فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب فضل المنيحة

( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ الْمَنِيحَةِ)
حُذِفَ بَابٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَالْمَنِيحَةُ بِالنُّونِ وَالْمُهْمَلَةِ وَزْنَ عَظِيمَةٍ هِيَ فِي الْأَصْلِ الْعَطِيَّةُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْمَنِيحَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ صِلَةً فَتَكُونَ لَهُ وَالْآخَرُ أَنْ يُعْطِيَهُ نَاقَةً أَوْ شَاةً يَنْتَفِعُ بِحَلْبِهَا وَوَبَرِهَا زَمَنًا ثُمَّ يَرُدُّهَا وَالْمُرَادُ بِهَا فِي أَوَّلِ أَحَادِيثِ الْبَابِ هُنَا عَارِيَّةَ ذَوَاتِ الْأَلْبَانِ لِيُؤْخَذَ لَبَنُهَا ثُمَّ تَرُدَّ هِيَ لِصَاحِبِهَا.

     وَقَالَ  الْقَزَّازُ قِيلَ لَا تَكُونُ الْمَنِيحَةُ إِلَّا نَاقَةً أَوْ شَاةً وَالْأَوَّلُ أَعْرَفُ ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ سِتَّةَ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَة



[ قــ :2514 ... غــ :2629] .

     قَوْلُهُ  نِعْمَ الْمَنِيحَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً اللِّقْحَةُ النَّاقَةُ ذَاتُ اللَّبَنِ الْقَرِيبَةُ الْعَهْدِ بِالْوِلَادَةِ وَهِيَ مَكْسُورَةُ اللَّامِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ اللَّقْحَةَ بِفَتْحِ اللَّامِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الْحَلْبِ وَالصَّفِيُّ بِفَتْحِ الصَّادِ وَكَسْرِ الْفَاءِ أَيِ الْكَرِيمَةُ الْغَزِيرَةُ اللَّبَنِ وَيُقَالُ لَهَا الصَّفِيَّةُ أَيْضًا كَذَا رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يُوسُف وَإِسْمَاعِيل يَعْنِي بن أَبِي أُوَيْسٍ رَوَيَاهُ بِلَفْظِ نِعْمَ الصَّدَقَةُ اللِّقْحَةُ الصَّفِيُّ مِنْحَةً وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَكَذَا رَوَاهُ شُعَيْبٌ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَشْرِبَة قَالَ بن التِّينِ مَنْ رَوَى نِعْمَ الصَّدَقَةُ رَوَى أَحَدَهُمَا بِالْمَعْنَى لِأَنَّ الْمِنْحَةَ الْعَطِيَّةُ وَالصَّدَقَةَ أَيْضًا عَطِيَّةٌ.

قُلْتُ لَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا فَكُلُّ صَدَقَةٍ عَطِيَّةٌ وَلَيْسَ كُلُّ عَطِيَّةٍ صَدَقَةً وَإِطْلَاقُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمِنْحَةِ مَجَازٌ وَلَوْ كَانَتِ الْمِنْحَةُ صَدَقَةً لَمَا حَلَّتْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هِيَ مِنْ جِنْسِ الْهِبَةِ وَالْهَدِيَّةِ وَقَولُهُ مِنْحَةً مَنْصُوب على التَّمْيِيز قَالَ بن مَالِكٍ فِيهِ وُقُوعُ التَّمْيِيزِ بَعْدَ فَاعِلِ نِعْمَ ظَاهِرًا وَقَدْ مَنَعَهُ سِيبَوَيْهِ إِلَّا مَعَ الْإِضْمَارِ مثل بئس للظالمين بَدَلا وَجَوَّزَهُ الْمُبَرِّدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

     وَقَالَ  أَبُو الْبَقَاءِ اللِّقْحَةُ هِيَ الْمَخْصُوصَةُ بِالْمَدْحِ وَمِنْحَةٌ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ تَوْكِيدًا وَهُوَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ فَنِعْمَ الزَّادُ زَادَ أَبِيكَ زَادًا .

     قَوْلُهُ  تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ أَيْ مِنَ اللَّبَنِ أَيْ تَحْلِبُ إِنَاءً بِالْغَدَاةِ وَإِنَاءً بِالْعَشِيِّ وَوَقَعَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِلَفْظِ أَلَا رَجُلٌ يَمْنَحُ أَهْلَ بَيْتٍ نَاقَةً تَغْدُو بِإِنَاءٍ وَتَرُوحُ بِإِنَاءٍ إِنَّ أَجْرَهَا لَعَظِيمٌ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَنَسٍ





[ قــ :515 ... غــ :630] .

     قَوْلُهُ  وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ كَذَا لِلْجَمِيعِ وَفِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ يَعْنِي شَيْءٌ وَثَبَتَ لَفْظُ شَيْءٍ فِي رِوَايَةِ مُسلم عَن حَرْمَلَة وَأبي الطَّاهِر عَن بن وَهْبٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَاسَمَهُمُ الْأَنْصَارُ إِلَخْ ظَاهِرُهُ مُغَايِرٌ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَاضِي فِي الْمُزَارَعَةِ قَالَتِ الْأَنْصَارُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْسِمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا النَّخِيلَ قَالَ لَا وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَاسَمَةِ هُنَا الْقِسْمَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ وَهِيَ الَّتِي أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ حَيْثُ قَالَ قَالُوا فَيَكْفُونَنَا الْمُؤْنَةَ وَنُشْرِكُهُمْ فِي الثَّمَرِ فَكَانَ الْمُرَادُ هُنَا مُقَاسَمَةَ الثِّمَارِ وَالْمَنْفِيُّ هُنَاكَ مُقَاسَمَةَ الْأُصُولِ وَزَعَمَ الدَّاودِيّ وَأقرهُ بن التِّينِ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ هُنَا قَاسَمَهُمُ الْأَنْصَارُ أَيْ حَالَفُوهُمْ جَعَلَهُ مِنَ الْقَسَمِ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُهْمَلَةِ لَا مِنَ الْقَسْمِ بِسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَعَقُّبُ مَا زَعَمَهُ فِي كِتَابِ الْمُزَارَعَةِ .

     قَوْلُهُ  وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسٍ إِلَخْ الضَّمِيرُ فِي أُمِّهِ يَعُودُ عَلَى أَنَسٍ وَأُمُّ أَنَسٍ بَدَلٌ مِنْهُ وَكَذَا أُمُّ سُلَيْمٍ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَهِيَ تُدْعَى أُمَّ سُلَيْمٍ وَكَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ كَانَ أَخَا أَنَسٍ لِأُمِّهِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ هُوَ الزُّهْرِيُّ الرَّاوِي عَنْ أَنَسٍ لَكِنَّ بَقِيَّةَ السِّيَاقِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّجْرِيدِ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ أَيْ كَانَتْ أُمُّ أَنَسٍ أَعْطَتْ .

     قَوْلُهُ  عِذَاقًا بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَبِذَالٍ مُعْجَمَةٍ خَفِيفَةٍ جَمْعُ عَذْقٍ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ كَحَبْلٍ وَحِبَالٍ وَالْعَذْقُ النَّخْلَةُ وَقِيلَ إِنَّمَا يُقَالُ لَهَا ذَلِكَ إِذَا كَانَ حَمْلُهَا مَوْجُودًا وَالْمُرَادُ أَنَّهَا وَهَبَتْ لَهُ ثَمَرهَا قَوْله قَالَ بن شِهَابٍ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  إِلَى أُمِّهِ أَيْ إِلَى أُمِّ أَنَسٍ وَهِيَ أُمُّ سُلَيْمٍ .

     قَوْلُهُ  فَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ أَيْ بَدَلَهُنَّ .

     قَوْلُهُ  مِنْ حَائِطِهِ أَيْ بُسْتَانِهِ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ أَخْبَرَنَا أَبِي عَنْ يُونُسَ بِهَذَا أَيْ بِالْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ .

     قَوْلُهُ  وقَال مَكَانَهُنَّ مِنْ خَالِصِهِ يَعْنِي أَنه وَافق بن وَهْبٍ فِي السِّيَاقِ إِلَّا فِي قَوْلِهِ مِنْ حَائِطِهِ فَقَالَ مِنْ خَالِصِهِ أَيْ مِنْ خَالِصِ مَاله قَالَ بن التِّينِ الْمَعْنَى وَاحِدٌ لِأَنَّ حَائِطَهُ صَارَ لَهُ خَالِصًا.

قُلْتُ لَكِنَّ لَفْظَ خَالِصِهِ أَصْرَحُ فِي الِاخْتِصَاصِ مِنْ حَائِطِهِ وَطَرِيقُ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ هَذِهِ وَصَلَهَا الْبَرْقَانِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الصَّائِغِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ شَبِيبٍ الْمَذْكُورِ مِثْلَهُ زَادَ مُسْلِمٌ فِي آخر الحَدِيث قَالَ بن شِهَابٍ وَكَانَ مِنْ شَأْنِ أُمِّ أَيْمَنَ أَنَّهَا كَانَتْ وَصِيفَةً لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَكَانَتْ مِنَ الْحَبَشَةِ فَلَمَّا وَلَدَتْ آمِنَةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا تُوُفِّيَ أَبُوهُ كَانَتْ أُمُّ أَيْمَنَ تَحْضُنُهُ حَتَّى كَبِرَ فَأَعْتَقَهَا ثُمَّ أَنْكَحَهَا زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ وَتُوُفِّيَتْ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَةِ أَشْهُرٍ وَسَيَأْتِي فِي الْمَغَازِي ذِكْرُ سَبَبِ إِعْطَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُمِّ أَيْمَنَ بَدَلَ الْعِذَاقِ وَفِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ فَإِنَّهُ أَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخْلَاتِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَإِنَّ أَهْلِي أَمَرُونِي أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي كَانُوا أَعْطَوْهُ وَكَانَ قَدْ أَعْطَاهُ أُمَّ أَيْمَنَ فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلْتِ الثَّوْبَ فِي عُنُقِي تَقُولُ لَا نُعْطِيكُمْ وَقَدْ أَعْطَانِيهِ قَالَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكِ كَذَا حَتَّى أَعْطَاهَا عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ أَوْ كَمَا قَالَ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ





[ قــ :516 ... غــ :631] .

     قَوْلُهُ  عَنْ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَن الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي كَبْشَةَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ الْمَذْكُورَةِ حَدَّثَنِي أَبُو كَبْشَةَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَسُكُونِ الْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ السَّلُولِيِّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ اللَّامِ الْمَضْمُومَةِ بَعْدَهَا وَاوٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ لَامٌ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَزَعَمَ الْحَاكِمُ أَنَّ اسْمَهُ الْبَرَاءُ بْنُ قَيْسٍ وَوَهِمَهُ عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ وَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ وَلَيْسَ لِأَبِي كَبْشَةَ وَلَا لِلرَّاوِي عَنْهُ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  أَرْبَعُونَ خَصْلَةً فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ أَرْبَعُونَ حَسَنَةً .

     قَوْلُهُ  الْعَنْزِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ بَعْدَهَا زَايٌ مَعْرُوفَةٌ وَهِيَ وَاحِدَةُ الْمَعْزِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ حسان هُوَ بن عَطِيَّةَ رَاوِي الْحَدِيثِ وَهُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ قَالَ بن بَطَّالٍ مَا مُلَخَّصُهُ لَيْسَ فِي قَوْلِ حَسَّانَ مَا يَمْنَعُ مِنْ وِجْدَانِ ذَلِكَ وَقَدْ حَضَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبْوَابٍ مِنْ أَبْوَاب الْخَيْر وَالْبر لَا تحصى كَثْرَة وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عَالما بالأربعين الْمَذْكُورَة وَإِنَّمَا لَمْ يَذَكُرْهَا لِمَعْنًى هُوَ أَنْفَعُ لَنَا مِنْ ذِكْرِهَا وَذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ التَّعْيِينُ لَهَا مُزَهِّدًا فِي غَيْرِهَا مِنْ أَبْوَابِ الْبِرِّ قَالَ وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَهُمْ تَطَلَّبَهَا فَوَجَدَهَا تَزِيدُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فَمِمَّا زَادَهُ إِعَانَةُ الصَّانِعِ وَالصَّنْعَةُ لِلْأَخْرَقِ وَإِعْطَاءُ شِسْعِ النَّعْلِ وَالسَّتْرُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَالذَّبُّ عَنْ عِرْضِهِ وَإِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَيْهِ وَالتَّفَسُّحُ فِي الْمَجْلِسِ وَالدَّلَالَةُ عَلَى الْخَيْرِ وَالْكَلَامُ الطَّيِّبُ وَالْغَرْسُ وَالزَّرْعُ وَالشَّفَاعَةُ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَالْمُصَافَحَةُ وَالْمَحَبَّةُ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ لِأَجْلِهِ وَالْمُجَالَسَةُ لِلَّهِ وَالتَّزَاوُرُ وَالنُّصْحُ وَالرَّحْمَةُ وَكُلُّهَا فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَفِيهَا مَا قَدْ يُنَازَعُ فِي كَوْنِهِ دُونَ مَنِيحَةِ الْعَنْزِ وَحَذَفْتُ مِمَّا ذَكَرَهُ أَشْيَاءَ قَدْ تَعَقَّبَ بن الْمُنِيرِ بَعْضَهَا.

     وَقَالَ  الْأَوْلَى أَنْ لَا يُعْتَنَى بِعَدِّهَا لِمَا تَقَدَّمَ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ جَمِيعُ مَا ذَكَرَهُ رَجْمٌ بِالْغَيْبِ ثُمَّ أَنَّى عَرَفَ أَنَّهَا أَدْنَى مِنَ الْمَنِيحَةِ.

قُلْتُ وَإِنَّمَا أَرَدْتُ بِمَا ذَكَرْتُهُ مِنْهَا تَقْرِيبَ الْخَمْسَ عَشْرَةَ الَّتِي عَدَّهَا حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ وَهِيَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَخْرُجُ عَمَّا ذَكَرْتُهُ وَمَعَ ذَلِكَ فَأَنَا مُوَافِقٌ لِابْنِ بَطَّالٍ فِي إِمْكَانِ تَتَبُّعِ أَرْبَعِينَ خَصْلَةً مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ أَدْنَاهَا مَنِيحَةُ الْعَنْزِ وَمُوَافِقٌ لِابْنِ الْمُنِيرِ فِي رَدِّ كَثِيرٍ مِمَّا ذكره بن بَطَّالٍ مِمَّا هُوَ ظَاهِرٌ أَنَّهُ فَوْقَ الْمَنِيحَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدِيثُ جَابِرٍ كَانَتْ لِرِجَالٍ مِنَّا فُضُولُ أَرَضِينَ تَقَدَّمَ فِي الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  أَوْ لِيَمْنَحْهَا أَخَاهُ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ





[ قــ :518 ... غــ :633] .

     قَوْلُهُ  وقَال مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى الَّذِي قَبْلَهُ فَيَكُونَ مَوْصُولًا لَكِنْ صَرَّحَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الْخَبَرَ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ أَوْرَدَهُ فِي الْهِجْرَةِ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ كِلَاهُمَا عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ فَلَوْ أَرَادَ هُنَا أَنْ يَعْطِفَهُ لَقَالَ هُنَاكَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ كَعَادَتِهِ نَعَمْ زَعَمَ الْمِزِّيُّ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي الْهِبَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ وَفِي الْهِجْرَةِ.

     وَقَالَ  مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ وَصَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَأَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْمَذْكُورِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الْهِجْرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فَهَلْ تَمْنَحُ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ نَعَمْ فَإِنَّ فِيهِ إِثْبَاتَ فَضِيلَةِ الْمَنِيحَةِ وَقَولُهُ لَنْ يَتِرَكَ أَيْ لَنْ يَنْقُصَكَ الْحَدِيثُ السَّادِس حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُزَارَعَةِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا مَا دَلَّ مِنْ



[ قــ :519 ... غــ :634] قَوْلِهِ لَوْ مَنَحَهَا إِيَّاهُ كَانَ خَيْرًا لَهُ على فضل المنيحة