فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب بيع المكاتب إذا رضي

( قَولُهُ بَابُ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ)
فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي الْمُكَاتَبَةِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِقَوْلِهِ إِذَا رَضِيَ وَهَذَا اخْتِيَارٌ مِنْهُ لِأَحَدِ الْأَقْوَالِ فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا رَضِيَ بِذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يُعْجِزْ نَفْسَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ وَرَبِيعَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَاللَّيْثِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ وَمَالك وَاخْتَارَهُ بن جريج وبن الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا عَلَى تَفَاصِيلَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَمَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ وَأَجَابُوا عَنْ قِصَّةِ بَرِيرَةَ بِأَنَّهَا عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَاسْتَدَلُّوا بِاسْتِعَانَةِ بَرِيرَةَ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ فِي اسْتِعَانَتِهَا مَا يَسْتَلْزِمُ الْعَجْزَ وَلَا سِيَّمَا مَعَ الْقَوْلِ بِجَوَازِ كِتَابَةِ مَنْ لَا مَالَ عِنْدَهُ وَلَا حِرْفَةَ لَهُ قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ حَدِيثِ بَرِيرَةَ أَنَّهَا عَجَزَتْ عَنْ أَدَاءِ النَّجْمِ وَلَا أَخْبَرَتْ بِأَنَّهُ قَدْ حَلَّ عَلَيْهَا شَيْءٌ وَلَمْ يَرِدْ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ اسْتِفْصَالُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ قَوْلَهَا كَاتَبْتُ أَهْلِي فَقَالَ مَعْنَاهُ رَاوَدْتُهُمْ وَاتَّفَقْتُ مَعَهُمْ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ وَلَمْ يَقَعِ الْعَقْدُ بَعْدُ وَلِذَلِكَ بِيعَتْ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى بَيْعِ الْمُكَاتَبِ مُطْلَقًا وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ سِيَاقِ الْحَدِيثِ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَيُقَوِّي الْجَوَازَ أَيْضًا أَنَّ الْكِتَابَةَ عِتْقٌ بِصِفَةٍ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَعْتِقَ إِلَّا بَعْدَ أَدَاءِ جَمِيعِ النُّجُومِ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتَ حُرٌّ إِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَلَا يَعْتِقُ إِلَّا بَعْدَ تَمَامِ دُخُولِهَا وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ قَبْلَ دُخُولِهَا وَمِنَ الْمَالِكِيَّةِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الَّذِي اشْتَرَتْهُ عَائِشَةُ كِتَابَةُ بَرِيرَةَ لَا رَقَبَتُهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ رَدُّهُ وَقِيلَ إِنَّهُمْ بَاعُوا بَرِيرَةَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ وَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْعِتْقِ صَحَّ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَعَنِ الْحَنَفِيَّةِ يَبْطُلُ .

     قَوْلُهُ  وقَالتْ عَائِشَةُ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

     وَقَالَ  زَيْدُ بْنُ ثَابت مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم.

     وَقَالَ  بن عُمَرَ هُوَ عَبْدٌ إِنْ عَاشَ وَإِنْ مَاتَ وَإِنْ جَنَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَمَّا قَول عَائِشَة فوصله بن أبي شيبَة وبن سَعْدٍ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ اسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ فَرَفَعْتُ صَوْتِي فَقَالَتْ سُلَيْمَانُ فَقُلْتُ سُلَيْمَانُ فَقَالَتْ أَدَّيْتَ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ مِنْ كِتَابَتِكَ.

قُلْتُ نَعَمْ إِلَّا شَيْئًا يَسِيرًا قَالَتِ ادْخُلْ فَإِنَّكَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ شَيْءٌ وَرَوَى الطَّحَاوِيُّ من طَرِيق بن أَبِي ذِئْبٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ سَالِمٍ هُوَ مَوْلَى النَّضْرِيِّينَ أَنَّهُ قَالَ لِعَائِشَةَ مَا أَرَاك الا ستحتجبين مني فَقَالَت مَالك فَقَالَ كَاتَبْتُ فَقَالَتْ إِنَّكَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْكَ شَيْءٌ.
وَأَمَّا قَوْلُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فَوَصَلَهُ الشَّافِعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ بن أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ فِي الْمُكَاتَبِ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم وَأما قَول بن عُمَرَ فَوَصَلَهُ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ فِي الْمُكَاتَبِ هُوَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَوَصَلَهُ بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ قَالَ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَأَخْرَجَهُ بن حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَيُؤَيِّدُهُ قِصَّةُ بَرِيرَةَ لَكِنْ إِنَّمَا تَتِمُّ الدَّلَالَةُ مِنْهُ لَوْ كَانَتْ بَرِيرَةُ أَدَّتْ مِنْ كِتَابَتِهَا شَيْئًا فَقَدْ قَرَّرْنَا أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَدَّتْ مِنْهَا شَيْئًا وَكَانَ فِيهِ خِلَافٌ عَنِ السَّلَفِ فَعَنْ عَلِيٍّ إِذَا أَدَّى الشَّطْرَ فَهُوَ غَرِيمٌ وَعَنْهُ يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَعَن بن مَسْعُودٍ لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مِائَتَيْنِ وَقِيمَتُهُ مِائَةٌ فَأَدَّى الْمِائَةَ عَتَقَ وَعَنْ عَطَاءٍ إِذَا أَدَّى ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ كِتَابَتِهِ عَتَقَ وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنِ بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا الْمُكَاتَبُ يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَرِجَالُ إِسْنَادِهِ ثِقَاتٌ لَكِنِ اخْتُلِفَ فِي إِرْسَالِهِ وَوَصْلِهِ وَحُجَّةُ الْجُمْهُورِ حَدِيثُ عَائِشَةَ وَهُوَ أَقْوَى وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْهُ أَنَّ بَرِيرَةَ بِيعَتْ بَعْدَ أَنْ كَاتَبَتْ وَلَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ يَصِيرُ بِنَفْسِ الْكِتَابَةِ حُرًّا لَامْتَنَعَ بَيْعُهَا ثُمَّ سَاقَ الْمُصَنِّفُ قِصَّةَ بَرِيرَةَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ بَرِيرَةَ جَاءَتْ تَسْتَعِينُ عَائِشَةَ وَصُورَةُ سِيَاقِهِ الْإِرْسَالُ وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ لَكِنْ تَقَدَّمَ فِي أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَفِي رِوَايَةٍ هُنَاكَ عَنْ عَمْرَةَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ فَظَهَرَ أَنَّهُ مَوْصُولٌ وَقَدْ وَصَلَهُ بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ وَقَولُهُ



[ قــ :2452 ... غــ :2564] إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَاءُ لَنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَاؤُكِ وَقَولُهُ قَالَ مَالك قَالَ يحيى هُوَ بن سعيد وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور