فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب فضل الصوم في سبيل الله

( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)
قَالَ بن الْجَوْزِيِّ إِذَا أُطْلِقَ ذِكْرُ سَبِيلِ اللَّهِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْجِهَادُ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ سَبِيلُ اللَّهِ طَاعَةُ اللَّهِ فَالْمُرَادُ مَنْ صَامَ قَاصِدًا وَجْهَ اللَّهِ.

قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ ثُمَّ وَجَدْتُهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي الطَّاهِرِ الذُّهْلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ اللَّيْثِيِّ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَا مِنْ مُرَابِطٍ يُرَابِطُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الحَدِيث.

     وَقَالَ  بن دَقِيقِ الْعِيدِ الْعُرْفُ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجِهَادِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَيْهِ كَانَتِ الْفَضِيلَةُ لِاجْتِمَاعِ الْعِبَادَتَيْنِ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِسَبِيلِ اللَّهِ طَاعَتُهُ كَيْفَ كَانَتْ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ أَنَّ الْفِطْرَ فِي الْجِهَادِ أَوْلَى لِأَنَّ الصَّائِمَ يَضْعُفُ عَنِ اللِّقَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي بَابِ مَنِ اخْتَارَ الْغَزْوَ عَلَى الصَّوْمِ لِأَنَّ الْفَضْلَ الْمَذْكُورَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَخْشَ ضَعْفًا وَلَا سِيَّمَا مَنِ اعْتَادَ بِهِ فَصَارَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ فَمَنْ لَمْ يُضْعِفْهُ الصَّوْمُ عَنِ الْجِهَادِ فَالصَّوْمُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ



[ قــ :2712 ... غــ :2840] .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَسُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ لَمْ يُخْرِجْ لَهُ الْبُخَارِيِّ مَوْصُولًا إِلَّا هَذَا وَلَمْ يَحْتَجَّ بِهِ لِأَنَّهُ قَرَنَهُ بِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي إِسْنَادِهِ عَلَى سُهَيْلٍ فَرَوَاهُ الْأَكْثَرُ عَنْهُ هَكَذَا وَخَالَفَهُمْ شُعْبَةُ فَرَوَاهُ عَنْهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ وَلَعَلَّ لِسُهَيْلٍ فِيهِ شَيْخَيْنِ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ سُهَيْلٍ عَنِ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَوَهِمَ فِيهِ أَبُو مُعَاوِيَةَ وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ وَإِنَّمَا رَوَاهُ سُهَيْلٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهُ لَا عَنِ الْمَقْبُرِيِّ كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أَنَسِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ سُهَيْلٍ .

     قَوْلُهُ  سَبْعِينَ خَرِيفًا الْخَرِيفُ زَمَانٌ مَعْلُومٌ مِنَ السَّنَةِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعَامُ وَتَخْصِيصُ الْخَرِيفِ بِالذِّكْرِ دُونَ بَقِيَّةِ الْفُصُولِ الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَالرَّبِيعِ لِأَنَّ الْخَرِيفَ أَزْكَى الْفُصُولِ لِكَوْنِهِ يُجْنَى فِيهِ الثِّمَارُ وَنَقَلَ الْفَاكِهَانِيُّ أَنَّ الْخَرِيفَ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْحَرَارَةُ وَالْبُرُودَةُ وَالرُّطُوبَةُ وَالْيُبُوسَةُ دُونَ غَيْرِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ الرَّبِيعَ كَذَلِكَ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَرَدَ ذِكْرُ السَّبْعِينَ لِإِرَادَةِ التَّكْثِيرِ كَثِيرًا انْتَهَى وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ النَّسَائِيَّ أَخْرَجَ الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ وَالطَّبَرَانِيّ عَن عَمْرو بن عَنْبَسَة وَأَبُو يَعْلَى عَنْ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ فَقَالُوا جَمِيعًا فِي رواياتهم مائَة عَام