَافِرِ تَفَاصِيلُ لِلْعُلَمَاءِ بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ عِنْدَهُمْ مِنْ أَدِلَّةِ التَّخْصِيصِ وَلَا يُقَوَّمُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَّا إِذَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ.

     وَقَالَ  أَحْمَدُ لَا يُقَوَّمُ فِي الْمَرَضِ مُطْلَقًا وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي عِتْقِ الْكَافِرِ قَرِيبًا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ أَعْتَقَ مَا إِذَا أُعْتِقَ عَلَيْهِ بِأَنْ وَرِثَ بَعْضَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِقَرَابَةٍ فَلَا سِرَايَةَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ وَكَذَلِكَ لَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ أَنِ اشْتَرَى شِقْصًا يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ فَإِنَّ الْمِلْكَ وَالْعِتْقَ يَحْصُلَانِ بِغَيْرِ فِعْلِ السَّيِّدِ فَهُوَ كَالْإِرْثِ وَيَدْخُلُ فِي الِاخْتِيَارِ مَا إِذَا أُكْرِهَ بِحَقٍّ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَصِيبِهِ مِنَ الْمُشْتَرَكِ أَوْ بِعِتْقِ جُزْءٍ مِمَّنْ لَهُ كُلُّهُ لَمْ يَسْرِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَيْضًا لِأَنَّ الْمَالَ يَنْتَقِلُ لِلْوَارِثِ وَيَصِيرُ الْمَيِّتُ مُعْسِرًا وَعَنِ الْمَالِكِيَّةِ رِوَايَةٌ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ مَعَ مَفْهُومِ الْخَبَرِ أَنَّ السِّرَايَةَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ فَيَخْتَصُّ بِمَوْرِدِ النَّصِّ وَلِأَنَّ التَّقْوِيمَ سَبِيلُهُ سَبِيلَ غَرَامَةِ الْمُتْلَفَاتِ فَيَقْتَضِي التَّخْصِيصَ بِصُدُورِ أَمْرٍ يُجْعَلُ إِتْلَافًا ثُمَّ ظَاهِرُ قَوْلِهِ مَنْ أَعْتَقَ وُقُوعُ الْعِتْقِ مُنَجَّزًا وَأَجْرَى الْجُمْهُورُ الْمُعَلَّقَ بِصِفَةٍ إِذَا وُجِدَتْ مُجْرَى الْمُنَجَّزِ .

     قَوْلُهُ  عَبْدًا بَيْنَ اثْنَيْنِ هُوَ كَالْمِثَالِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ فِي الْبَابِ شِرْكًا وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ الْمَاضِيَةِ فِي الشَّرِكَةِ شِقْصًا بِمُعْجَمَةٍ وقاف ومهملة وَزْنَ الْأَوَّلِ وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْبَابِ نَصِيبًا وَالْكل بِمَعْنى الا أَن بن دُرَيْدٍ قَالَ هُوَ الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ.

     وَقَالَ  الْقَزَّازُ لَا يَكُونُ الشِّقْصُ إِلَّا كَذَلِكَ وَالشِّرْكُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ أُطْلِقَ عَلَى مُتَعَلَّقِهِ وَهُوَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرَكُ وَلَا بُدَّ فِي السِّيَاقِ مِنْ إِضْمَارِ جُزْءٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ هُوَ الْجُمْلَةُ أَوِ الْجُزْءُ الْمُعَيَّنُ مِنْهَا وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ فِي كُلِّ رَقِيقٍ لَكِنْ يُسْتَثْنَى الْجَانِي وَالْمَرْهُونُ فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ فِي الرَّهْنِ وَالْجِنَايَةِ مَنْعُ السِّرَايَةِ لِأَنَّ فِيهَا إِبْطَالُ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَوْ أَعْتَقَ مُشْتَرَكًا بَعْدَ أَنْ كَاتَبَاهُ فَإِنْ كَانَ لَفْظُ الْعَبْدِ يَتَنَاوَلُ الْمُكَاتَبَ وَقَعَتِ السِّرَايَةُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا يَكْفِي ثُبُوتُ أَحْكَامِ الرّقّ عَلَيْهِ فقد تثبت وَلَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الْعَبْدِ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ دَبَّرَاهُ لَكِنَّ تَنَاوُلَ لَفْظِ الْعَبْدِ لِلْمُدَبَّرِ أَقْوَى مِنَ الْمُكَاتَبِ فَيَسْرِي هُنَا عَلَى الْأَصَحِّ فَلَوْ أَعْتَقَ مِنْ أَمَةٍ ثَبَتَ كَوْنُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِشَرِيكِهِ فَلَا سِرَايَةَ لِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ النَّقْلَ مِنْ مَالِكٍ إِلَى مَالِكٍ وَأُمُّ الْوَلَدِ لَا تَقْبَلُ ذَلِكَ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى بَيْعَهَا وَهُوَ أَصَحُّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ ظَاهِرُهُ اعْتِبَارُ ذَلِكَ حَالَ الْعِتْقِ حَتَّى لَوْ كَانَ مُعْسِرًا ثُمَّ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَتَغَيَّرِ الْحُكْمُ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَمْ يُقَوَّمْ وَقَدْ أَفْصَحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ حَيْثُ قَالَ فِيهَا وَإِلَّا فَقَدْ عُتِقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَيَبْقَى مَا لَمْ يُعْتَقْ عَلَى حُكْمِهِ الْأَوَّلِ هَذَا الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَهُوَ السُّكُوتُ عَنِ الْحُكْمِ بَعْدَ هَذَا الْإِبْقَاءِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ .

     قَوْلُهُ  قُوِّمَ عَلَيْهِ بِضَمِّ أَوَّلِهِ زَادَ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِمَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي مَالِهِ قِيمَةَ عَدْلٍ لَا وَكْسٍ وَلَا شَطَطٍ وَالْوَكْسُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْكَافِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ النَّقْصُ وَالشَّطَطُ بِمُعْجَمَةٍ ثُمَّ مُهْمَلَةٍ مُكَرَّرَةٍ وَالْفَتْحُ الْجَوْرُ وَاتَّفَقَ مَنْ قَالَ مِنَ الْعلمَاء على أَنه يُبَاع عَلَيْهِ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ جَمِيعُ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافٍ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُهُ كَانَ فِي حُكْمِ الْمُوسِرِ عَلَى أَصَحِّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ كَالْخِلَافِ فِي أَنَّ الدَّيْنَ هَلْ يَمْنَعُ الزَّكَاةَ أَمْ لَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَالْحُمَيْدِيِّ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِأَعْلَى الْقِيمَةِ أَوْ قِيمَةِ عَدْلٍ وَهُوَ شَكٌّ مِنْ سُفْيَانَ وَقَدْ رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ عَنْهُ بِلَفْظِ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةُ عَدْلٍ وَهُوَ الصَّوَابُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ يُعْتَقُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ ثُمَّ أُعْتِقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّ التَّاءَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ مَفْتُوحَةٌ مَعَ ضَمِّ أَوَّلِهِ تَنْبِيهٌ رَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ هَذَا الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا أَيْضًا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ عَتَقَ مَا بَقِيَ فِي مَالِهِ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ وَذَكَرَ الْخَطِيبُ قَوْلَهُ إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ يَبْلُغُ ثَمَنَ الْعَبْدِ فِي الْمُدْرَجِ وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي رِوَايَةِ نَافِعٍ كَمَا سَيَأْتِي .

     قَوْلُهُ  فِي طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ وَكَانَ لَهُ مَا يَبْلُغُ أَيْ شَيْءُ يَبْلُغُ وَعِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ مَالٌ يَبْلُغُ وَهِيَ رِوَايَةُ الْمُوَطَّأِ وَالتَّقْيِيدُ بِقَوْلِهِ يَبْلُغُ يُخْرِجُ مَا إِذَا كَانَ لَهُ مَالٌ لَكِنَّهُ لَا يَبْلُغُ قِيمَةَ النَّصِيبِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لَكِنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّهُ يَسْرِي إِلَى الْقَدْرِ الَّذِي هُوَ مُوسِرٌ بِهِ تَنْفِيذًا لِلْعِتْقِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ .

     قَوْلُهُ  ثَمَنَ الْعَبْدِ أَيْ ثَمَنَ بَقِيَّةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ مُوسِرٌ بِحِصَّتِهِ وَقَدْ أَوْضَحَ ذَلِكَ النَّسَائِيُّ فِي رِوَايَتِهِ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعُمَرَ بْنِ نَافِعٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ عجلَان عَن نَافِع عَن بن عُمَرَ بِلَفْظِ وَلَهُ مَالٌ يَبْلُغُ قِيمَةَ أَنْصِبَاءِ شُرَكَائِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِشُرَكَائِهِ أَنْصِبَاءَهُمْ وَيُعْتَقُ الْعَبْدُ وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُنَا الْقِيمَةُ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَا اشْتَرَيْتَ بِهِ الْعَيْنَ وَاللَّازِمُ هُنَا الْقِيمَةُ لَا الثَّمَنُ وَقَدْ تَبَيَّنَ الْمُرَادُ فِي رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ الْمَذْكُورَةِ وَيَأْتِي فِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ فِي هَذَا الْبَابِ بِلَفْظِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتُهُ بِقِيمَةِ عَدْلٍ .

     قَوْلُهُ  فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَشُرَكَاءَهُ بِالنَّصْبِ وَلِبَعْضِهِمْ فَأُعْطِيَ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَشُرَكَاؤُهُ بِالضَّمِّ وَقَولُهُ حِصَصُهُمْ أَيْ قِيمَةَ حِصَصِهِمْ أَيْ إِنْ كَانَ لَهُ شُرَكَاءُ فَإِنْ كَانَ لَهُ شَرِيكٌ أَعْطَاهُ جَمِيعَ الْبَاقِي وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ فَلَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ وَهِيَ الثُّلُثُ وَالثَّانِي حِصَّتَهُ وَهِيَ السُّدُسُ فَهَلْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِمَا نَصِيبُ صَاحِبِ النِّصْفِ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى قَدْرِ الْحِصَصِ الْجُمْهُورُ عَلَى الثَّانِي وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ خِلَافٌ كَالْخِلَافِ فِي الشُّفْعَةِ إِذَا كَانَتْ لِاثْنَيْنِ هَلْ يَأْخُذَانِ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ عَلَى قَدْرِ الْمِلْكِ .

     قَوْلُهُ  عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ قَالَ الدَّاوُدِيُّ هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ مِنَ الْأَوَّلِ وَيجوز الْفَتْح وَالضَّم فِي الثَّانِي وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ وَإِنَّمَا يُقَالُ عَتَقَ بِالْفَتْحِ وَأُعْتِقَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَلَا يُعْرَفُ عُتِقَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَازِمٌ غَيْرُ مُتَعَدٍّ قَوْله فِي الرِّوَايَة الثَّالِثَة عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ هُوَ بن عُمَرَ الْعُمَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عِتْقُهُ كُلِّهِ بِجَرِّ اللَّامِ تَأْكِيدًا لِلضَّمِيرِ الْمُضَافِ أَيْ عِتْقُ الْعَبْدِ كُلِّهِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ عَلَى الْمُعْتِقِ هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَظَاهِرُهَا أَنَّ التَّقْوِيمَ يُشْرَعُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ .

     قَوْلُهُ  يُقَوَّمُ لَيْسَ جَوَابًا لِلشَّرْطِ بَلْ هُوَ صِفَةُ مَنْ لَهُ الْمَالُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَا مَالَ لَهُ بِحَيْثُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ التَّقْوِيمِ فَإِنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً وَجَوَابُ الشَّرْطِ هُوَ .

     قَوْلُهُ  فَأُعْتِقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ وَالتَّقْدِيرُ فَقَدْ أُعْتِقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فِي مَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ قَوْله حَدثنَا مُسَدّد حَدثنَا بشر أَي بن الْمفضل عَن عبيد الله أَي بن عُمَرَ .

     قَوْلُهُ  اخْتَصَرَهُ أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ بِرِوَايَةِ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَفْظُهُ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ مُسَدَّدٍ عَنْ بِشْرٍ مُطَوَّلًا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ عَنْ بِشْرٍ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَيْضًا





[ قــ :415 ... غــ :54] .

     قَوْلُهُ  عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ اخْتَصَرَ هَذَا الْقَدْرَ وَقَدْ فَهِمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ذَلِكَ فَقَالَ عَامَّةُ الْكُوفِيِّينَ رَوَوْا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُكْمَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ مَعًا وَالْبَصْرِيُّونَ لَمْ يَذْكُرُوا إِلَّا حُكْمَ الْمُوسِرِ فَقَطْ.

قُلْتُ فَمِنَ الْكُوفِيِّينَ أَبُو أُسَامَةَ كَمَا تَرَى وبن نُمَيْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَزُهَيْرٌ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ وَأَحْمَدَ وَمِنَ الْبَصْرِيِّينَ بِشْرٌ الْمَذْكُورُ وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ وَيَحْيَى الْقَطَّانُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَعَبْدُ الْأَعْلَى فِيمَا ذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَكِنْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَزَائِدَةُ كُوفِيٌّ لَكِنَّهُ وَافَقَ الْبَصْرِيِّينَ .

     قَوْلُهُ  أَوْ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ الشَّكُّ فِيهِ مِنْ أَيُّوبَ وَقَدْ سَبَقَ فِي الشَّرِكَةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ فَقَالَ فِيهِ أَوْ قَالَ نَصِيبًا .

     قَوْلُهُ  فَهُوَ عَتِيقٌ أَيْ مُعْتَقٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَيُّوبُ لَا أَدْرِي أَشَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ أَوْ شَيْءٌ فِي الْحَدِيثِ هَذَا شَكٌّ مِنْ أَيُّوبَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُكْمِ الْمُعْسِرِ هَلْ هِيَ مَوْصُولَةٌ مَرْفُوعَةٌ أَوْ مُنْقَطِعَةٌ مَقْطُوعَةٌ وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ فَقَالَ فِي آخِرِهِ وَرُبَّمَا قَالَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْهُ وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ شَيْءٌ يَقُولُهُ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَقَدْ وَافَقَ أَيُّوبَ عَلَى الشَّكِّ فِي رَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَن نَافِع أخرجه مُسلم وَالنَّسَائِيّ وَلَفظ وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ وَكَانَ نَافِعٌ يَقُولُ قَالَ يَحْيَى لَا أَدْرِي أَشَيْءٌ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ يَقُولُهُ أَمْ شَيْءٌ فِي الْحَدِيثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَقَدْ جَازَ مَا صَنَعَ وَرَوَاهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَحْيَى فَجَزَمَ بِأَنَّهَا عَنْ نَافِعٍ وَأَدْرَجَهَا فِي الْمَرْفُوعِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَجَزَمَ مُسْلِمٌ بِأَنَّ أَيُّوبَ وَيَحْيَى قَالَا لَا نَدْرِي أَهُوَ فِي الْحَدِيثِ أَوْ شَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي وَصْلِهَا وَلَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لَكِنِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِثْبَاتِهَا وَحَذْفِهَا كَمَا تَقَدَّمَ وَالَّذِينَ أَثْبَتُوهَا حُفَّاظٌ فَإِثْبَاتُهَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُقَدَّمٌ وَأَثْبَتَهَا أَيْضًا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ وَقَدْ رَجَّحَ الْأَئِمَّةُ رِوَايَةَ مَنْ أَثْبَتَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَرْفُوعَةً قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا أَحْسَبُ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ يَشُكُّ فِي أَنَّ مَالِكًا أَحْفَظُ لِحَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ لِأَنَّهُ كَانَ أَلْزَمَ لَهُ مِنْهُ حَتَّى وَلَوِ اسْتَوَيَا فَشَكَّ أَحَدُهُمَا فِي شَيْءٍ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ صَاحِبُهُ كَانَتِ الْحُجَّةُ مَعَ مَنْ لَمْ يَشُكَّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ.

قُلْتُ لِابْنِ مَعِينٍ مَالِكٌ فِي نَافِعٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ أَيُّوبُ قَالَ مَالِكٌ وَسَأَذْكُرُ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ فِي رَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَوْ وَقْفِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى





[ قــ :416 ... غــ :55] .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي إِلَخْ كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْرَدَ هَذِهِ الطَّرِيقَ يُشِيرُ بِهَا إِلَى أَن بن عُمَرَ رَاوِيَ الْحَدِيثِ أَفْتَى بِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُهُ فِي حَقِّ الْمُوسِرِ لِيَرُدَّ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ وَلَمْ يَتَفَرَّدْ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بَلْ وَافَقَهُ صَخْرُ بْنُ جُوَيْرِيَةَ عَنْ نَافِعٍ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ وَالطَّحَاوِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ .

     قَوْلُهُ  وَرَوَاهُ اللَّيْث وبن أبي ذِئْب وبن إِسْحَاقَ وَجُوَيْرِيَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُميَّة عَن نَافِع عَن بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُخْتَصَرًا يَعْنِي وَلَمْ يَذْكُرُوا الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ فِي حَقِّ الْمُعْسِرِ وَهِيَ .

     قَوْلُهُ  فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ فَأَمَّا رِوَايَةُ اللَّيْثِ فَقَدْ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَلَفْظُهُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ أَيُّمَا مَمْلُوكٍ كَانَ بَيْنَ شُرَكَاءَ فَأَعْتَقَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ يُقَامُ فِي مَالِ الَّذِي أَعْتَقَ قِيمَةَ عَدْلٍ فَيُعْتَقُ إِنْ بَلَغَ ذَلِكَ مَالُهُ وَأما رِوَايَة بن أَبِي ذِئْبٍ فَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهَا وَوَصَلَهَا أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ عَلَيْهِ وَلَفْظُهُ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا فِي مَمْلُوكٍ وَكَانَ لِلَّذِي يعْتق مَبْلَغُ ثَمَنِهِ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ بن إِسْحَاقَ فَوَصَلَهَا أَبُو عَوَانَةَ وَلَفْظُهُ مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ مَمْلُوكٍ فَعَلَيْهِ نَفَاذُهُ مِنْهُ وَأما رِوَايَة جوَيْرِية وَهُوَ بن إِسْمَاعِيل فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الشَّرِكَةِ كَمَا مَضَى.
وَأَمَّا رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ فَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرْتُ لَفْظَهُ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ فَوَصَلَهَا مُسْلِمٌ وَلَمْ يَسُقْ لَفْظَهَا وَهِيَ عِنْد عبد الرَّزَّاق نَحْو رِوَايَة بن أَبِي ذِئْبٍ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُوسِرَ إِذَا أَعْتَقَ نَصِيبَهُ مِنْ مَمْلُوكٍ عتق كُله قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَا خِلَافَ فِي أَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَكُونُ إِلَّا عَلَى الْمُوسِرِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ الْعِتْقِ فَقَالَ الْجُمْهُورُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْأَصَحِّ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إِنَّهُ يُعْتَقُ فِي الْحَالِ.

     وَقَالَ  بعض الشَّافِعِيَّة لَو أعتق للشَّرِيك نَصِيبَهُ بِالتَّقْوِيمِ كَانَ لَغْوًا وَيَغْرَمُ الْمُعْتِقُ حِصَّةَ نَصِيبِهِ بِالتَّقْوِيمِ وَحُجَّتُهُمْ رِوَايَةُ أَيُّوبَ فِي الْبَابِ حَيْثُ قَالَ مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبًا وَكَانَ لَهُ مِنَ الْمَالِ مَا يَبْلُغُ قِيمَتَهُ فَهُوَ عَتِيقٌ وأوضح من ذَلِك رِوَايَة النَّسَائِيّ وبن حِبَّانَ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ نَافِعٍ عَن بن عُمَرَ بِلَفْظِ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَلَهُ فِيهِ شُرَكَاءُ وَلَهُ وَفَاءٌ فَهُوَ حُرٌّ وَيَضْمَنُ نَصِيبَ شركائه بِقِيمَتِه وللطحاوي من طَرِيق بن أبي ذِئْب عَن نَافِع فَكَانَ الَّذِي يُعْتِقُ نَصِيبَهُ مَا يَبْلُغُ ثَمَنَهُ فَهُوَ عَتِيقٌ كُلُّهُ حَتَّى لَوْ أَعْسَرَ الْمُوسِرُ الْمُعْتِقُ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَمَرَّ الْعِتْقُ وَبَقِيَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَوْ مَاتَ أَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَخْلُفْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ شَيْءٌ وَاسْتَمَرَّ الْعِتْقُ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ إِلَّا بِدَفْعِ الْقِيمَةِ فَلَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ قَبْلَ أَخْذِ الْقِيمَةِ نَفَذَ عِتْقُهُ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَحُجَّتُهُمْ رِوَايَةُ سَالِمٍ أَوَّلَ الْبَابِ حَيْثُ قَالَ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا قُوِّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ يُعْتَقُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْتِيبِ الْعِتْقِ عَلَى التَّقْوِيمِ تَرْتِيبُهُ عَلَى أَدَاءِ الْقِيمَةِ فَإِنَّ التَّقْوِيمَ يُفِيدُ مَعْرِفَةَ الْقِيمَةِ.
وَأَمَّا الدَّفْعُ فَقَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مَالِكٍ الَّتِي فِيهَا فَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ فَلَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا لِسِيَاقِهَا بِالْوَاوِ وَفِي الحَدِيث حجَّة على بن سِيرِينَ حَيْثُ قَالَ يَعْتِقُ كُلُّهُ وَيَكُونُ نَصِيبُ مَنْ لَمْ يَعْتِقْ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِتَصْرِيحِ الْحَدِيثِ بِالتَّقْوِيمِ عَلَى الْمُعْتِقِ وَعَلَى رَبِيعَةَ حَيْثُ قَالَ لَا يَنْفُذُ عِتْقُ الْجُزْءِ مِنْ مُوسِرٍ وَلَا مُعْسِرٍ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ الْحَدِيثُ وَعَلَى بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ حَيْثُ قَالَ إِنَّ التَّقْوِيمَ يَكُونُ عِنْدَ إِرَادَةِ الْعِتْقِ لَا بَعْدَ صُدُورِهِ وَعَلَى أَبِي حَنِيفَةَ حَيْثُ قَالَ يَتَخَيَّرُ الشَّرِيكُ بَيْنَ أَنْ يُقَوِّمَ نَصِيبَهُ عَلَى الْمُعْتِقِ أَوْ يُعْتِقَ نَصِيبَهُ أَوْ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ وَيُقَالُ إِنَّهُ لَمْ يُسْبَقْ إِلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُتَابِعْهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ حَتَّى وَلَا صَاحِبَاهُ وَطُرِدَ .

     قَوْلُهُ  فِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدِهِ فَالْجُمْهُورُ قَالُوا يَعْتِقُ كُلُّهُ.

     وَقَالَ  هُوَ يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَةِ نَفْسِهِ لِمَوْلَاهُ وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مَا إِذَا أَذِنَ الشَّرِيكُ فَقَالَ لِشَرِيكِهِ أَعْتِقْ نَصِيبَكَ قَالُوا فَلَا ضَمَانَ فِيهِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَتْلَفَ شَيْئًا مِنَ الْحَيَوَانِ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لَا مِثْلُهُ وَيَلْتَحِقُ بِذَلِكَ مَا لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ عِنْد الْجُمْهُور.

     وَقَالَ  بن بَطَّالٍ قِيلَ الْحِكْمَةُ فِي التَّقْوِيمِ عَلَى الْمُوسِرِ أَنْ تَكْمُلَ حُرِّيَّةُ الْعَبْدِ لِتَتِمَّ شَهَادَتُهُ وَحُدُودُهُ قَالَ وَالصَّوَابُ أَنَّهَا لِاسْتِكْمَالِ إِنْقَاذِ الْمُعْتِقِ مِنَ النَّارِ.

قُلْتُ وَلَيْسَ الْقَوْلُ الْمَذْكُورُ مَرْدُودًا بَلْ هُوَ مُحْتَمَلٌ أَيْضًا وَلَعَلَّ ذَلِكَ أَيْضًا هُوَ الْحِكْمَةُ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الِاسْتِسْعَاء