فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إخراج اليهود من جزيرة العرب

( قَولُهُ بَابُ إِخْرَاجِ الْيَهُودِ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ)
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فِي بَابِ هَلْ يُسْتَشْفَعُ إِلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْ كِتَابِ الْجِهَاد وَتقدم فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ ثَانِي حَدِيثَيِ الْبَابِ وَلَفْظُهُ أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ اقْتَصَرَ عَلَى ذِكْرِ الْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ يُوَحِّدُونَ اللَّهَ تَعَالَى إِلَّا الْقَلِيلَ مِنْهُمْ وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَ بِإِخْرَاجِهِمْ فَيَكُونُ إِخْرَاجُ غَيْرِهِمْ مِنَ الْكُفَّارِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى .

     قَوْلُهُ  وقَال عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُقِرُّكُمْ مَا أَقَرَّكُمُ اللَّهُ هُوَ طَرَفٌ مِنْ قِصَّةِ أَهْلِ خَيْبَرَ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي الْمُزَارَعَةِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَيْنِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ



[ قــ :3022 ... غــ :3167] قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْيَهُودِ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا وَسَيَأْتِي بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ فِي كِتَابِ الْإِكْرَاهِ وَفِي الِاعْتِصَامِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِنَسَبِ الْيَهُودِ الْمَذْكُورِينَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ بَقَايَا مِنَ الْيَهُودِ تَأَخَّرُوا بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ إجْلَاءِ بَنِي قَيْنُقَاعَ وَقُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ وَالْفَرَاغِ مِنْ أَمْرِهِمْ لِأَنَّهُ كَانَ قَبْلَ إِسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَإِنَّمَا جَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي الْمَغَازِي وَقَدْ أَقَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا فِي الْأَرْضِ كَمَا تَقَدَّمَ وَاسْتَمَرُّوا إِلَى أَنْ أَجَلَاهُمْ عُمَرُ وَيُحْتَمَلُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَ مَا بَقِيَ مِنْ خَيْبَرَ هَمَّ بِإِجْلَاءِ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ صَالَحَ مِنَ الْيَهُودِ ثُمَّ سَأَلُوهُ أَنْ يُبْقِيَهُمْ لِيَعْمَلُوا فِي الْأَرْضِ فَبَقَّاهُمْ أَوْ كَانَ قَدْ بَقِيَ بِالْمَدِينَةِ مِنَ الْيَهُودِ الْمَذْكُورِينَ طَائِفَةٌ اسْتَمَرُّوا فِيهَا مُعْتَمِدِينَ عَلَى الرِّضَا بِإِبْقَائِهِمْ لِلْعَمَلِ فِي أَرْضِ خَيْبَرَ ثُمَّ مَنَعَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ سُكْنَى الْمَدِينَةِ أَصْلًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بَلْ سِيَاقُ كَلَامِ الْقُرْطُبِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ فَهِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ بَنُو النَّضِيرِ وَلَكِنْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى مَجِيءِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْتُ الْمِدْرَاسِ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ هُوَ الْبَيْتُ الَّذِي يُدْرَسُ فِيهِ كِتَابُهُمْ أَوِ الْمُرَادُ بِالْمِدْرَاسِ الْعَالِمُ الَّذِي يَدْرُسُ كِتَابَهُمْ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِأَنَّ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى حَتَّى أَتَى الْمِدْرَاسَ وَقَولُهُ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا مِنَ الْجِنَاسِ الْحَسَنِ لِسُهُولَةِ لَفْظِهِ وَعَدَمِ تَكَلُّفِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ فِي كِتَابِ هِرَقْلَ أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَقَولُهُ اعْلَمُوا جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ كَأَنَّهُمْ قَالُوا فِي جَوَابِ قَوْلِهِ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا لِمَ قُلْتَ هَذَا وَكَرَّرْتَهُ فَقَالَ اعْلَمُوا أَنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ فَإِنْ أَسْلَمْتُمْ سَلِمْتُمْ مِنْ ذَلِكَ وَمِمَّا هُوَ أَشَقُّ مِنْهُ.

وَقَولُهُمْ قَدْ بَلَّغْتُ كَلِمَةَ مَكْرٍ وَمُدَاجَاةٍ لِيُدَافِعُوهُ بِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُهَا وَلِذَلِكَ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ أُرِيدُ أَيِ التَّبْلِيغَ .

     قَوْلُهُ  فَمَنْ يَجِدْ مِنْكُمْ بِمَالِهِ مِنَ الْوِجْدَانِ أَيْ يَجِدْ مُشْتَرِيًا أَوْ مِنَ الْوَجْدِ أَيِ الْمَحَبَّةِ أَيْ يُحِبُّهُ وَالْغَرَضُ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهِ فِرَاقُ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ مِمَّا يَعْسُرُ تَحْوِيلُهُ فَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعه ثَانِيهمَا حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِيمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ وَفَاتِهِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْجُرْجَانِيِّ أَخْرِجُوا الْيَهُودَ وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ





[ قــ :303 ... غــ :3168] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّد حَدثنَا بن عُيَيْنَة مُحَمَّد هَذَا هُوَ بن سَلَامٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْوُضُوءِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ حَدَّثَنَا بن عُيَيْنَةَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى شَرْحِ الْمَتْنِ فِي الْوَفَاةِ آخِرَ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الطَّبَرِيُّ فِيهِ أَنَّ عَلَى الْإِمَامِ إِخْرَاجَ كُلِّ مَنْ دَانَ بِغَيْرِ دِينِ الْإِسْلَامِ مِنْ كُلِّ بَلَدٍ غَلَبَ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُونَ عَنْوَةً إِذَا لَمْ يَكُنْ بِالْمُسْلِمِينَ ضَرُورَةٌ إِلَيْهِمْ كَعَمَلِ الْأَرْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَعَلَى ذَلِكَ أَقَرَّ عُمَرُ مَنْ أَقَرَّ بِالسَّوَادِ وَالشَّامِ وَزَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَخْتَصُّ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ بَلْ يَلْتَحِقُ بِهَا مَا كَانَ على حكمهَا