فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الوصاة بأهل ذمة رسول الله صلى الله عليه وسلم "

( قَولُهُ بَابُ الْوَصَاةِ بِأَهْلِ ذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
الْوَصَاةُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُهْمَلَةِ مُخَفَّفًا بِمَعْنَى الْوَصِيَّةِ تَقُولُ وَصَّيْتُهُ وَأَوْصَيْتُهُ تَوْصِيَةً وَالِاسْمُ الْوَصَاةُ وَالْوَصِيَّةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْوَصَايَا .

     قَوْلُهُ  وَالذِّمَّةُ الْعَهْدُ وَالْإِلُّ الْقَرَابَةُ هُوَ تَفْسِيرُ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذمَّة وَهُوَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ وَأَشْهَدُ أَنَّ إِلَّكَ مِنْ قُرَيْشٍ كَإِلِّ السَّقْبِ مِنْ رَأْلِ النَّعَامِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ الْإِلُّ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وَالْيَمِينُ وَمَجَازُ الذِّمَّةِ التَّذَمُّمُ وَالْجَمْعُ ذِمَمٌ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يُطْلَقُ الْإِلُّ أَيْضًا عَلَى الْعَهْدِ وَعَلَى الْجِوَارِ وَعَنْ مُجَاهِدٍ الْإِلُّ اللَّهُ وَأَنْكَرَهُ عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ



[ قــ :3018 ... غــ :3162] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو جَمْرَةَ هُوَ بِالْجِيم وَالرَّاء الضبعِي صَاحب بن عَبَّاسٍ وَجُوَيْرِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ بِالْجِيمِ مُصَغَّرٌ مَالَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ فِي قِصَّةِ مَقْتَلِ عُمَرَ وَسَأَذْكُرُ مَا فِيهِ مِنْ فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي مَنَاقِبِهِ وَقِيلَ إِنَّ جُوَيْرِيَةَ هَذَا هُوَ جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ وَقَدْ بَيَّنْتُ فِي كِتَابِي فِي الصَّحَابَةِ مَا يُقَوِّيهِ فَإِنْ ثَبَتَ وَإِلَّا فَهُوَ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ .

     قَوْلُهُ  أُوصِيكُمْ بِذِمَّةِ اللَّهِ فَإِنَّهُ ذِمَّةُ نَبِيِّكُمْ وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ وَذِمَّةِ رَسُولِهِ أَنْ يُوَفِّيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَأَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَأَنْ لَا يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ.

قُلْتُ وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَنْ لَا يُؤْخَذَ مِنْ أَهْلِ الْجِزْيَةِ إِلَّا قَدْرَ مَا يَطِيقُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ وَقَولُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَرِزْقُ عِيَالِكُمْ أَيْ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ مِنَ الْجِزْيَةِ وَالْخَرَاجِ قَالَ الْمُهَلَّبُ فِي الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَحُسْنُ النَّظَرِ فِي عَوَاقِبِ الْأُمُورِ وَالْإِصْلَاحُ لِمَعَانِي الْمَالِ وَأُصُولِ الِاكْتِسَابِ