فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من أحب أن لا يسب نسبه

( قَولُهُ بَابُ قِصَّةِ الْحَبَشِ وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بَنِي أَرْفِدَةَ)
هُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَكَسْرِ الْفَاءِ اسْمٌ لِجَدٍّ لَهُمْ وَقِيلَ مَعْنَى أَرْفِدَةَ الْأَمَةُ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي أَبْوَابِ الْعِيدَيْنِ وَالْحَبَشُ هُمُ الْحَبَشَةُ يُقَالُ إِنَّهُمْ مِنْ وَلَدِ حَبَشِ بْنِ كُوشِ بْنِ حَامِ بْنِ نُوحٍ وَهُمْ مُجَاوِرُونَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ يَقْطَعُ بَيْنَهُمُ الْبَحْرُ وَقَدْ غَلَبُوا عَلَى الْيَمَنِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ وَمَلَكُوهَا وَغَزَا أَبْرَهَةُ مِنْ مُلُوكِهِمُ الْكَعْبَةَ وَمَعَهُ الْفِيلُ وَقد ذكر بن إِسْحَاقَ قِصَّتَهُ مُطَوَّلَةً وَأَخْرَجَهَا الْحَاكِمُ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ قَابُوسِ بْنِ أَبِي ظَبْيَانَ عَنْ أَبِيه عَن بن عَبَّاسٍ مُلَخَّصَةً وَإِلَى هَذَا الْقَدْرِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِذِكْرِهِمْ فِي مُقَدِّمَةِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ وَاسْتَدَلَّ قَوْمٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ بِحَدِيثِ الْبَابِ عَلَى جَوَازِ الرَّقْصِ وَسَمَاعِ آلَاتِ الْمَلَاهِي وَطَعَنَ فِيهِ الْجُمْهُورُ بِاخْتِلَافِ الْمَقْصِدَيْنِ فَإِنَّ لَعِبَ الْحَبَشَةِ بِحِرَابِهِمْ كَانَ لِلتَّمْرِينِ عَلَى الْحَرْبِ فَلَا يُحْتَجُّ بِهِ لِلرَّقْصِ فِي اللَّهْو وَالله أعلم قَولُهُ بَابُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ لَا يُسَبَّ نَسَبُهُ هُوَ بِضَمِّ أَوَّلِ يُسَبَّ وَالْمُرَادُ بِالنَّسَبِ الْأَصْلُ وَبِالسَّبِّ الشَّتْمُ وَالْمُرَادُ أَنْ لَا يُشْتَمَ أَهْلُ نَسَبِهِ



[ قــ :3369 ... غــ :3531] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبدة هُوَ بن سُلَيْمَان وَهِشَام هُوَ بن عُرْوَةَ .

     قَوْلُهُ  اسْتَأْذَنَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ أَيِ بن الْمُنْذِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ وَسَبَبُ هَذَا الِاسْتِئْذَانِ مُبَيَّنٌ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهْجُوا الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَشْقِ النَّبْلِ فَأرْسل إِلَى بن رَوَاحَةَ فَقَالَ اهْجُهُمْ فَهَجَاهُمْ فَلَمْ يَرْضَ فَأَرْسَلَ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَى حَسَّانَ فَقَالَ قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تُرْسِلُوا إِلَى هَذَا الْأَسَدِ الضَّارِبِ بِذَنَبِهِ ثُمَّ أَدْلَعَ لِسَانَهُ فَجَعَلَ يُحَرِّكُهُ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَأَفْرِيَنَّهُمْ بِلِسَانِي فَرْيَ الْأَدِيمِ قَالَ لَا تَعْجَلْ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهْجُوا الْمُشْرِكِينَ بِالشِّعْرِ فَإِنَّ الْمُؤمن يُجَاهد بِنَفسِهِ وَمَا لَهُ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ كَأَنَّمَا تَنْضَحُونَهُمْ بِالنَّبْلِ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ لَمَّا هَجَانَا الْمُشْرِكُونَ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُولُوا لَهُمْ كَمَا يَقُولُونَ لَكُمْ .

     قَوْلُهُ  كَيْفَ بِنَسَبِي فِيهِمْ أَيْ كَيْفَ تَهْجُو قُرَيْشًا مَعَ اجْتِمَاعِي مَعَهُمْ فِي نَسَبٍ وَاحِدٍ وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَن مُعظم طرق الهجو العض بِالْآبَاءِ .

     قَوْلُهُ  لَأَسُلَّنَّكَ مِنْهُمْ أَيْ لَأُخَلِّصَنَّ نَسَبَكَ مِنْ نَسَبِهِمْ بِحَيْثُ يَخْتَصُّ الْهَجْوُ بِهِمْ دُونَكَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَذْكُورِ فَقَالَ ائْتِ أَبَا بَكْرٍ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ قُرَيْشٍ بِأَنْسَابِهَا حَتَّى يُخَلِّصَ لَكَ نَسَبِي فَأَتَاهُ حَسَّانُ ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ قَدْ مَحَّضَ لِي نَسَبَكَ .

     قَوْلُهُ  كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الشَّعْرَةَ إِذَا أُخْرِجَتْ مِنَ الْعَجِينِ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ لِنُعُومَتِهَا بِخِلَافِ مَا إِذَا سُلَّتْ مِنَ الْعَسَلِ مَثَلًا فَإِنَّهَا قَدْ يَعْلَقُ بِهَا مِنْهُ شَيْءٌ.
وَأَمَّا إِذَا سُلَّتْ مِنَ الْخُبْزِ فَإِنَّهَا قَدْ تَنْقَطِعُ قَبْلَ أَنْ تَخْلُصَ .

     قَوْلُهُ  وَعَنْ أَبِيهِ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ إِلَى عُرْوَةَ وَلَيْسَ بِمُعَلَّقٍ وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ عَبْدَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فَقَالَ فِيهِ وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ الزِّيَادَةَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ .

     قَوْلُهُ  كَانَ يُنَافِحُ بِكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ وَمَعْنَاهَا يُدَافِعُ أَوْ يُرَامِي قَالَ الْكُشْمِيهَنِيُّ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنْهُ نَفَحَتِ الدَّابَّةُ إِذَا رَمَحَتْ بِحَوَافِرِهَا وَنَفَحَهُ بِالسَّيْفِ إِذَا تَنَاوَلَهُ مِنْ بَعِيدٍ وَأَصْلُ النَّفْحِ بِالْمُهْمَلَةِ الضَّرْبُ وَقِيلَ لِلْعَطَاءِ نَفْحٌ كَأَنَّ الْمُعْطِيَ يَضْرِبُ السَّائِلَ بِهِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَذْكُورَةَ قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِحَسَّانَ إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ لَا يَزَالُ يُؤَيِّدُكَ مَا نَافَحْتَ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَتْ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ هَجَاهُمْ حَسَّانُ فَشَفَى وَأَشْفَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِرُوحِ الْقُدُسِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الشِّعْرِ وَأَحْكَامِهِ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى