فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله تعالى: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} [الأحزاب: 23]

( قَوْله بَاب قَول الله عز وَجل مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ الْآيَةَ)
الْمُرَادُ بِالْمُعَاهَدَةِ الْمَذْكُورَةِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ من قبل لَا يولون الأدبار وَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا خَرَجُوا إِلَى أُحُدٍ وَهَذَا قَول بن إِسْحَاقَ وَقِيلَ مَا وَقَعَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ مِنَ الْأَنْصَارِ إِذْ بَايَعُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم أَن يؤوه وَيَنْصُرُوهُ وَيَمْنَعُوهُ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَقَولُهُ فَمِنْهُمْ مَنْ قضى نحبه أَيْ مَاتَ وَأَصْلُ النَّحْبِ النَّذْرُ فَلَمَّا كَانَ كُلُّ حَيٍّ لَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْمَوْتِ فَكَأَنَّهُ نَذْرٌ لَازِمٌ لَهُ فَإِذَا مَاتَ فَقَدْ قَضَاهُ وَالْمُرَادُ هُنَا مَنْ مَاتَ عَلَى عَهْدِهِ لمقابلته بِمن ينْتَظر ذَلِك وَأخرج ذَلِك بن أبي حَاتِم بِإِسْنَاد حسن عَن بن عَبَّاسٍ



[ قــ :2677 ... غــ :2805] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ هُوَ بَصرِي يلقب بمردويه مَالَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ فِي غَزْوَة خَيْبَر وَعبد الْأَعْلَى هُوَ بن عَبْدِ الْأَعْلَى السَّامِيُّ بِالْمُهْمَلَةِ .

     قَوْلُهُ  سَأَلْتُ أَنَسًا كَذَا أَوْرَدَهُ وَعَطَفَ عَلَيْهِ الطَّرِيقَ الْأُخْرَى فَأَشْعَرَ بِأَنَّ السِّيَاقَ لَهَا وَأَفَادَتْ رِوَايَةُ عَبْدِ الْأَعْلَى تَصْرِيحَ حُمَيْدٍ لَهُ بِالسَّمَاعِ مِنْ أَنَسٍ فَأُمِنَ تَدْلِيسُهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا زِيَادٌ لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ وَزعم الكلاباذي وَمن تبعه أَنه بن عَبْدِ اللَّهِ الْبَكَّائِيُّ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ وَهُوَ صَاحب بن إِسْحَاقَ وَرَاوِي الْمَغَازِي عَنْهُ وَلَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ .

     قَوْلُهُ  غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ زَادَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ الَّذِي سُمِّيتُ بِهِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ زَادَ ثَابِتٌ فَكَبُرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  أَوَّلُ قِتَالٍ أَيْ لِأَنَّ بَدْرًا أَوَّلُ غَزْوَةٍ خَرَجَ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ مُقَاتِلًا وَقَدْ تَقَدَّمَهَا غَيْرُهَا لَكِنْ مَا خَرَجَ فِيهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ مُقَاتِلًا .

     قَوْلُهُ  لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي أَيْ أَحْضَرَنِي .

     قَوْلُهُ  لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ بِتَشْدِيدِ النُّونِ لِلتَّأْكِيدِ وَاللَّامُ جَوَابُ الْقَسَمِ الْمُقَدَّرِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ لَيَرَانِي اللَّهُ بِتَخْفِيفِ النُّونِ بَعْدَهَا تَحْتَانِيَّةٌ وَقَولُهُ مَا أَصْنَعُ أَعْرَبَهُ النَّوَوِيُّ بَدَلًا مِنْ ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ وَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ عَنْ حُمَيْدٍ الْآتِيَةِ فِي الْمَغَازِي لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أُجِدُّ وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ أَوْ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْجِيمِ مَأْخُوذٌ مِنَ الْجِدِّ ضِدِّ الْهَزْلِ وَزَادَ ثَابِتٌ وَهَابَ أَنْ يَقُولَ غَيْرَهَا أَيْ خَشِيَ أَنْ يَلْتَزِمَ شَيْئًا فَيَعْجِزُ عَنْهُ فَأَبْهَمَ وَعُرِفَ مِنَ السِّيَاقِ أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يُبَالِغُ فِي الْقِتَالِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ .

     قَوْلُهُ  وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَانْهَزَمَ النَّاسُ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ .

     قَوْلُهُ  أَعْتَذِرُ أَيْ مِنْ فِرَارِ الْمُسْلِمِينَ وَأَبْرَأُ أَيْ مِنْ فِعْلِ الْمُشْرِكِينَ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ تَقَدَّمَ أَيْ نَحْوَ الْمُشْرِكِينَ فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ زَادَ ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ مُنْهَزِمًا كَذَا فِي مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مَكَانَهَا مَهْيَمْ وَهُوَ تَصْحِيفٌ فِيمَا أَظُنُّ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ الْجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ كَأَنَّهُ يُرِيدُ وَالِدَهُ وَيَحْتَمِلُ أَن يُرِيد ابْنه فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ بن يُسَمَّى النَّضْرَ وَكَانَ إِذْ ذَاكَ صَغِيرًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فَوَاللَّهِ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ عَنْ حُمَيْدٍ عِنْدَ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْهُ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَالَ بَعْضَهَا وَالْبَقِيَّةُ بِالْمَعْنَى وَقَوله الْجنَّة بِالنَّصْبِ عَلَى تَقْدِيرِ عَامِلِ نَصْبٍ أَيْ أُرِيدُ الْجَنَّةَ أَوْ نَحْوُهُ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ أَيْ هِيَ مَطْلُوبِي .

     قَوْلُهُ  إِنِّي أَجِدُ رِيحَهَا أَيْ رِيحَ الْجَنَّةِ مِنْ دُونِ أُحُدٍ وَفِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ وَاهًا لِرِيحِ الْجَنَّةِ أَجِدُهَا دُونَ أُحُدٍ قَالَ بن بَطَّالٍ وَغَيْرُهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْحَقِيقَةِ وَأَنَّهُ وَجَدَ رِيحَ الْجَنَّةِ حَقِيقَةً أَوْ وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً ذَكَّرَهُ طِيبُهَا بِطِيبِ رِيحِ الْجَنَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهُ اسْتَحْضَرَ الْجَنَّةَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلشَّهِيدِ فَتَصَوَّرَ أَنَّهَا فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَاتِلُ فِيهِ فَيَكُونُ الْمَعْنَى إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّ الْجَنَّةَ تُكْتَسَبُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَأشْتَاقُ لَهَا وَقَولُهُ وَاهًا قَالَهُ إِمَّا تَعَجُّبًا وَإِمَّا تَشَوُّقًا إِلَيْهَا فَكَأَنَّهُ لَمَّا ارْتَاحَ لَهَا وَاشْتَاقَ إِلَيْهَا صَارَتْ لَهُ قُوَّةُ مَنِ اسْتَنْشَقَهَا حَقِيقَةً .

     قَوْلُهُ  قَالَ سَعْدٌ فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ أنس قَالَ بن بَطَّالٍ يُرِيدُ مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَصِفَ مَا صَنَعَ أَنَسٌ مِنْ كَثْرَةِ مَا أَغْنَى وَأَبْلَى فِي الْمُشْرِكِينَ.

قُلْتُ وَقَعَ عِنْدَ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ فَقُلْتُ أَنَا مَعَكَ فَلَمْ أسْتَطِعْ أَنْ أَصْنَعَ مَا صَنَعَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ نَفَى اسْتِطَاعَةَ إِقْدَامِهِ الَّذِي صَدَرَ مِنْهُ حَتَّى وَقَعَ لَهُ مَا وَقَعَ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى تِلْكَ الْأَهْوَالِ بِحَيْثُ وَجَدَ فِي جَسَدِهِ مَا يَزِيدُ عَلَى الثَّمَانِينَ مِنْ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ فَاعْتَرَفَ سَعْدُ بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُقْدِمَ إِقْدَامَهُ وَلَا يَصْنَعَ صَنِيعَهُ وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا تَأَوَّلَه بن بَطَّالٍ .

     قَوْلُهُ  فَوَجَدْنَا بِهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ قَالَ أَنَسٌ فَوَجَدْنَاهُ بَيْنَ الْقَتْلَى وَبِهِ .

     قَوْلُهُ  بِضْعًا وَثَمَانِينَ لَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ بَيَانَ هَذَا الْبِضْعِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ وَالتِّسْعِ وَقَولُهُ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ أَوْ رَمْيَةٍ بِسَهْمٍ أَوْ هُنَا لِلتَّقْسِيمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَتَفْصِيلُ مِقْدَارِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْمَذْكُورَاتِ غَيْرُ مُعَيَّنٍ .

     قَوْلُهُ  وَقَدْ مُثِّلَ بِهِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْمُثَلَّثَةِ وَتَخْفِيفِهَا وَقَدْ تُشَدَّدُ وَهُوَ مِنَ الْمُثْلَةِ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ وَهُوَ قَطْعُ الْأَعْضَاءِ مِنْ أَنْفٍ وَأُذُنٍ وَنَحْوِهَا .

     قَوْلُهُ  فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلَّا أُخْتُهُ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ فَقَالَتْ عَمَّتِي الرُّبَيِّعُ بِنْتُ النَّضْرِ أُخْتُهُ فَمَا عَرَفْتُ أَخِي إِلَّا بِبَنَانِهِ زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَكَانَ حَسَنَ الْبَنَانِ وَالْبَنَانُ الْإِصْبَعُ وَقِيلَ طَرَفُ الْإِصْبَعِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ الْمَذْكُورَةِ بِالشَّكِّ بِبَنَانِهِ أَوْ بِشَامَةٍ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْأُولَى أَكْثَرُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ أَنَسٌ كُنَّا نَرَى أَوْ نَظُنُّ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ حُمَيْدٍ فَكُنَّا نَقُولُ وَكَذَا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَكْرٍ وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ عَنْ يزِيد وَكَانُوا يَقُولُونَ أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْهُ وَكَأَنَّ التَّرَدُّدَ فِيهِ مِنْ حُمَيْدٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ثَابِتٍ وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بِالْجَزْمِ .

     قَوْلُهُ  وقَال إِنَّ أُخْتَهُ كَذَا وَقَعَ هُنَا عِنْدَ الْجَمِيعِ وَلَمْ يُعَيِّنِ الْقَائِلَ وَهُوَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَاوِي الْحَدِيثِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ أُخْتُهُ لِلنَّضْرِ بْنِ أَنَسٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُ قَالَ وَاحِدًا مِنَ الرُّوَاةِ دون أنس وَلم أَقف على تَعْيِينه وَلَا استخرج الْإِسْمَاعِيلِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ هُنَا وَهِيَ تُسَمَّى الرُّبَيِّعُ بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أُخْتُ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ وَهِيَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَيَأْتِي شَرْحُ قِصَّتِهَا فِي كِتَابِ الْقِصَاصِ وَفِي قِصَّةِ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ مِنَ الْفَوَائِدِ جَوَازُ بَذْلِ النَّفْسِ فِي الْجِهَادِ وَفَضْلُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَلَوْ شَقَّ عَلَى النَّفْسِ حَتَّى يَصِلَ إِلَى إِهْلَاكِهَا وَأَنَّ طَلَبَ الشَّهَادَةِ فِي الْجِهَادِ لَا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ عَنِ الْإِلْقَاءِ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَفِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَنَسِ بْنِ النَّضْرِ وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ صِحَّةِ الْإِيمَانِ وَكَثْرَةِ التَّوَقِّي وَالتَّوَرُّعِ وَقُوَّةِ الْيَقِينِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مِنْ أَبْلَغِ الْكَلَامِ وَأَفْصَحِهِ قَوْلُ أَنَسِ بْنِ النَّضْرِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ وَفِي حَقِّ الْمُشْرِكِينَ أَبْرَأُ إِلَيْكَ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا مَعَ تغايرهما فِي الْمَعْنَى وَسَيَأْتِي فِي غَزْوَةِ أُحُدٍ مِنَ الْمَغَازِي بَيَانُ مَا وَقَعَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ هُنَا مِنَ انْهِزَامِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَرُجُوعِهِمْ وَعَفْوِ اللَّهِ عَنْهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَقَولُهُ





[ قــ :679 ... غــ :807] أَجْمَعِينَ .

     قَوْلُهُ  وَحدثنَا إِسْمَاعِيل هُوَ بن أَبِي أُوَيْسٍ وَأَخُوهُ هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَسُلَيْمَانُ هُوَ بن بِلَالٍ أُرَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ هُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهُ وَهُوَ قَوْلُ إِسْمَاعِيلَ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَي بن ثَابِتٍ وَلِلزُّهْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ شَيْخٌ آخَرُ وَهُوَ عُبَيْدُ بْنُ السَّبَّاقِ لَكِنِ اخْتَلَفَ خَارِجَةُ وَعُبَيْدٌ فِي تَعْيِينِ الْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَ زَيْدٌ أَنَّهُ وَجَدَهَا مَعَ خُزَيْمَةَ فَقَالَ خَارِجَةُ إِنَّهَا قَوْله تَعَالَى من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا.

     وَقَالَ  عُبَيْدٌ إِنَّهَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُول من أَنفسكُم وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا بِالْإِسْنَادَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَكَأَنَّهُمَا جَمِيعًا صَحَّا عِنْدَهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ شُعَيْبًا حَدَّثَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِالْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ رَوَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ جَمِيعًا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ وَفِي رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ السَّبَّاقِ زِيَادَاتٌ لَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ خَارِجَةَ وَانْفَرَدَ خَارِجَةُ بِوَصْفِ خُزَيْمَةَ بِأَنَّهُ الَّذِي جَعَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهَادَتَهُ شَهَادَةَ رَجُلَيْنِ وَسَأَذْكُرُ مَا فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ مِنْ بَحْثٍ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالسِّيَاقُ الَّذِي سَاقَهُ هُنَا لِابْنِ أَبِي عَتِيقٍ.
وَأَمَّا سِيَاقُ شُعَيْبٍ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي تَفْسِيرِ الْأَحْزَابِ.

     وَقَالَ  فِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَخْبَرَنِي خَارِجَةُ وَتَأْتِي بَقِيَّةُ مَبَاحِثِهِ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى