فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما ذكر عن بني إسرائيل

( قَولُهُ بَابُ مَا ذُكِرَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ)
أَيْ ذُرِّيَّةِ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلُ لَقَبُ يَعْقُوبَ أَيْ مِنَ الْأَعَاجِيبِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِهِمْ ذَكَرَ فِيهِ أَرْبَعَةً وَثَلَاثِينَ حَدِيثًا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ وَهُوَ يَشْتَمِلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ وَقَولُهُ



[ قــ :3292 ... غــ :3450] حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَلِبَعْضِهِمْ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ بَدَلَ مُوسَى وَلَيْسَ بِصَوَابٍ لِأَنَّ رِوَايَةَ مُسَدَّدٍ سَتَأْتِي فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ مَوْصُولَةً وَرِوَايَةُ مُوسَى مُعَلَّقَةٌ مِنْ أَجْلِ كَلِمَةٍ اخْتَلَفَا فِيهَا عَلَى أَبِي عَوَانَةَ وَكَلَامُ أَبِي عَلِيٍّ الْغَسَّانِيِّ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ هُنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَولُهُ حَدَّثَنَا عبد الْملك هُوَ بن عُمَيْرٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو هُوَ أَبُو مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيُّ الْمَعْرُوفُ بِالْبَدْرِيِّ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءٌ الْحَدِيثُ يَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْفِتَنِ وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا إِيرَادُ مَا يَلِيهِ وَهُوَ قِصَّةُ الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ يُبَايِعُ النَّاسَ وَقِصَّةُ الرَّجُلِ الَّذِي أَوْصَى بَنِيهِ أَنْ يُحَرِّقُوهُ فَأَمَّا قِصَّةُ الَّذِي كَانَ يُبَايِعُ النَّاسَ فَقَدْ أَوْرَدَهَا أَيْضًا فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ كِتَابِ الْبُيُوعِ وَقَولُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ كُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا وَأُجَازِيهِمْ أَيْ أُقَاضِيهِمْ وَالْمُجَازَاةُ الْمُقَاضَاةُ أَيْ آخُذُ مِنْهُمْ وَأُعْطِي وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأُجَازِفُهُمْ بِالْجِيمِ وَالزَّايِ وَالْفَاءِ وَفِي أُخْرَى بِالْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ وَكِلَاهُمَا تَصْحِيفٌ لَا يَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قِصَّةُ الَّذِي أَوْصَى بَنِيهِ أَنْ يُحَرِّقُوهُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ حَيْثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ مُفْرَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فَامْتُحِشَتْ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ أَيِ احْتَرَقَتْ وَلِبَعْضِهِمْ بِوَزْنِ احْتَرَقَتْ وَهُوَ أَشْبَهُ وَقَولُهُ ثُمَّ انْظُرُوا يَوْمًا رَاحًا أَيْ شَدِيدَ الرِّيحِ .

     قَوْلُهُ  فِي آخِرِهِ قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَمْرٍو وَأَنَا سَمِعْتُهُ يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَاكَ وَكَانَ نَبَّاشًا ظَاهِرُهُ أَنَّ الَّذِي سَمِعَهُ أَبُو مَسْعُودٍ هُوَ الْحَدِيثُ الْأَخِيرُ فَقَطْ لَكِنْ تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ الْجَمِيعَ فَإِنَّهُ أَوْرَدَ فِي الْفِتَنِ قِصَّةَ الَّذِي كَانَ يُبَايِعُ النَّاسَ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ.

     وَقَالَ  فِي آخِرِهِ قَالَ أَبُو مَسْعُودٍ وَأَنَا سَمِعْتُهُ وَكَذَلِكَ قَالَ فِي حَدِيثِ الَّذِي أَوْصَى بَنِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ وَقَولُهُ وَكَانَ نَبَّاشًا ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مِنْ زِيَادَةِ أبي مَسْعُود فِي الحَدِيث لَكِن أوردهُ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ تُوُفِّيَ رَجُلٌ كَانَ نَبَّاشًا فَقَالَ لِوَلَدِهِ أَحْرِقُونِي فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَكَانَ نَبَّاشًا مِنْ رِوَايَةِ حُذَيْفَةَ وَأَبِي مَسْعُودٍ مَعًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرَانِيِّ بِلَفْظِ بَيْنَمَا حُذَيْفَةُ وَأَبُو مَسْعُودٍ جَالِسَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يَنْبُشُ الْقُبُورَ فَذَكَرَهُ وَعَرَفَ مِنْهَا وَجه دُخُوله فِي هَذَا الْبَاب الحَدِيث الثَّانِي





[ قــ :395 ... غــ :3453] .

     قَوْلُهُ  لَمَّا نُزِلَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفِي نُسْخَةٍ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ بِفَتْحَتَيْنِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي الْمَوْتَ أَوْ مَلَكَ الْمَوْتِ وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ فِي مُسْلِمٍ لِلْأَكْثَرِ بِالضَّمِّ وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةِ مُثَنَّاةٍ يَعْنِي الْمَنِيَّةَ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا فِي الصَّلَاةِ وَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ مِنْهُ ذَمُّ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي اتِّخَاذِهِمْ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ وَعبد الله الَّذِي فِي الْإِسْنَاد هُوَ بن الْمُبَارَكِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ





[ قــ :396 ... غــ :3455] .

     قَوْلُهُ  عَنْ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ بِقَافٍ وَزَايَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ وَهُوَ فُرَاتُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَتَخْفِيف الرَّاء آخِره مثناة بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو حَازِمٍ هُوَ سَلْمَانُ الْأَشْجَعِيُّ .

     قَوْلُهُ  تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ أَيْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا ظَهَرَ فِيهِمْ فَسَادٌ بَعَثَ اللَّهُ لَهُمْ نَبِيًّا يُقيم لَهُم أَمْرَهُمْ وَيُزِيلُ مَا غَيَّرُوا مِنْ أَحْكَامِ التَّوْرَاةِ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ لِلرَّعِيَّةِ مِنْ قَائِمٍ بِأُمُورِهَا يَحْمِلُهَا عَلَى الطَّرِيقِ الْحَسَنَةِ وَيُنْصِفُ الْمَظْلُومَ مِنَ الظَّالِمِ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي أَيْ فَيَفْعَلُ مَا كَانَ أُولَئِكَ يَفْعَلُونَ .

     قَوْلُهُ  وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ أَيْ بَعْدِي وَقَولُهُ فَيَكْثُرُونَ بِالْمُثَلَّثَةِ وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ ضَبَطَهُ بِالْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إِكْبَارُ قَبِيحِ فِعْلِهِمْ .

     قَوْلُهُ  فُوا فِعْلُ أَمْرٍ بِالْوَفَاءِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إِذَا بُويِعَ الْخَلِيفَةُ بَعْدَ خَلِيفَةٍ فَبَيْعَةُ الْأَوَّلِ صَحِيحَةٌ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا وَبَيْعَةُ الثَّانِي بَاطِلَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ سَوَاءٌ عَقَدُوا لِلثَّانِي عَالِمِينَ بِعَقْدِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانُوا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ كَانُوا فِي بَلَدِ الْإِمَامِ الْمُنْفَصِلِ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقِيلَ تَكُونُ لِمَنْ عُقِدَتْ لَهُ فِي بَلَدِ الْإِمَامِ دُونَ غَيْرِهِ وَقِيلَ يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا قَالَ وَهُمَا قَوْلَانِ فَاسِدَانِ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُكْمُ بَيْعَةِ الْأَوَّلِ وَأَنَّهُ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا وَسَكَتَ عَنْ بَيْعَةِ الثَّانِي وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ فِي حَدِيثِ عَرْفَجَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ .

     قَوْلُهُ  أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ أَيْ أَطِيعُوهُمْ وَعَاشِرُوهُمْ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحَاسِبُهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَهُ بِكُمْ وَسَتَأْتِي تَتِمَّةُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْفِتَنِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ هُوَ كَحَدِيث بن عمر الْمُتَقَدّم كلكُمْ رَاع وكلكم مسؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْحَدِيثِ تَقْدِيمُ أَمْرِ الدِّينِ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِتَوْفِيَةِ حَقِّ السُّلْطَانِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ الدِّينِ وَكَفِّ الْفِتْنَةِ وَالشَّرِّ وَتَأْخِيرِ أَمْرِ الْمُطَالَبَةِ بِحَقِّهِ لَا يُسْقِطُهُ وَقَدْ وَعَدَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يُخْلِصُهُ وَيُوَفِّيهِ إِيَّاهُ وَلَوْ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ الْحَدِيثُ الرَّابِعُ حَدَيثُ أَبِي سَعِيدٍ





[ قــ :397 ... غــ :3456] .

     قَوْلُهُ  لَتَتَّبِعُنَّ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ سَنَنَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ طَرِيقَ مَنْ قَبْلَكُمْ أَيِ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ .

     قَوْلُهُ  جُحْرَ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ ضَبٍّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ دُوَيْبَةٌ مَعْرُوفَةٌ يُقَالُ خُصَّتْ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الضَّبَّ يُقَالُ لَهُ قَاضِي الْبَهَائِمِ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ التَّخْصِيصَ إِنَّمَا وَقَعَ لِجُحْرِ الضَّبِّ لِشِدَّةِ ضِيقِهِ وَرَدَاءَتِهِ وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لِاقْتِفَائِهِمْ آثَارَهُمْ وَاتِّبَاعِهِمْ طَرَائِقَهُمْ لَوْ دَخَلُوا فِي مِثْلِ هَذَا الضَّيِّقِ الرَّدِيءِ لَتَبِعُوهُمْ .

     قَوْلُهُ  قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَنْ هُوَ اسْتِفْهَامٌ إِنْكَارِيٌّ أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ غَيْرَهُمْ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الِاعْتِصَامِ الْحَدِيثُ الْخَامِسُ حَدَيثُ أَنَسٍ ذَكَرُوا النَّارَ وَالنَّاقُوسَ الْحَدِيثُ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ مَضَى شَرْحُهُ تَامًّا فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْحَدِيثُ السَّادِسُ حَدَيثُ عَائِشَةَ كَانَتْ تَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْمُصَلِّي يَدَهُ فِي خَاصِرَتِهِ وَتَقُولُ إِنَّ الْيَهُودَ تَفْعَلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ الْفُرَاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ إِنَّهَا كَرِهَتْ الِاخْتِصَارَ فِي الصَّلَاةِ .

     وَقَالَتْ  إِنَّمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ الْيَهُودُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ سُفْيَانَ وَهُوَ الثَّوْرِيُّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ يَعْنِي وَضْعَ الْيَدِ عَلَى الْخَاصِرَةِ فِي الصَّلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ نَهَى عَنِ الْخَصْرِ فِي الصَّلَاةِ





[ قــ :399 ... غــ :3458] .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ شُعْبَةُ عَن الْأَعْمَش وَصله بن أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِهِ الْحَدِيثُ السَّابِعُ حَدِيثُ بن عُمَرَ مَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى كَرَجُلٍ اسْتَعْمَلَ عُمَّالًا الْحَدِيثَ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْحَدِيثُ الثَّامِنُ حَدَيثُ عُمَرَ قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ تَامًّا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي أَوَاخِرِهِ مَعَ شَرْحِهِ





[ قــ :3301 ... غــ :3460] .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي فِي تَحْرِيمِ شُحُومِ الْمَيْتَةِ دُونَ الْقِصَّةِ فَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَوَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ وَفِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ هُنَاكَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْهُ الْحَدِيثُ التَّاسِعُ





[ قــ :330 ... غــ :3461] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي كَبْشَةَ السَّلُولِيِّ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ .

     قَوْلُهُ  بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً قَالَ الْمُعَافَى النَّهْرَوَانِيُّ فِي كِتَابِ الْجَلِيسِ لَهُ الْآيَةُ فِي اللُّغَةِ تُطْلَقُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَعَانٍ الْعَلَامَةُ الْفَاصِلَةُ وَالْأُعْجُوبَةُ الْحَاصِلَةُ وَالْبَلِيَّةُ النَّازِلَةُ فَمِنَ الْأَوَّلِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رمزا وَمن الثَّانِي إِن فِي ذَلِك لآيَة وَمِنَ الثَّالِثِ جَعَلَ الْأَمِيرُ فُلَانًا الْيَوْمَ آيَةً وَيُجْمَعُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَعَانِي الثَّلَاثَةِ أَنَّهُ قِيلَ لَهَا آيَةٌ لِدَلَالَتِهَا وَفَصْلِهَا وَإِبَانَتِهَا.

     وَقَالَ  فِي الْحَدِيثِ وَلَوْ آيَةً أَيْ وَاحِدَةً لِيُسَارِعَ كُلُّ سَامِعٍ إِلَى تَبْلِيغِ مَا وَقَعَ لَهُ مِنَ الْآيِ وَلَوْ قَلَّ لِيَتَّصِلَ بِذَلِكَ نَقْلُ جَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اه كَلَامُهُ .

     قَوْلُهُ  وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ أَيْ لَا ضِيقَ عَلَيْكُمْ فِي الْحَدِيثِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُ كَانَ تَقَدَّمَ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزَّجْرُ عَنِ الْأَخْذِ عَنْهُمْ وَالنَّظَرِ فِي كُتُبِهِمْ ثُمَّ حَصَلَ التَّوَسُّعُ فِي ذَلِكَ وَكَأَنَّ النَّهْيَ وَقَعَ قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّةِ وَالْقَوَاعِدِ الدِّينِيَّةِ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ ثُمَّ لَمَّا زَالَ الْمَحْذُورُ وَقَعَ الْإِذْنُ فِي ذَلِكَ لِمَا فِي سَمَاعِ الْأَخْبَارِ الَّتِي كَانَتْ فِي زَمَانِهِمْ مِنْ الِاعْتِبَارِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَا حَرَجَ لَا تَضِيقُ صُدُورُكُمْ بِمَا تَسْمَعُونَهُ عَنْهُمْ مِنَ الْأَعَاجِيبِ فَإِنَّ ذَلِكَ وَقَعَ لَهُمْ كَثِيرًا وَقِيلَ لَا حَرَجَ فِي أَنَّ لَا تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا حَدِّثُوا صِيغَةُ أَمْرٍ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ فَأَشَارَ إِلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ وَأَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ بِقَوْلِهِ وَلَا حَرَجَ أَيْ فِي تَرْكِ التَّحْدِيثِ عَنْهُمْ وَقِيلَ الْمُرَادُ رَفْعُ الْحَرَجِ عَنْ حَاكِي ذَلِكَ لِمَا فِي أَخْبَارِهِمْ مِنَ الْأَلْفَاظِ الشَّنِيعَةِ نَحْوَ قَوْلِهِمِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا.

وَقَولُهُمْ اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا وَقِيلَ الْمُرَادُ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَوْلَادُ إِسْرَائِيلَ نَفْسِهِ وَهُمْ أَوْلَادُ يَعْقُوبَ وَالْمُرَادُ حَدِّثُوا عَنْهُمْ بِقِصَّتِهِمْ مَعَ أَخِيهِمْ يُوسُفَ وَهَذَا أَبْعَدُ الْأَوْجُهِ.

     وَقَالَ  مَالِكٌ الْمُرَادُ جَوَاز التحدث عَنْهُمْ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ حَسَنٍ أَمَّا مَا عُلِمَ كَذِبُهُ فَلَا وَقِيلَ الْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْهُمْ بِمِثْلِ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَقِيلَ الْمُرَادُ جَوَازُ التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِأَيِّ صُورَةٍ وَقَعَتْ مِنَ انْقِطَاعٍ أَوْ بَلَاغٍ لِتَعَذُّرِ الِاتِّصَالِ فِي التَّحَدُّثِ عَنْهُمْ بِخِلَافِ الْأَحْكَامِ الْإِسْلَامِيَّةِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي التَّحَدُّثِ بِهَا الِاتِّصَالُ وَلَا يَتَعَذَّرُ ذَلِكَ لِقُرْبِ الْعَهْدِ.

     وَقَالَ  الشَّافِعِيُّ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُجِيزُ التَّحَدُّثَ بِالْكَذِبِ فَالْمَعْنَى حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا لَا تَعْلَمُونَ كَذِبَهُ.
وَأَمَّا مَا تُجَوِّزُونَهُ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكُمْ فِي التَّحَدُّثِ بِهِ عَنْهُمْ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَلَمْ يَرِدِ الْإِذْنُ وَلَا الْمَنْعُ مِنَ التَّحَدُّثِ بِمَا يُقْطَعُ بِصِدْقِهِ .

     قَوْلُهُ  وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَذَكَرْتُ عَدَدَ مَنْ رَوَاهُ وَصِفَةَ مَخَارِجِهِ بِمَا يُغْنِي عَنِ الْإِعَادَةِ وَقَدِ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى تَغْلِيظِ الْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ مِنَ الْكَبَائِرِ حَتَّى بَالَغَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فَحَكَمَ بِكُفْرِ مَنْ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ وَكَلَامُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ يَمِيلُ إِلَيْهِ وَجَهِلَ مَنْ قَالَ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ وَبَعْضِ الْمُتَزَهِّدَةِ أَنَّ الْكَذِبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُوزُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِتَقْوِيَةِ أَمْرِ الدِّينِ وَطَرِيقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ الْوَعِيدَ وَرَدَ فِي حَقِّ مَنْ كَذَبَ عَلَيْهِ لَا فِي الْكَذِبِ لَهُ وَهُوَ اعْتِلَالٌ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَعِيدِ مَنْ نَقَلَ عَنْهُ الْكَذِبَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ وَالدِّينُ بِحَمْدِ اللَّهِ كَامِلٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى تَقْوِيَتِهِ بِالْكَذِبِ الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ





[ قــ :3303 ... غــ :346] .

     قَوْلُهُ  إِنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَصْبُغُونَ فَخَالِفُوهُمْ يَقْتَضِي مَشْرُوعِيَّةُ الصَّبْغِ وَالْمُرَادُ بِهِ صَبْغُ شَيْبِ اللِّحْيَةِ وَالرَّأْسِ وَلَا يُعَارِضُهُ مَا وَرَدَ مِنَ النَّهْيِ عَنْ إِزَالَةِ الشَّيْبِ لِأَنَّ الصَّبْغَ لَا يَقْتَضِي الْإِزَالَةَ ثُمَّ إِنَّ الْمَأْذُونَ فِيهِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ السَّوَادِ لِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ غَيِّرُوهُ وَجَنِّبُوهُ السوَاد وَلأبي دَاوُد وَصَححهُ بن حبَان من حَدِيث بن عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا يَكُونُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يُخَضِّبُونَ كَحَوَاصِلِ الْحَمَامِ لَا يَجِدُونَ رِيحَ الْجَنَّةِ وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي رَفْعِهِ وَوَقْفِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَرْجِيحِ وَقْفِهِ فَمِثْلُهُ لَا يُقَالُ بِالرَّأْيِ فَحُكْمُهُ الرَّفْعُ وَلِهَذَا اخْتَارَ النَّوَوِيُّ أَنَّ الصَّبْغَ بِالسَّوَادِ يُكْرَهُ كَرَاهِيَةَ تَحْرِيمٍ وَعَنِ الْحَلِيمِيِّ أَنَّ الْكَرَاهَةَ خَاصَّةٌ بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ فَيَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ لِأَجْلِ زَوْجِهَا.

     وَقَالَ  مَالِكٌ الْحِنَّاءُ وَالْكَتَمُ وَاسِعٌ وَالصَّبْغُ بِغَيْرِ السَّوَادِ أَحَبُّ إِلَيَّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمُجَاهِدُ اتِّفَاقًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالصَّبْغِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَبْغَ الثِّيَابِ وَلَا خَضْبَ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ بِالْحِنَّاءِ مَثَلًا لِأَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى لَا يَتْرُكُونَ ذَلِكَ وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِتَحْرِيمِ لُبْسِ الثِّيَابِ الْمُزَعْفَرَةِ لِلرَّجُلِ وَبِتَحْرِيمِ خَضْبِ الرِّجَالِ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ إِلَّا لِلتَّدَاوِي وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ





[ قــ :3304 ... غــ :3463] قَوْله حَدثنَا مُحَمَّد هُوَ بن معمر نسبه بن السَّكَنِ عَنِ الْفَرَبْرِيِّ وَقِيلَ هُوَ الذُّهْلِيُّ .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا حجاج هُوَ بن منهال وَجَرِير هُوَ بن حَازِمٍ وَالْحَسَنُ هُوَ الْبَصْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  فِي هَذَا الْمَسْجِدِ هُوَ مَسْجِدُ الْبَصْرَةِ .

     قَوْلُهُ  وَمَا نَسِينَا مُنْذُ حَدَّثَنَا أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى تَحَقُّقِهِ لِمَا حَدَّثَ بِهِ وَقُرْبِ عَهْدِهِ بِهِ وَاسْتِمْرَارِ ذِكْرِهِ لَهُ قَوْله وَمَا تخشي أَنْ يَكُونَ جُنْدُبٌ كَذَبَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الصَّحَابَةَ عُدُولٌ وَأَنَّ الْكَذِبَ مَأْمُونٌ مِنْ قِبَلِهِمْ وَلَا سِيَّمَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  كَأَنَّ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ .

     قَوْلُهُ  بِهِ جُرْحٌ بِضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِ الرَّاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَتَقَدَّمَ فِي الْجَنَائِزِ بِلَفْظِ بِهِ جِرَاحٌ وَهُوَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرُهُ جِيمٌ وَهُوَ تَصْحِيفٌ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ إنَّ رَجُلًا خَرَجَتْ بِهِ قَرْحَةٌ وَهِيَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ الرَّاءِ حَبَّةٌ تَخْرُجُ فِي الْبَدَنِ وَكَأَنَّهُ كَانَ بِهِ جُرْحٌ ثُمَّ صَارَ قَرْحَةً .

     قَوْلُهُ  فَجَزِعَ أَيْ فَلَمْ يَصْبِرْ عَلَى أَلَمِ تِلْكَ الْقَرْحَةِ .

     قَوْلُهُ  فَأَخَذَ سِكِّينًا فَحَزَّ بِهَا يَدَهُ السِّكِّينُ تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَقَولُهُ حَزَّ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ هُوَ الْقَطْعُ بِغَيْرِ إِبَانَةٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَلَمَّا آذَتْهُ انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَنَكَأَهَا وَهُوَ بِالنُّونِ وَالْهَمْزِ أَيْ نَخَسَ مَوْضِعَ الْجُرْحِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ يَكُونَ فَجَّرَ الْجُرْحَ بِذُبَابَةِ السَّهْمِ فَلَمْ يَنْفَعْهُ فَحَزَّ مَوْضِعَهُ بِالسِّكِّينِ وَدَلَّتْ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ عَلَى أَنَّ الْجُرْحَ كَانَ فِي يَدِهِ .

     قَوْلُهُ  فَمَا رَقَأَ الدَّمُ بِالْقَافِ وَالْهَمْزِ أَيْ لَمْ يَنْقَطِعْ .

     قَوْلُهُ  قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَادَرَنِي عَبْدِي بِنَفْسِهِ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ اسْتِعْجَالِ الْمَذْكُورِ الْمَوْتَ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ و.

     قَوْلُهُ  حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ جَارٍ مَجْرَى التَّعْلِيلِ لِلْعُقُوبَةِ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ بِتَعَاطِي سَبَبِهِ مِنْ إِنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ فَجَعَلَ لَهُ فِيهِ اخْتِيَارًا عَصَى اللَّهَ بِهِ فَنَاسَبَ أَنْ يُعَاقِبَهُ وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ حَزَّهَا لِإِرَادَةِ الْمَوْتِ لَا لِقَصْدِ الْمُدَاوَاةِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَقَدِ اسْتُشْكِلَ .

     قَوْلُهُ  بَادَرَنِي بِنَفْسِهِ وَقَولُهُ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مَنْ قُتِلَ فَقَدْ مَاتَ قَبْلَ أَجَلِهِ لِمَا يُوهِمُهُ سِيَاقُ الْحَدِيثِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْتُلْ نَفْسَهُ كَانَ قَدْ تَأَخَّرَ عَنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ وَعَاشَ لَكِنَّهُ بَادَرَ فَتَقَدَّمَ وَالثَّانِي يَقْتَضِي تَخْلِيدَ الْمُوَحِّدِ فِي النَّارِ وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمُبَادَرَةَ مِنْ حَيْثُ التَّسَبُّبِ فِي ذَلِكَ وَالْقَصْدِ لَهُ وَالِاخْتِيَارِ وَأَطْلَقَ عَلَيْهِ الْمُبَادَرَةَ لِوُجُودِ صُورَتِهَا وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْمُعَاقَبَةَ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُطْلِعْهُ عَلَى انْقِضَاءِ أَجَلِهِ فَاخْتَارَ هُوَ قَتْلَ نَفْسِهِ فَاسْتَحَقَّ الْمُعَاقَبَةَ لِعِصْيَانِهِ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ قَضَاءُ اللَّهِ مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ بِصِفَةٍ فَالْمُطْلَقُ يَمْضِي عَلَى الْوَجْهِ بِلَا صَارِفٍ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ مِثَالُهُ أَنْ يُقَدَّرَ لِوَاحِدٍ أَنَّ يَعِيشَ عِشْرِينَ سَنَةً إِنْ قَتَلَ نَفْسَهُ وَثَلَاثِينَ سَنَةً إِنْ لَمْ يَقْتُلْ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَعْلَمُ بِهِ الْمَخْلُوقُ كَمَلَكِ الْمَوْتِ مَثَلًا.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ إِلَّا مَا عَلِمَهُ وَنَظِيرُ ذَلِكَ الْوَاجِبُ الْمُخَيَّرُ فَالْوَاقِعُ مِنْهُ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ وَالْعَبْدُ مُخَيَّرٌ فِي أَيِّ الْخِصَالِ يَفْعَلُ وَالْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي مِنْ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ كَانَ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ الْفِعْلَ فَصَارَ كَافِرًا ثَانِيهَا كَانَ كَافِرًا فِي الْأَصْلِ وَعُوقِبَ بِهَذِهِ الْمَعْصِيَةِ زِيَادَةً عَلَى كُفْرِهِ ثَالِثُهَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْجَنَّةَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ مَا كَالْوَقْتِ الَّذِي يَدْخُلُ فِيهِ السَّابِقُونَ أَوِ الْوَقْتِ الَّذِي يُعَذَّبُ فِيهِ الْمُوَحِّدُونَ فِي النَّارِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ رَابِعُهَا أَنَّ الْمُرَادَ جَنَّةٌ مُعَيَّنَةٌ كَالْفِرْدَوْسِ مَثَلًا خَامِسُهَا أَنَّ ذَلِكَ وَرَدَ على سَبِيلِ التَّغْلِيظِ وَالتَّخْوِيفِ وَظَاهِرُهُ غَيْرُ مُرَادٍ سَادِسُهَا أَنَّ التَّقْدِيرَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الْجَنَّةُ إِنْ شِئْتَ اسْتِمْرَارَ ذَلِكَ سَابِعُهَا قَالَ النَّوَوِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ شَرْعُ مَنْ مَضَى أَنَّ أَصْحَابَ الْكَبَائِرِ يَكْفُرُونَ بِفِعْلِهَا وَفِي الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ قَتْلِ النَّفْسِ سَوَاءٌ كَانَتْ نَفْسَ الْقَاتِلِ أَمْ غَيْرِهِ وَقَتْلُ الْغَيْرِ يُؤْخَذُ تَحْرِيمُهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَفِيهِ الْوُقُوفُ عِنْدَ حُقُوقِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ بِخَلْقِهِ حَيْثُ حَرَّمَ عَلَيْهِمْ قَتْلَ نُفُوسِهِمْ وَأَنَّ الْأَنْفُسَ مِلْكُ اللَّهِ وَفِيهِ التَّحْدِيثُ عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ وَفَضِيلَةُ الصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ وَتَرْكُ التَّضَجُّرِ مِنَ الْآلَامِ لِئَلَّا يُفْضِي إِلَى أَشَدَّ مِنْهَا وَفِيهِ تَحْرِيمُ تَعَاطِي الْأَسْبَابِ الْمُفْضِيَةِ إِلَى قَتْلِ النَّفْسِ وَفِيهِ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ حُكْمَ السِّرَايَةِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءُ الْقَتْلِ وَفِيهِ الِاحْتِيَاطُ فِي التَّحْدِيثِ وَكَيْفِيَّةُ الضَّبْطِ لَهُ وَالتَّحَفُّظُ فِيهِ بِذِكْرِ الْمَكَانِ وَالْإِشَارَةُ إِلَى ضَبْطِ الْمُحَدِّثِ وَتَوْثِيقِهِ لِمَنْ حَدَّثَهُ لِيَرْكَنَ السَّامِعُ لِذَلِكَ وَالله أعلم

(.

     قَوْلُهُ  حَدِيثُ أَبْرَصَ وَأَقْرَعَ وَأَعْمَى)
هَكَذَا تَرْجَمَ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِي أَثْنَاءِ ذِكْرِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ



[ قــ :3305 ... غــ :3464] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ هُوَ السَّرْمَارِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا وَبَعْدَهَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ نِسْبَةٌ إِلَى سَرْمَارَةَ مِنْ قُرَى بُخَارَى الزَّاهِدُ الْمُجَاهِدُ وَهُوَ مِنْ أَقْرَانِ الْبُخَارِيِّ مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  فِي السَّنَدِ الثَّانِي وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ يُقَالُ إِنْ مُحَمَّدًا هَذَا هُوَ الذُّهْلِيُّ وَيُقَالُ إِنَّهُ الْمُصَنِّفُ نَفْسُهُ كَمَا قِيلَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ فِي اللُّقَطَةِ وَعِدَّةِ مَوَاضِعَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ لَكِنْ جَزَمَ أَبُو ذَرٍّ بِأَنَّهُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ عَنْ مُحَمَّدٍ غَيْرُ مَنْسُوبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَجَاءٍ وَجَوَّزَ أَنَّهُ الذُّهْلِيُّ وَسَاقَهُ عَنِ الجوزقي عَنْ مَكِّيِّ بْنِ عَبْدَانَ عَنِ الذُّهْلِيِّ بِطُولِهِ وَكَذَلِكَ جَزَمَ أَبُو نُعَيْمٍ وَسَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ الْعَبَّاسِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى وَسَيَأْتِي فِي التَّوْحِيدِ حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ بِهَذَيْنِ السَّنَدَيْنِ سَوَاءٌ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ وَلَيْسَ فِي الْبُخَارِيِّ لِإِسْحَاقَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ سِوَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ .

     قَوْلُهُ  عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هُوَ بن أَبِي طَلْحَةَ صَرَّحَ بِهِ شَيْبَانُ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ هَمَّامٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ .

     قَوْلُهُ  بَدَا لِلَّهِ بِتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ بِغَيْرِ هَمْزٍ أَيْ سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ فَأَرَادَ إِظْهَارَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ بَعْدَ أَنْ كَانَ خَافِيًا لِأَنَّ ذَلِكَ مُحَالٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخٍ عَنْ هَمَّامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ بِلَفْظِ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ فَلَعَلَّ التَّغْيِيرَ فِيهِ مِنَ الرُّوَاةِ مَعَ أَنَّ فِي الرِّوَايَةِ أَيْضًا نَظَرًا لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُرِيدًا وَالْمَعْنَى أَظْهَرَ اللَّهُ ذَلِكَ فِيهِمْ وَقِيلَ مَعْنَى أَرَادَ قَضَى.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْمَطَالِعِ ضَبَطْنَاهُ عَلَى مُتْقِنِي شُيُوخِنَا بِالْهَمْزِ أَيِ ابْتَدَأَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ قَالَ وَرَوَاهُ كَثِيرٌ مِنَ الشُّيُوخِ بِغَيْرِ هَمْزٍ وَهُوَ خَطَأٌ انْتَهَى وَسَبَقَ إِلَى التَّخْطِئَةِ أَيْضًا الْخَطَّابِيُّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّهُ مُوَجَّهٌ كَمَا تَرَى وَأَوْلَى مَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُرَادَ قَضَى اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ.
وَأَمَّا الْبَدْءُ الَّذِي يُرَادُ بِهِ تَغَيُّرُ الْأَمْرِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَلَا .

     قَوْلُهُ  قَذِرَنِي النَّاسُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْمَكْسُورَةِ أَيِ اشْمَأَزُّوا مِنْ رُؤْيَتِي وَفِي رِوَايَةٍ حَكَاهَا الْكِرْمَانِيُّ قَذِرُونِي النَّاسُ وَهِيَ عَلَى لُغَةِ أَكَلُونِي الْبَرَاغِيثُ .

     قَوْلُهُ  فَمَسَحَهُ أَيْ مَسَحَ عَلَى جِسْمِهِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ وَأَيُّ الْمَالِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِحَذْفِ الْوَاوِ .

     قَوْلُهُ  الْإِبِلُ أَوْ قَالَ الْبَقَرُ هُوَ شَكٌّ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَبْرَصَ وَالْأَقْرَعَ قَالَ أَحَدُهُمَا الْإِبِلُ.

     وَقَالَ  الْآخَرُ الْبَقَرُ وَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ عَنْ شَيْبَانَ بْنِ فَرُّوخَ عَنْ هَمَّامٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ الَّذِي شَكَّ فِي ذَلِكَ هُوَ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ .

     قَوْلُهُ  فَأُعْطِيَ نَاقَةً عُشَرَاءَ أَيِ الَّذِي تَمَنَّى الْإِبِلَ وَالْعُشَرَاءُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْملَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة مَعَ المدهى الْحَامِلُ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا فِي حَمْلِهَا عَشَرَةُ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ طَرَقَهَا الْفَحْلُ وَقِيلَ يُقَالُ لَهَا ذَلِك إِلَى أَن تَلد وَبعد مَا تَضَعُ وَهِيَ مِنْ أَنْفَسِ الْمَالِ .

     قَوْلُهُ  يُبَارَكُ لَكَ فِيهَا كَذَا وَقَعَ يُبَارَكُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ بَارَكَ اللَّهُ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَإِبْرَازِ الْفَاعِلِ .

     قَوْلُهُ  فَمَسَحَهُ أَيْ مَسَحَ عَلَى عَيْنَيْهِ .

     قَوْلُهُ  شَاةً وَالِدًا أَيْ ذَاتَ وَلَدٍ وَيُقَالُ حَامِلٌ .

     قَوْلُهُ  فَأَنْتَجَ هَذَانِ أَيْ صَاحِبُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَوَلَّدَ هَذَا أَيْ صَاحِبُ الشَّاةِ وَهُوَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَأَنْتَجَ فِي مِثْلِ هَذَا شَاذٌّ وَالْمَشْهُورُ فِي اللُّغَةِ نُتِجَتِ النَّاقَةُ بِضَمِّ النُّونِ وَنَتَجَ الرَّجُلُ النَّاقَةَ أَيْ حَمَلَ عَلَيْهَا الْفَحْلَ وَقَدْ سُمِعَ أَنْتَجَتِ الْفَرَسُ إِذَا وَلَدَتْ فَهِيَ نَتُوجٌ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ إِنَّهُ أَتَى الْأَبْرَصَ فِي صُورَتِهِ أَيْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا لَمَّا اجْتَمَعَ بِهِ وَهُوَ أَبْرَصُ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَبْلَغُ فِي إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ قَوْله رجل مِسْكين زَاد شَيبَان وبن سَبِيلٍ تَقَطَّعَتْ بِهِ الْحِبَالُ فِي سَفَرِهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي وَالْحِبَالُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ خَفِيفَةٌ جَمْعُ حَبْلٍ أَيِ الْأَسْبَابُ الَّتِي يَقْطَعُهَا فِي طَلَبِ الرِّزْقِ وَقِيلَ الْعَقَبَاتُ وَقِيلَ الْحَبْلُ هُوَ الْمُسْتَطِيلُ مِنَ الرَّمْلِ وَلِبَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ الْحِيَالُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ جَمْعُ حِيلَةٍ أَيْ لَمْ يَبْقَ لِي حِيلَةٌ ولبعض رُوَاة البُخَارِيّ الْجبَال وبالجيم وَالْمُوَحَّدَة وَهُوَ تَصْحِيف قَالَ بن التِّينِ قَوْلُ الْمَلَكِ لَهُ رَجُلٌ مِسْكِينٌ إِلَخْ أَرَادَ أَنَّكَ كُنْتَ هَكَذَا وَهُوَ مِنَ الْمَعَارِيضِ وَالْمُرَادُ بِهِ ضَرْبُ الْمَثَلِ لِيَتَيَقَّظَ الْمُخَاطَبُ .

     قَوْلُهُ  أَتَبَلَّغُ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ أَتَبَلَّغُ بِهِ وَأَتَبَلَّغُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مِنَ الْبُلْغَةِ وَهِيَ الْكِفَايَةُ وَالْمَعْنَى أَتَوَصَّلُ بِهِ إِلَى مُرَادِي .

     قَوْلُهُ  لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ وَفِي رِوَايَةِ شَيْبَانَ إِنَّمَا وَرِثْتُ هَذَا الْمَالَ كَابِرًا عَنْ كَابِرٍ أَيْ كَبِيرٍ عَنْ كَبِيرٍ فِي الْعِزِّ وَالشَّرَفِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ أَوْرَدَهُ بِلَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي لِأَنَّهُ أَرَادَ الْمُبَالَغَةَ فِي الدُّعَاءِ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  فَخُذْ مَا شِئْتَ زَادَ شَيْبَانُ وَدَعْ مَا شِئْتَ .

     قَوْلُهُ  لَا أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ كَذَا فِي الْبُخَارِيِّ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ كَذَا قَالَ عِيَاضٌ إِنَّ رُوَاةَ الْبُخَارِيِّ لَمْ تَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَالْمَعْنَى لَا أَحْمَدُكَ عَلَى تَرْكِ شَيْءٍ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ مَالِي كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ وَلَيْسَ عَلَى طُولِ الْحَيَاةِ تَنَدُّمٌ أَيْ فَوْتُ طُولِ الْحَيَاةِ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ وَأَكْثَرِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ لَا أُجْهِدُكَ بِالْجِيمِ وَالْهَاءِ أَيْ لَا أَشُقُّ عَلَيْكَ فِي رَدِّ شَيْءٍ تَطْلُبُهُ مِنِّي أَوْ تَأْخُذُهُ قَالَ عِيَاضٌ لَمْ يَتَّضِحْ هَذَا الْمَعْنَى لِبَعْضِ النَّاسِ فَقَالَ لَعَلَّهُ لَا أَحُدُّكَ بِمُهْمَلَةٍ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ بِغَيْرِ مِيمٍ أَيْ لَا أَمْنَعُكَ قَالَ وَهَذَا تَكَلُّفٌ انْتَهَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  أُحَمِّدُكَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ لَا أَطْلُبُ مِنْكَ الْحَمْدَ مِنْ قَوْلِهِمْ فُلَانٌ يَتَحَمَّدُ عَلَى فُلَانٍ أَيْ يَمْتَنُّ عَلَيْهِ أَيْ لَا أَمْتَنُّ عَلَيْكَ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ أَيِ امْتُحِنْتُمْ .

     قَوْلُهُ  فَقَدْ رَضِيَ عَنْكَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ فِي رَضِيَ وَسَخِطَ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مَا مُحَصَّلُهُ كَانَ مِزَاجُ الْأَعْمَى أَصَحُّ مِنْ مِزَاجِ رَفِيقَيْهِ لِأَنَّ الْبَرَصَ مَرَضٌ يَحْصُلُ مِنْ فَسَادِ الْمِزَاجِ وَخَلَلِ الطَّبِيعَةِ وَكَذَلِكَ الْقَرَعُ بِخِلَافِ الْعَمَى فَإِنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ بَلْ قَدْ يَكُونُ مِنْ أَمْرٍ خَارِجٍ فَلِهَذَا حَسُنَتْ طِبَاعُ الْأَعْمَى وَسَاءَتْ طِبَاعُ الْآخَرَيْنِ وَفِي الْحَدِيثِ جَوَازُ ذِكْرِ مَا اتَّفَقَ لِمَنْ مَضَى لِيَتَّعِظَ بِهِ مَنْ سَمِعَهُ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ غِيبَةً فِيهِمْ وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ السِّرُّ فِي تَرْكِ تَسْمِيَتِهِمْ وَلَمْ يُفْصِحْ بِمَا اتَّفَقَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِمْ وَقَعَ كَمَا قَالَ الْمَلَكُ وَفِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ كُفْرَانِ النِّعَمِ وَالتَّرْغِيبُ فِي شُكْرِهَا وَالِاعْتِرَافُ بِهَا وَحَمْدُ اللَّهِ عَلَيْهَا وَفِيهِ فَضْلُ الصَّدَقَةِ وَالْحَثُّ عَلَى الرِّفْقِ بِالضُّعَفَاءِ وَإِكْرَامُهُمْ وَتَبْلِيغُهُمْ مَآرِبَهُمْ وَفِيهِ الزَّجْرُ عَنِ الْبُخْلِ لِأَنَّهُ حَمَلَ صَاحِبَهُ عَلَى الْكَذِبِ وَعَلَى جَحْدِ نِعْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى
(