فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الله عز وجل: {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر} [الحاقة: 6]: شديدة، {عاتية} [الحاقة: 6] قال ابن عيينة: عتت على الخزان {سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما} [الحاقة: 7] «متتابعة» {فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية} [الحاقة: 7] «أصولها» {فهل ترى لهم من باقية} [الحاقة: 8] «بقية»

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُم هودا)
هُوَ هُودُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحِ بْنِ جَاوَرَ بْنِ عَادِ بْنِ عَوْصِ بْنِ إِرَمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ وَسَمَّاهُ أَخًا لَهُمْ لِكَوْنِهِ مِنْ قَبِيلَتِهِمْ لَا مِنْ جِهَةِ أُخُوَّةِ الدِّينِ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ فِي نَسَبِهِ وَأما بن هِشَام فَقَالَ اسْمه عَابِر بن ارفخشد بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ .

     قَوْلُهُ  إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ إِلَى قَوْلِهِ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرمين الْأَحْقَافُ جَمْعُ حِقْفٍ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ الْمُعْوَجُّ مِنَ الرَّمْلِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَسَاكِنُ عَادٍ وروى عبد بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُنْزِلُونَ الرَّمْلَ بِأَرْضِ الشَّحْرِ وَمَا وَالَاهَا وَذَكَرَ بن قُتَيْبَة أَنهم كَانُوا ثَلَاثَة عشر قَبِيلَةً يُنْزِلُونَ الرَّمْلَ بِالدَّوِّ وَالدَّهْنَاءِ وَعَالِجَ وَوِبَارَ وَعَمَّانَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ وَكَانَتْ دِيَارُهُمْ أَخْصَبَ الْبِلَادِ وَأَكْثَرَهَا جِنَانًا فَلَمَّا سَخِطَ اللَّهُ جَلَّ وَعَلَا عَلَيْهِمْ جَعَلَهَا مَفَاوِزَ .

     قَوْلُهُ  فِيهِ عَطَاءٌ وَسُلَيْمَانُ عَنْ عَائِشَةُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتهى أما رِوَايَة عَطاء وَهُوَ بن أَبِي رَبَاحٍ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ ذِكْرِ الرِّيحِ مِنْ بَدْءِ الْخَلْقِ وَأَوَّلُهُ كَانَ إِذَا رَأَى مَخِيلَةً أَقْبَلَ وَأَدْبَرَ وَفِي آخِرِهِ وَمَا أَدْرِي لَعَلَّهُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضا مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ الْآيَة وَأما رِوَايَة سُلَيْمَان وَهُوَ بن يَسَارٍ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْأَحْقَافِ وَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامُ عَلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وقَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.
وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ شَدِيدَةٍ عَاتِيَةٍ قَالَ بن عُيَيْنَةَ عَتَتْ عَلَى الْخَزَّانِ أَمَّا تَفْسِيرُ الصَّرْصَرِ بِالشَّدِيدَةِ فَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ وَأما تَفْسِير بن عُيَيْنَةَ فَرُوِّينَاهُ فِي تَفْسِيرِهِ رِوَايَةَ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيِّ عَنْهُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ فِي قَوْلِهِ عَاتِيَةٍ قَالَ عَتَتْ عَلَى الْخَزَّانِ وَمَا خَرَجَ مِنْهَا إِلَّا مِقْدَارُ الْخَاتَمِ وَقَدْ وَقع هَذَا مُتَّصِلا بِحَدِيث بن عَبَّاسٍ الَّذِي فِي هَذَا الْبَابِ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ بن عَبَّاس وَأخرجه بن مَرْدُوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ مُسْلِمٍ الْأَعْوَرِ فَبَيَّنَ أَنَّ الزِّيَادَةَ مُدْرَجَةٌ مِنْ مُجَاهِدٍ وَجَاءَ نَحْوهَا عَن عَليّ مَوْقُوفا أخرجه بن أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِهِ قَالَ لَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ شَيْئًا مِنَ الرِّيحِ إِلَّا بِوَزْنٍ عَلَى يَدَيْ مَلَكٍ إِلَّا يَوْمَ عَادٍ فَإِنَّهُ أَذِنَ لَهَا دُونَ الْخَزَّانِ فَعَبَّتْ عَلَى الْخَزَّانِ وَمِنْ طَرِيقِ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ نَحْوَهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ .

     قَوْلُهُ  حُسُومًا مُتَتَابِعَةً هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ سَخَّرَهَا عَلَيْهِم أَيْ أَدَامَهَا سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا وَلَا مُتَتَابِعَةً.

     وَقَالَ  الْخَلِيلُ هُوَ مِنَ الْحَسْمِ بِمَعْنَى الْقطع قَوْله أعجاز نخل خاوية أُصُولهَا فَهَل ترى لَهُم من بَاقِيَة بَقِيَّةٍ هُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا قَالَ .

     قَوْلُهُ  خَاوِيَةٍ أَيْ أُصُولُهَا وَهِيَ عَلَى رَأْيِ مَنْ أَنَّثَ النَّخْلَ وَشَبَّهَهُمْ بِأَعْجَازِ النَّخْلِ إِشَارَةً إِلَى عِظَمِ أَجْسَامِهِمْ قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ كَانَ رَأْسُ أَحَدِهِمْ مِثْلَ الْقُبَّةِ وَقِيلَ كَانَ طوله اثْنَي عَشْرَةَ ذِرَاعًا وَقِيلَ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ وروى بن الْكَلْبِيِّ قَالَ كَانَ طُولُ أَقْصَرِهِمْ سِتِّينَ ذِرَاعًا وَأَطْوَلُهُمْ مِائَةً وَالْكَلْبِيُّ بِأَلْفٍ وَفِي قَوْلِهِ فَهَلْ ترى لَهُم من بَاقِيَة أَيْ مِنْ بَقِيَّةٍ وَفِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الرِّيحَ كَانَتْ تَحْمِلُ الرَّجُلَ فَتَرْفَعُهُ فِي الْهَوَاءِ ثُمَّ تُلْقِيهِ فَتَشْدَخُ رَأْسَهُ فَيَبْقَى جُثَّةً بِلَا رَأْسٍ فَذَلِك قَوْله كَأَنَّهُمْ أعجاز نخل خاوية وأعجاز النّخل هِيَ الَّتِي لَا رُؤُوس لَهَا ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي البَابِ ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا حَدِيثُ بن عَبَّاسٍ وَفِيهِ وَأُهْلِكَتْ عَادٌ بِالدَّبُورِ وَوَرَدَ فِي صفة اهلاكهم بِالرِّيحِ مَا أخرجه بن أبي حَاتِم من حَدِيث بن عمر وَالطَّبَرَانِيّ من حَدِيث بن عَبَّاسٍ رَفَعَاهُ مَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى عَادٍ مِنَ الرِّيحِ إِلَّا مَوْضِعَ الْخَاتَمِ فَمَرَّتْ بِأَهْلِ الْبَادِيَةِ فَحَمَلَتْهُمْ وَمَوَاشِيَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَرَآهُمُ الْحَاضِرَةُ فَقَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرنَا فَأَلْقَتْهُمْ عَلَيْهِمْ فَهَلَكُوا جَمِيعًا ثَانِيهَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ فِي ذكر الْخَوَارِج



[ قــ :3192 ... غــ :3344] قَوْله.

     وَقَالَ  بن كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ كَذَا وَقَعَ هُنَا وَأَوْرَدَهُ فِي تَفْسِيرِ بَرَاءَةٌ قَائِلًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ فَوَصَلَهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَسُقْهُ بِتَمَامِهِ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى طَرَفٍ مِنْ أَوَّلهِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  لَئِنْ أَنَا أَدْرَكْتُهُمْ لَأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ أَيْ قَتْلًا لَا يُبْقِي مِنْهُمْ أَحَدًا إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فَهَل ترى لَهُم من بَاقِيَة وَلَمْ يُرِدْ أَنَّهُ يَقْتُلُهُمْ بِالْآلَةِ الَّتِي قُتِلَتْ بِهَا عَادٌ بِعَيْنِهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْإِضَافَةِ إِلَى الْفَاعِلِ وَيُرَادُ بِهِ الْقَتْلُ الشَّدِيدُ الْقَوِيُّ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمْ مَوْصُوفُونَ بِالشِّدَّةِ وَالْقُوَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ وَقَعَ فِي طَرِيقٍ أُخْرَى قَتْلُ ثَمُودَ ثَالِثُهَا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ فَهَلْ من مدكر وَسَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى